Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سنة ثالثة لحرب أوكرانيا... عودة أوروبا إلى "العسكرة"

المشهد حالياً ركود واستنزاف في حرب مسيّرات وصواريخ يد روسيا أقوى فيها

تُطلق في حرب أوكرانيا يومياً 65 ألف طلقة (أف ب)

ملخص

ست من علامات الأزمنة في حرب أوكرانيا التي أكملت سنتها الثانية

حرب أوكرانيا أكملت سنتها الثانية، وسط ست من علامات الأزمنة هي أسف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسقوط بلدة أفدييفكا في أيدي القوات الروسية ووقف المساعدات الأميركية لكييف بعناد الجمهوريين في مجلس النواب، وكذلك لجوء الرئيس الأوكراني إلى اتفاقات أمنية مع كل من لندن وبرلين وباريس وتخلي فولوديمير زيلينسكي عن الجنرال فاليري زالوجني قائد الجيش الذي أدار الحرب على مدى عامين وموت المعارض الروسي الشجاع ألكسي نافالني.

بوتين يأسف، لا للقيام بالحرب بل لأنه لم يقُم بها في وقت أبكر، ويقول "الشيء الوحيد الذي يمكن أن نأسف عليه هو أننا لم نبدأ تحركاتنا النشطة في وقت سابق".

وفي أفدييفكا اضطر الجيش الأوكراني إلى الانسحاب منها بعد أشهر من القتال العنيف وقلة القذائف واستولى عليها الروس مدمرة بالكامل، والجمهوريون أوقفوا دعم أوكرانيا بنحو 60 مليار دولار من أجل فرصة انتخابية لدونالد ترمب، ولو خسرت أميركا وأوروبا وأوكرانيا وربحت روسيا استراتيجياً.

زيلينسكي يقود بلداً في حرب على حد السكين ويحتاج إلى سلاح بأكثر من قدرة الغرب على الإنتاج والتقديم، كما إلى مال يتعثر تأمينه أحياناً. والكرملين تخلص، عشية الولاية الخامسة لبوتين، من معارض عنيد وشجاع، لكنه لن يستطيع التخلص من شبح نافالني وتحرك تياره في الشارع، كما تخلص من بريغوجين الذي صنعه فتمرد على صانعه ولقي مصرعه، أما الجنرال زالوجني، فإنه رأى الجمود وطالب بتجنيد نصف مليون عسكري جديد واعتبر أن النصر في حاجة إلى تكنولوجيا متطورة، وبدا ذلك صعباً.

في البدء راهن بوتين على أمرين، واحد فشل فيه هو احتلال كييف وحسم الموقف في أوكرانيا خلال أسابيع، وثانٍ خدمه الزمن فيه وهو تعب الغرب من تقديم المال والسلاح لأوكرانيا وتضرر الناخب الأوروبي من التوقف عن استيراد الغاز والنفط من روسيا.

وبوتين مصر على إنكار وجود بلد اسمه أوكرانيا، ويلوم الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين على السماح بقيام جمهورية أوكرانيا ضمن الاتحاد السوفياتي، وحين قال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أخيراً إن جده هرب من روسيا عام 1904 بسبب المذابح اليهودية، رد بوتين بالقول إن الجد ولد في مقاطعة بولتافا جنوب شرقي أوكرانيا وعاش فيها قبل الانتقال إلى كييف، لذا لم تكن هناك أوكرانيا عام 1904 بل روسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أكثر من ذلك، فإن موسكو تتحدث عن"عقد أوكرانيا الضائع" لمناسبة مرور 10 سنين على "الميدان الأوكراني"، حيث قامت ثورة شعبية ضد رجل موسكو الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي امتنع عن توقيع اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي بعد نجاح المفاوضات حوله، ثم هرب إلى موسكو التي اعتبرته جباناً.

ما حدث خلال عامين ليس بسيطاً، فخطة الحرب الأولى فشلت أمام بسالة الجيش الأوكراني وكفاءته في القتال وسلاحه الغربي والمعلومات الأميركية المقدمة إليه، والهجوم المضاد الأوكراني في الربيع الماضي فشل، والسائد هو جمود الخرائط، إذ إن روسيا تسيطر على 17.5 في المئة من أرض أوكرانيا وقوات كييف تبدو عاجزة عن استعادتها.

الغرب يتعهد عبر عواصمه و"الناتو" دعم أوكرانيا إلى النهاية. لكن الواقع أن المتاح أمام مساعدات الغرب هو الانتقال من ضمان النصر لأوكرانيا وإلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا إلى تحسين موقف كييف التفاوضي، ولا مجال لمفاوضات جدية، ففي كييف صدر مرسوم يمنع التفاوض مع روسيا قبل انسحابها من الأراضي التي تحتلها، وما تعرضه موسكو في التفاوض الذي تدعو إليه هو التسليم بما احتلته وكل المساعي للتوسط بقيت محاولات نظرية.

يقول الخبير مارك كيميت "تُطلق في حرب أوكرانيا يومياً 65 ألف طلقة، أي ما يوازي ضعف القذائف التي تنتجها أميركا في شهر"، لكن التحديات أكبر من ذلك وأوسع ضمن صراع جيوسياسي واستراتيجي، إنها "عسكرة أوروبا" بما يتجاوز أيام الحرب الباردة والصراع مع الاتحاد السوفياتي.

وألمانيا تتحدث عن إعداد جيشها لحرب خلال خمسة أعوام، وكذلك الأمر في فرنسا وبريطانيا، لا بل إن ألمانيا تدعم قيام "مظلة نووية أوروبية فرنسية- بريطانية" لحماية القارة في معزل عن المظلة الأميركية التي ربما يسحبها ترمب إذا فاز في الانتخابات، حتى حجة بوتين في الحرب لمنع تمدد "الناتو" إلى حدوده عبر أوكرانيا قادت إلى العكس، فالسويد وفنلندا المحايدتان انضمتا إلى "الناتو" الذي يدعم أوكرانيا كأنها شبه عضو فيه.

المشهد حالياً، بصرف النظر عن الرهانات، هو مشهد ركود واستنزاف، حرب مسيّرات وصواريخ، ويد روسيا أقوى في هذا المجال، ولدى أوكرانيا 50 ألف مسيّرة، ويقول ضابط روسي إن "إسقاط نصفها يسمح لكييف بضرب 25 ألف هدف في القوات الروسية"، لكن التاريخ لا يتحرك في اتجاه واحد. وحين يقول بوتين إن حرب أوكرانيا هي "مسألة حياة أو موت" بالنسبة إلى روسيا، فإن القول نفسه ينطبق على أوكرانيا، أما بالنسبة إلى أميركا وأوروبا فإنها مسألة صراع جيوسياسي واستراتيجي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل