Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستجلب مشاركة حركة "أمل" بمعارك الجنوب عقوبات على لبنان؟

بعد مصالحة "حرب الإخوة" رسمت الأدوار أن يتولى "حزب الله" المهام العسكرية فيما يمثل بري الطائفة الشيعية بالدولة

تشييع مسلحين لحركة "أمل" في بلدة بليدا (جنوب) سقطوا باستهداف إسرائيلي جنوب لبنان (منصة إكس)

ملخص

تصريح بري عن انخراط "أمل" في معارك الجنوب أول إعلان رسمي في القتال ضد الجيش الإسرائيلي

أثار انخراط حركة "أمل" التي يرأسها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في القتال إلى جانب "حزب الله" وفصائل أخرى سبق أن أعلنت مشاركتها في المواجهات ضد إسرائيل جنوب لبنان، أسئلة عن تداعيات هذا الأمر على دور رئيسها وموقعه السياسي في البلد، في ظل تموضع بري بين موقعين متناقضين هما رئاسة البرلمان ورئاسة فصيل مسلح مما يلغي التمايز بين "حزب الله" ولبنان الرسمي.

ولفت، في هذا الإطار، موقف رئيس الحركة نبيه بري، الذي أكد أن "أمل" هي أمام "حزب الله" في الدفاع عن كل حبة تراب من لبنان ضمن إمكاناتها العسكرية، وقوله إنه "لا يخاف على دوره الدبلوماسي، لأن المقاومة الدبلوماسية هي جزء أساس في المقاومة".

وتشكل هذه التصريحات، للمرة الأولى، منذ مصالحة "حرب الإخوة" (الحرب التي دارت بين الطرفين)، في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1990، إعلاناً عن اندماج عسكري، بعدما رسمت الأدوار بأن يتولى الحزب المهام العسكرية للطائفة الشيعية، فيما يتولى بري تمثيل الطائفة وإدارة شؤونها في الدولة، إضافة إلى المفاوضات والاتصالات الدبلوماسية والسياسية نيابة عن "حزب الله".

وفي وقت اعتبر بعض الأوساط أن إعلان بري منسق مع الحزب وهدفه توجيه رسالة تماسك "شيعية" للمجتمع الدولي، ويأتي في سياق تكامل موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي تبنى رسمياً موقف "حزب الله"، رأى بعض المحللين أن الموقف يأتي في سياق منافسة داخلية خفية مع الحزب لتقاسم مكاسب حرب غزة، بهدف تعزيز موقع "الحركة" بين أنصارها وفي السياسة اللبنانية.

"الثنائية الشيعية"

وفي السياق، قال مصدر مقرب من "الثنائي الشيعي" أن بري والأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله يتلازمان تماماً في الموقف، وينسقان مواقفهما السياسية والميدانية، ولا سيما في شأن الطروحات الأخيرة المرتبطة بجبهة الجنوب والمطالبات الدولية بتطبيق القرار الدولي 1701، وانسحاب "حزب الله" لمسافة تصل إلى ثمانية كيلومترات عن الحدود، مشدداً على أن بري يجهض أي مطلب دولي يتعارض مع مصلحة الحزب.

وكشف عن أن سبب إعلان بري العلني انخراط الحركة بمعارك الجنوب هو تأكيد الواقع الذي بدأ منذ الأيام الأولى للحرب، إضافة إلى توجيه رسالة لجميع الوسطاء الدوليين عن تلازم موقف "الثنائي"، وعدم التعويل على وجود تناقضات بين الطرفين، وكذلك التأكيد، للمفاوضين، أن مواقف بري تعكس بالمباشر مواقف الحزب سواء في ما يتعلق بجبهة الجنوب أو حتى المقاربة في الملف الرئاسي.

الوجه الحقيقي

في المقابل، تعتبر مصادر في المعارضة أن تصريحات بري وانخراط "أمل" يعرضان البلاد إلى أخطار حقيقية، كون "المفاوض" الذي يلتقي مع السفراء والوسطاء كشف وجهه الحقيقي أنه زعيم إحدى الميليشيات المسلحة، وبرأيها، تخلى بري عن موقع "صمام الأمان" وصفة "الاعتدال الشيعي" وبات وجهاً آخر لـ"حزب الله". وترى المصادر نفسها أن أحد أهداف بري التحضير لمرحلة ما بعد الحرب التي قد تنتهي في المنطقة من دون أن تتوسع بصورة كبيرة في العمق اللبناني، وبغض النظر عن نتيجتها في غزة، فإن "حزب الله" سيعلن انتصاراً، ولو كان وهمياً، بهدف استغلاله لأقصى الحدود في الداخل، من ثم يكون بري قد حجز لنفسه موقعاً في "النصر" يستطيع، بدوره، استثماره لا سيما أن سقوط عدد من عناصر الحركة يعزز دوره بشكل أوسع.

المقاومة الدبلوماسية

وبحسب عضو "كتلة التنمية والتحرير" النائب علي خريس، فإن هذا الانخراط جاء رداً على تمادي إسرائيل في استهداف القرى الحدودية والمنازل والمدنيين، مؤكداً أن جاهزية الحركة كانت منذ بداية عملية "طوفان الأقصى"، موضحاً أنه لا يوجد تعارض بين مسؤوليات بري، معتبراً أن "المقاومة الدبلوماسية جزء أساس من المقاومة"، ومؤكداً وجود تنسيق ميداني بين "حزب الله" و"أمل" على الجبهة.

بدوره، أوضح الصحافي إبراهيم بيرم أن حركة "أمل" تعتبر الحليف اللصيق بـ"حزب الله"، ودخولها في المعركة إلى جانبه هو أمر طبيعي، وقد سقط لها ستة مسلحين مما يؤكد أنها دخلت المعركة بصورة مباشرة وليس كعنصر مساعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن قدرة بري في التمييز بين دوره كرئيس للسلطة التشريعية ورئيس لحركة "أمل"، أشار بيرم إلى أن بري سيبقى مصراً على الجانب الدبلوماسي للدفاع عن "حزب الله" وترجمة أهمية تصرفاته في اللقاءات مع السفراء والموفدين من الدول الأخرى، من ناحية، وتبني المشاركة الرئيسة بالمواجهة، من جهة أخرى.

أما أسباب اختيار حركة "أمل" هذا التوقيت بالذات لإعلانها دخول المعركة مباشرة، فهي عديدة بحسب بيرم "منها أنه قد يكون هناك تفاهم جديد حول طبيعة العلاقة بين الحزبين الشيعيين والمشاركة العسكرية بصورة عامة، أو أنها قد وجدت نفسها معزولة بعض الشيء عن محيطها، فقررت الانخراط بشكل مضبوط ومحدد".

منع إسرائيل

وكشف عضو تكتل "التنمية والتحرير" التي يرأسها بري النائب محمد خواجه أن مقاتلي الحركة هم من أبناء البلدات الحدودية ويدافعون عنها، مؤكداً أن الحركة ليست جيشاً نظامياً، وأن تاريخها قام على "المقاومة"، وقد نفذت آلاف العمليات منذ اجتياح إسرائيل جنوب لبنان عام 1978 حتى التحرير عام 2000. وفي رأيه "لا يوجد تضارب بين مهام بري كرئيس لمجلس النواب، ومهمة الحركة بمواجهة أي عدوان يتعرض له لبنان"، مما يعزز موقع الحركة ودورها السياسي والوطني، معتبراً أن الانتشار القتالي في لبنان أفقد إسرائيل عنصري المفاجأة والمبادرة مما منع إسرائيل من شن الحرب.

تمايز عن الحزب

في المقابل، اعتبر الصحافي نبيل بو منصف أن مشاركة حركة "أمل" بالحرب تتمايز عن "حزب الله"، إذ تأتي عملياتها في سياق الدفاع عن لبنان وجنوبه، من دون ربطها بالقدس وغزة وساحات وقضايا خارجية كما يفعل الحزب، مشيراً إلى أنه لو لم يكن بري رئيس حركة "أمل" وصاحب نفوذ داخل الطائفة الشيعية، لما كان أصبح رئيساً لمجلس النواب، ولا يزال، منذ أعوام طويلة.

واللافت أن "حركة أمل"، وخلافاً لـ"حزب الله"، لا تنعى في بياناتها عناصرها بعبارة "شهداء على طريق القدس"، إنما "شهداء دفاعاً عن لبنان والجنوب"، مما يرى فيه بو منصف تمايزاً عن الحزب ومحاولة لإعطاء بعد وطني لمشاركة الحركة بالاشتباك مع إسرائيل والابتعاد عن معادلة "وحدة الساحات".

عقوبات غربية

وفي هذا السياق، نشر موقع "ذا كونفرسيشن" الأميركي تقريراً عن الحرب في لبنان مؤكداً أن توسع رقعة الحرب في الجنوب مع دخول "حركة أمل" الحرب إلى جانب "حزب الله"، ستكون له آثار كارثية على اقتصاد البلاد التي تعيش أصعب أزمة مالية واقتصادية في تاريخها، موضحاً أن إعلان "أمل" إرسال مسلحين إلى الجبهة، سيفاقم من الأزمة السيئة التي ابتليت بها البلاد على مدى السنوات الأربع الماضية. ورأى الموقع الأميركي أن انخراط "أمل" في الحرب يعد تورطاً خطراً، لا سيما أن رئيسها، وهو نبيه بري يترأس البرلمان اللبناني، مما يعطي صفة رسمية على الحرب الدائرة في جنوب لبنان، مما يهدد بإعلان حرب رسمية بين البلدين.

كما تأتي الحرب في ظل تناقض تصريحات بري، فهو من جهة، باعتباره رئيساً للبرلمان اللبناني، يؤيد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي يدعو إلى الوقف الكامل للأعمال العدائية بين إسرائيل و"حزب الله"، ومن جهة أخرى يعلن مشاركته في الحرب في الصفوف الأمامية.

وأكد الموقع أيضاً أن انخراط بري وحركة "أمل" في الحرب وإشعال الجبهة الجنوبية، قد يتسببان في عقوبات غربية على الدولة والبرلمان، وهي خطوة قد تحد من الاستثمارات في البلاد وتزيد من أوجاع الاقتصاد اللبناني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير