ملخص
أعلن الجيش الأوكراني أمس الجمعة أن القوات الروسية أسرت عديداً من جنوده في أفدييفكا، مركز المعارك في شرق البلاد، حيث تتمتع هذه القوات "بتفوق على صعيد العديد والمدفعية والطيران".
ذكرت وكالات أنباء روسية أن الرئيس فلاديمير بوتين هنأ اليوم السبت الوحدات العسكرية التي سيطرت على مدينة أفدييفكا الأوكرانية، وقائد هذه القوات.
ونقلت الوكالات عن بوتين قوله في برقية إلى قائد المجموعة في أوكرانيا "أعبر عن امتناني للعمل العسكري المتميز الذي أبدته جميع القوات الخاضعة لتوجيهاتك والتي شاركت في معارك أفدييفكا".
وجاء في البرقية أسماء الوحدات المشاركة في العملية.
واضطر الجيش الأوكراني إلى الانسحاب من مدينة أفدييفكا في شرق البلاد، اليوم السبت، مما يمنح روسيا أكبر انتصار رمزي لها بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته كييف الصيف الماضي. وأعلن قائد المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي عبر "تيليغرام" ليل الجمعة/ السبت "وفقاً للأمر الذي تلقيناه، انسحبنا من أفدييفكا إلى مواقع معدة مسبقاً".
واضطرت أوكرانيا إلى التخلي عن مدينة أفدييفكا مركز "القتال العنيف" في شرق البلاد التي باتت مدمرة إلى حد كبير، في خضم نقص متزايد في الموارد، وعرقلة المساعدات العسكرية الأميركية، في حين عززت روسيا قواتها بمزيد من العناصر والذخيرة للسيطرة على أفدييفكا قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في الـ24 من فبراير (شباط).
وأضاف تارنافسكي "في الحالة التي يتقدم فيها العدو عبر السير فوق جثث جنوده ولديه قذائف أكثر بعشر مرات (...) فإن هذا هو القرار الصحيح الوحيد". وأكد أن القوات الأوكرانية تجنبت بالتالي تطويقاً قرب هذه المدينة الصناعية المدمرة إلى حد كبير.
ويعد هذا أول قرار رئيس يتخذه القائد الأعلى الجديد للجيوش الأوكرانية أولكسندر سيرسكي بعد تعيينه في هذا المنصب في الثامن من فبراير. وبرر ذلك بالرغبة في "الحفاظ" على حياة جنوده.
وكتب سيرسكي على "فيسبوك"، "قررت سحب وحداتنا من المدينة والتحول إلى الدفاع على خطوط أكثر ملاءمة". وأضاف "أدى جنودنا واجبهم العسكري بكرامة، وفعلوا كل ما هو ممكن لتدمير أفضل الوحدات العسكرية الروسية وألحقوا خسائر كبيرة بالعدو".
أسر جنود
وقبل إعلان الانسحاب من المدينة رسمياً، أعلن الجيش الأوكراني أن "عديداً من الجنود" الأوكرانيين قد "أسروا" بأيدي القوات الروسية التي لديها "فائض من حيث القوة البشرية والمدفعية والطيران".
وقال الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي الذي يقود هذه المنطقة عبر "تيليغرام" إن المدافعين عن أفدييفكا "كانوا ينتقلون عند الضرورة إلى مواقع جديدة. المؤسف أنه خلال إحدى عمليات الانتقال هذه، تم أسر عديد من جنودنا".
اتفاق أمني مع باريس
ووصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة إلى باريس لتوقيع اتفاق أمني مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدما قام بالأمر نفسه في برلين، في وقت يعاني الجيش الأوكراني صعوبات في وجه القوات الروسية مع استمرار تعثر المساعدة الأميركية.
لكن جولته الأوروبية هيمن عليها إعلان وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني في السجن، الأمر الذي صعد التوتر بين موسكو والغرب.
وتعليقاً على وفاة نافالني، شدد زيلينسكي على وجوب "محاسبة (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) على جرائمه"، فيما رأى ماكرون أن روسيا تحكم بالإعدام على "أصحاب الفكر الحر"، وأكد المستشار الألماني أولاف شولتز أن المعارض الروسي "دفع حياته ثمناً لشجاعته".
ويقوم الرئيس الأوكراني بجولة على حلفائه الأوروبيين فيما يدخل الهجوم الروسي لأوكرانيا عامه الثالث في الـ24 الجاري. وقد وصل مساء الجمعة إلى مطار أورلي في باريس آتياً من برلين.
وسلك فوراً طريق الإليزيه حيث سيناقش مع نظيره الفرنسي الوضع على الجبهة وحاجات كييف قبل أن يوقع اتفاقاً ثنائياً.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن هذا الاتفاق "الذي مدته 10 أعوام يتضمن التزامات محددة، منها مالية" في المجالين العسكري والمدني. كما يلحظ تعزيز "التعاون في مجال المدفعية". وأضافت أن "الدعم المقدم إلى أوكرانيا سيساعدها خصوصاً في عملية الاندماج في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".
وكان زيلينسكي وقع في وقت سابق مع المستشار الألماني اتفاقاً أمنياً وصف بأنه "تاريخي". وأكد شولتز عزم بلاده على دعم أوكرانيا "ما دام اقتضى الأمر ذلك" في وجه الهجوم الروسي.
وأضاف في مؤتمر صحافي مع زيلينسكي "بالطبع، نأمل جميعاً أن تنتهي هذه الحرب الوحشية قريباً... لكننا نرى أيضاً أن روسيا ليست مستعدة لسلام عادل ودائم".
وإضافة إلى هذا الاتفاق، أعلنت ألمانيا عن تخصيص مساعدات عسكرية فورية جديدة بقيمة 1.13 مليار يورو لأوكرانيا، تركز على المدفعية التي تحتاج إليها بشدة لصد الهجوم الروسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضمانات لكييف
من المفترض أن تمنح هذه الاتفاقات الأمنية ضمانات لكييف بدعم طويل الأمد، في انتظار احتمال انضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي. وكانت المملكة المتحدة أول من أبرم اتفاقاً كهذا مع أوكرانيا لمناسبة زيارة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لكييف في الـ12 من يناير (كانون الثاني).
خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في فيلنيوس في يوليو (تموز) 2023، خيبت الدول الأعضاء ولا سيما الولايات المتحدة وألمانيا توقعات كييف وكثير من دول أوروبا الشرقية بعدم تحديد جدول زمني لانضمام أوكرانيا.
إلا أن القوى العظمى المنضوية ضمن مجموعة السبع، التزمت تقديم الدعم العسكري لكييف "على المدى الطويل" عبر اتفاقات أمنية. وانضمت 25 دولة أخرى إلى هذه المبادرة، مثل بولندا.
وتشمل التعهدات المحتملة خصوصاً مد كييف بعتاد عسكري يتماشى مع ذلك المتوافر في حلف شمال الأطلسي وتدريب قوات أوكرانية وتعزيز صناعات الدفاع في البلاد.
"دافوس الدفاع"
سيواصل زيلينسكي جهوده الدبلوماسية السبت في مؤتمر ميونيخ للأمن. ويلقي خطاباً في إطاره ويجري بعدها لقاءات ثنائية عدة، من بينها واحد مع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التي تقود هذه السنة الوفد الأميركي الكبير إلى هذا المؤتمر الملقب "دافوس الدفاع".
وينتظر مشاركة نحو 180 مسؤولاً حكومياً رفيع المستوى في المؤتمر من بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ووزير الخارجية الصينية وانغ لي.
وتنتظر كييف منذ أشهر إقرار مساعدة حاسمة بقيمة 60 مليار دولار قررتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لكن المعارضة الجمهورية تعرقلها بدفع من الرئيس السابق دونالد ترمب. وأقرت حزمة المساعدات هذه قبل فترة قصيرة في مجلس الشيوخ إلا أنها معطلة في مجلس النواب.
"هدية لبوتين"
واعتبرت كامالا هاريس الجمعة في ميونيخ أن الفشل في رصد مساعدة جديدة لكييف في الكونغرس سيكون بمثابة "هدية لبوتين"، في إشارة إلى الرئيس الروسي.
وقالت "سنجهد للحصول على الأسلحة والموارد الأساسية التي تحتاج إليها أوكرانيا، واسمحوا لي بأن أكون واضحة، إذا لم نقم بذلك (فهذا يعني) أننا نقدم هدية إلى فلاديمير بوتين".
وستكون أوكرانيا في صلب مناقشات المؤتمر إلا أن الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة والكارثة الإنسانية فيه واحتمال توسع النزاع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، كل ذلك سيحتل حيزاً كبيراً أيضاً.
ماكرون يدعو إلى مواجهة موسكو
ندد الرئيس الفرنسي الجمعة بما اعتبره "تغييراً في موقع" روسيا "يتطلب تحركاً جماعياً" لأوروبا وكذلك للمجتمع الدولي، مشيراً خصوصاً إلى الهجمات الإلكترونية والمخاوف من نشر أسلحة في الفضاء.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره زيلينسكي إن "نظام الكرملين اعتدى قبل عامين على أوكرانيا، وهي دولة أوروبية. إن نظام الكرملين كثف اعتداءاته على بلداننا على صعيد التضليل الإعلامي وعلى الصعيد السيبراني. وهذه صور من النزاع".
واعتبر أن "روسيا فلاديمير بوتين باتت لاعباً لزعزعة استقرار العالم". وتابع ماكرون "من الواضح جداً أن هناك حاجة إلى تحرك أوروبي، وفي شكل أوسع (إلى تحرك) لحلفائنا وشركائنا والمجتمع الدولي".
وقال الرئيس الفرنسي أيضاً "إذا كنا نرى أموراً تحدث، إذا كنا نرى مرحلة جديدة تبدأ، علينا أن نتحلى بحكمة فتح مرحلة من التفكير الاستراتيجي والعملاني الجديد. هذا ما تأمل به فرنسا".
وإذ أشار إلى "القلق الذي تم التعبير عنه في الأيام الأخيرة من احتمال نشر روسيا أسلحة نووية في الفضاء"، اعتبر ماكرون أن "على روسيا أن تقدم تفسيرات من دون تأخير"، مؤكداً أن موسكو "تجاوزت سقوفاً عدة" في هجماتها الإلكترونية، ومشيراً إلى أن ذلك ينطوي على "نية عدوانية".
وتطرق ماكرون مجدداً إلى إعلان وفاة نافالني في سجنه في القطب الشمالي، فرأى في ذلك إشارة إلى "ضعف الكرملين" و"الخوف من أي معارض" قبل شهر من الانتخابات الرئاسية في روسيا التي يرجح إلى حد بعيد أن تؤدي إلى إعادة انتخاب فلاديمير بوتين.