ملخص
أصبحت سياحة التخييم في تونس رائجة لأسباب عدة منها بيئية وثقافية ومادية وحتى صحية
بعيداً من الروتين اليومي وبحثاً عن المغامرات الشيقة وسط الطبيعة الخلابة، توجه اهتمام عديد من التونسيين إلى هواية التخييم في مناطق البلاد الثرية بصحرائها الشاسعة من أقصى الجنوب إلى غاباتها الجميلة بأقصى الشمال، أو على طول شواطئها الممتدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
خلال السنوات الأخيرة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت سياحة التخييم في تونس رائجة لأسباب عدة منها بيئية وأخرى ثقافية ومادية وحتى صحية.
ودفع انتشار نشاط التخييم بشكل واسع في السنوات الأخيرة ببعضهم، إلى إحداث صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم رحلات تجارية للتخييم في عديد المناطق التونسية، وتحديداً مناطق الشمال والشمال الغربي المعروفة بطبيعتها الجبلية.
مراد، شاب ثلاثيني يعمل في مجال تنظيم رحلات التخييم، يقول إن "هذا النوع من السياحة لم يعد يقتصر على الشباب أو المنظمات الكشفية فقط، بل أصبحنا اليوم ننظم رحلات لعائلات بأكملها نساء وأطفالاً"، مضيفاً "أسبوعياً نقوم بتنظيم رحلات ويحدد المكان بحسب الطقس"، ويتابع "يزداد الطلب على هذا النوع من الرحلات خلال العطل المدرسية في الربيع والصيف وحتى الشتاء".
البحث عن المتعة
وفي هذا الشأن، يقول مراد إن "عقلية العائلات التونسية تغيرت وأصبحت تبحث عن المغامرة والمتعة واكتشاف أماكن جديدة في تونس بعيداً من الروتين وصخب الحياة". ويرى مراد أن "التونسي أيضاً أصبح أكثر اهتماماً في البحث عن المتعة من خلال السفر والتخييم"، معتبراً أن هذا النوع من السياحة أكثر متعة جسدياً وفكرياً وحتى صحياً"، مستدركاً "أن الاهتمام بالجانب الأمني وانتشار مراكز التخييم في البلاد، شجعا عديداً على المغامرة والتجربة".
ويواصل مراد "هناك برامج عدة وأنشطة ثقافية كالغناء والمطالعة والنقاشات الفكرية واكتشاف المواقع، وأنشطة أخرى رياضية كالسباحة والمشي وغيرها من الألعاب تعتمد في بعض المخيمات".
ويقول مراد إن نشاط التخييم انتشر في تونس قبل سنوات مع انتشار رياضة المشي لمسافات طويلة وسط الطبيعة.
ويلتجئ محبو التخييم إلى الطبيعة بجميع مكوناتها للهرب من الحياة العملية الشاقة والمتعبة والضغوط، التي تحمل في طياتها أمراض العصر كالاكتئاب والانزواء وصعوبة الاندماج مع المجتمع.
في هذا الصدد تقول سلمى سيدة أربعينية إن سبب عشقي للتخييم نصيحة من طبيبتي بأن ألتجئ إلى الطبيعة بعد أن عشت أزمة نفسية حادة بسبب وفاة أمي كادت تكتب نهاية لحياتي، سلمى من عشاق التخييم منذ سنوات الجامعة، حتى أنها تعرفت على زوجها في إحدى الرحلات، وهو بدوره من هواة التخييم والمغامرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقول سلمى إنه حتى بعد أن رزقا بطفلين، "استمر عشقنا للتخييم ونقلنا هذا العشق لأطفالنا، خصوصاً أن أغلب العطل نقضيها بين الغابات ربيعاً وبين شواطئ تونس الجميلة صيفاً".
من جانبها تقول ابتسام عبدالقادر إن عشقها للتخييم مع عائلتها انطلق منذ أن تواصلوا بمجموعة منظمة للتخييم عبر "فيسبوك" بهدف التجربة، وتابعت "لكننا أدمنا هذا النشاط وأصبحنا ننظم رحلات بمفردنا مع مجموعة من الأصدقاء".
تتحدث ابتسام عن تجربتها التي اعتبرتها مفيدة لعائلتها التي أصبحت أكثر اندماجاً مع المجموعة، وبات أفراد أسرتها يعبرون عن مواقفهم ومشاعرهم بطلاقة، لأن من فوائد التخييم بحسب تجربتها الجلوس مع المجموعة والحديث في مواضيع عدة بعيداً من شاشات الهواتف والتلفزيون".
تجربة روحية
أيضاً تقول ابتسام إن تجربة التخييم مع أطفالها جعلتهم أقل تطلباً من قبل، لاسيما في ما يخص التغذية والوجبات الجاهزة، فالمخيم علمها تحضير الأكلات الصحية والبسيطة المطبوخة على الحطب بعيداً من السندويشات والأطباق سريعة التحضير.
ولفتت ابتسام إلى أن "تجربة التخييم في الهواء الطلق بين الطبيعة تبدو من الوهلة الأولى صعبة نظراً إلى ظروف النوم والأكل، فهي تجربة بعيدة من الترف والرفاهية، لكن بعد خوض التجربة الأولى ستصبح إدماناً ومتعة ونمط حياة دورياً ورحلة تأخذنا إلى عالم آخر ينسينا مصاعب الحياة اليومية".
وتنتشر في تونس مراكز تخييم عدة في أغلب مناطق البلاد بخاصة الغابات والمناطق الطبيعية، وتقوم السلطات بتأمين هذه المراكز بشكل دوري ودائم.
ويقول مهدي الجماعي منظم رحلات كشفية ومخيمات، "التخييم ليس مجرد مغامرة في الهواء الطلق لأيام بعيداً من المنزل، بل يعتبر تجربة حياتية خارجية إبداعية تعليمية، وذلك لاعتمادنا أثناء التخييم على المصادر الطبيعية المحيط بنا".
وواصل "للمخيم أيضاً فوائد مهمة تبعدنا عن التكنولوجيا، إذ يأخذ صاحب التجربة استراحة من التلفزيون والهواتف المحمولة والإنترنت، فيعيدون تشكيل قواهم الإبداعية واكتشاف طاقاتهم، ويعيشون في عالم حقيقي غير افتراضي ويخوضون مغامرات حقيقية وبالتالي عواطف حقيقية".
وتابع مهدي متحدثاً عن فوائد التخييم، معتبراً إياه "المكان المثالي لاتخاذ القرارات من دون ضغوط أو توجيه"، مضيفاً "في المخيم هناك وقت للتفكير في الحياة وفي إبداع الخالق، فهي تجربة روحية بامتياز".