Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سبب انتشار فيديوهات "شاهدوا كيف يتم طردي من العمل"

يعتبر فقدان الوظيفة في معظم الأحيان لحظة مروعة تود غالبية الأشخاص إبقاءها في دائرة الخصوصية ولكن فجأة اجتاحت مقاطع الفيديو المتعلقة بالتسريح من العمل مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت كالنار في الهشيم

أدى صعود «اقتصاد الوظائف المؤقتة» إلى تغيير طريقة حديثنا عن حياتنا العملية (اندبندنت)

ملخص

فيديوهات مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي تشرح أبرز الدروس التي استخلصناها من فرط مشاركة يومياتنا.

بوسعنا أن نقول إن الأمر بدأ مع فيديوهات "شاهدوا كيف أستعد" Get Ready with Me حيث تنشر المستخدمات مقاطعاً لأنفسهن وهن يضعن الماكياج استعداداً للخروج، ويكشفن عن كثير من الأمور الشخصية التي يشاركنها في الفيديو، ويتطرقن إلى المواضيع كافة، بدءاً من المواعدة السيئة إلى العلاقات الحميمة الرديئة وصولاً إلى التجارب الرهيبة مع الأهل وحتى الموت والانتحار، وغالباً ما تنتشر تلك التجارب الأكثر حميمية على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وبالتالي فليس أمراً مفاجئاً أنه في مجتمعنا المنغمس حتى النخاع في الإنترنت يقوم الموظفون الشباب حالياً بمشاركة أكثر لحظاتهم المهنية ضعفاً.

تاريخياً شكلت عمليات الطرد من العمل موضوعاً محظوراً يناقش سراً بنبرة صوت منخفضة، وفي حين أن فئة جيل "الأطفال المولودين لأسرة من الطبقة العاملة " baby boomer، ومن بعدهم "الجيل أكس" Gen X (الذين ولدوا بين 1965 وعام 1980) اعتبروا أن الطرد أو الفصل من العمل هو بمثابة إخفاق شخصي، فإن الجيل الذي أنتمي إليه ينظر إلى ذلك بأنه جزء طبيعي من  الحياة المهنية الحديثة ولو كان في الواقع مؤسفاً، فنحن نحمل فهماً غير معلن بأن وظيفتنا لن تبادلنا الحب الذي نكنه لها، وانطلاقاً من هنا يشكل هذا ردنا على ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شكلت موجة الطرد من العمل مطلع عام 2023 بما في ذلك 12 ألف عملية فصل من العمل في "غوغل" جرس الإنذار الذي أتذكره والذي تناهى إلى مسمعي، وسلطت منشورات "لينكد إن" التي انتشرت بشكل كبير على غرار "لم أعد موظفاً في ’غوغل‘" no longer being a Googler الضوء على مدى تداخل هوياتنا الشخصية مع وظائفنا. بالنسبة إلى الموظفين الشباب تطرح عمليات التسريح الجماعية خطر إحداث فجوات وظيفية تترك تداعيات على المدى البعيد، وشكل هذا الأمر إدراكاً بالغ الأهمية في مسيرتي المهني الشخصية مما حفزني على توسيع نطاق عملي الحر لمغادرة الحياة الوظيفية.

لحسن الحظ أن اتساع رقعة انتشار مواقع التواصل الاجتماعي يجلب تلك الأحاديث الضرورية إلى العلن، فالأشخاص يتعرضون لمعاملة غير عادلة في العمل، وقد يتعرضون للتنمر ومن المحتمل أن تكون موجات التسريح قاسية، ويتعامل معها بطريقة سيئة من قبل أقسام الموارد البشرية والمديرين الذين يضطرون إلى "اتباع الخطط الموضوعة".

وبالنسبة إلى الجيل الذي أنتمي إليه يتطور الفصل من العمل ليصبح تجربة مشتركة، وهذا ما ينزع عن التسريح أو الطرد من العمل وصمة العار التي تلاحقه.

واليوم مُنح الموظفون الفرصة لسرد نسختهم من الرواية وأصبحوا هم الجانب الذي يملك السردية بين يديه

يُعتبر هذا الأمر في غاية الأهمية لأن كثيرين شعروا بالخجل والعار من فقدان وظيفة قدمت في ما مضى كل قوتها وطاقتها للشركات، واليوم مُنح الموظفون الفرصة لسرد نسختهم من الرواية وأصبحوا هم الجانب الذي يملك السردية بين يديه، وهي سردية تبلغ ملايين الأشخاص، وبالتالي لم تعد الشركات من الآن فصاعداً تتحكم بالروايات الصحافية التي تواجه عمليات التسريح التي تقوم بها، وتبين أن مشاركة هذه التجارب على الإنترنت عملية علاجية للمنتمين مثلي إلى "الجيل زد" (جيل مواليد ما بين منتصف التسعينيات وأوائل العقد الثاني من القرن الحالي).

وانطلاقاً من ذلك شكلت بريتاني بيتسش مثالاً بارزاً من خلال فيديو التسريح المثير للجدل من عملها كموظفة مبيعات في شركة تكنولوجيا المعلوماتية "كلاودفلير" Cloudflare بعنوان "وجهة نظر: أنت على وشك التعرض للطرد"، ونشاهدها في الفيديو تلتقط هاتفها وتشرح لمشاهديها (أكثر من 70 ألفاً والعدد يتزايد) كيف أن مواعيد عمل عشوائية غير مخطط لها لمدة 15 دقيقة ظهرت على أجندتها وأجندة زملائها طوال اليوم، ومن ثم نشاهدها تتلقى خبر التسريح وتسأل مديريها عن سبب اختيارهم لها بعد تلقيها كثير من ردود الفعل الجيدة من مديرها.

وفيما يتبلكم مديرو الموارد البشرية في أجوبتهم تتخذ تلك المنشورات شاكلة عملية علاجية لمن سرحوا من العمل ليتخطى عدم فهم الأسباب أو حتى الأعذار.

أحد أبرز المشاعر التي تجتاح بريتاني وكثيراً من الأشخاص الذين ينشرون مثل هذه الفيديوهات تتعلق بعدم فهمهم لأسباب فصلهم من العمل بعد أن بذلوا ساعات من العمل الدؤوب، وبصفتي صاحبة حساب "المديرة المناهضة للعمل" Anti-Work Girlboss، شهدت هذه الظاهرة وشاركتها وسلطت الضوء مراراً على الحاجة إلى إعادة تقييم معايير عملنا، ومع انخفاض انضمام الموظف ومشاركته يعكس هذا التحول تغييرات أوسع في المواقف تجاه العمر الوظيفي المديد ووفاء الشركة للموظف.

في هذا الإطار أيضاً لا تجب المبالغة في تقييم الأثر النفسي للتسريح من العمل ومشاركة هذا الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي،  وبالنسبة إلى الموظفين المعنيين فبوسع ذلك أن يشكل مصدراً للضغط والقلق ولكن أيضاً منصة للتعاضد والدعم، وبالنسبة إلى زملائهم يشكل ذلك تذكيراً صارخاً بمدى تقلب سوق العمل وهشاشتها، ولماذا قد لا يبادل الولاء لشركة ما بالولاء؟

وفي سياق متصل بوسع الشعور بالذنب أن يلعب دوراً أيضاً بالنسبة إلى الذين لم يتعرضوا للطرد، وهي ظاهرة يُطلق عليها تسمية "ذنب الناجين"، ويسهم هذا الانفتاح في إعادة صقل ثقافات مكان العمل ويجعلها أكثر تعاطفاً وتكون موجهة نحو الجماعة، مع أن ذلك أثار بدوره بعض التساؤلات المتعلقة بالسرية والإفراط في المشاركة على الإنترنت، ولعلكم لاحظتم أنه منذ عام 2020 ارتفعت نسبة مشاركة المنشورات الشخصية على "لينكد إن"، وهو موقع أنشئ في الأساس بهدف الأحاديث المرتبطة بالأعمال والمهن. وكوني شخصية نشطة على الإنترنت فقد كونت تجارب خاصة عن الإفراط في مشاركة المنشورات المتعلقة بالعمل على الإنترنت، ووجدت أن هذه الطريقة نجحت بالنسبة إليّ، ولكن بوسعي أن أتفهم تردد بعضهم وتحفظهم مخافة أن يلحق ذلك ضرراً بهم في المستقبل.

كانت البصمة الرقمية المرعبة تقض مضاجع جيل الألفية عندما دخلوا إلى سوق العمل، وبوسع مواقع على غرار "تيك توك" و"إنستغرام" و"أكس" أن تظهر النشاط الرقمي الكامل للشخص، ولهذا شعر كثير بضرورة الحفاظ على نبرة مهنية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبما أن "الجيل زد" حضر على الإنترنت بالمعدل الذي نشهده اليوم منذ وقت باكر، فنحن نميل إلى تكوين مقاربة أكثر استرخاء وتساهلاً لفكرة أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر في الأمن الوظيفي، ونقوم حتى بمساءلة ما يعنيه الأمن الوظيفي بطريقة لم تجرؤ أجيال أخرى على سبر أغوارها.

كما أثر صعود الاقتصاد الانتقالي أو الاقتصاد الموقت المعروف بـ "gig economy"  بكيفية رؤية "الجيل زد" لعمليات التسريح من العمل، فمع قيام عدد أكبر من الأشخاص بالعمل الحر أو العمل في أدوار غير تقليدية أصبح مفهوم الأمن الوظيفي يتطور باستمرار، ومع ذلك أصبح أسلوب حياة البدو الرقمي الذي شكل في ما مضى خياراً نادراً، منتشراً بصورة أكبر وبدأ اليوم يغير علاقتنا بالوظيفة التقليدية.

ونقوم بخلق أمننا الوظيفي الخاص من خلال معرفة أن الآخرين لن يزودونا بالضرورة بهذا الأمن، وتقوم فيديوهات التسريح تلك بتسليط الضوء على الحقيقة التي يتحتم على كثير تعلمها من خلال التجربة الصعبة (أي التعرض للطرد).

ومن خلال إظهار نقاش التسريح من العمل وكم بوسع عمليات الطرد أن تكون قاسية على مواقع التواصل الاجتماعي، يسلط جيلي الضوء على أهمية المرونة والتكيف الضروريين في الوظائف العصرية، ولا يتعلق الأمر بإيجاد وظيفة أخرى وحسب، ولم يعد حتى يتعلق بالعثور على وظيفة الأحلام، في حين يوصف غالباً "الجيل زد" بالجيل الكسول" أو المستحق.

إن تلك الدروس الباكرة المستخلصة من التسريح من دون سبب والمغادرة مع نموذج P45 (لضمان الحسابات الضريبية الدقيقة لكل من أصحاب العمل والموظفين عندما يترك الموظف وظيفته) تعلمنا بضعة أمور عن القوة، ونحن كجيل لا نخشى تغيير مساراتنا المهنية عندما نحتاج إلى ذلك وربما حتى بضع مرات خلال مسيرتنا المهنية، فنحن نرى تلك المسارات أمراً انسيابياً وموقتاً عوضاً من اعتبارها مستقيمة وواعدة، وعندما تبدأ الشركات بالتذمر من كون موظفيها الشباب لا يظهرون أي "ولاء"، فلعلهم يجب أن يبدأوا بطرح السؤال عن سبب ذلك على أنفسهم، وبالنظر إلى المستقبل فمن شأن هذا الاتجاه أن يؤثر في ممارسات التوظيف. ويحمل "الجيل زد" توقعات متزايدة للشفافية والعدل في عمليات التسريح، ألن يكون من الأفضل لنا جميعاً لو قيل لنا بأن اختيارنا للتسريح كان عشوائياً في مسعى إلى تقليص الموازنات، عوضاً عن العبارات المبهمة التي يستخدمها مديرو الموارد البشرية مع الشفافية التي تبرز حالياً من خلال قيام الموظفين بنشر الاجتماعات التي تعلمهم بالطرد؟

أتمنى أن تبدأ الشركات في التفكير مجدداً بسيناريوهات التسريح التي لا تنفع أحداً، وفي المحصلة فقد أصبحت المجتمعات والمنتديات والشبكات الوظيفية على الإنترنت مصادر حيوية للذين يعيشون تجربة التسريح من العمل.

كم هو عظيم عدم الشعور بالخجل من أمر لم ترتكبوا فيه أي خطأ؟ لن تحصلوا اليوم على الدعم العاطفي الفوري والتضامن من شبكتكم وحسب، ولكن أصبح ذلك أمراً أساساً في تقديم المشورة العملية والوظائف المحتملة أيضاً، وتعتبر هذه المقاربة الجماعية في مواجهة الانتكاسات المهنية وتخطيها جانباً مشرقاً في السحابة التي قد تشكل تجربة صادمة لكثيرين، فلنأمل بأن يكون الاتجاه الكبير القادم بعنوان "شاهدوا كيف يتم توظيفي".

هل لديكم قصة مثيرة للاهتمام للتسريح من العمل؟ شاركونا إياها في التعليقات أدناه.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات