Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

داخل عملية اختراق الهواتف التي كشفت بعض أكبر المجرمين في العالم

استخدم كبار رجال العصابات في المملكة المتحدة شبكة سرية مشفرة، لكن الكشف عن تفاصيل صغيرة أوصل الشرطة في آخر المطاف إلى واحدة من أخطر عصابات الجريمة المنظمة في البلاد

عاش المتورطون حياة فخمة من أموال تجارة المخدرارت لكن الشرطة كانت تراقب (أ ف ب/غيتي)

ملخص

بنيت هواتف إنكروتشات على نسق نظيراتها من الهواتف التي تستخدم برنامج التشغيل "أندرويد" وجرى تعديلها وتحميل برامج تشفير عليها تمنح مستخدميها إمكانية الدخول إلى شبكة سرية من خلال بوابة مخفية داخل الأجهزة

يبدو لي هانيغان شخصاً ناجحاً في الحياة. فهو يمتلك سيارتي فيراري كلاسيكيتين ركنهما في مصف السيارات المليء بالحصى أمام قصره الذي يضم خمس غرف نوم في دنهام، ومنزلاً ثانياً في دبي، ويختاً باعه منذ فترة قريبة لقاء مليون جنيه استرليني (1.27 مليون دولار أميركي). كان الرجل في منتصف الأربعينيات من عمره متخفياً تحت ستارة أعمال شرعية، لكن هاتفه السري من نوع "إنكروتشات" EncroChat يروي حكاية مختلفة عنه. فعمله الرئيس كان تبييض الأموال لصالح عصابات المخدرات، مختبئاً أمام أنظار الجميع وممتعاً بالحماية، حسب اعتقاده، بسبب تشفير هاتفه غير القابل للاختراق. 

لم يكن لي هو الوحيد الذي يعيش حياة مزدوجة. كان هناك أيضاً جاره هاري هيكس صامويلز، وهو رجل في العشرينيات من عمره، ومعروف بين أصدقائه وزملائه على أنه تاجر ساعات محترم. لكنه في الواقع كان متورطاً بصورة كبيرة في استيراد كميات كبيرة من الكوكايين وعضواً رئيساً في جماعة جريمة منظمة. عمل لي هانيغان على تبييض الأموال التي كسبها صامويلز والتي تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات. امتلك هاري هو الآخر هاتف إنكروتشات- وتبادل الرسائل والصور مع لي، فتحدثا حيناً عن الأعمال وأحياناً عن شؤون عادية. يتفاخر هاري في إحدى رسائله: "يعتقد الناس بأنني تاجر ساعات عادي". 

في جميع أنحاء المملكة المتحدة، شارك آلاف المجرمين الكبار بمحادثات صريحة ومباشرة على هواتف من نوع إنكروتشات الخاصة بهم. تراوحت هذه المناقشات ما بين تفاصيل شحنات مخدرات من الصنف الأول أو استقدام قتلة مأجورين إلى موضوعات يومية مثل الانضمام إلى نوادي الغولف أو طلب وجبات جاهزة من مطاعم فاخرة وقيادة سياراتهم الرياضية الفارهة. جميعهم اعتقدوا أنهم بأمان وبمنأى عن تطفل عيون قوات ضبط الأمن لكنهم أخطأوا الظن. كانت الشرطة تراقب هذه الاتصالات سراً في إطار عملية استمرت أسابيع عدة، شكلت خلالها الدردشة بين أعضاء المجموعة أدلة ثمينة تقفت أثرها لكي توصلها إلى القبض على صيد نفيس.  

تعرض المدونة الصوتية لإذاعة "بي بي سي" برنامجاً جديداً بعنوان إلقاء القبض على الرؤوس الكبيرة Catching The Kingpins يروي ما يسميه في حق قصة أكبر عملية ضد الجريمة المنظمة في تاريخ القضاء البريطاني، كما اعتبر الاختراق العظيم لهواتف إنكروتشات في عام 2020 أحد أضخم الانتصارات المذهلة والجريئة في تاريخ الشرطة. حققت في الموضوع وكتبت عنه في ذلك الوقت، ولي مساهمة في المسلسل الجديد الذي يتضمن كذلك لقاءات حصرية مع فريق شرطة العاصمة الذي أجرى عديداً من التحقيقات بما فيها تلك الني نميط عنها اللثام هنا للمرة الأولى، وهي تحديد هوية هانيغان وهيكس صامويلز واعتقالهما. وهما الآن يقضيان حكماً بالسجن لفترة طويلة، على غرار المئات من مستخدمي إنكروتشات الآخرين. لكن القصة كاملة لم ترو أبداً من قبل.

اختراق هواتف إنكروتشات

لفتت هواتف إنكروتشات انتباه الشرطة منذ عام 2015 تقريباً، حين عثر على صلة بينها وبين عمليات إطلاق نار لدوافع متعلقة بالمخدرات في مدينة مانشستر، بما في ذلك عملية اغتيال رجل العصابات بول ماسي. حاولت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة عندها أن تخترق الشيفرة السرية للهواتف وفشلت في مسعاها. وبدا بأن الهواتف غير قابلة للاختراق بالفعل، تماماً كما تروج لها دعايتها التسويقية.  

بنيت هواتف إنكروتشات على نسق نظيراتها من الهواتف التي تستخدم برنامج التشغيل "أندرويد" وجرى تعديلها وتحميل برامج تشفير عليها تمنح مستخدميها إمكانية الدخول إلى شبكة سرية من خلال بوابة مخفية داخل الأجهزة. بلغ سعر الهاتف 1500 جنيه استرليني، وكذلك المبلغ نفسه كل نصف عام لمواصلة استخدام الهاتف وخدماته المشفرة. لم يطرح الهاتف للشراء في المحال العادية طبعاً، بل كان من الضروري للمرء أن يعرف شخصاً يعمل بمثابة صلة وصل لتأمين الشراء، كذلك فإن هواتف إنكروتشات لا تتيح التواصل سوى بين بعضها بعضاً، ويلجأ مستخدمو الهاتف إلى استخدام أسماء مستعارة، أو ألقاب، لإخفاء هوياتهم الحقيقية عن بعضهم بعضاً. عرف لي هانيغان باسم مدير المصرف BankBoss فيما اختار هاري هيكس صامويلز لقب الخياط السوريالي SurrealTailor.  

وبينما عانت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة وقوات الشرطة في المملكة المتحدة في سبيل اختراق الشيفرة، كشفت السلطات الفرنسية مكان خادم إنكروتشات في شمال فرنسا، وصنعت نسخة منه واكتشفت سبيل اختراقه وأرسلت تحديثاً للبرنامج إلى كل شبكة إنكروتشات - التي يعتقد أنها تضم 50 ألف شخص حول العالم منهم 8 آلاف في المملكة المتحدة. عند تنزيل التحديث، ترسل كل محتويات الهواتف إلى قوة الدرك الفرنسية وتسمح لهم بجمع كل الرسائل الجديدة يومياً- وهذا ما فتح نافذة مباشرة على الاتصالات بين عديد من كبار المجرمين حول العالم.

كان الأمر أشبه بأن تجلس معهم في الغرفة فيما يتكلمون بحرية من دون أن يعلموا بوجودك هناك

 كبير المحققين المفتش دريس هايوكاني

شكل الفرنسيون فريق تحقيق مشتركاً مع زملائهم الهولنديين وزودوا وكالات أخرى بالمعلومات من بينها الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة التي بدأت عملية الاختراق الخاصة بها في الأول من أبريل (نيسان) 2020. وتسنى للوكالة ربط الهواتف بالمواقع الجغرافية من خلال أعمدة الاتصالات التي تتصل بها، وهكذا أصبح بين يدي شرطة العاصمة محتويات نحو 1400 هاتف عليها معالجتها. لم تعرف الشرطة أسماء المستخدمين، بل ألقابهم فقط. كانت كمية المواد ضخمة والرسائل التي من الواجب تفقدها بالملايين. وكان الطريق طويلاً أمام العناصر الذين لم يعلموا بأي لحظة سيتمكن المجرمون من اكتشاف وجود من يتنصت عليهم.

إخفاء المعلومات في نص عادي

أسست شرطة العاصمة مركز قيادة خاصاً في موقع سري للتعامل مع الكم الهائل من المعلومات التي وضعت بين أيديها فجأة. أجل كبير المحققين المفتش دريس هايوكاني موعد تقاعده لقيادة هذه المهمة. وفي وصفه للأثر المذهل لما كانوا يقرؤونه، قال "كان الأمر أشبه بأن تجلس معهم في الغرفة فيما يتكلمون بحرية من دون أن يعلموا بوجودك هناك". شعر المجرمون بثقة كبيرة لدرجة أن بعضهم شارك اسمه وعنوان منزله وتاريخ ميلاده عبر الهاتف لكي يثبت هويته لمعارفه من المجرمين. وعلق كبير المحققين المفتش هايوكاني على ذلك بقوله "شكراً جزيلاً لكم، سنأخذ هذه المعلومات".

كما أرسل آخرون صورهم الشخصية أو وضعوا في الرسائل أدلة صغيرة ساعدت الشرطة على تحديد هوياتهم، إذ أتوا بعض الأحيان على ذكر عيد ميلاد ابن أحدهم أو صوروا ألعاب الأطفال في الحديقة من غرفة النوم أو التقطوا صورة لمفرش الطاولة، وهذه كلها مسائل تكشف أدلة حيوية عن هويتهم وأماكن وجودهم. وبعض الرسائل لم تكن بهذه البراءة، إذ كشفت إحدى المحادثات بين أعضاء عصابة مخدرات استخدامهم صانع أقفال بمثابة ساع للبريد، لديه صندوق سري للمخدرات - أو "مخبأ" - داخل شاحنته. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أعطيت الأولوية للتحقيق في قضايا تمثل "خطراً على الحياة"، حيث كشفت الرسائل عملية تخطيط لتصفية أحدهم. وكانت هناك مخاوف من أن التدخل بسرعة في كل القضايا قد يكشف اللعبة، لكن كما قال المفتش هايوكانيه، روح الإنسان أثمن من إنكروتشات. عندما بدأ المستخدم الملقب بـ"القطار العاري" NudeTrain بمناقشة عملية اغتيال مع المستخدم الملقب "الذئب العادي" UsualWolf، تابعت الشرطة المسألة من كثب. أراد القطار العاري "شيئاً يحتاج إليه جيمس بوند": مسدس، لكي يقتص من رجال "أطلقوا النار" على منزل والدته. "لا يمكن للثأر أن يكون تافهاً"، كما قال "القطار العاري". لكن المسدس الذي وصل يدي "القطار العاري" كان فيه خلل. وأرسل الصورة لـ"الذئب العادي". لم تتناسب الطلقات مع حجم المسدس. "إنه القياس الخاطئ". أحبط مخطط "القطار العاري" من دون أن تضطر الشرطة إلى التدخل.  

في نهاية المطاف، كشفت هوية "القطار العاري" وتبين أنه فرانكي سينكلير من جنوب ويلز فيما "الذئب العادي" هو بول فونتاين من لندن. وأحد الأدلة المهمة في هذا الصدد هو صورة غير واضحة من كاميرات المراقبة شاركها سينكلير عن الرجال الذين هاجموا منزل والدته- وهي صورة ظهرت فيها سيارة مركونة عند المدخل كما بان جزء من لوحة تسجيلها، وهذا ما استخدمته الشرطة للوصول إلى والدته. عملت شرطة العاصمة مع شرطة جنوب ويلز واعتقل الرجلان قبل ارتكابهما عملية إطلاق النار للثأر.  

القبض على "مدير المصرف"

في هذه الأثناء، كانت إحدى زميلات كبير المحققين هايوكانيه، وهي المحققة سارة وايكس، منهمكة بتفحص الرسائل والصور التي تبادلها "مدير المصرف" و"الخياط السوريالي". من يكون هذان؟ سجلت تلك الفترة، فرض أول إغلاق بسبب كوفيد. وأخذت المحققة وايكس تعمل ساعات طويلة، كما زملائها، لكن الإغلاق ساعدهم. وتقول "أعتقد أنهم أخذوا يتراسلون في شأن ظروفهم الشخصية بسبب شعورهم بالملل لملازمتهم المنازل". وقد فضحوا بعض الأمور بأنفسهم. "تفاصيل شخصية صغيرة أفلتت منهم خلال الأحاديث".

إضافة إلى الرسائل التي كشف فيها مخططات أعماله الضخمة في استيراد وتوزيع المخدرات، تميز "الخياط السوريالي" بأنه متبجح حين نشر صورة للوجبة الجاهزة التي طلبها من مطعم راق في منطقة ماي فير بلندن. وتباهى بانضمامه منذ فترة قصيرة إلى نادي غولف حصري، كما شارك معلومة مفيدة وهي اسم النادي نفسه. حصلت الشرطة على قوائم بأسماء كل الذين طلبوا وجبات من المطعم، ثم حصلت على قائمة بأسماء الأعضاء الجدد لنادي الغولف. وبعد المقارنة بين القائمتين، تبين أن اسماً واحداً يتكرر فيهما: وهو هاري هيكس صامويلز.  

 

وتقول المحققة وايكس لمقدم المدونة الصوتية، مبين أزهر إنه "كان واثقاً جداً بالنظام المشفر لدرجة أنه كشف كثيراً من المعلومات عن نفسه. كان يحتل موقعاً كبيراً في جماعة الجريمة المنظمة. ويعطي التوجيهات للآخرين. ويجني نسبة كبيرة من المال". كان لهيكس صامويلز معارف واتصالات في إسبانيا وأميركا الوسطى والشمالية. وفي إحدى المحادثات، تكلم عن "استئجار فريق"- وهي كلمة عامية تعني دفع مبلغ كبير لقاء إيذاء شخص يدين بالمال لجماعة الجريمة المنظمة التي ينتمي إليها.

وفي المقابل، دار نقاش بين "مدير المصرف"، الذي تباهى بامتلاكه معارف في أكبر المصارف وحول العالم ممن يساعدونه في تبييض الأموال، وهيكس صامويلز في شأن السماح له بقيادة إحدى سيارات الفيراري التي يملكها. لكنه عبر عن قلقه من أن وزارة النقل لم تفحصها وتمنحها ترخيصاً. وحددت الشرطة موقع برج الاتصالات المربوط برسائل "مدير المصرف". وتبين أن القصر الوحيد في المنطقة الذي ركنت أمامه سيارات فيراري هو منزل لي هانيغان. بعد ذلك، أكدت تحقيقات الشرطة أن إحدى سياراته غير مرخصة من وزارة النقل. وجدت الشرطة ضالتها. ولاحقاً، كشفت التقديرات أنه خلال مرحلة واحدة امتدت 77 يوماً، نقل 2.5 مليون جنيه لصالح جماعة الجريمة المنظمة التي ينتمي إليها هيكس صامويلز، مقابل عمولة ستة في المئة.

ولم تفطن إنكروتشات إلى اختراق شبكتها سوى في منتصف يونيو (حزيران)- أي بعد مرور أكثر من شهرين على الاختراق. وأرسلت إلى كل المستخدمين الرسالة التالية "وضعت جهات حكومية يدها بصورة غير قانونية اليوم على موقعنا. بسبب تطور مستوى الهجوم وشيفرة البرمجيات الخبيثة، ما عاد بإمكاننا ضمان أمان أجهزتكم. واتخذنا خطوات فورية على شبكتنا عبر قطع الاتصالات من أجل التصدي للهجوم. ننصحكم بإطفاء أجهزتكم والتخلص منها فوراً".

بعد أربعة أيام، داهمت شرطة العاصمة كل أهدافها، ونفذت 70 مذكرة اعتقال. اعتقل هانيغان كما هيكس صامويلز. استمتع كبير المحققين المفتش هايوكانيه بعمليات المداهمة التي تابعها عبر الشاشات من قاعدته، وبجلب الشخصيات التي تعرف إليها من طريق رسائلها وصورها على إنكروتشات، بعد طول انتظار. كان الوقت قد حان لكي تحقق شرطة العاصمة إنجازاً إيجاباً يمكنها الحديث عنه. ويقول كبير المحققين "عندما تعلم بأنك تدخل من ذلك الباب وبحوزتك كل الأدلة وقد التزمت الإجراءات القانونية الواجبة- فلا شيء قد يرضيك أكثر، من ناحية مهنية كما تعلم، من إزالة شخص خطر من المجتمع".  

ظهر هانيغان وهيكس صامويلز بين ثمانية أشخاص أدينوا باتهامات متعلقة بجرائم استيراد المخدرات وتبييض الأموال. أصدرت محكمة في ووليتش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 حكماً بالسجن 17 عاماً في حق هيكس صامويلز وخمس سنوات وستة أشهر في حق هانيغان. وهما من بين 1000 شخص دين حتى الساعة في أعقاب مداهمات إنكروتشات في المملكة المتحدة، التي نتج منها 3 آلاف عملية اعتقال وإحباط 200 تهديد للأرواح، ومصادرة 173 قطعة سلاح، إضافة إلى ستة أطنان من الكوكايين وثلاثة أطنان من الهيروين و80 مليون جنيه استرليني نقداً.

كانت الأدلة التي تم الاستيلاء عليها من خلال هواتف إنكروتشات عرضة لجدل كبير داخل المحكمة بسبب مزاعم حصول الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة على المذكرة الخاطئة لتشريع استخدام البيانات كأدلة. والحجة المستخدمة نيابة عن المتهمين هي أنه حصل على البيانات بسبب الاعتراض غير القانوني للمواد أثناء إرسالها بدلاً من أن يكون اختراقاً قانونياً للهواتف. ولا يزال الجدل القانوني متواصلاً فيما الموضوع عرضة للنقاش المستمر في المحاكم. 

لكن ربما يفكر كبير المحققين المفتش دريس هايوكانيه في نقاشات جدلية أخرى للشرطة عندما يقول عن النجاح الباهر لعملية إنكروتشات: "تمر الشرطة بمرحلة صعبة بعض الشيء في الوقت الحالي لكن اطمئنوا، فهناك أشخاص متفانون ومندفعون لتحسين كل الأوضاع بالنسبة إلى جميع المجتمعات".

يبث برنامج "إلقاء القبض على الرؤوس الكبيرة" من تقديم مبين أزهر أيام الآحاد في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر على إذاعة "بي بي سي" الرابعة. سيتاح الاستماع إلى الحلقات السبع عبر خدمة أصوات بي بي سي BBC Sounds

© The Independent

المزيد من تقارير