إن مجموعات الضغط المتّصلة بالشركات المتعددة الجنسيّات والأموال التريليونيّة التي تضخها الحكومات في الزراعة غير المستدامة والوقود الأحفوري، تساهم في دفع وتيرة البدانة وسوء التغذية والتغيّر في المناخ، وفق تحذيرات وردت في تقرير أساسي وازن.
وتندرج الضرائب المفروضة على اللحوم الحمراء وتقديم أموال لدعم المحاصيل الكفوءة التي تستطيع إطعام مزيد من الناس، ضمن مقترحات تقدمت بها "لجنة لانسيت عن البدانة"في تقرير مفصّل.
وكذلك دعا التقرير الذي تولت صياغته هيئة دولية مكوّنة من 43 مختصاً من خبراء البيولوجيا، وعلماء المناخ وخبراء السياسة، إلى وضع معاهدة دولية للحدّ من نفوذ "شركات الأطعمة الكبرى" التي تضرب جهود الانتقال إلى نظم أكثر استدامة في في التغذية وأنماط الحياة.
وفي أوقات سابقة، جرى التوافق على إجراءات مماثلة للحدّ من تأثير الشركات الكبرى في صناعة التبغ، على سياسات الصحة العامة.
"تظهر التشابهات بين الشركات الكبرى للأطعمة وبين شركات التبغ الكبرى في الضرر الذي تتسبب به، وسلوكيّات الشركات في الاستفادة منه"، وفق البروفسور ويليام دايتز من "جامعة جورج واشنطن"، وهو الشخص الرئيسي في كتابة التقرير.
جاء التقرير الذي نشرته "مجلة لانسيت"، بعد زمن قصير من اقتراح تقدمت به لجنة مستقلة بشأن "نظام غذائي صحي لكوكب الأرض" يتضمن تقليص استهلاك اللحوم الحمراء إلى ما يوازي قطعة هامبرغر كل اسبوعين.
وأوردت مجموعات صناعيّة أن تلك المقترحات الأخيرة ستؤدي إلى زيادة تكلفة السلع الأساسيّة اليوميّة. وفي المقابل، سيترتب على تغيّر المناخ ارتفاع في الأسعار بسبب ضياع المحاصيل الناجم عن فترات الجفاف والأمطار الفائقة الغزارة، ما يعني أن الجوع سيصيب أعداداً متزايدة من الناس.
وتولّد نُظُم الطعام عالمياً ما يتراوح بين 25 و30 في المئة من الغازات المرتبطة بالاحتباس الحراري [= "غازات أثر الدفيئة"]، ويأتي نصف تلك الغازات من قطعان الماشية، وفق تقرير "لجنة لانسيت".
"حتى الآن، جرى النظر إلى البدانة وسوء التغذية بوصفهما قطبان متعاكسان يتأتيّان من الحصول إما على الكثير من السعرات الحراريّة أو كميات شحيحة منها"، وفق كلمات بويد سوينبيرن، نائب رئيس اللجنة. "في الحقيقة، تسير الظاهرتان [البدانة وسوء التغذية] بدفع من نفس نُظُم التغذية المتّسمة بأنها غير صحية وغير عادلة، وتستند إلى الاقتصاد السياسي نفسه المرتكز إلى تركيز أحادي على النمو الاقتصادي، مع إهمال التأثير السلبي لنتائجه على الصحة والمساواة… وينطبق وصف مماثل على علاقة التغيّر المناخي مع السلطات والأرباح"، وفق كلماته.
لقد أدّت الضرائب على السكر التي كانت المكسيك رائدة فيها وتُطبّق الآن في المملكة المتحدة وسواها، إلى استفزاز الشركات الكبرى في صناعة الأطعمة التي بادرت إلى حركة مضادة بأن أنفقت قرابة 50 مليون دولار في موسم 2016- 2017، لتحريك مجموعات ضغط لمواجهة خطط وطنية لتقليص استهلاك السكر.
وكان السيناتور التشيلياني د.غويدو جيراردي ريادياً في مساندة مبادرات في العام 2011 سعت إلى الحد من الإعلانات عن الأطعمة السريعة او (جانك فود Junk Food) في بلاده التي يعاني ثلاثة أرباع البالغين فيها من وزن زائد أو بدانة صريحة.
"بالطبع، لم يحدث ذلك من دون كثير من المقاومة"، وفق ما أخبر جيراردي "لجنة لانسيت"، مضيفاً "زعم صُنّاع الأطعمة وشركات التسويق والسياسيّون المعارضون، أنه ذلك القانون ضد إعلانات الأطعمة السريعة يفتقد إلى أسس علميّة".
وزادت التشيلي الضرائب على المشروبات التي تحتوي كميات كبيرة من السكر في العام 2014.
وصرّح كاي جونسون سميث، الرئيس والمدير التنفيذي لـ"تحالف الزراعة والحيوانات"، أنّ مزارعو الولايات المتحدة يعملون على خفض انبعاث غازات التلوّث المرتبطة بالاحتباس الحراري، إلى "مستويات قياسيّة في الانخفاض". وأضاف "إنّ تقرير لجنة لانسيت… يتجاهل دلائل عن مساهمة اللحوم والحليب ومنتجات الألبان، في نظم التغذية الصحية والمستدامة… لقد حذّر خبراء التغذية والبيئة تكراراً من تلك التوصيات المتطرفة واعتبروا أنها تؤدي إلى نتائج عكسيّة وتتولّد عنها إملاءات سلبية على صحة الناس وكوكب الأرض".
© The Independent