Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صيادو غزة يتحدون الطلقات التحذيرية لتأمين وجبة سمك

تحول بحر القطاع إلى منطقة يمنع الاقتراب منها بسبب انتشار القطع العسكرية

دمر الجيش الإسرائيلي مرافئ القطاع الأربعة المخصصة لأنشطة الصيد (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

يتعرض الصيادون دوماً لإطلاق نار تحذيري وملاحقة مستمرة وتبرر تل أبيب تلك الإجراءات بالخوف من عمليات تسلل محتملة باتجاه أراضيها

رمى حسن شباك الصيد في بحر غزة، وأخذ يراقب بعينيه البوارج الحربية الإسرائيلية التي تتمركز على امتداد شواطئ القطاع، وعلى رغم خوفه الشديد من استهدافه إلا أنه جلس على الرمال في انتظار أن تمتلئ شبكة الصيد بأنواع مختلفة من الأسماك.

هذه المرة الأولى التي يتجرأ فيها الصياد على النزول للبحر وممارسة هوايته التي أوقفها مجبراً قبل 95 يوماً، بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة، وبعد أن تحول البحر إلى منطقة ممنوع الاقتراب منها بسبب انتشار القطع البحرية.

عمل أمام الزوارق

وما إن شاهده جنود البحرية الإسرائيلية حتى بدأت الزوارق الحربية في التحرك داخل المياه بشكل لافت، وحين أخذت تقترب من الشاطئ خاف حسن لكنه قرر استكمال عمله من دون هلع.

ويقول "تعد مهنة الصيد مصدر رزق أساسياً لعائلتي، وتوقفي عن العمل جعلني من أشد الفقراء، ولسد رمق أفراد عائلتي قررت العودة لمزاولة عملي، إلى جانب دوافع إنسانية أخرى أبرزها نفاد كل أنواع الطعام من القطاع، ولا بد من صيد الأسماك وضخها في الأسواق".

قطع الصياد حديثه وركض نحو البحر يتفقد شباكه وليتأكد إذا ما علقت بها ثمار بحرية، لكن ما إن اقترب من المياه سمع صوت أعيرة نارية تطلقها الزوارق الحربية صوبه، حينها عاد أدراجه.

يضيف "هذه الذخيرة معناها أنه يمنع دخول البحر لأي غرض، وأن ذلك فيه مخاطرة عالية على حياتي، لذلك يجب أن انتظر ساعة ثم أحاول من جديد، إذا لم تنجح مهمتي في دخول المياه سأضطر إلى سحب الشباك".

خوف من تسلل محتمل

منذ أن بدأت الحرب بين "حماس" وإسرائيل، تقيد الأخيرة الاقتراب من البحر، وتعتبر أن الوصول إليه ممنوع لأي غرض كان، وتطلق البوارج الحربية قذائف نحو أي هدف يتحرك في المياه، كما أن الزوارق المقاتلة صغيرة الحجم تفتح أسلحتها الرشاشة صوب الصيادين إذا فكروا في اقتياد مراكبهم.

وتتمركز القوات الإسرائيلية البحرية على بعد ستة أميال من شاطئ بحر غزة، وتحرس البحر من جميع الاتجاهات، وتبرر تل أبيب منع أي نشاط فيه خوفاً من عمليات تسلل محتملة باتجاه أراضيها، يقول ذلك المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري.

ويضيف هاغاري "هذه حرب قوية، يجب منع أي نشاط يحتمل أن يكون معادياً أو يشكل خطراً في جميع الأوقات، نحن نراعي الظروف الإنسانية الصعبة في غزة ونعمل على تحسينها، لأننا نقاتل عناصر حماس لا سكان غزة المدنيين".

يدرك حسن أخطار النزول للبحر، لكنه يؤكد ألا خيار أمامه سوى ذلك لأجل البقاء على قيد الحياة، ويتحدث الصياد عن معاناة أكبر في ظل الحرب المدمرة، قائلاً "دمرت البحرية الإسرائيلية العديد من مراكب الصيد والحسكات ومنعت الصيادين من تجاوز الرمال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسائل بدائية

بجانب حسن، كان يجلس الصياد سعيد ويمسك بيديه السنارة ويحاول أن يتلقط أي أسماك تقترب من الشاطئ وهو يدرك أنها تسبح في العمق بخاصة في فصل الشتاء، لكنه يسعى إلى أن يعود بقليل من السردين أو أي نوع من الكائنات البحرية.

يقول سعيد "كل يوم أزور البحر لأصطاد وكل يوم أتعرض إلى إطلاق نار تحذيري وملاحقة مستمرة، لكني مستمر في حرفتي التي لا أجيد غيرها، قبل الحرب كنت أعارك الموج بواسطة قاربي الجميل، لكن تركته في ميناء غزة ونزحت إلى الجنوب من دونه".

يصطاد سعيد بواسطة السنارة وبعض الأحيان يستخدم الشباك، ولا وسائل أخرى إضافية تساعده في عمله، يضيف "أصبحنا نمارس حرفتنا بواسطة وسائل بدائية جداً هذا هو المتاح حالياً".

يستغرق عمل سعيد خمس ساعات لكنه يصطاد فيها بضعة كيلوغرامات من الأسماك، يهزأ من الحال التي وصلوا إليها، ويشير إلى البحر بيديه ثم يتابع حديثه "أعشق هذه المياه وما بداخلها من رزق، قبل الحرب كنت أصطاد 100 كيلوغرام في ساعات معدودة".

قتل في المياه

يهرب سعيد من التوغل البري العسكري الإسرائيلي في منطقة وسط غزة إلى البحر، لكنه يؤكد أن الجيش موجود في كل مكان ولا يرحم ولا يتهاون مع أي صياد، فهذه الحرب حرمته الكثير وأوقفت عمله قبل أن يتشجع ويعود لممارسته.

قبل الحرب كان أكثر من أربعة آلاف شخص يمتهنون الصيد البحري، ويعيلون ما مجمله 20 ألفاً من عائلاتهم، لكن بسبب القتال والمعارك الضارية، انخفض عدد الصيادين إلى أقل من 120.

أمام عدد قليل من الأسماك يجلس الصياد باسم، ويفرزها كل بحسب نوعه، ويقول "أوضاع الصيادين في ظل الهجمات الإسرائيلية كارثية، نحن نخاطر بحياتنا بسبب استهداف البوارج الحربية".

ويضيف "أمس استهدفت زوارق الجيش أحد الصيادين في عرض البحر لأنه اعتلى مركباً بسيطاً بدائياً يدوياً، وأطلق عليه الجنود قذيفة متفجرة أدت إلى مقتله في المياه، ولم يتمكن أحد من انتشال جثمانه".

تدمير المرافئ

من جانب رسمي، يقول نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش "استهدف الجيش الإسرائيلي جميع موانئ قطاع غزة الأربعة والمخصصة بشكل أساسي لأنشطة الصيد، وهذا انتهاك خطير ويخالف اتفاقية أوسلو التي تنص على أن المسافة القانونية التي يسمح للفلسطينيين بالتحرك داخلها بحرية من دون أي اعتراضات إسرائيلية هي 20 ميلاً بحرياً".

ويشير إلى أن إسرائيل تحارب الصيادين في قطاع غزة منذ 17 عاماً بالاستهداف والاعتقال، لكن ذلك تجلى بوضوح في الحرب الحالية، لذلك يؤكد عياش أنه يجب وقف الحرب ورفع الحصار وترميم ما دمره الجيش الإسرائيلي.

ويخشى أن لا تسمح إسرائيل في تعويض الصيادين الذين يعجزون عن إصلاح مركب واحد متضرر، لا سيما في ظل منع إدخال المواد والأجهزة الأساسية الضرورية لعمل قطاع الصيد.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات