Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جفاف عنيف يفتك بالموسم الزراعي في المغرب

قلق متنام من أخطار شح المياه وتضرر القطاع اقتصادياً

يوظف القطاع الزراعي نحو ثلث العاملين في المغرب ويسهم بـ14 في المئة من الصادرات (أ ف ب)

ملخص

تقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنوياً منها 87 في المئة للاستهلاك الزراعي

يحتفظ المزارع عبد الرحيم محافظ (54 سنة) بقليل من الأمل في تساقط أمطار تنقذ ما يمكن إنقاذه من محصول الحبوب، في ظل جفاف "عنيف" للعام السادس توالياً، يهدد هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي.

على طول الطريق الرابطة بين الدار البيضاء ومزرعته في ضواحي مدينة برشيد غرب البلاد، تبدو مساحات شاسعة من الحقول عارية، بعدما كانت تغطيها عادة في هذه الفترة من العام "سنابل حبوب تناهز 60 سنتيمتراً"، بحسب ما يوضح محافظ.

موسم قاس

لا يكاد يبرز أي نبات في مزرعته الممتدة على نحو 20 هكتاراً، تماماً كما الحال في حقل المزارع حميد ناجم (52 سنة)، الذي يعرب عن قلقه إزاء "موسم قاس لم يسبق أن شهد مثله".

ترتوي 88 في المئة من مزارع هذه المنطقة الممتدة على 155 ألف هكتار بالأمطار مباشرة، وهي أحد أهم مصادر الحبوب في البلاد، وفق وزارة الزراعة المغربية، أما المزارع المسموح سقيها بمياه السدود فتراجعت مساحتها من 750 ألفاً إلى 400 ألف هكتار في مجموع مناطق البلاد، وفق ما أعلن وزير الزراعة محمد صديقي قبل أسبوعين، بسبب "جفاف استثنائي وعنيف منذ ستة أعوام".

حتى يناير (كانون الثاني) الماضي، شهد المغرب تراجعاً في تساقط الأمطار بـ57 في المئة مقارنة مع متوسط سنة عادية، وفق ما أوضح وزير التجهيز والماء نزار بركة.

وتفاقم هذا الوضع بسبب تبخر المياه المخزنة في السدود، في ضوء ارتفاع في معدل الحرارة بـ1.8 في المئة، مقارنة مع متوسط الفترة بين عامي 1981 و2010.

حتى الثامن من فبراير (شباط) الجاري، لم تتجاوز نسبة ملء السدود 23 في المئة، في مقابل 32 في المئة للفترة نفسها من العام الماضي.

شح المياه

وفي ظل أخطار شح مياه الشرب، أغلقت السلطات الحمامات العمومية ومحال غسل السيارات لثلاثة أيام في الأسبوع في بعض المدن، مع منع سقي الحدائق وملاعب الغولف بمياه الشرب.
 
لكن هذه الإجراءات الرامية لضمان المياه لا تغير شيئاً من "الخطر الذي يهدد" مردود الموسم الزراعي الحالي، وفق تعبير المتخصص في القطاع عبد الرحيم هندوف، إذ إن الزراعة تستهلك حصة الأسد من موارد البلاد المائية.
 
وينبه هندوف إلى أن هذا الموسم انطلق أصلاً بتضاؤل المساحة المخصصة لزراعة الحبوب إلى حوالى 2.3 مليون هكتار فقط، في مقابل متوسط 4 إلى 5 ملايين هكتار في الأعوام الأخيرة، الأمر الذي "سيكون له أثر وخيم على الاقتصاد" كون القطاع الزراعي يوظف نحو ثلث العاملين في المغرب، ويسهم بـ14 في المئة من الصادرات.
 
بعد خمس سنوات عجاف كان عبدالرحيم محافظ يأمل سماء أكثر سخاء هذا الموسم لعله يستدرك ما تراكم من خسائر، وخصوصاً أنه اعتمد تقنية جديدة لزرع البذور من دون حرث أولي، مما يمكنه من الاستفادة من الرطوبة الطبيعية للتربة.

أزمة في قطاع الأعلاف

لكن "محصول هذا الموسم ضاع سلفاً" كما يقول آسفاً، من دون أن يفقد "الأمل في تساقط الأمطار خلال فبراير (شباط) ومارس (آذار) المقبلين بما يوفر على الأقل علفاً للماشية".

يبدو الوضع أقل قسوة بالنسبة إلى كبار المزارعين، كما هو شأن حميد مشعل الذي يمكنه الاعتماد على المياه الجوفية لإنقاذ محصول 140 هكتاراً من الحبوب والجزر والبطاطس، في ضواحي مدينة برشيد.

ويستفيد مشعل من حصة محددة بـ5 آلاف طن من المياه تضخ من باطن الأرض لكل هكتار "من أجل تدبير أفضل" لهذه المادة الحيوية، وفق ما يوضح، مع إقراره بأن هذه الزراعة تشكل ضغطاً قوياً على الثورة المائية المحلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صار مضطراً بسبب الجفاف إلى اللجوء للمياه الجوفية إلى سقي نحو 85 في المئة من مزرعته، "بينما كانت تكميلية فقط في السنوات الماطرة"، على حد قوله.

السياسة الزراعية

مع تجدد الجفاف للعام السادس توالياً، يطرح من جديد النقاش حول فاعلية السياسة الزراعية المعتمدة في المغرب منذ 15 عاماً، التي تستهدف بالأساس رفع الصادرات من خضروات وفواكه تستهلك كميات كبيرة من المياه، بينما تشهد الأخيرة "تراجعاً مطلقاً" وفق ما ينبه المتخصص الزراعي محمد طاهر سرايري.

وتقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنوياً، 87 في المئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنوياً خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

ويراهن المغرب على تحلية مياه البحر لمواجهة هذا العجز، ويخطط لبناء سبع محطات تحلية جديدة بنهاية 2027 بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنوياً، فيما تتوافر حالياً 12 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 179.3 مليون متر مكعب سنوياً، وفق معطيات رسمية.
 
لكن مواجهة المعضلة "يتطلب مراجعة السياسة الزراعية في العمق"، وفق ما يؤكد هندوف آسفاً "لكون الحكومة تسير في اتجاه مخالف للواقع" وفق تعبيره.
اقرأ المزيد