ملخص
يؤكد بعض مديري الأعمال أن المهم في عملهم هو المحافظة على علاقات النجم مع الجهات الإعلامية ومنظمي الحفلات والجهات الحكومية وشركات الإعلان والحفاظ على سمعته
كل مهنة في العالم تحتاج إلى خطط ودراسات لكي ينجح صاحبها ويستمر، فما بالك بنجوم الغناء والتمثيل الذين يحتاجون إلى تخطيط مكثف ودقيق كي تنضج نجوميتهم وتطول على مدى أعوام.
في الغرب مثلاً، يعرف الممثل أو المطرب أنه بحاجة إلى إدارة أعمال محترفة تساعده في انتقاء أدواره أو أغنياته وتنظيم حفلاته، أو اختيار أفلامه ومسلسلاته وتسويقها عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لكن هذه المسألة غالباً ما كانت بعيدة من تفكير النجوم العرب، إذ إن كل ممثل أو مطرب كان يستعين بأحد أقربائه ليساعده في تنفيذ أعماله، ولم يكُن وارداً بالنسبة إليهم التعاون مع مديري أعمال محترفين.
في هذا العصر، اختلف الوضع نوعاً ما، وبات معظم النجوم يتعاملون مع شركات متخصصة في مجال إدارة الأعمال، تحديداً أبناء الجيل الجديد، بينما بقي نجوم الأجيال السابقة يعتمدون على الأخ أو الزوج أو الأب أو غيرهم من الأقرباء.
تخطيط استراتيجي ورؤية وتطلعات
وللإضاءة على هذا الجانب الأساسي في حياة الفنانين العرب يتحدث عدد من الضالعين في هذا المجال، فيقول ميار عباس، مدير أعمال المطرب الإماراتي حسين الجسمي إن "إدارة الأعمال تشمل عوامل عدة أهمها تنمية مسيرة الفنان من بدايته حتى نجاحه واستمراريته على المديين القريب والبعيد، ولكي نتمكن من تحقيق هذه الأهداف يجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجي ورؤية وتطلعات للفنان، كي نحدد الرؤية الخاصة بمسيرته الفنية ووضع خطة تتم مراجعتها وتحديثها وفق إنجازاته ونجاحاته وانتشاره وتواصله مع الجمهور في كل الدول العربية وبلاد الاغتراب، وهذا كله يفيد مدير الأعمال ليسهم في تطوير الفنان".
ويتابع ميار عباس كلامه عن مهمات إدارة أعمال الفنان ويؤكد أن "المهم في إدارة أعمال النجم المحافظة على علاقاته العامة مع الجهات الإعلامية ومنظمي الحفلات والجهات الحكومية وشركات الإعلان والحفاظ على سمعته وتحصينه ضد الإشاعات والتكتم على أموره الخاصة. كما على مدير الأعمال أن يدير كل عمليات التفاوض على العقود من النواحي القانونية والتفاصيل الأخرى لضمان حقوق الفنان، فضلاً عن كيفية إدارة إطلاق المطرب لألبومه وأغنياته بالتنسيق مع الشركة المنتجة وتسويقها عبر المنصات الموسيقية ومواقع التواصل الاجتماعي".
أما لدى سؤاله عن كيفية تطوير الفنان لنفسه، فيشرح عباس استناداً إلى خبرته أن "المطربين يحتاجون إلى تطوير موهبتهم عبر الاستعانة بمدربين للغناء، والاهتمام بمظهرهم الخارجي، وكل هذه الأمور تصب عند إدارة الاعمال لأن الفنان يُعتبَر بمثابة علامة تجارية، ويجب الاعتناء بهذه العلامة لتظهر بأبهى صورة".
وعن الفرق بين مدير أعمال الفنان في الغرب والعالم العربي، يقول مدير أعمال الفنان حسين الجسمي الذي يمتلك شركة لإنتاج وتنظيم الحفلات، "في الغرب مدير الأعمال يكون متفرغاً لفنان واحد على الغالب، ومقابل كل هذا التفرغ ينال نسبة مئوية كبيرة من أجر الفنان، وإلى جانب مدير الأعمال يعمل أكثر من فرد على نجاح الفنان، أبرزهم الوكيل (Agent) الذي يهتم بالتعاقدات وتواريخ الظهور وكل التفاصيل الفنية، لكن كل هذه الأمور تصب عند مدير الأعمال صاحب الخبرة والمتخصص عن دراسة. إنما في الوطن العربي فمديرو الأعمال، أو معظمهم، غير متخصصين، بل أشخاص أصحاب خبرة فنية، ويطلق عليهم لقب مساعدين وليس مديري أعمال لأن القرار الأول والأخير يكون للفنان، علماً أن بعض مديري الأعمال في الوطن العربي استطاعوا أن ينجحوا مع نجوم ووصلوا بهم ومعهم إلى مراتب عالية."
وحول موضوع الاتكال على الأقارب في إدارة أعمالهم، فيوضح عباس أن "النجوم في الشرق يستعينون بأهلهم في مجال إدارة أعمالهم لعدم ثقتهم بالغرباء، لذلك يكون الاستسهال عبر اختيار مدير أعمال من الأقارب، فيكون منفّذاً للتعليمات التي يطلقها الفنان بنفسه بعيداً من أصحاب الخبرات".
ثلاثة أشخاص مهمين
أما أمين أبي ياغي، مدير أعمال المطرب اللبناني جوزيف عطية، وهو صاحب خبرة طويلة في مجال إدارة الأعمال وتنظيم الحفلات مع النجوم العرب والغربيين، فيقول إن "إدارة أعمال الفنان بالمطلق في الغرب تُختصر بضرورة وجود ثلاثة أشخاص مهمين في حياة النجم الذي يريد أن ينجح، الأول هو الذي يهتم بالصورة الخاصة بالفنان (image)، وكل تصرفاته لجهة ظهوره في الإعلام وإطلاق ألبومه الغنائي والتفاوض حول الحفلات والمهرجانات، والشخص الثاني هو "الوكيل" الذي ينصرف لمتابعة الحفلات ويرافق المطرب في كل جولاته الغنائية، والشخص الثالث الذي لا بد من وجوده هو المحامي المتابع لكل الشؤون القانونية".
وعن مهمات مدير الأعمال، يوضح أمين أبي ياغي أن "الفنان المبتدئ لا يحتاج إلى فريق عمل كبير، لكن عندما يصبح نجماً وفي الصفوف الأولى فهو يحتاج إلى الأشخاص الثلاثة الذين ذكرتهم سابقاً".
وأما بالنسبة إلى اعتماد معظم النجوم في العالم العربي على أقاربهم في إدارة أعمالهم، فيعود ذلك برأي ياغي "لعدم وجود تخصص أكاديمي في هذا المجال، مما يجعل أي فنان يلجأ إلى أحد أقاربه كي يساعده في تنفيذ أعماله. إنما لا بد من الإشارة إلى أن أي مطرب يحتاج إلى منتج (producer) متخصص في اختيار الأغنيات، فهذا عمله، وعندما غاب هذا الشخص من حياة بعض الفنانين المهنية فقد كثير منهم تفرّده على الساحة الفنية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وضع الخطط التسويقية
ومن مصر يتولى كريم سامي، وهو صاحب إحدى شركات إدارة الأعمال، مجموعة من النجوم ومنهم يسرا وعمرو يوسف وكندة علوش وصبا مبارك وأحمد مالك وغيرهم.
ولكريم سامي وجهة نظر في شرح مجاله، لذا يرى أن "إدارة أعمال الفنان تتمحور حول نقاط عدة، أولاً الخطط المستقبلية للفنان وتنفيذ القرارات التي يريدها الممثل، فمثلاً هناك من يرغب في تقديم ثلاثة أعمال درامية في السينما والتلفزيون، وآخر يفضّل أربعة أعمال، ومنهم من يسعى إلى الوصول لمكانة معينة في المجتمع، كالمشاركة في مهمات إنسانية، وهذه أمور كلها توضع ضمن الخطط الخاصة بالفنان، فكل واحد بحسب طموحاته، ونحن كإدارة أعمال نضع الخطط التسويقية لهذا الفنان ونتخذ القرارات".
ولجهة الفوارق ما بين مدير الأعمال في الغرب والعالم العربي، يتحدث كريم سامي عن تفاصيل عمله قائلاً "في السابق لم يكن الممثل أو المطرب يفكر بتعيين مدير أعمال خارج إطار عائلته، بينما في هذا العصر اختلف الوضع وأصبح نجومنا يرغبون في اتباع النهج الغربي، علماً أن منتجين كثراً وصناع الفن في العالم العربي ليسوا معتادين على التعاطي مع مدير الأعمال باعتباره العقل المدبر لهذا الفنان وواضع استراتجية خاصة بعمله، لكننا في الوقت الراهن بدأنا نلمس وجود تفهّم لعملنا كشركة إدارة أعمال الفنانين. ووجدت الجهات المختلفة في الوسط الفني أن التعامل مع الإدارة أسهل من التعاون مع النجم نفسه".
ويختم كريم سامي كلامه بالقول "نحن كشركة محظوظون لأننا نعمل مع باقة من أهم نجوم العالم العربي، ولا توجد غيرة بين نجومنا لأن كل ممثل له تفكيره واستراتجيته المختلفة عن الآخرين".
اعتماد على الموهبة
وأخيراً يقول ميمي فؤاد، مدير أعمال المطربة المصرية بوسي إن "إدارة أعمال الفنان بالمطلق شبيهة لإدارة أي مشروع والفرق بينهما أن إدارة أعمال الفنان تعتمد على الموهبة من ناحية المستوى الفني واختيار الأغنيات"، ويتابع أن "مدير الأعمال يشارك ويساعد في اختيار الشكل الفني للموهبة التي يدير أعمالها، ويضمن لها، إلى حد كبير، وجوداً قوياً في الوسط الفني، ويحاول الوصول بها إلى مراحل متقدمة ثابتة، ويعمل على تطوير تلك الموهبة بعد تحديد الشخصية الفنية للمطرب وملاحقة تعاقداته والتزماته".