Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنقاذ الأرض عبر مكافحة تغير المناخ مهمة بيد الذكاء الاصطناعي

بدأ يغذي سلسلة الأنشطة الكاملة المتعلقة بالانتقال من الاقتصاد القائم على الكربون إلى آخر خال منه

أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تتبع الحياة البرية من كثب (رويترز)

ملخص

يعد تغير المناخ إحدى أصعب المشكلات العلمية التي يواجهها الإنسان على الإطلاق

يعد تغير المناخ إحدى أصعب المشكلات العلمية التي يواجهها الإنسان على الإطلاق، وعندما يتحدث الناس عنه، فإنهم يميلون إلى التركيز على الجوانب المادية للمناخ، مثل كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ودرجات الحرارة ومستويات هطول الأمطار وأنماط الرياح، متناسين أن هذه الخصائص كلها تتشكل من خلال كوكب حي يتغير باستمرار.

وبما أن البيانات المناخية تتطلب وقتاً طويلاً لجمعها وتحليلها ثم استخدامها لاتخاذ قرارات مستنيرة وسن تغيير فعلي في السياسات البيئية. وجاء دور الذكاء الاصطناعي كي يساعدنا على تقديم تنبؤات أكثر استنارة حول التغيرات في البيئة، حتى نتمكن من مواجهة الاحتباس الحراري بطرق أفضل.

وهكذا بدأ الذكاء الاصطناعي يغذي سلسلة الأنشطة الكاملة المتعلقة بالانتقال من الاقتصاد القائم على الكربون إلى اقتصاد خال منه. وأثبت قدرته على معالجة مجموعات كبيرة من البيانات واستخلاص رؤى قابلة للتنفيذ وتحويل فهمنا لتغير المناخ والطريقة التي نخفف بها من آثاره.

التوقعات المناخية وإدارة الموارد بكفاءة

وأصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة من خلال صور الأقمار الاصطناعية وبيانات أجهزة الاستشعار على تتبع الحياة البرية من كثب، وحتى التنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل حرائق الغابات والفيضانات والأعاصير بدقة تصل إلى 99 في المئة، وغني عن القول إن هذا الرصد في الوقت الفعلي يتيح استجابات أسرع وأكثر فاعلية للأزمات البيئية واستراتيجيات الحفاظ على البيئة بصورة أفضل.

وبفضل قدرته على التعامل مع البيانات المعقدة والمتعددة الأبعاد، أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في نمذجة المناخ، إذ بات يوفر تنبؤات مناخية أكثر دقة وتفصيلاً، وتساعد هذه التنبؤات في فهم سيناريوهات المناخ المستقبلية، وتمد يد العون لصناع السياسات والعلماء في جهودهم لصياغة خطط عمل مناخية أكثر فاعلية.

وعلى سبيل المثال، تمكنت شركة "ديب مايند" التابعة لـ"غوغل" من تطوير خوارزمية للتعلم الآلي تستطيع التنبؤ بالطقس بدقة أكبر من طرق التنبؤ الحالية التي تستخدم أجهزة الكمبيوتر العملاقة. وهذا النموذج، المسمى GraphCast، أنتج توقعات أكثر دقة، لمدة 10 أيام، من نظام التنبؤ عالي الدقة HRES الذي يديره المركز "الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى"، والذي يمكنه التنبؤ بالأحداث الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر والصقيع والعواصف الاستوائية بدقة تصل إلى 90 في المئة.

كما يسهم الذكاء الاصطناعي بصورة كبيرة في إدارة الموارد بكفاءة عالية، وبذلك تعمل الزراعة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تحسين استخدام المياه وإنتاجية المحاصيل، وهذا ما حصل فعلاً في الهند، حيث شهد مزارعو الفول السوداني المجهزون بالذكاء الاصطناعي إنتاجية محاصيل أعلى بنسبة 30 في المئة، وينسحب الأمر نفسه على مجال التصنيع، إذ تؤدي الصيانة التنبئية والعمليات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل استهلاك النفايات والطاقة.

وتتمثل إحدى الفوائد الرئيسة للذكاء الاصطناعي في التخفيف من تغير المناخ عبر تقليل آثار الكربون في مختلف الصناعات، وهكذا تساعد خوارزمياته في تصميم المباني الموفرة للطاقة، وتخطيط طرق النقل المنخفضة الانبعاثات، وحتى في تقنيات احتجاز الكربون، ومن خلال تبسيط العمليات وتحديد مجالات توفير الطاقة، يساعد الذكاء الاصطناعي الصناعات على التحول إلى ممارسات أكثر مراعاة للبيئة وأكثر استدامة.

دراسة الجبال الجليدية

ويمثل فهم كيفية تغير الطبقة الجليدية في القارة القطبية الجنوبية، أولوية قصوى للباحثين الذين يعملون على فهم ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل. وهذا مما دفع الباحثين في معهد "آلان تورينج" البريطاني لابتكار أداة جديدة للذكاء الاصطناعي تكتشف الجبال الجليدية في غرب القارة القطبية الجنوبية، في ما اعتبر بالخطوة الأولى نحو تمكن العلماء من تتبع دورة الحياة الكاملة لمعظم الجبال الجليدية عبر القارة القطبية الجنوبية من بيانات الأقمار الاصطناعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمكن لهذا النهج الجديد تحديد الجبال الجليدية في البيئات المحاطة بالجليد البحري، وباستخدام هذه الأداة، سيتمكن العلماء من اكتشاف الجبال الجليدية عند ولادتها، وتتبعها طوال دورة حياتها حتى زوالها، وبناء صورة أكثر اكتمالاً لدينامياتها في المحيط الجنوبي.

واختار الباحثون خليج بحر أموندسن، في غرب القارة القطبية الجنوبية، قرب واجهة نهر ثويتس الجليدي، كموقع للدراسة. وتحوي المنطقة على مزيج من المياه المفتوحة والجليد البحري وكثافة عالية من الجبال الجليدية ذات الأحجام المختلفة، مما يجعلها موقعاً مثالياً لاختبار أداة الذكاء الاصطناعي هذه.

إعادة التدوير

ومع ازدياد الضغوط على الحكومات والشركات للانتقال إلى الاقتصاد الدائري، حيث يعاد استخدام المواد وإعادة تدويرها بالطريقة الأكثر فاعلية، طرحت شركة Greyparrot البريطانية الناشئة في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، قبل نحو عامين، في الأسواق نظامها المتطور للتعرف إلى النفايات وإعادة تدويرها.

ويمكن لهذا النظام توفير بيانات حية فورية حول تكوين المواد ومعلومات التعبئة والتغليف، ويوفر حلاً وشيكاً قادراً على زيادة الشفافية للمساعدة في الوصول إلى الأهداف واستخراج الحد الأقصى من القيمة المالية للمواد التي كان من الممكن أن يتم إحراقها، أو طمرها في مدافن النفايات والمحيطات مما يؤدي إلى تلويث البيئة لقرون عدة.

مكافحة التصحر

وتغطي الغابات مساحة 31 في المئة من كوكبنا، وهي موطن لـ80 في المئة من الأنواع البرية من الحيوانات والنباتات في العالم، وتوفر سبل العيش لنحو 1.6 مليار شخص. ومع ذلك، فإن ارتفاع معدلات إزالة الغابات يدمر التنوع البيولوجي الغني في أجزاء عديدة من العالم، وغالباً ما يتم الشعور بالآثار السلبية لهذه الأنشطة من خلال التدهور البيئي، إذ تمثل إزالة الغابات 17 في المئة من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية.

من هنا تقوم بعض الشركات العالمية بتطوير ما يسمى "الذكاء الاصطناعي الصديق للأرض" كوسيلة لتعزيز جمع البيانات وتحليلها من أجل الحفاظ على البيئة. فمثلاً يعالج برنامج InfoSphere Stream الذي طورته شركة تكنولوجيا المعلومات الأميركية "أي بي أم" أكثر من 10 آلاف نقطة بيانات في الثانية أنشئت بواسطة شبكات الاستشعار التي تقيس مستويات الكربون ورطوبة التربة والرطوبة النسبية والضغط الجوي، ويستخدم دعاة الحفاظ على البيئة والعلماء هذا البرنامج للتنبؤ بحالات الجفاف وحرائق الغابات وتقييم كيفية استجابة الغابات المطيرة لقطع الأشجار وتغير المناخ.

ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في جعل بيانات الغابات أكثر موثوقية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مساعدة منصة "مراقبة الغابات العالمية" GFH، وهي منصة على الإنترنت تلتقط الملايين من صور الأقمار الاصطناعية بمؤازرة السكان المحليين، ومنظمات الحفاظ على البيئة من خلال إحصاء الأشجار بطرق تسهم في تحسين إدارة الغابات وتتبع إزالتها بصورة غير قانونية، وأثبتت هذه المنصة فائدتها في تحديد أنشطة التعدين غير القانونية وساعدت تنبيهاتها السلطات الحكومية في أماكن مثل أمابا، على الحدود مع غويانا الفرنسية، في تحديد مواقع إزالة الغابات غير القانونية التي ينبغي أن تعطى الأولوية من قبل وكالات إنفاذ القانون.

إضافة إلى ما تقدم، يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع عملية تحليل البيانات بصورة كبيرة. وخير مثال على ذلك دولة البرازيل، إذ تقترن مجموعات الأقمار الاصطناعية الجديدة فيها بالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لتوسيع القدرة التقنية على رسم خرائط الأراضي البرازيلية ومراقبتها بصورة أشمل.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة