Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل أمام معضلة الأولويات تجاه غزة والشرخ داخل الكابينت يعمق التباينات

غانتس يصر على قضية الأسرى ونتنياهو يضع الأهالي في صورة المفاوضات

مطلعون على سير النقاش في الكابينت شددوا على أن إسرائيل لن تقبل، بل لن تنظر بصورة إيجابية إلى كل اقتراح يتضمن مطلب إنهاء الحرب (أ ف ب)

ملخص

انتقد جنود إسرائيليون ضباطاً في هيئة الأركان العامة ومسؤولين ممن يزورونهم داخل القطاع بهدف التقاط الصور التي توحي بأنهم يشاركون في القتال ثم يغادرون

بعد ساعات طويلة من النقاش والخلافات والصراخ داخل الكابينت الإسرائيلي، لم يتوصل متخذو القرار إلى موقف حاسم حيال أمرين من شأنهما بتّ مصير الحرب في غزة، الأول يتعلق بصفقة الأسرى والثاني بخطة لاستمرار القتال في غزة، وهما أمران وضعا متخذي القرار في المؤسستين السياسية والأمنية أمام معضلة، إذ يتحتم عليهم حسمهما لتفادي تداعياتهما الخطرة وبصورة أساسية على مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة وإنهاء الحرب التي دخلت شهرها الرابع من دون تحقيق إنجاز يذكر في مقابل ازدياد الخطر على حياة الأسرى.

الكابينت الذي كان يفترض أن يبحث بشكل مركزي المقترحات الإسرائيلية لليوم الذي يلي حرب غزة، بينما طالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل مغادرته تل أبيب بوضع اقتراحين لصفقة أسرى من قبل مصر وقطر في صلب النقاش.

وشارك في الاجتماع رئيس الموساد ديفيد برنياع الذي كان وصل لتوه من مصر بعد اجتماعات حضرها على رأس وفد إسرائيلي للبحث في سبل التقدم في صفقة الأسرى، وعرض برنياع الاقتراح المصري على المجتمعين، إلى جانب اقتراح كانت قدمته الولايات المتحدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من قطر، لكن الكابينت لم يتمكن من حسم موقفه بسبب خلافات وثغرات في شروط الطرفين، إسرائيل وحركة "حماس"، ضمن الاقتراحين المختلفين ببعض الجوانب الطفيفة.

موفد أميركي

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن بعث إلى الدوحة موفده بيرت ماكغوريك للمشاركة في المحادثات حول الاقتراح القطري الذي في مركزه وقف القتال والانسحاب من غزة في مقابل نفي قادة "حماس" من القطاع، وهو جانب ترفضه الحركة بصورة قاطعة. وفي بنود أخرى متعلقة بالأسرى الذين تشملهم الصفقة يجري الحديث عن صفقة تضمن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في مقابل وقف تام للقتال وإنهاء الحرب، وفي هذا الجانب تطلب "حماس" تطبيقاً كاملاً لتحرير الأسرى الأمنيين الفلسطينيين مع الأسرى الإسرائيليين، وفي حال التوصل إلى صفقة واحدة تنتهي بوقف الحرب في غزة، فمطلب "حماس" بالإفراج عن جميع الأسرى الأمنيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين يتجاوز عددهم 8 آلاف من دون الذين تم اعتقالهم في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

شرخ بين متخذي القرار

مطلعون على سير النقاش في الكابينت شددوا على أن إسرائيل لن تقبل، بل لن تنظر بصورة إيجابية إلى كل اقتراح يتضمن مطلب إنهاء الحرب وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي كشرط لبدء المفاوضات، وهو موقف عكس شرخاً عميقاً في صفوف متخذي القرار بين رئيس المعسكر الوطني، الوزير في الكابينت الحربي بيني غانتس وأعضاء حزبه، وبين رئيس الحكومة ووزراء ائتلافه. فقد حسم غانتس موقفه بأولوية صفقة أسرى تضمن إعادتهم جميعاً، وقال إن "للصفقة أولوية على كل خطوة في القتال"، مضيفاً في تصريح مسجل أنه "إذا كان بين المخطوفين من يشاهدنا الآن، من المهم أن تعرفوا نحن نفعل كل شيء كي تعودوا لأحبتكم الذين لا يتوقفون عن الكفاح في سبيلكم. لا توجد قناة لا نعمل فيها ولا يوجد سبيل لا نسير فيه كي يحصل هذا، كونوا أقوياء".

غانتس وفي أعقاب التصريحات المتكررة بضرورة القتال لتحقيق أهداف الحرب، دافع عن موقفه بتفضيل صفقة الأسرى بقوله إن الجيش حقق إنجازات كبيرة "في جزء كبير من قطاع غزة حيث لم تعُد هناك سلطة لحماس، وتم تدمير المؤسسات العامة، وهي لا تقدم خدمات تعليمية أو طبية إلا من خلال المنظمات الدولية. والمواطن الغزي ليس لديه عنوان رسمي حقيقي، وحتى في الجوانب العسكرية تم تفكيك عدد من كتائب حماس".

وادعى غانتس أن "الجيش الإسرائيلي أنهى مرحلة السيطرة العملياتية على معظم مناطق قطاع غزة، وهو الآن في عمق مرحلة تفكيك البنى التحتية الإرهابية، مما سيؤدي إلى نزع السلاح هناك"، داعياً إلى البحث عن مختلف الطرق المناسبة للتوصل إلى صفقة أسرى وبكل ثمن.

نتنياهو وأهالي الأسرى

من جهته، وإزاء الشرخ الداخلي في الكابينت والخلافات حول أولوية صفقة الأسرى، حاول رئيس الحكومة تهدئة أهالي الأسرى خلال لقاء معهم في وزارة الأمن بتل أبيب لإطلاعهم على آخر التطورات والاقتراحات التي يناقشها الكابينت بهذا الخصوص.

 وبحسب ما رشح من هذا اللقاء الذي عُقد بعيداً من وسائل الإعلام، فإن كل ما عرضه نتنياهو يظهر وجود جمود مطلق لأي صفقة وخلافات كبيرة تحتاج إلى وقت طويل لجسرها.
وحاول نتنياهو في الاجتماع طمأنة الأهالي إلى أن "حماس" خففت تهديداتها وأن هناك محادثات تجري على مختلف المستويات وبين مختلف الأطراف، ورداً على سؤال أحد أفراد العائلات عن تلك الخلافات الكبيرة، قال نتنياهو "نحن نتحدث عن إمكان نفي قيادة حماس في غزة في إطار صفقة"، لكنه كرر موقفه المتناسق مع قيادة الجيش ووزير الدفاع يوآف غالانت بأن الجيش سيكون مضطراً إلى تكثيف القتال وتشكيل ضغط كبير على "حماس"، مضيفاً أن "إطلاق سراح المخطتفين لن يتم من دون ضغط عسكري".

ونُقل عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن هناك "فجوات كبيرة لا تزال قائمة بين الطرفين لا تسمح بالتوصل إلى اتفاق في هذه المرحلة"، وعليه، بحسب المسؤول، فإن القرار الرئيس الذي يتعين على إسرائيل اتخاذه "هو ما إذا كانت ستوافق على فكرة أن أي صفقة لإطلاق سراح الرهائن ستؤدي إلى إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وهذا ليس قراراً سهلاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الآن وبكل ثمن

عضو الكنيست السابق عن حزب الليكود الذي شغل مناصب عليا في "شاباك" إيهود ياتوم، ساند غانتس في موقفه ليكون صوتاً مرتفعاً بين غالبية الإسرائيليين وجميع أهالي الأسرى، ورأى أن "إسرائيل كدولة فشلت في حماية مواطنيها في السابع من أكتوبر، وواجبها اليوم وقبل كل أهداف الحرب المهمة أن تعيد الأسرى إلى بيوتهم".

وإزاء النقاش المتصاعد في إسرائيل حول الثمن مقابل إعادة الأسرى، قال ياتوم "حتى لو كان الثمن انسحاب الجيش والسماح لمحمد ضيف ويحيى السنوار ومروان عيسى باللجوء موقتاً، كما حصل مع ياسر عرفات عندما سمحت إسرائيل له بالصعود إلى سفينة في ميناء بيروت ومغادرة لبنان من دون أن يصاب بأذى، فعلينا قبول ذلك. كما يجب إعادة الأسرى ولو بثمن الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون أو في غرف التحقيق، وحتى إعادة جثث جميع الفلسطينيين، قبل وبعد السابع من أكتوبر هذا ثمن باهظ أثقل من الاحتمال، وليست له سابقة، لكن هذا واجبنا الأخلاقي بعد الإخفاق الاستخباراتي والعسكري".

لا خطة للقتال

على رغم دخول الحرب شهرها الرابع لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الحديث عن إنجاز ملموس في حرب غزة وفي الأبحاث الداخلية يطرح كل طرف توجهاً مختلفاً عن سير القتال وطبيعته، وفق ما تناقلت وسائل الإعلام العبرية، وهو أمر حذر منه أمنيون وسياسيون، فكشف أكثر من مسؤول عن أن الجيش يعمل في غزة من دون خطة معروفة ومدروسة وانتقل إلى المرحلة الثالثة من دون وضوح لكيفية استمرار القتال، مما جعل كل مسؤول يطلق تصريحات مختلفة حول مدة استمرار الحرب، فمنهم من تحدث عن ثلاثة أو أربعة أشهر وهناك من توقع أن تنتهي الحرب بعد عام وآخرون رجحوا أن تتجاوز السنة بكثير.

إلى ذلك، اعترف الجيش بأنه أمام صعوبات كبيرة في الحرب بعد مقتل تسعة جنود في كمين نصبه عناصر "حماس" وهو واحد من كمائن عدة، إلى جانب قنص الجنود وحتى خلال القتال وجهاً لوجه.

وتأتي هذه التصريحات في وقت وجهت مجموعة كبيرة من جنود الاحتياط الذين يقاتلون في غزة، انتقادات لمتخذي القرار في ما يتعلق بطبيعة العمليات العسكرية التي ينفذونها وكذلك النقص في الأسلحة والمعلومات الاستخبارية، وانتقدوا كذلك ضباطاً في هيئة الأركان العامة ومسؤولين ممن يزورونهم داخل القطاع بهدف التقاط الصور التي توحي بأنهم يشاركون في القتال ثم يغادرون.

وفي رسالة لهم حول الموضوع، قالوا "حتى الأسابيع الأخيرة كان القتال يسير بسهولة، بعدها كل شيء بات صعباً حتى إن سلاح الجو أصبح يستحدث أهدافاً له مع صعوبة المصادقة على تنفيذ أهداف لإزالة الخطر".

وأشار الجنود إلى أن المعلومات الاستخباراتية التي يحصلون عليها لا علاقة لها بما يواجهونه في أرض المعركة، مضيفين أن "المشكلة الأكبر أن ما نملكه من خطط عسكرية هي خطط لم يتم تحديثها، مما يضطرنا أحياناً إلى البدء من الصفر".
ورأى جنود الاحتياط الذين وضعوا قائمة كبيرة من الانتقادات أن ما يواجهونه في غزة يعكس ما حذر منه الأمنيون لجهة غياب خطة واضحة للجيش حول كيفية استمرار القتال، وهو أمر أكد أكثر من مسؤول أمني وعسكري أنه بات المعضلة الأكبر التي ستنعكس على نتائج هذه الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات