Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لهذه الأسباب لا يزال لقاء ترمب بروحاني في نيويورك مستبعدا

فشل الاقتراح الفرنسي سيدفع إيران مجدداً إلى إشعال التوتر والمواجهات في الخليج

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مدينة بالتيمور في 13 سبتمبر (أ.ف.ب)

إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل أيام أن القيادة الإيرانية ترغب في عقد لقاء مع الإدارة الأميركية، الذي رفع آمال البعض في واشنطن ببدء مفاوضات دبلوماسية مع طهران، لم تصاحبه حتى الآن أي مؤشرات ملموسة بقرب حدوثه أو بترتيب قمة بين ترمب والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي في نيويورك، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام أميركية نقلاً عن مصادر في الإدارة الأميركية. كما لم يتقرر بعد ما إذا كان البيت الأبيض سيوافق على تقديم تنازلات تسمح بتخفيف العقوبات، ومن ثم تنفيذ المقترح الفرنسي بتقديم حد ائتماني أوروبي لإيران بقيمة 15 مليار دولار لتمهيد الطريق أمام عقد هذه القمة.

وفي ظل هذا الغموض وضبابية المشهد، اعتبر مراقبون في العاصمة الأميركية أن فرحة الإيرانيين برحيل جون بولتون، مستشار الأمن القومي، عن الإدارة الأميركية ودعوة روحاني واشنطن إلى أن تنأى بنفسها عمّن وصفهم بـ"دعاة الحرب"، لم تكن إلا وهما كبيراً. فالإدارة الأميركية حددت على لسان وزير الخزانة ستيفن منوتشين، الذي تقوم وزارته بدور رئيس في تنفيذ العقوبات الاقتصادية، بأن واشنطن لا تزال ماضية في حملة "الضغوط القصوى" على إيران، في وقت يشترط النظام الإيراني رفع كامل العقوبات الأميركية قبل الدخول في مفاوضات.

وفي حال فشل المقترح الفرنسي، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو استمرار طهران في انتهاك الاتفاق النووي وسعيها إلى إشعال التوتر والمواجهات في الخليج كما فعلت خلال الصيف.

صقور متعددة

على عكس ما يعتقد البعض، لم يكن بولتون مسؤولاً من قريب أو بعيد عن قرار ترمب انسحاب الولايات المتحدة بشكل منفرد من الاتفاق النووي مع إيران. إذ إنه استلم منصبه قبيل القرار بأيام، كما لم يكن يمثل القوة المُحركة لسياسة "الضغط القصوى" التي اتبعها البيت الأبيض بعد ذلك. وبالتالي، لن يؤدي خروجه من دائرة صنع القرار إلى إنهاء هذه السياسة. فلدى مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، وبرايان هوك، مبعوث الولايات المتحدة إلى إيران، وغيرهما في واشنطن رغبة قوية ومتساوية في الإبقاء على سياسة ضغط مُحكمة على إيران، وكان كل تركيزهم أن هذه الدولة هي الراعي الأول للإرهاب في العالم والمصدر الرئيس لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. ما يعني أن بولتون لم يكن الصقر الوحيد داخل الإدارة، التي اتضح أنها تعج بالصقور، وبخاصة حيال إيران.

سياسة أميركا يحددها الرئيس

وكما أوضح مسؤول بارز في وزارة الخارجية في تصريحات صحافية، فإن سياسة الولايات المتحدة حيال إيران هي سياسة الرئيس نفسه، وأن واشنطن ستواصل هذه السياسة بما في ذلك فرض عقوبات شديدة على صادرات إيران النفطية حتى تتوقف عن نشاطاتها التخريبية في المنطقة.

ويؤكد النفوذ المتنامي لبومبيو، الذي ترددت أنباء بأنه قد يشغل منصب مستشار الأمن القومي إلى جوار منصبه الحالي، استمرار السياسة الحالية تجاه إيران. فقد حدد بومبيو 12 طلباً على إيران تلبيتها قبل رفع العقوبات. كما كان بومبيو – مثل بولتون – من الداعمين للانتقام من إيران عسكرياً بعد إسقاط طهران طائرة مسيرة، وهي العملية التي ألغاها ترمب في اللحظات الأخيرة.

تشدد إيراني

في المقابل، لم تبد طهران أي مرونة حتى الآن في التعاطي مع المطالب الأميركية. إذ تزايد التردد الإيراني للانخراط في مفاوضات مع الجانب الأميركي، كما حظر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي العام الماضي إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة. وهو ما دفع الرئيس روحاني إلى الابتعاد عن مجرد اقتراحات تجعله منفتحاً على عقد قمة مع ترمب.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي بدا متلهفاً لعقد القمة، فإن الموقف الإيراني ظل متشدداً ولم يتجاوب مع الدعوات الأميركية، مشترطاً رفع العقوبات الأميركية أولاً قبل بدء أي مفاوضات، مما يزيد الشكوك حتى في إمكان مصافحة الرئيسين ترمب وروحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ناهيك بإجراء لقاء متعمق يبحث في القضايا الشائكة، مثل تطوير الصواريخ الإيرانية أو دعم إيران الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.

مشكلة الاقتراح الفرنسي

الاقتراح الفرنسي الذي طفا على السطح خلال اجتماعات مجموعة الدول الصناعية السبع الشهر الماضي، ويقضي بتقديم حد ائتماني أوروبي إلى إيران كي تجدد التزامها بالاتفاق النووي، بدا أن ترمب يدرسه بجدية كوسيلة لخفض التوتر، لكن من دون رفع جميع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وفقاً لموقع "ديلي بيست" الأميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المشكلة تتمثل في أن الاقتراح الفرنسي يثير تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات، فمن غير الواضح بعد حجم الأموال التي سيقدمها لإيران. فما ذكرته تقارير عن 15 مليار دولار أميركي كحد ائتماني ليس إلا مطلباً إيرانياً وليس التزاماً أوروبياً. كما أنه ليس معروفاً حتى الآن مَن سيدفع هذا المبلغ، فضلاً عن الغموض الذي يحيط بما إذا كان البرنامج ستديره "إدارة مالية أوروبية خاصة" لتسهيل التجارة مع إيران، أم أن المقصود ببساطة فتح السوق أمام بعض صادرات النفط الإيرانية، ما يعد أمراً محظوراً بالنسبة إلى المسؤولين الأميركيين.

مصاعب أخرى

أكثر من ذلك، فإن فرنسا تريد من إيران التخلي عن برنامجها لتطوير الصواريخ وأن تتوقف عن دعم المنظمات والتنظيمات الوكيلة في الشرق الأوسط للحصول على الحد الائتماني، وهذا ما ترفضه إيران.

وفي كل الأحوال، فإن خطة منح الحد الائتماني لإيران مقرر لها أن تستمر في حال موافقة الأطراف عليها، حتى نهاية العام الحالي. ما سيعيد إيران خلال أشهر قليلة إلى حالة الاحتياج النقدي، كما هي عليه الآن.

حسابات المكسب والخسارة

قد تبدو الصفقة جيدة للإيرانيين، لكنها مثيرة لتساؤلات وهواجس الأوروبيين الذين لا يعلمون متى سيستردون أموالهم. أما الولايات المتحدة فإنها لن تخسر شيئاً من ورائها.

كان الإيرانيون واضحين في أنهم يريدون الأموال من دون قيود، لكن الولايات المتحدة لا تريد اتفاقاً يبدو كأنه شيك مفتوح غير محدد المبلغ، لأن جزءاً من هذا المبلغ أو كله قد يجد طريقه إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وبعد عام ونصف العام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، يعاني الاقتصاد الإيراني من تراجع الصادرات النفطية إلى 200 ألف برميل يومياً يذهب معظمها في سداد خدمة الدين للصين، مقارنة بمليون و800 ألف برميل يومياً قبل فرض العقوبات الأميركية.

إيران مستعدة لمواجهات في الخليج

ومع استمرار العقوبات، تنتهج إيران سياسة التسريع من تطوير قدراتها وتكنولوجيتها النووية. والأخطر من ذلك أنه، وعلى الرغم من رحيل بولتون، فإن الحرب يمكن أن تلوح في الأفق مرة أخرى. ففي حال فشل المقترح الفرنسي، الذي يحظى بنصف دعم حتى الآن، فإن إيران ستكون مستعدة لتكرار ما فعلته هذا الصيف من احتجاز ناقلات نفطية عند مضيق هرمز.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات