Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغش يهدد تسويق زيت الزيتون الجزائري خارجيا والصحة داخليا

طالب مهنيون بإصدار قرار يمنع بيع هذه المادة دون وثيقة تحاليل مختبرية متخصصة

تشجع الجزائر زراعة الزيتون في الصحراء من أجل رفع الإنتاج (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

ترك السوق للمضاربين يؤسس لممارسات مشينة والمراقبة مهمة لحماية صحة المواطن

مع قلة الإنتاج لاعتبارات عدة أهمها التغيرات المناخية والحرائق، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعاره، أصبح العثور على زيت الزيتون النقي الحقيقي في الجزائر صعباً ومكلفاً للغاية، والأسوأ أن يجد المستهلك نفسه أمام منتج مغشوش من الصعب على المستهلكين اكتشافه، لا سيما مع الأساليب المبتكرة في غش هذه المادة الحيوية التي تعد "مقدسة" لدى الجزائريين.
وبات زيت الزيتون في الجزائر يعد من المنتجات الضرورية التي يتطلبها المطبخ، الأمر الذي جعلها من المواد الغذائية الأكثر استهلاكاً وطلباً، وبلغت حد التفاخر والتنافس حول الجودة بين مختلف مناطق البلاد. وتحولت في خضم هذا الانتعاش إلى محل استقطاب المستثمرين الذين خرجوا عن المعهود بانتقالهم إلى المناطق الداخلية والصحراوية لغرس أشجار الزيتون بعدما جرت العادة على رؤيتها في مناطق الشمال.

أرقام وإحصائيات

وأمام هذا الاهتمام بهذه المادة، تفيد إحصائيات المجلس الدولي للزيتون لموسم 2021-2022، بأن الجزائر غائبة عن مقدمة قائمة الدول العربية من حيث استهلاك الفرد لزيت الزيتون، وأيضاً في مجال تصديره للأسواق الدولية، على رغم أنها تنتج أكثر من 99.1 مليون ليتر سنوياً،  وتأتي في المرتبة الرابعة عربياً، لكنها تحتل الصدارة في تناول الفرد للزيتون.
وأبرزت الأرقام أن الفرد الجزائري يستهلك نحو 2.2 مليون ليتر سنوياً من زيت الزيتون، في حين أن سوريا هي الأولى عربياً والرابعة عالمياً بـ4.6 ليتر سنوياً للفرد، وإسبانيا متصدرة القائمة عالمياً بـ 13.5 ليتر سنوياً للفرد.
لكن يبقى استهلاك الجزائر كبلد وليس الفرد، لهذه المادة، كبيراً بنحو 100 مليون ليتر، ما جعلها تحتل المرتبة الثانية عربياً، بعد المغرب بأكثر من 163 مليون ليتر، ثم سوريا ثالثة بـ98.5 مليون ليتر.

التغيرات المناخية

أما فيما تعلق باستهلاك الزيتون، فيتحدث المجلس الدولي للزيتون عن تصدر الجزائر المنطقة العربية في الاستهلاك الفردي السنوي بأكثر من سبعة كيلوغرامات، تليها سوريا بخمسة كيلوغرامات، ثم مصر بـ4.5 كيلوغرام، ولبنان 3.4 كيلوغرام، والأردن 2.1 كيلوغرام.
وفي ظل التغيرات المناخية والجفاف والحرائق التي يتم تسجيلها من حين إلى آخر، وهو الوضع الذي عاشته الجزائر خلال السنوات الأخيرة، تراجع إنتاج زيت الزيتون، وارتفعت أسعاره بصورة جعلت المواطنين غير قادرين على اقتناء هذه المادة، كما وضع المنتجين أمام ركود يهددهم بخسائر كبيرة، الأمر الذي فتح للتجار وبعض الوسطاء أبواب الغش من أجل مضاعفة أرباحهم، إذ إنهم يضغطون على أصحاب المعاصر بأسعار ضعيفة، ومن أجل تجنب كساد المنتج والدخول في خسائر ضخمة يقبل هؤلاء بما يقدمه المضاربون.

غش يهدد المنتج والصحة

في السياق، رأى رئيس لجنة شعبة الزيتون وزيت الزيتون التابعة للمنتدى الجزائري للتجارة الدولية والاستثمار أرزقي تودرت أن إنتاج زيت الزيتون هذا الموسم ضعيف جداً مقارنة بالسنة الماضية لأسباب عدة منها الجفاف والتغيرات المناخية، وهو ما لا يحقق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة، كما لا يمكن تصدير وتلبية احتياجات السوق الخارجية. وقال في رده على سؤال حول الأسعار، إنها مرتفعة بسبب ما سبق ذكره، وتراوح ما بين 1200 دينار جزائري (8.93 دولار) إلى 1500 دينار (11.16 دولار) للتر الواحد، وهي المتداولة لدى أصحاب المعاصر، فيما تزداد ارتفاعاً في الأسواق والمحلات، ويبقى التفاوت في هذه الأسعار يرجع إلى النوعية والجودة، مشدداً على أن "الأثمان التي تقل عن ذلك فهو زيت مغشوش".

وواصل تودرت أن "هناك زيت زيتون يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي بأسعار من 600 دينار جزائري (4.46 دولار) إلى 800 دينار (5.95 دولار) لليتر، وهو في العموم مغشوش، إذ إن كثيراً من التجار المزيفين يلجأون إلى الغش لرفع أرباحهم مستغلين قلة الإنتاج وارتفاع الأسعار، وذلك بمزج زيت الزيتون بزيت المائدة، وأيضاً يقومون بعصره مع نفايات الزيتون، وإضافة نكهات اصطناعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف رئيس لجنة "شعبة الزيتون وزيت الزيتون" عن أنه تقدم بطلبات إلى السلطات المعنية من أجل إصدار قرار يمنع بيع زيت زيتون دون وثيقة تحاليل مختبرية متخصصة، و"لكن للأسف لم تستجب لي إلى حد الآن". وأضاف، "إلا أن والي ولاية البويرة، بعد ما نشرنا تحذيرات إعلامية السنة الماضية تدخل ومنع بيع زيت الزيتون دون وثيقة مختبرية على مستوى المحافظة فقط"، مبرزاً أن هذه الممارسات المشينة تشكك في نزاهة المنتج الجزائري في الأسواق العالمية، وأيضاً تضر بصفة خطرة بصحة المستهلك الجزائري بدرجة أولى، وأشار إلى أن القضاء على هذه الظاهرة والبيع العشوائي لزيت الزيتون هي من مهمات مصالح مديرية تجارة وأجهزة محاربة الغش من خلال إلزام كل تاجر لهذه المادة بمحضر تحاليل، إضافة إلى تنظيم ومراقبة المعاصر.

حجز كميات وتحذيرات

إلى ذلك، كشفت مصالح الرقابة التابعة لوزارة التجارة بمحافظة وادي سوف جنوب الجزائر، عن ضبط 1200 ليتر من زيت الزيتون المغشوشة، مع بداية 2024، إذ أبرزت أن هوية هذه المادة مجهولة، بالتالي يتوجب على المستهلكين تجنب اقتناء السلع لأثمانها الرخيصة، وقالت إن أسعار زيت الزيتون التي يتم تداولها بأسعار بخسة مغشوشة بالتأكيد، كما أن العبوات البلاستيكية غير معقمة وغالبها يتم التقاطه من الشوارع ثم غسلها، وهو ما يعرض صحة المواطن للخطر، داعية إلى أخذ الحيطة والحذر، وضرورة اقتناء زيت الزيتون من مصدره، وهي المعاصر القانونية التي تمنح وثيقة التحليل المختبري.
كما تمكن أفراد أجهزة الأمن بمحافظة باتنة (شرق الجزائر)، من إحباط عملية تسويق 2700 ليتر من زيت الزيتون المغشوش، في نهاية عام 2023. وذكرت في بيان أن العملية تمت إثر مداهمة ورشة سرية بإحدى الفيلات، وبعد إجراء تحاليل مخبرية ثبت أنه يتم خلط زيت الزيتون بزيت المائدة ومواد أخرى لغرض تسويقها بطرق غير شرعية.

تنظيم المجال ضروري

من جانبه، قال رابح أحد منتجي زيت الزيتون على مستوى محافظة البويرة وسط الجزائر إن "الغش في زيت الزيتون ليس ممارسة جديدة متعلقة بالجفاف والحرائق، بل هي عادة دأبت عليها جماعات تهوى الربح السريع على حساب صحة المواطنين". وأضاف أن "محصول الزيتون وإنتاج زيته ضعيف هذه السنة مقارنة مع السنوات السابقة، وهو ما رفع الأسعار وفتح المجال أمام الغشاشين من تجار ومضاربين الذين اغتنموا فرصة الكساد لفرض أسعارهم". وأشار إلى أن "تنظيم هذا المجال بات ضرورياً من خلال التعامل مع الحكومة التي تضمن استمرارية الإنتاج وحمايته".
وواصل رابح أن "الكشف عن جودة وصدقية زيت الزيتون يتطلب إجراء تحاليل مختبرية، لذا فإنه من شروط البيع التي يجب فرضها من أجل حماية المنتج والصحة العمومية، توفر وثيقة من مختبر تحليل متخصص تكشف عن كل المكونات"، مشيراً إلى أن "هؤلاء الغشاشين أصبحوا يبتكرون طرقاً يصعب تفكيك ألغازها، إذ إنه لوحظ إضافة زيوت أخرى وخلطها مع زيت الزيتون دون تأثر نكهة الزيت أو طعمه أو لونه، وهو ما يزيد من صعوبة اكتشافه". وأضاف أن "بعض ضعاف النفوس يلجأون إلى إضافة أنواع من الزيوت النباتية الرخيصة ومواد أخرى مثل الملونات الاصطناعية، مما يؤثر في القيمة الغذائية والصحية لهذه المادة".

اقرأ المزيد