ملخص
في وقت يسعى فيه البعض إلى تبرير وترويج فكرة إعادة تأهيل النظام السوري على أساس الاستقرار والتوازن الإقليمي يشكك آخرون في جدوى هذه الخطوة، مؤكدين عدم جاهزية النظام لتغيير نمطه السلطوي
بمرور 13 عاماً على انطلاقة ثورة الكرامة في سوريا، يظل نظام الأسد مركزاً للضغوط الدولية والعربية خلال سنوات طويلة منذ انطلاقة الثورة حتى بدأ الاهتمام العربي والدولي يتراجع تجاه القضية السورية وتتحول الضغوط الدولية وتصبح باهتة في الفترة الحالية.
ويتابع العالم بانتباه شديد سيرورة الأحداث في هذا البلد الذي تحولت ثورته إلى نزاع طاحن، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة وقمع الشعب منذ الثورة السلمية التي بدأها أحرار سوريا في 2011.
مع استمرار الصراع وتفاقم الأوضاع الإنسانية، تثير التساؤلات المتزايدة داخل أوساط المعارضة السورية والمنظومة العربية والدولية حول جدوى إعادة تأهيل نظام الأسد، وإمكانية تحقيقه للاستقرار والتقدم في البلاد، ومع ذلك، فإن الحقيقة المرة والصريحة هي أن نظام الأسد يسعى بكل جهد لتعطيل العملية السياسية التي تحقق الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية.
وفي وقت يسعى فيه البعض إلى تبرير وترويج فكرة إعادة تأهيل النظام السوري على أساس الاستقرار والتوازن الإقليمي، يشكك آخرون في جدوى هذه الخطوة، مؤكدين استمرار نمط القمع والانتهاكات ضد المدنيين، وعدم جاهزية النظام لتغيير نمطه السلطوي.
ومع ذلك، يراهن البعض في أن يفتح التحول السياسي في بعض دول صاحبة القرار وتطور الحراك الشعبي الداخلي والضغط الدولي الفرصة لإيجاد حلول شاملة وعادلة للأزمة السورية، وإعادة بناء البلاد على أسس ديمقراطية ومستقرة، تخلصها من عبثية النظام القديم وتحقق طموحات الشعب السوري نحو حياة كريمة ومستقبل واعد.
ومن خلال محاولات عديدة، حاولت الجهات الدولية والإقليمية إعادة تأهيل النظام السوري وإعادة إدماجه في المجتمع الدولي من جديد، وذلك بمساعٍ جدية تبعده عن المحور الإيراني والتدخلات الإيرانية المستفزة في دول الشرق الأوسط والخليج العربي، لكن واجهت هذه المحاولات عقبات عدة بسبب عدم قدرة النظام على التغيير والتحول الحقيقي نحو تحقيق الاستقرار مع الدول العربية والابتعاد عن محور الشر الإيراني.
من جهة أخرى ما زالت الأصوات الدولية والإقليمية التي تدين انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الأسد ضد الشعب السوري، ولا سيما استخدام الأسلحة الكيماوية والتعذيب والقتل الجماعي من بين الجرائم التي وثقتها المنظمات الدولية، والتي نفذها النظام السوري في حق شعبه.
هذه الانتهاكات أدت إلى فقدان الثقة شعبياً في قدرة النظام على الإصلاح وتحقيق الاستقرار، مما يعقد أي محاولة لإعادة تأهيله وتقديمه مجدداً إلى المجتمع الدولي بصورة موثوقة به.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تتجلى العوامل التي أدت إلى فشل محاولات إعادة تأهيل النظام السوري في عدة جوانب، حيث يرتبط هذا الفشل برفض نظام الأسد للتغيير، إضافة إلى عدم قدرته على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المعقدة، مما يجعله غير قادر على ضبط الأمور والتصدي للتحديات الداخلية والخارجية بفاعلية، وأبرزها أزمة توريد حبوب المخدرات من الأراضي السورية إلى دول الجوار.
وهذا الأمر يعد عبئاً إضافياً على الدول العربية التي تعاني بالفعل هذه الكارثة، إذ يعد انتشار المخدرات بهذه الصورة تهديداً لاستقرار المنطقة بأسرها، ويعكس فشل النظام في السيطرة على هذه الظاهرة ادعاء لضعف الحكومة في فرض القانون وتطبيقه على الميليشيات والعصابات التي تدير شبكة المخدرات داخل سوريا.
يحمل الوضع السياسي الراهن في سوريا فرصاً مستقبلية للتحول والتغيير، على رغم التوقعات بجمود سياسي طويل الأمد بسبب تعنت النظام وداعميه.
يتزايد الآن تحول الانتباه نحو دور الشباب السوريين وضغط الجاليات السورية في الخارج، بخاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ يبدو أنهم يسعون إلى تغيير الديناميكيات السياسية من داخل دول المهجر، كما أن لجهود ونشاطات الجالية السورية في الولايات المتحدة وقفات لممارسة الضغط على الإدارة الأميركية والدفع باتجاه تحقيق العدالة في سوريا.
ومن بين الفرص المستقبلية المتاحة، يمكن رؤية زيادة التركيز على العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة من قبل نظام الأسد، إذ يشير التطور الحالي في الحراك الشبابي وضغط الجاليات إلى إمكانية تحقيق تغييرات جذرية في السياسة الدولية تجاه سوريا.
وتتجه الجاليات السورية نحو تحقيق تأثير أكبر في صياغة السياسات واتخاذ القرارات في الدول المهمة، حيث يقيمون، مما يعني فرصاً جديدة للتأثير في القرارات الدولية المتعلقة بسوريا.
ويمكن أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الضغط الدولي على النظام السوري لتحقيق التغيير والإصلاحات السياسية والإنسانية اللازمة بحسب القرارات الدولية ذات الصلة.
ويظل تحقيق الاستقرار والسلام في سوريا أمراً بالغ الأهمية والتحدي الأكبر في ظل توقع جمود سياسي طويل الأمد، على الغالب بحسب ما تم في السنوات القريبة الماضية إن محاولات إعادة تأهيل نظام الأسد غير مجدية وتعكس الصعوبات والتحديات التي تواجهها المنطقة، ويستلزم التركيز على تعزيز الجهود الدولية والإقليمية للتصدي للأزمة السورية بصورة شاملة وفعالة.
إن الحلول الدبلوماسية والسياسية والإنسانية يجب أن تكون محور اهتمام المجتمع الدولي، مع تأكيد ضرورة محاسبة المسؤولين في نظام الأسد عن ارتكاب الجرائم وتحقيق العدالة الانتقالية، يجب أن نتذكر دائماً أن الشعب السوري هو الضحية الأولى والأخيرة لهذه الأزمة، وعلى المجتمع العربي الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويسعى جاهداً للمساعدة في تحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها.
رئيس مجلس إدارة المنتدى السوري