Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تخطى الطب عمر المرأة كعائق أمام الإنجاب؟

حصل تطور طبي ملحوظ في معالجة العقم خلال الأعوام الأخيرة مما سمح بزيادة فرص الإنجاب رغم وجود مشكلات كانت تعد في السابق من العوائق التي لا يمكن تخطيها

تعتبر تقنية تجميد البويضات الحل الوحيد الذي يمكن اللجوء إليه للإنجاب في سن متقدمة من دون اللجوء إلى متبرعة (رويترز)

ملخص

تمكنت امرأة أفريقية مسنة من إنجاب توأم بعمر الـ70، مما أثار ضجة واسعة

أنجبت امرأة أوغندية بعمر الـ70 توأماً بعد خضوعها لعلاج هرموني للتخصيب، وحازت لقب "الأم الأكبر سناً في القارة الأفريقية". وأثارت قصتها ضجة كبيرة وكثر تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي وتناولتها وسائل الإعلام كظاهرة غريبة، إلا أن هذه ليست القصة الأولى لامرأة متقدمة في السن تنجب طفلاً، في حين يقول الأطباء إن الإنجاب غير ممكن بالنسبة إلى المرأة في سن متقدمة إلا بشروط معينة.
ومما لا شك فيه أن الطب حقق تطوراً لافتاً في مجال زيادة الخصوبة ومعالجة العقم حتى استطاع أن يتخطى عوائق كثيرة كانت تجعل الإنجاب مستحيلاً. لكن ما الحدود التي يقف عندها الطب في هذا المجال؟ وكيف يمكن تخطي عمر المرأة كعائق؟

عائق لا يمكن تخطيه حتى اليوم

لدى المرأة عدد معين من البويضات منذ لحظة ولادتها وهي تخسر من المخزون المحدد الذي لديها خلال حياتها تدريجاً إلى حين بلوغها مرحلة انقطاع الطمث، عندها لا تعود كمية البويضات المتبقية لها فاعلة لحصول الحمل، وفق ما يوضحه الطبيب الاختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد ومعالجة العقم الدكتور حبيب عطالله، مضيفاً أنه "مع مرور الوقت تخسر المرأة من مخزون البويضات من حيث الكمية خلال الدورة الشهرية، وأيضاً من حيث النوعية. بصورة عامة، عمر البويضات هو من عمر المرأة". ويشرح عطالله أنه "في مجال الخصوبة ومعالجة العقم، حتى اللحظة، يعتبر الطب عاجزاً عن تخطي مسألة عمر المرأة الذي يشكل عائقاً فعلياً أمام القدرة على الإنجاب"، مردفاً أن "خلايا البويضات تعجز عن التجدد تلقائياً. لذا، تبقى المرأة ملزمة بالكمية التي ولِدت معها، فهي خلية تكبر مع تقدم المرأة بالعمر وللعمر أثر عليها، على عكس ما يحصل مع الرجل الذي يخسر الحيوانات المنوية، ثم يصنعها مجدداً خلال شهرين أو ثلاثة، خصوصاً في حال اتخذ إجراءات معينة وحرص على إدخال تحسينات على نمط حياته ونظامه الغذائي. بالنسبة إلى المرأة، فيما تشيخ البويضة لديها وتزيد الأخطاء الجينية فيها بصورة متراكمة، تشيخ بذلك على نحو تراكمي، ويعتبر ذلك عائقاً لا يمكن تخطيه حتى اليوم".
وقال عطالله إن "على المرأة أن تدرك أنها منذ عمر 35 سنة، تواجه خسارة كمية البويضات التي لديها بصورة تدريجية تزيد مع مرور الأعوام. كما تتأثر النوعية في هذه المرحلة إلى حد ما. ثم من عمر 38 سنة وما فوق، تتراجع نوعية البويضات على نحو متسارع. أما بعد سن الـ40، فتزيد هذه الخسارة بسرعة، ثم بعد عمر 43 سنة يصبح عدد البويضات ذات النوعية الجيدة والقادرة على إعطاء جنين بصحة جيدة في حال التلقيح، ضئيلاً جداً، مما يؤكد أنه لا يمكن الحفاظ على خصوبة المرأة مع تقدّمها في العمر".

حل يسمح بالإنجاب

في مواجهة هذا التحدي ومع خسارة عدد البويضات وتراجع نوعيتها، أوجد الطب حلاً أنسب في عملية تجميد البويضات التي ظهرت منذ حوالى 10 أعوام، وينصح عطالله المرأة التي لم تتزوج بعد، أو قررت تأجيل الإنجاب، بأن "تحرص على تجميد البويضات قبل عمر 35 سنة. لكن تجميد البويضات ممكن أيضاً بعمر 37 أو 38 سنة، وإن كانت الحظوظ أقل عندها"، موضحاً أن "عملية تجميد البويضات تسمح بـتجميد الوقت بحيث أن المرأة التي تتقدم في السن تحافظ على بويضات في عمر أصغر أي بنوعية أفضل. لذا عندما تقرر الإنجاب في سن معينة، ولو تقدمت بالسن، يمكنها أن تلجأ إلى هذه البويضات لضمان فرص حمل وإنجاب أعلى من خلال عملية التلقيح الاصطناعي. عندها، تكون الدورة الشهرية مستمرة ولا يزال الرحم بصحة جيدة وخالٍ من المشكلات. فتكون كل الحظوظ متوافرة للإنجاب. أما المرأة المسنة التي أنجبت بعمر 70 سنة، فهي حكماً لم تلجأ إلى عملية تجميد البويضات لأنها لم تكن قد طوِّرت بعد عندما كانت بعمر 40 سنة، بذلك لا يمكن أن تكون أنجبت من بويضاتها الخاصة، بل تلقت حكماً بويضة من واهبة بعمر أصغر قادرة على الإنجاب، وتجرى بهذه الطريقة أيضاً عملية التلقيح الاصطناعي مع الحيوانات المنوية للزوج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لكن عطالله أوضح أن "هذا لا يمكن أن يحصل إلا في الدول التي تسمح بعملية وهب البويضات وفق قوانين وشروط معينة. وعندها لا تُعتبر المرأة الأم البيولوجية للجنين. وبطبيعة الحال، لهذا الموضوع أبعاد كثيرة دينية وأخلاقية واجتماعية، فتجنباً لمثل هذه الظروف، من الأفضل للمرأة أن تحرص على تجميد بويضاتها في منتصف الثلاثينيات أو قبلها حتى إذا كانت لم تنجب بعد، مما يسمح بزيادة حظوظ الإنجاب عندما ترغب في ذلك. وانطلاقاً مما تقدم، يعتبر تجميد البويضات الحل الوحيد المتوافر حتى اللحظة في مواجهة تقدم المرأة بالعمر بما أنها تخسر من البويضات المتوافرة لديها مع مرور الأعوام".
وأردف أنه "بالنسبة إلى النساء اللواتي هنّ أكثر عرضة لبلوغ مرحلة انقطاع الطمث في سن مبكرة لأسباب وراثية، فمن المفترض بهن تجميد البويضات في سن مبكرة، أي في حوالى عمر 25 سنة. كما قد يكون من الأفضل لهن الإنجاب في سن مبكرة بعد الزواج ومن دون تأخير. ولا بد من التوضيح أنه حتى إذا استمرت الدورة الشهرية وكانت منتظمة، ليس هذا معياراً ولا يدل على أنها قادرة على الإنجاب بطريقة طبيعية. فبالنسبة إلى المرأة، العمر يحدد قدرتها على الإنجاب. وحتى إذا استمرت الدورة الشهرية، يكون مخزون البويضات قد أصبح ضئيلاً، ولا تعود نوعية البويضات المتبقية جيدة بل تكثر فيها الأخطاء الجينية، وحتى في حال تلقيحها لن يستمر الحمل أو ربما لا يكون الجنين قابلاً للحياة".

بين صحة الرحم وعدد البويضات

من جهتها، تركز الطبيبة الاختصاصية في الجراحة النسائية والتوليد وفي معالجة العقم الدكتورة غاييل بو غنام على أن "حمل المرأة يتطلب البويضة والرحم. وبعد عمر 45 سنة، يصبح هناك ضعف في البويضة وتزيد فيها التشوهات، مما يزيد من صعوبة الحمل". لذا تؤكد بو غنام أيضاً أن المسنة التي أنجبت في عمر 70 سنة لجأت حكماً إلى البويضات الموهوبة من متبرعة، وليست البويضات الخاصة بها، أما الرحم فيبقى قادراً على العمل بفاعلية، حتى إن جراحة زراعة الرحم التي تتبرع فيها الأم لابنتها التي تعاني مشكلة في الرحم أو ليس لديها رحماً، قادرةً على تخطي المشكلات الكبرى التي فيه. وما دام أن العلاجات الهرمونية تُعطى للمرأة، يعمل الرحم من دون مشكلة".
وتشير بو غنام إلى أنه "ما من حدود في مجال الرحم، بل في مجال البويضة فقط. فتكون هناك عوائق ترتبط بالبويضات بسبب عمر المرأة، وهذا ما يعجز الطب عن تخطيه. ويمكن للمرأة المسنة أن تستمر بتلقي العلاج الهرموني من أجل الرحم، فتستمر الدورة الشهرية لديها، وتتلقى بويضة من متبرعة في سن صغيرة فيكون الإنجاب ممكناً".

لكن على رغم أن تجميد البويضات يسمح بالفعل بالإنجاب مع التقدم بالسن، أو في الأقل يزيد فرص الإنجاب، لا تنصح بو غنام بحصول حمل بعد عمر 45 سنة أو 47 سنة حتى في هذه الحال لأن احتمال حصول مضاعفات يزيد عندها مثل السكري والإجهاض وارتفاع ضغط الدم والنزف وغيرها. ومن الأفضل ألا يحصل حمل بعد عمر 47 سنة، لكن نظرياً يمكن أن تستمر المرأة باستخدام البويضات التي جمّدتها في أي وقت كان لأن الرحم يستمر بالعمل بفضل العلاج الهرموني. في الوقت نفسه، تحذّر الطبيبة من الآثار الجانبية الناتجة من العلاج الهرموني فهو يزيد خطر التعرض لجلطات مع الاستمرار باللجوء إليه، خصوصاً في حال الحمل في سن متقدمة.
انطلاقاً من ذلك، يمكن التأكيد أن كل من تنجب بعد عمر الـ50 تكون استخدمت بويضات من متبرعة أو أنها لجأت إلى تجميد البويضات لأن الحمل بغير ذلك غير ممكن تقريباً. فنسبة حصول حمل مع التقدم بالسن بصورة طبيعية تكون قد تراجعت إلى حد كبير وقد تقارب الـ 0 في المئة. أيضاً في حال حصول حمل في هذه السن على الأرجح قد يحصل إجهاض، وإلا فيعتبر ذلك استثنائياً من حيث المنطق. وفي حال استخدام البويضات الخاصة بالمرأة، يبقى العمر هو العائق والحدود التي لا يمكن للطب أن يتخطاها لو استمرت الدورة الشهرية للمرأة، فهي غير قادرة على الإنجاب لأن البويضات لا تكون سليمة ليحصل الحمل ويكتمل. يشار إلى أن الطب أصبح قادراً على زرع الرحم وضبط الهرمونات لكن عند فقدان البويضات، لا يمكن طبياً حتى اليوم استعادتها بأي وسيلة كانت. وهذا ما يحصل في مرحلة انقطاع الطمث.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة