Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاؤل بانتهاء موجة التضخم في 2024

يتصدرها خفض الطلب العالمي وتراجع تعطل الإمدادات وهدوء أسعار السلع الأولية

يتخوف البنك الدولي من حدوث صدمة تضخمية بسبب التوترات الجيوسياسية (أ ف ب)

ملخص

تحركات أسعار النفط تمثل نحو 40 في المئة من التقلبات في معدلات التضخم

كشف تقرير حديث عن أن سلسلة الصدمات السلبية التي حدثت على مدى الأعوام الأربعة الماضية أدت إلى الشعور بالهلع من موجات تضخم عالية في حقبة ما بعد جائحة كورونا. وبعد الانهيار العالمي في بداية الجائحة في أوائل عام 2020 بدأ التضخم العالمي في الارتفاع في وقت لاحق من العام مع انتعاش الطلب وزيادة الاختناقات في جانب العرض وارتفاع أسعار النفط، وزاد ارتفاع التضخم في أعقاب الحرب الروسية الواسعة في أوكرانيا مع ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية وتعطل الإمدادات.

ومنذ يوليو (تموز) 2022 بدأ التضخم العالمي في التراجع على نحو مطرد، وتشير توقعات البنك الدولي المستندة إلى الأسواق المالية، واستطلاعات المستهلكين والتقديرات المستندة إلى نماذج محددة إلى تراجع التضخم العالمي، وبناءً على هذا التوافق في الآراء تتوقع الأسواق المالية الآن أن تقوم البنوك المركزية الكبرى بخفض أسعار الفائدة في النصف الأول من العام، لكن يبقى السؤال الأهم، هل انتهى الهلع من موجات التضخم العالية؟

الرسائل الأخيرة الصادرة عن البنوك المركزية الرئيسة تشير إلى إجابات متباينة، إذ أشار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي إلى تحول محتمل في مواقفه وسياساته، مما جعل مسار أسعار الفائدة أقرب إلى توقعات السوق، لكن البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا تمسكا بمواقفهما السابقة، مشيرين إلى أن التحول في مواقفهما وسياستهما لن يكون ممكناً إلا إذا ظهرت أدلة موثوقة على استمرار تراجع معدلات التضخم.

وقال البنك الدولي إن هناك عديداً من الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل، وهناك عوامل كثيرة يجب أن تؤدي إلى مزيد من الخفض في التضخم العالمي في الأشهر المقبلة، وسيكون هذا التوقع مشفوعاً بحذر إلى أن يحدث ذلك، ولا تزال هناك بعض الأخطار التي يمكن أن تؤخر تراجع التضخم أو تزيد ضغوط الأسعار.

4 أسباب تبعث على التفاؤل

يرى الاقتصادي الأول بمجموعة الآفاق بالبنك الدولي جونغريم ها أن جميع العوامل الأساس للتضخم تشير إلى أن التضخم العالمي يجب أن يتراجع في الأشهر المقبلة نظراً إلى أن الطلب العالمي آخذ في الانخفاض، فضلاً عن تراجع تعطل الإمدادات وانخفاض أسعار السلع الأولية وبقاء السياسات النقدية المتشددة، والتضخم متزامن وشائع بدرجة كبيرة بين البلدان، مما يعني ضمناً أن هذه العوامل ستؤدي على الأرجح إلى خفض معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم.

ومن المتوقع أن يتراجع الطلب العالمي في ظل تشديد الأوضاع المالية، وضعف التجارة العالمية، ومحدودية المساندة المالية، وتمثل العوامل المرتبطة بالطلب العالمي نحو 30 في المئة من التباين في معدلات التضخم، ومع تباطؤ النشاط العالمي، سيتضاءل أثر هذه العوامل، المرتبطة بالطلب، على التضخم.

ورجح أن يسهم تراجع الضغوط على جانب العرض عالمياً في خفض التضخم العالمي، وتراجعت هذه الضغوط في الآونة الأخيرة إلى أدنى مستوياتها التاريخية بسبب الضعف واسع النطاق في تجارة السلع وتراجع تعطل الإمدادات الذي حدث في وقت الجائحة. وعلى رغم أن أسواق العمل لا تزال محدودة، تراجعت فرص العمل الشاغرة تدريجاً، وكان نمو الأجور متواضعاً بصورة عامة في الولايات المتحدة وبعض بلدان الاقتصادات المتقدمة الأخرى.

وبعد أن انخفضت أسعار النفط بنسبة 17 في المئة هذا العام، من المتوقع أن تواصل الخفض في عام 2024، إذ يؤدي ضعف النمو العالمي إلى خفض الضغوط على جانب الطلب، وتلعب أسعار النفط دوراً في غاية الأهمية في زيادة التضخم العام العالمي، وظهر ذلك بوضوح من خلال المستجدات والتطورات التي أعقبت الجائحة، والواقع أن تحركات أسعار النفط تمثل نحو 40 في المئة من التقلبات في معدلات التضخم.

وستظل السياسة النقدية المتشددة قائمة في بلدان الاقتصادات الكبرى لضمان عودة التضخم إلى المستويات المستهدفة للبنوك المركزية. وعلى رغم الخفض الأخير في موجات التضخم، شددت البنوك المركزية الرئيسة الثلاثة على عزمها الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة إلى أن ترى أدلة وشواهد مقنعة على اختفاء ضغوط الأسعار، وأشار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي بالفعل إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في عام 2024.

والمعنى الضمني هو أنه حتى إذا بدأت البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة، فإنها ستبقيها مرتفعة على نحو يكفي لدفع ضغوط الأسعار إلى الانخفاض، ومن المتوقع أن تؤدي الآثار المستمرة والتالية لأسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة إلى إضعاف النشاط العالمي، وهذا يزيد من تخفيف آثار القوى التضخمية في الأشهر المقبلة.

التوترات الجيوسياسية قد تحدث صدمة تضخمية

فيما يتعلق بأسباب توخي الحذر يرى نائب رئيس البنك الدولي أيهان كوسى أن هناك سببين رئيسين في الأقل يلزماننا بتوخي الحذر في شأن وتيرة تراجع التضخم في المستقبل: احتمال حدوث صدمة تضخمية ناجمة عن التوترات الجيوسياسية، واستمرار الضغوط التي أبقت التضخم الأساس مرتفعاً، فيما لا تزال البنوك المركزية قلقة في شأن ما إذا كان بإمكانها خفض معدلات التضخم إلى مستوياتها المستهدفة دون التسبب في تراجع حاد في النشاط. وكان خفض معدل التضخم الأساس العالمي أقل من تراجع معدل التضخم العام على مدى الـ14 شهراً الماضية، وأدى استمرار ضغوط الأسعار على مستوى الخدمات، مدفوعة بقوة الطلب، إلى الحد من تراجع معدلات التضخم الأساس. وفي المرحلة المقبلة، يجب أن يستمر خفض تضخم الأسعار الأساس لإقناع البنوك المركزية بإحكام السيطرة على الضغوط التضخمية. ومن المرجح أن يتطلب ذلك مزيداً من ترشيد الطلب، لا سيما على الخدمات، ناهيك بأسواق العمل التي تشهد مراحل ضعف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت التوترات الجيوسياسية من القوى التضخمية الخطرة على مدى عشرات السنين، وقد يكون الصراع الذي شهدته الآونة الأخيرة في الشرق الأوسط في أعقاب الاضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية محركاً رئيساً آخر للتضخم بسبب زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية، وعلى رغم أن أثره محدود حتى الآن، فإن تصاعده يمكن أن يؤدي إلى زيادة حادة في أسعار النفط، إذ تنتج المنطقة نحو 30 في المئة من النفط العالمي. وعندما ترتفع أسعار النفط بنسبة 10 في المئة، يزداد معدل التضخم العالمي بواقع 0.35 نقطة مئوية خلال عام. ويمكن أن تؤثر هذه الزيادة في أسعار النفط أيضاً على التضخم الأساس، إذا كانت هناك تأثيرات كبيرة للجولة الثانية على الأجور وكلفة الإنتاج الأوسع نطاقاً، وزادت توقعات التضخم.

وعلى رغم تراجع التضخم على مستوى العالم خلال العام الماضي، فإنه لا يزال أعلى من المستوى المستهدف في ثلثي البلدان التي تستهدف خفض معدلاته.

ويتوقع الاقتصاديون أن يظل التضخم أعلى من المستوى المستهدف في أكثر من 50 في المئة من هذه البلدان في العام المقبل، وانخفض معدل التضخم في عديد من بلدان الاقتصادات النامية خلال العامين الماضيين، لكنه لا يزال عند مستوى الخانتين في أكثر من 20 في المئة من بلدان هذه الاقتصادات.

ومن غير المرجح أن تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة بصورة حادة حتى تقتنع بأن معدل التضخم يعود إلى المستويات المستهدفة على نحو ثابت، وهذا يعني أن السياسة النقدية ستظل متشددة، ويمكن أن تؤدي الاضطرابات المحتملة في أسواق الطاقة العالمية وسلاسل الإمداد إلى إطالة أمد المعضلة التي تواجه حالياً عديداً من البنوك المركزية، وهي كيف يمكن خفض معدل التضخم لتحقيق المستوى المستهدف وضبط إيقاع الهبوط الهادئ؟

وقال البنك الدولي إن الخفض الأخير في معدل التضخم علامة مبشرة، ولكن من السابق لأوانه الاحتفاء بذلك، ولا تزال هناك أخطار يمكن أن تبطئ تراجع معدلات التضخم أو تدفعها إلى الارتفاع، ونظراً إلى أن معدلات التضخم تتزامن على مستوى العالم، فإن عودة معدلات التضخم إلى الزيادة في بلدان الاقتصادات المتقدمة يمكن أن تضر أيضاً ببلدان الاقتصادات النامية.

اقرأ المزيد