ملخص
يسهم الخلل بالتوازن البيئي في ارتفاع درجة الحرارة ونفوق الحيوانات مما يسبب انتشار الأمراض مثل الليشمانيا
تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه العالم، وبحسب الفريق الدولي المتخصص في تغير المناخ (IPCC) فإن المناخ شهد تغيرات كبيرة في العقود الأخيرة، لا سيما في أفريقيا، وقد تجاوزت ظاهرة الاحتباس الحراري التي يتسبب فيها الإنسان ما قبل فترة الصناعة بنحو درجة مئوية واحدة، مما أسهم في ارتفاع درجات الحرارة وتغير في وتيرة هطول الأمطار، واختفاء عدد من الحيوانات، مما أدى إلى خلل بالتوازن في النظام البيئي، الذي يؤثر في صحة الإنسان ويسهم في انتشار أمراض مثل فقدان البصر والليشمانيا. سنحاول في هذا التقرير أن نتعرف على تداعيات تغير المناخ على صحة الإنسان، وما الأمراض التي تنجم عن هذا الخلل في النظام البيئي؟
التغيرات بين الطبيعية والناجمة عن الإنسان
"عند الحديث عن التغيرات المناخية ينبغي أن نفرق بين تلك الناجمة عن الإنسان والأخرى الطبيعية التي كانت قبل ظهور الإنسان وأسهمت في انقراض الديناصورات"، يشرح الأستاذ في إحدى كليات العلوم والتقنيات الرشيدية والخبير في التغيرات المناخية كبيري لحسن.
وللإشارة، فإننا نتحدث حصراً عن الديناصورات الأرضية، لأن طيور الديناصورات قد نجا أسلافها من الانقراض الجماعي، في حين انقرضت جميع الديناصورات غير الطيور، ولقد عاشت الديناصورات على الأرض مدة 160 مليون سنة قبل ميلاد الإنسان، في ما يسمى بعصر قبل الإنسان.
ويمضي المتحدث ذاته قائلاً "ارتفاع نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون نتيجة الأنشطة الصناعية وغيرها، يؤدي إلى تدمير طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من خلال حجب أشعة الشمس فوق البنفسجية، فتسرب مزيد من الأشعة فوق البنفسجية إلى الغلاف الجوي يؤدي إلى رفع درجة حرارة سطح الأرض وتغير المناخ".
لا يعيش الإنسان بمفرده على هذا الكوكب، فوجوده رهن بوجود مجموعة من الحيوانات والحشرات التي تقوم بعمل مهم لضمان استمرار الحياة، لكن مع التغيرات المناخية ارتفعت درجة حرارة بشكل مفرط.
انتشار الأمراض مثل الليشمانيا
وفي هذا الصدد، يشرح المتخصص البيئي كبيري لحسن قائلاً "نعم يسهم هذا الخلل في التوازن البيئي في ارتفاع درجة الحرارة ونفوق الحيوانات وهذا يسبب انتشار الأمراض مثل الليشمانيا".
ينتقل داء الليشمانيا من طريق لدغة ذبابة الرمل المصابة، لا سيما أنواع الفاصدة ولوتزوميا، وتلعب العوامل البيئية مثل درجة الحرارة والرطوبة دوراً مهماً في انتشار ووفرة ذباب الرمل، مما قد يؤثر في انتشار داء الليشمانيا. ويمكن أن تؤدي إزالة الأشجار والتوسع الحضري إلى تغييرات في الحركة الطبيعية لذباب الرمل، مما يزيد من اتصالها بالبشر والحيوانات الأليفة، من ثم يسهل انتقال داء الليشمانيا.
ويؤثر تغير المناخ على انتشار داء الليشمانيا من طريق تحول في كيفية انتشار ذباب الرمل، هذا ما كشفت عنه دراسة أجرتها الوكالة الفيدرالية للبيئة بقيادة والتر ماير من معهد علم الطفيليات الطبية في جامعة بون في ألمانيا. وفي حالة عدم علاجه يمكن أن يتسبب الليشمانيا في موت المريض.
ويعتبر الباحث في التغيرات المناخية "أن انقراض بعض الحيوانات التي عجزت عن التأقلم مع التغير المناخي، يؤثر في صحة الإنسان لأن هذه الحيوانات والحشرات سواء المرئية أو غير مرئية مهمة في توازن النظام البيئي ولديها أدوار حيوية لاستمرار حياة الإنسان".
في مدينة تيزنيت الواقعة جنوب المغرب، أصيب عدد من التلاميذ في المرحلة الابتدائية بمرض الليشمانيا الجلدي، وقد بلغ عدد الحالات خمسة، وهناك مخاوف وسط السكان من انتشاره.
فقدان البصر
ويشير الباحث إلى أنه بسبب قلة الأكل ونقص المعادن في التغذية ستعاني النساء من أمراض الولادة، مضيفاً "من الأمراض الناجمة عن التغيرات المناخية مرض فقدان البصر، وهو ينجم عن غبار تنقله الرياح، وتوجد فيه بلورات زجاج تؤدي إلى العمى".
لتفادي انتشار مثل هذه الأمراض، يشدد كبيري لحسن على ضرورة "أن تساعد الدول الغنية تلك الفقيرة على إنشاء مشاريع مستدامة لسكان الجبال والواحات والسواحل لحمايتهم من تداعيات التغيرات المناخية التي تسبب فيها الإنسان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هشاشة القطاع الصحي
في دراسة للباحث يواكيم روكلوف، عالم أوبئة وعالم بيانات، يجري أبحاثاً متعددة التخصصات في مجال تغير المناخ والأمراض المعدية والأخطار الناجمة عن ذلك، يكشف "أن تغير المناخ يسهم في انتشار الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الملاريا وحمى الضنك وزيكا وشيكونغونيا، التي من المتوقع أن تزداد إمكانية انتقالها بسبب ارتفاع انبعاث الغازات".
وبحسب الدراسة، "فمن المتوقع أن ينتشر داء البلهارسيات، وهو مرض ينتقل من طريق المياه، في أفريقيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا".
ويشير الباحث يواكيم روكلوف إلى أن انتشار الأمراض المعدية يتأثر بتغير المناخ ولكن أيضاً يتفاقم بسبب نقاط ضعف المجتمعات، مثل هشاشة القطاع الصحي في بعض البلدان ستجعلها أكثر تضرراً من بلدان أخرى وأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن تغير المناخ.