Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مئوية دستور 1923... الكاريكاتير المصري مؤيداً وساخراً

أكثر من 100 رسمة تعرض للمرة الأولى تعكس الجدل الذي دار حول الدستور وكيف تفاعلت الصحافة معه

مع الزمن تتحول رسوم الكاريكاتير إلى واحدة من المصادر التي يمكن الرجوع لها للتعرف على تفاصيل هذه الحقبة (مشروع ذاكرة الكاريكاتير)

ملخص

رحلة طويلة امتدت 3 عقود شهدها دستور 1923 منذ بداية إصداره وحتى تعطيل العمل به بعد قيام ثورة يوليو 1952

يمر هذا العام قرن كامل على إصدار دستور 1923، الذي يعد واحداً من أهم الدساتير المصرية في عصر البلاد الحديث، إذ خرج في أجواء سياسية مشتعلة شهدتها مصر، من احتلال إنجليزي وزخم لا يزال ممتداً من ثورة 1919، وفي الوقت ذاته صراع مشتد بين الملك وحزب الوفد.

واحتفالاً بمئوية دستور 1923، نظم مشروع "ذاكرة الكاريكاتير" بالتعاون مع المركز الفرنسي بالقاهرة معرضاً فنياً يقدم رسوماً كاريكاتيرية تعرض للمرة الأولى، نشرت في الصحافة المصرية إبان أجواء إصدار دستور 1923، وما صاحبه من أوضاع سياسية مشتعلة كانت ملهمة لفناني الكاريكاتير في هذا العصر، فجاءت الرسوم معبرة عن واقع الشارع، والتوجهات السياسية المختلفة، ووثيقة يستند إليها عند الرغبة في التعرف على السياق السائد في هذه الحقبة، وأهم أفكار وتوجهات الشارع المصري آنذاك.

رسوم نادرة

يقول الباحث والكاتب عبدالله الصاوي، مؤسس مشروع ذاكرة الكاريكاتير، "يضم المعرض أكثر من 100 رسم كاريكاتير نادر نشرت بالتواكب مع دستور 1923، وكل ما ارتبط به من أحداث سياسية في صحف ومجلات مصرية كانت ذائعة الانتشار آنذاك، ومنها (اللطائف المصورة، الكشكول المصور، خيال الظل، روزاليوسف، وآخر ساعة). رسمت هذه الأعمال بريشة مجموعة من فناني الكاريكاتير، من أبرزهم محمد عبدالمنعم رخا، وعلى رفقي، وألكسندر صاروخان، وجوان سنتيس".

 

ويضيف الصاوي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "رصد رسامو الكاريكاتير في تلك الفترة تفاصيل الواقع السياسي المصري، كما تشير الرسوم إلى حرية الصحافة التي شهدتها مصر خلال هذه الفترة، فترصد الأعمال مسيرة دستور 1923 على مدار فترة تمتد إلى ثلاثة عقود بكل ما شهدته من أحداث وشخصيات، بداية من القرار الذي أصدره عبدالخالق باشا ثروت رئيس الوزراء في الثالث من أبريل (نيسان) 1922، بتشكيل لجنة وضع الدستور، مروراً بانسحاب حزب الوفد من تلك اللجنة، ووصفها بلجنة الأشقياء، ثم صدور الدستور بالفعل، وفوز حزب الوفد بغالبية ساحقة في أول انتخابات برلمانية بعد صدوره، وتشكيل أول حكومة وفدية برئاسة سعد باشا زغلول".

رحلة دستور 1923

رحلة طويلة شهدها دستور 1923 تمتد إلى ثلاثة عقود منذ بداية العمل على إصداره مروراً بكل الأحداث المتعاقبة مروراً بتعطيله، ثم عودته مرة أخرى بانطلاق احتجاجات كبيرة في الشوارع المصرية تطالب بإعادة العمل به ليستمر دستوراً لمصر حتى الـ10 من ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، إذ بعد قيام ثورة يوليو (تموز) ألغى مجلس قيادة ثورة يوليو العمل بدستور 1923 الذي كان أحد مظاهر الحركة الوطنية في مصر خلال النصف الأول من القرن الـ20.

 

يقول الصاوي، "وثقت رسوم الكاريكاتير المعارك التي خاضها حزب الوفد والانتفاضات الشعبية التي أعقبت قرار رئيس الوزراء إسماعيل باشا صدقي بإلغاء دستور 1923، وإصدار دستور 1930، الذي عرف بين الناس بدستور (صدقي) الذي منح سلطة مطلقة للملك في تعيين وعزل الحكومة، مما أثار غضب الشارع، وعكست الرسوم كثيراً من التفاصيل والتوجهات التي تبنتها الصحافة المصرية بخصوص هذا الأمر، فبينما كانت مجلتا (روزاليوسف، وآخر ساعة) تؤيدان عودة العمل بدستور 1923، هناك مجلة (الكشكول المصور) تعارض ذلك، بل وصبت هجومها على حزب الوفد وقياداته ووقفت في صف الحكومة والقصر".

ويضيف، "سجل الكاريكاتير تلك المعارك التي احتدمت على مدار خمس سنوات بين حزب الوفد ومعارضيه من أجل عودة العمل بدستور 1923، حتى جاءت تظاهرات طلبة الجامعة والمدارس عام 1935 المطالبة بعودة دستور 1923، التي عرفت بانتفاضة 1935، لتعيد إلى الأذهان أحداث ثورة 1919، وأمام الضغط الشعبي والانفجار الكبير من الوفد ومؤيديه وامتداد التظاهرات للأقاليم اضطر الملك فؤاد إلى إصدار القرار رقم 142 لسنة 1935، الذي ألغى بمقتضاه دستور 1935، وأعاد العمل مرة أخرى بدستور 1923".

الفن لا ينفصل عن الواقع

وأصبحت هذه الرسوم الكاريكاتيرية واحدة من المصادر التي يمكن الرجوع إليها للتعرف على تفاصيل وأحداث هذه الفترة بعيداً من الوثائق والروايات الرسمية، مما يؤكد أن الفن إحدى أدوات المجتمع، لتوثيق أحداثه الكبرى، بينها السياسية.

 

تقول فاطمة عادل، المدرس بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، "الفنان في كل العصور لا ينفصل عن السياق المحيط به، والفن بصورة عامة هو إحدى وسائل التوثيق للمراحل التاريخية المختلفة، وما تشهده من أحداث سياسية وغيرها فتعكسها الفنون المختلفة، سواء التشكيلية أو السينما وغيرها، التي أيضاً يكون لها دور في نشر الوعي، بما يحدث في المجتمع لكل الطبقات، هناك أعمال سينمائية على سبيل المثال نجحت في تغيير قوانين".

وتضيف عادل، "الفنون لها القدرة على الوصول إلى قطاعات عريضة من الجماهير بشكل سهل وبسيط عن المقالات أو التحليلات السياسية التي تحتاج إلى قدر من الثقافة لاستيعابها، وفن الكاريكاتير تحديداً له قدرة كبيرة على ذلك باعتباره يعكس القضايا المختلفة بشكل ساخر، وينشر في مطبوعات يومية تصل للناس بصورة كبيرة بعكس الفنون التشكيلية التي تقام في معارض خاصة، ولا يتوجه إليها إلا جمهور لديه قدر من الثقافة واهتمام بهذا الفن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مشاركات معاصرة

إلى جانب رسوم الكاريكاتير التي يعود تاريخها إلى 100 عام مضت، عمل القائمون على المعرض على تبني مبادرة لعرض أعمال لطلاب الفنون تتعلق بالحدث لخلق شكل من أشكال التواصل بين الأجيال في التعبير عن ذات القضية.ويضم المعرض مجموعة من البورتريهات الكاريكاتيرية لمجموعة من أبرز رواد الحركة السياسية المصرية آنذاك، منهم سعد باشا زغلول، وأحمد زيور باشا، وأحمد لطفي السيد، وعباس محمود العقاد، وفكري أباظة، وطه حسين، وجرى رسمها بريشة مجموعة من شباب رسامي الكاريكاتير المصريين، وطلبة وطالبات كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة جرى إعدادها خصيصاً لهذا المعرض.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير