قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف إن ديناميكيات سلسلة التوريد العالمية يجب أن تكون مدفوعة بديناميكيات السوق وليس بالسياسة.
جاءت تصريحات الخريف خلال مشاركته في جلسة "سلاسل التوريد للمستقبل" في دافوس بالمنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا، إذ كانت هذه الجلسة تهدف إلى استشراف مستقبل قطاع الصناعة في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والبيئية التي تواجه العالم.
وقال الخريف إنه عندما ننظر إلى السعودية قبل 20 عاماً لم تكن مكاناً يمكنك استخدام الخدمات اللوجيستية، وكان الوصول إلى هذه الخدمات صعباً، مضيفاً "اليوم كل ما نفعله هو جعل الرياض منافسة عالمياً بحيث تنظر شركات مثل (دي أتش أل) للسعودية كقاعدة للشحن".
وأشار وزير الصناعة والثروة المعدنية إلى أن "رؤية السعودية 2030" تهدف إلى تنويع اقتصاد الرياض، مشيراً إلى أن الخدمات اللوجيستية تلعب دوراً في ذلك، إضافة إلى التصنيع والتعدين، قائلاً "نحن نؤمن بأن السعودية تقدم مزيجاً رائعاً من عوامل التمكين، بدءاً من مواردنا الطبيعية في قطاع النفط والغاز والكيماويات".
وتابع نعتقد أيضاً أن القدرة على التواصل مع القارات الأخرى هي أمر رائع، ومن هنا جاء إنشاؤنا منذ أقل من ثلاث سنوات فقط "منتدى معادن المستقبل".
وأوضح الوزير السعودي أنه "من المدهش حقاً أن نرى كيف أن الاهتمام بالمنطقة وخارجها يضمن للدول المختلفة أن تتعاون وتعمل معاً لتعزيز العرض الشامل للتعدين، من أجل التحول والتكنولوجيا أيضاً، لذلك أعتقد أننا في حاجة إلى رؤية مجالات جديدة تشهد تنمية، إذ يقدمون بالفعل طريقة أو خياراً تنافسياً بدلاً من محاولة القيام بذلك من وجهة نظر سياسية".
شارك في جلسة "سلاسل التوريد للمستقبل" الرئيس التنفيذي لمجموعة البريد الألماني "ديتشي بوست" توبياس ماير، ونائبة الرئيس التنفيذي والرئيسة التنفيذية للعمليات الفنية والأخطار في "جونسون أند جونسون" كاثي وينغل، بينما أدار الجلسة مدير الأبحاث ورئيس مركز التصنيع الدولي في معهد التصنيع بجامعة كامبريدج جاجيت سينغ سراي.
إلى ذلك بدأ سراي حديثه بعنوان الجلسة "سلاسل التوريد في المستقبل"، قائلاً "أصبح هذا موضوعاً صعباً للغاية خلال السنوات القليلة الماضية وبصورة متزايدة أخيراً، ومثلما نعتقد أننا قد نخرج من المياه المتلاطمة، يبدو أننا نواجه أزمة جديدة".
وأضاف "لقد رأينا عدداً لا بأس به من التحديات بعد فيروس كورونا، ورأينا الصراعات في أجزاء مختلفة من العالم، وشهدنا اضطرابات في سلسلة التوريد خلال الأيام القليلة الماضية"، مؤكداً "نحن مستمرون في رؤية الفرص التي تقدمها التقنيات الجديدة والرقمية، كما رأينا كثيراً من المحادثات حول الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي"، مستدركاً "لكن أيضاً بعض تقنيات الإنتاج الجذرية التي تعمل على تغيير اقتصادات الحجم، إذ يتم التصنيع"، قائلاً "لذلك أعتقد أننا في وقت سنقوم فيه بإعادة تشكيل سلاسل التوريد التي لدينا إلى حد كبير".
السعودية وجذب الشركات العالمية في القطاع الصحي
وقال الوزير السعودي عندما ننظر إلى مجال الرعاية الصحية فإن هذا هو المجال الذي ننظر فيه إلى أمننا القومي، أي كيف يمكننا تمكين الأنشطة؟ خصوصاً في مجال تصنيع اللقاحات والأدوية والمعدات، لذلك نتحدث مع الشركات لنرى ما الذي يريدون منا كحكومة؟ ما الذي يجعل السعودية مثيرة للاهتمام بالنسبة إلى شركات عملاقة مثل "جونسون أند جونسون" وأخريات؟ لكي يسمح لنا في الأقل بوضع الأساس لكيفية تعزيز السياسة لتحقيق التوازن بين مصالح اللاعبين المختلفين ومصلحتنا الوطنية.
تنافسيون للغاية في قطاع الطاقة المتجددة
وفي مجال الطاقة قال الخريف "نحن في الواقع تنافسيون للغاية، لذا عندما نتحدث اليوم عن الطاقة الخضراء والعمل الذي نقوم به داخل مشاريع الطاقة المتجددة، يظهر ذلك أننا تنافسيون للغاية في ما يتعلق بالطاقة المتجددة، لذا فإن المشاريع الثلاثة الأخيرة التي أعلن عنها تبلغ كلفة الطاقة الشمسية نحو 1.6 - 1.7 سنت في المتوسط لكل كيلووات/ساعة، لذا الرياض دولة مثيرة جداً للاهتمام عندما يتعلق الأمر بسعر الطاقة، إذ نرى أنه يمكننا طرح شيء ما على الطاولة من خلال ديناميكيات السوق والقدرة التنافسية، ومهمتنا الآن هي التأكد من أن المنشآت الصحيحة والقوية تأتي أيضاً إلى البلاد".
وتابع أنه "يجب التأكد من أن النظام البيئي الشامل مبني أيضاً بطريقة منطقية للجميع، لأن الأمر لا يتعلق فحسب بأسعار الطاقة"، مستدركاً "لكن أيضاً باللوجيستيات وإمكانات تمويل رأس المال البشري لذلك يتم تنفيذ كل ذلك فعلياً اليوم، ليس فحسب من القطاع الحكومي وحده ولكن أيضاً من خلال العمل مع القطاع الخاص".
وأضاف الخريف "أعتقد أن هذين القطاعين، الصحة والطاقة، يوضحان كيفية تعاملنا مع كل منهما، لكن بالتأكيد وبصورة عامة فإن معظم ما نقوم به في الرياض سيعتمد على ديناميكيات السوق والقدرة التنافسية الحقيقية للمضي قدماً".
أزمات سلاسل التوريد
مدير الجلسة سأل نائبة الرئيس التنفيذي، الرئيسة التنفيذية للعمليات الفنية والأخطار في "جونسون أند جونسون" كاثي وينغل، عن مستقبل سلاسل التوريد والتحديات القائمة، فقالت "أرى أن حاجة العميل ينبغي أن تكون العامل الأول الذي يوجه كل استراتيجية في سلاسل التوريد أي ما يحتاج إليه عميلك، لذلك يجب أن يكون هذا مدفوعاً باستراتيجية عملك والتركيز على ما هو الأكثر أهمية للعملاء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت في "عالم الرعاية الصحية تحتل السلامة والفعالية والجودة المرتبة الأولى، لذا فإن إدارة الموثوقية الاستباقية هي جانب رئيس آخر، فالناس يحتاجون إلى الحصول على الأدوية والأدوات الجراحية في المستشفى في التوقيت المناسب"، وتابعت "لذلك يبدأ الأمر بحاجات العملاء والمرونة الاستباقية ثم بالنسبة إلينا جميعاً، السؤال هو ما الرحلة الرقمية التي تقوم بها سلسلة التوريد الخاصة بك؟ وكيف تقوم بالبناء من أجل الاستدامة؟ والأهم من ذلك، ما النظام البيئي للشركاء؟ فنحن نؤمن بأنه لا يمكن لأي مؤسسة إدارة سلسلة التوريد بأكملها"، وتساءلت "إذاً فكيف يمكنك بناء هذا النظام البيئي الذي يتضمن المواهب الموجودة في القوى العاملة لديك والشركاء الذين تختارهم؟".
من جانبه قال الرئيس التنفيذي لمجموعة البريد الألماني "ديتشي بوست" توبياس ماير "أعتقد أن هذا الأمر يزعجني إلى حد كبير، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالنظر في الكلف المتوسطة للسلع التي تلعب دوراً كبيراً في الطاقة على سبيل المثال، ولكن أيضاً في عملية التجميع"، موضحاً "الواضح أن العمالة لا تزال تشكل عاملاً مهماً، ولكنني أريد أن أردد ما قالته زميلتي في الجلسة وينغل أيضاً في شأن التأثيرات المترتبة في مجموعة من اقتصادات المهارات، فليس من السهل نقل أجزاء معينة من سلسلة القيمة لأنك تريد ذلك فحسب، فإذا كنت تفكر في الإلكترونيات فهناك قدرات معينة في آسيا فريدة من نوعها تماماً".
وأضاف "أيضاً هناك سياق كامل للموردين في سلاسل القيمة العميقة للغاية، من ثم فإن عرض القيمة الجيدة يذهب إلى جانب الكلفة، ولكن أيضاً إلى الجانب الماهر، مما يؤثر في الابتكار والسرعة، لذا نرى أنه من الواضح أن الناس قد أخذوا المخاوف الجيوسياسية في الاعتبار، وبالتفكير في ذلك فقد أدركوا أيضاً أن سلاسل التوريد معرضة للاضطرابات".
أزمة الشحن في البحر الأحمر
وعن التحديات التي تواجه طرق الشحن الخليجية، وكيف واجهت الشركة هذا التحدي؟ قال ماير "أرى أن أزمة البحر الأحمر جرى احتواؤها بصورة جيدة"، مستدركاً "لكن دعوني آخذ دقيقة لأشرح كيف يمكن أن تتحول الحوادث الصغيرة لأزمات كبيرة؟"، موضحاً "لا يوجد أمر واحد فحسب يتسبب في نقص قدرة النقل العالمي، وفي حقيقة الأمر حصول ذلك أمر نادر تاريخياً وأيضاً من المهم الإشارة إلى أن 80 في المئة من تعطل سلسلة التوريد هي بسبب مشكلات في التصنيع وليس النقل".
وتابع "ما حصل خلال الجائحة ثم حادثة السفينة التي علقت ستة أيام في قناة السويس في مارس (آذار) 2021، فخلال أزمة كوفيد، كان المستهلكون يشعرون بعدم الأمان الشديد في بداية الجائحة، فلم يتمكنوا من الإنفاق على الخدمات وأطلقوا فجأة تضخماً كبيراً في الطلب، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإلكترونيات الاستهلاكية وغيرها من المنتجات المماثلة التي احتاجت بعد ذلك إلى الشحن، إضافة إلى ذلك كانت هناك أزمات صغيرة متفرقة هنا وهناك"، مستدركاً "لكن عدم حل المشكلات الصغيرة يتسبب في تراكمها وتحولها إلى أزمة أكبر".
الطلب العالمي لا يزال ضعيفاً
ويرى ماير أن ما يحدث اليوم في قناة السويس أمر مقلق، ولكن هناك مشكلات أخرى مثل خفض منسوب المياه في قناة بنما وهي طريق شحن مهم للغاية.
وأضاف أعتقد أن ما سنراه هو أن المدة الزمنية لإبحار السفن عبر رأس الرجاء الصالح بدلاً من البحر الأحمر ستزداد بنحو 30 إلى 40 في المئة، مما سيتسبب في نقص في الحاويات في آسيا في غضون أسابيع، بفعل تراكم الشحن الموجودة أصلاً، وعلينا مراقبة هذا الأمر.
وأشار إلى أن الطلب العالمي بصورة عامة لا يزال ضعيفاً جداً، وأن هناك كثيراً من قدرات الشحن التي دخلت السوق، ومن ثم الخلفية للأزمة الحاصلة اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل عامين أو ثلاثة أعوام.
