Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السباق للانتخابات الرئاسية في تونس يبدأ قبل تحديد الموعد

المعارضة لم تحسم أمر مشاركتها والاستحقاق يقسم الشارع السياسي

هيئة الانتخابات في تونس تعلن أن الانتخابات ستجري بين سبتمبر وأكتوبر 2024 (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

ملخص

بدأ السباق فعلياً في الانتخابات الرئاسية في تونس بإعلان عدد من الشخصيات نيتها الترشح، بينما تسود حالة من الانقسام بين من يعمل على استعادة المنظومة القديمة ومن يعمل على تعزيز المسار الجديد

بدأت ملامح السباق نحو قصر قرطاج تتضح بصورة تدرجية بأشهر قليلة قبل تنظيم هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يشد إليه التونسيون، الذين تعودوا على النظام الرئاسي لعقود من الزمن، ولم تحدد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات موعداً رسمياً للانتخابات الرئاسية 2024، واكتفت بالإعلان أنها ستجرى بين شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 2024، فإن الشارع السياسي بدأ يعيش على وقع هذه الانتخابات، من خلال توالي إعلانات نوايا الترشح.

وتنتهي ولاية رئيس الجمهورية الحالي، قيس سعيد، في أكتوبر 2024، وتتجه الأنظار إلى ما ستكشفه الأشهر المقبلة من ترشيحات جديدة لهذه المحطة الانتخابية، وسط مشهد سياسي ممزق بين جبهتين، واحدة حاكمة ممثلة في السلطة القائمة، وجبهة معارضة ممثلة في الإسلاميين والدستوريين واليساريين الذين فرقتهم السياسة وجمعتهم السجون.

وفي حين لم تحسم المعارضة أمر مشاركتها من عدمها في هذه الانتخابات، وهي بدورها مشتتة، فإن مجموعة من الشخصيات عبرت عن نيتها الترشح إلى هذه الانتخابات خارج المنظومة الحزبية.

وأكد وزير التجارة في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي المنذر الزنايدي، آخر من عبر عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، من خلال بيان منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، "نعبر عن استعدادنا للاحتكام إلى التونسيين والتوجه إليهم ببرامجنا ومقترحاتنا في المحطات السياسية والاستحقاقات الانتخابية القادمة".

وسبق الزنايدي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي التي أعلن حزبها ترشيحها للانتخابات الرئاسية، ورئيسة حزب الجمهورية الثالثة ألفة الحامدي، والمرشح المستقل نزار الشعري.

في المقابل، لم تكشف بقية الأحزاب المكونة للمشهد السياسي في تونس الموالية منها لرئيس الجمهورية أو المعارضة له عن مرشحيها، بينما اعتبر الأمين العام لـ"حزب العمل والإنجاز"، عبداللطيف المكي، أن "الانتخابات الرئاسية المقبلة يجب أن تكون فرصة لإنهاء الصراع السياسي في تونس"، داعياً الرئيس سعيد إلى "توفير الظروف الملائمة لذلك، عبر تنقية المناخ السياسي، وتخفيف حدة الصراع السياسي والانقسام التي تعيشه البلاد".

شارع سياسي منقسم

وينقسم الشارع السياسي في تونس بين من يرى أن المناخ السياسي العام غير ملائم لإجراء الانتخابات الرئاسية، بسبب الملاحقات القضائية التي تطاول أبرز وجوه المعارضة السياسية، علاوة على حال الانقسام في البلاد، بينما يرى الشق الموالي لرئيس الجمهورية أن المناخ الحالي ملائم لإجراء الانتخابات في موعدها، مشددين على أن المنظومة السابقة تعمل على استعادة موقعها في المشهد من خلال الانتخابات الرئاسية.

مناخ سياسي لا يسمح بالانتخابات

ويؤكد أستاذ القانون الدستوري شاكر الحوكي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "المناخ السياسي الراهن لا يسمح تماماً بإجراء الانتخابات الرئاسية، بسبب وجود عدد كبير من رؤساء الأحزاب في السجون، إضافة إلى أن المناخ العام محكوم بالخوف، علاوة على العزوف عن المشاركة السياسية من قبل الناخبين التونسيين".

واعتبر الحوكي أن إجراء الانتخابات فرصة لا بد من استغلالها من أجل "تغيير موازين القوى وقلب المعادلة السياسية الحالية".

وشدد على أن "قيس سعيد لا يعتزم ترك السلطة، لأن من يؤمن بالديمقراطية، وبالتداول السلمي على السلطة، عليه أن يترك هامشاً واسعاً من الحريات، ويحيد المؤسسات، ويطلق سراح المساجين السياسيين، وأن لا يستغل أجهزة الدولة لصالحه"، على حد تعبيره. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهة أخرى، أشار إلى أن "المعارضة بتوجهاتها المختلفة لم تستوعب الدرس" مما سماه "انقلاب" الـ25 من يوليو (تموز) 2021، و"بقيت مشتتة، وغير قادرة على تقديم التنازلات، ومنها من يريد المشاركة في الانتخابات الرئاسية تحت السقف القانوني لـ25 يوليو، ومنها من يشترط توفر المعايير الدولية من ناحية التعددية والنزاهة والشفافية للمشاركة".

وبخصوص مشاركة الموقوفين من المعارضين لقيس سعيد يقول أستاذ القانون الدستوري "قانونياً، المسألة غير واضحة، وعملياً، لا يمكن لمن هو في السجن أن يشارك في الانتخابات وينافس من هو في السلطة، والأصل هي أن تكون انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، تقوم على التنافس والاحتكاك بين الزعماء والمرشحين وعلى برامج ومناظرات وعروض سياسية". 

تجريم الاختلاف

ومن جهته، لا يعترف الناشط السياسي والباحث في الأنثروبولوجيا الثقافية، الأمين البوعزيزي، بوجود سباق نحو قصر قرطاج لأن الانتخابات في تقديره "لا تُجرى إلا في مناخ سياسي ملائم". ويقول "السياسة باعتبارها تدبير الاختلاف، تم تأميمها منذ الـ25 من يوليو 2021، كما تم تخوين وتجريم الاختلاف في عهد قيس سعيد، والانتخابات تعني ضمنياً المجتمع المتعدد والمتنوع، ولإدارة هذا التنوع والاختلاف، لا بد من الاحتكام إلى الصناديق بينما في تونس تمت شيطنة الطبقة السياسية"، بحسب قوله.

ويضيف البوعزيزي أن "خطاب رئيس الجمهورية فيه تهديد ضمني لكل من تسول له نفسه الترشح لمنافسته في الانتخابات الرئاسية، داعياً إلى استعادة الممارسة السياسية في البلاد".

ويعيب البوعزيزي على المعارضة أنها "لم تمارس التعديل الذاتي، ولم تقدم التنازلات الضرورية من أجل مناخ سياسي متوازن".

مناخ ملائم

في المقابل، يعتبر الكاتب الصحافي، خليل الرقيق، في تصريح خاص أن "رئيس الجمهورية أكد التزامه تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها، وفق القانون الانتخابي الجديد، وهو ما يعني أن المناخ متوفر لإجراء هذه الانتخابات بينما الأجواء السياسية ساخنة وهو أمر طبيعي". 

ويضيف الرقيق أن "جبهة المعارضة تعمل على ترشيح شخصية للانتخابات الرئاسية يمكن أن تعيدها إلى الواجهة السياسية، من خلال إعادة المنظومة القديمة وإعادة تفعيل دستور 2014، بما يعني أن القديم يستعد للعودة إلى الواجهة، بينما المسار الجديد الذي رسمه قيس سعيد يصر على أنه لا عودة إلى الوراء". 

ويؤكد أن "الرئيس التونسي في ترشحه لهذه الانتخابات سيكون لديه حظوظ وافرة للفوز بمدة رئاسية ثانية"، مضيفاً أن "مختلف التعبيرات السياسية القديمة والجديدة تتنافس من أجل الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية، وهو ما يشي بأن المناخ السياسي ملائم لإجراء الانتخابات خصوصاً، وأن مختلف ألوان المعارضة تستعد لخوض هذه المحطة الانتخابية كالعائلة الدستورية واليسار وحركة النهضة وجبهة الخلاص". 

ويرى الكاتب الصحافي أن "لا شيء يمنع المعارضين في السجون من الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، إذا أوقف التتبع القضائي في حقهم".

لا بديل عن أهداف الـ25 من يوليو

ومن جهته، يشدد عبيد البريكي، أمين عام حركة "تونس إلى الأمام" أن "لا بديل عن الأهداف التي رسمها مسار الـ25 من يوليو"، داعياً إلى اتخاذ بعض الإجراءات لتحسين المناخ السياسي العام "كتنقيح المرسوم عدد 54، وتركيز المحكمة الدستورية".

ويعتبر البريكي أن "هاجس المرحلة الراهنة سياسي بامتياز بعد استكمال المسار الجديد مختلف محطاته من دستور وبرلمان جديدين"، لافتاً إلى أن "تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها نقطة إيجابية في المسار الجديد".

ويخلص إلى أن "الانتخابات الرئاسية تراها المعارضة فرصة لاسترجاع ما قبل الـ25 من يوليو، بينما دخلت تونس مرحلة جديدة واستكملت محطات مهمة ورسمت أهدافاً واضحة لجميع التونسيين". 

سيكون السباق نحو "قرطاج" في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس، مزدحماً في انتظار ما ستسفر عنه التحالفات السياسية من ترشيحات تراوح ما بين إعادة القديم وتعديل الجديد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير