خوفاً من الغارات الجوية الإسرائيلية على المباني أمضى رامي عوض أياماً يبحث عن خيمة لنقل عائلته إلى مخيم خارجي آمن نسبياً في رفح بجنوب قطاع غزة، لكنه لم يتمكن من العثور على واحدة، وذلك بحسب ما ذكره شقيقه محمد عوض.
وقتل رامي وزوجته واثنان من أبنائهما وأقارب آخرون في ساعة مبكرة اليوم السبت عندما تعرضت الشقة التي كانوا يقيمون فيها بمدينة خان يونس بجنوب القطاع للقصف.
ونجا الابن الثالث، محمود عوض (11 سنة) لأنه أمضى الليلة في شقة أخرى. وبحلول صباح اليوم، ذهب إلى مشرحة المستشفى الأوروبي، حيث كان والداه وشقيقاه يرقدون على رفوف معدنية ملفوفين بأكفان.
وقال محمود وحوله أطفال آخرون يستمعون إليه في صمت، "قالت لي أمي (روح نام الليلة عند دار خالك عيسى). نمت في دار خالي عيسى. قصفوا الدار (التي كانت تقيم فيها العائلة)".
وأضاف وهو يتحدث بهدوء ويأخذ أنفاساً سريعة كما لو كان يحاول كبت البكاء، "استشهد إخوتي. أبوي رامي عوض، وأخوي الصغير بالصف الثاني، وأخوي معاذ الكبير بالصف الثامن، وأمي".
وكان هناك أفراد آخرون من العائلة بالمشرحة منهم فتاة صغيرة مصابة بجروح في وجهها وعدد من النساء اللاتي كن يحطن بها ويعانقنها، وجميعهن يبكين. وداخل المشرحة جثت امرأة على ركبتيها بجوار جثة شاب مكشوف الوجه وبكت وهي تضع يدها على وجنته. وكانت هناك جثة طفل صغير وسط القتلى.
نزوح من مخيم لاجئين
قبل الحرب عاشت عائلة عوض في مخيم الشاطئ للاجئين الذي يؤوي فلسطينيين شردوا عند قيام إسرائيل في عام 1948، ثم آوى أبناءهم وأحفادهم من بعدهم. ويقع مخيم الشاطئ في مدينة غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال محمود، "كنا في مخيم الشاطئ، وأنزلوا (الجيش الإسرائيلي) منشورات بأن غزة ساحة حرب، فنزحنا إلى خان يونس على أساس أنها آمنة، لكن قصفونا أيضاً".
وكانت الأسرة ماكثة مع أقارب من جهة الأم يعيشون في ثلاث شقق في مدينة خان يونس.
وكان محمد، عم محمود وشقيق والده رامي، بين المشيعين أمام المشرحة. وقال محمد، "والله كان لديهم مجال للنجاة، لكنهم قصفوا وهم نائمون في البيوت. أخي الوحيد أمضى الأيام الخمسة الماضية يلف الأرض من الشرق إلى الغرب ليجد خيمة في غرب رفح، لكن هذا نصيبه". وسمع دوي الانفجارات في أثناء تحدثه. وأضاف محمد وهو يذرف الدموع، "لا أعلم ماذا يمكن أن أقول. لست قادراً".
واندلعت الحرب عندما هاجم مسلحون من حركة "حماس" جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وتقول السلطات الإسرائيلية إنهم قتلوا 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة، وتزعم أنهم اغتصبوا بعض النساء وشوهوهن.
وردت إسرائيل التي توعدت بالقضاء على "حماس" التي تدير غزة بهجوم عسكري على القطاع الساحلي المكتظ بالسكان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 22700 فلسطيني، وإصابة ما يربو على 58100، بحسب وزارة الصحة في غزة. وتسببت الحرب أيضاً في نزوح غالب سكان القطاع وأحدثت كارثة إنسانية.