Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش السوداني يتصدى لـ"الدعم السريع" على أبواب ود مدني

5 ولايات تفرض تدابير أمنية مشددة تحسباً لهجوم الميليشيات والاتحاد الأوروبي يدعو قوات حميدتي إلى الانسحاب من "الجزيرة"

طيران الجيش السوداني شن غارات مكثفة على مواقع وارتكازات "الدعم السريع" شرق ود مدني (رويترز)

ملخص

دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي باستخدام الأسلحة الثقيلة، فيما شن طيران الجيش غارات مكثفة على مواقع وارتكازات "الدعم السريع" شرق ود مدني.

تنفس مواطنو مدينة ود مدني (تبعد 180 كيلومتراً عن الخرطوم) الصعداء أمس الأحد، بعد إعلان الجيش السوداني تصديه لقوات "الدعم السريع" التي هاجمت المدينة من جهتها الشرقية الجمعة الماضي وتواصلت الاشتباكات العنيفة بينهما ثلاثة أيام على التوالي، مما دفع الآلاف من سكانها إلى الخروج إلى الشوارع احتفالاً، بينما بثت "الدعم السريع" مقطع فيديو لمجموعة من أفرادها يتمركزون بأحد الطرق الرئيسة في الأحياء الشرقية للمدينة (حنتوب) مؤكدة أن أفرادها "ماضون في هدفهم بتسلم كامل مدينة ود مدني".

وأكد بيان للمتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبدالله "استقرار الأوضاع في ود مدني وتصدي قواته للمتمردين واستمرارها في ضربهم وإيقاع الخسائر بهم بكل الوسائل المشروعة لحين تخليص البلاد منهم وتحقيق النصر"، مشيراً إلى "تضافر جهود جميع الجهات النظامية من جيش وشرطة واستخبارات عامة، فضلاً عن المتطوعين لاستدامة هذا الاستقرار والحفاظ عليه حتى القضاء على آخر متمرد".

ونوه البيان بأن "كل قرى شرق ولاية الجزيرة التي استهدفتها الميليشيات المتمردة خلال الأيام الماضية يقطنها مواطنون وليس بها أهداف عسكرية، بما يؤكد حقيقة أن ميليشيات الدعم السريع تشن هذه الحرب على المواطن السوداني في مسكنه ومأمنه وممتلكاته ونفسه قتلاً وترويعاً ونهباً".

فيما أكدت قوات "الدعم السريع" التزامها القانون الدولي الإنساني، والتعاون مع الفاعلين في الحقل الإنساني من أجل الاستمرار في القيام بمهامهم بمساعدة المتأثرين بالحرب.

وأشار بيان لـ"الدعم السريع" إلى أن توجيهات صارمة صدرت من قيادتها إلى جميع القوات بحسم جميع التفلتات وتعزيز الأمن والاستقرار وحماية المواطنين وممتلكاتهم، واضعين في الاعتبار أن "ولاية الجزيرة كبيرة ومهمة، وأن النظام البائد قد دمر كل البنى الاقتصادية، وأهمها مشروع الجزيرة والمؤسسات الخدمية والتعليمية".

وبحسب مصادر عسكرية، فإن قوات "الدعم السريع" حاولت الدخول إلى ود مدني من ثلاثة محاور تشمل الجهة الشرقية عبر مناطق التكيلات وحنتوب والملكية، والجهة الشمالية الشرقية من خلال منطقة أبو حراز، والجهة الغربية لطريق الشرق.

ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي باستخدام الأسلحة الثقيلة، فيما شن طيران الجيش غارات مكثفة على مواقع وارتكازات "الدعم السريع" شرق ود مدني، مما دفع الأخيرة إلى التراجع. وأدت هذه المعارك إلى نزوح آلاف الأسر إلى الولايات المجاورة خوفاً من سقوط القذائف على منازلهم وانتقال القتال إلى داخل المدينة.

معارك الخرطوم

وفي الخرطوم، تواصلت العمليات والمواجهات العسكرية بين طرفي الصراع في مدن العاصمة الثلاث، وبحسب شهود عيان فإنه سمع دوي انفجارات قوية وارتفاع أصوات المضادات الأرضية في محيط منطقة تمركزات قوات "الدعم السريع" بنواحي المعمورة وأرض المعسكرات والمدينة الرياضية جنوب وشرق العاصمة، مما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان في تلك المناطق بكثافة.

كما شن الطيران الحربي التابع للجيش غارات مكثفة على أهداف ومواقع لـ"الدعم السريع" في مناطق الرياض وشرق النيل ومدينة العيلفون. وأشار مواطنون في أم درمان وبحري إلى سماعهم أصوات قصف مدفعي متقطع.

في الأثناء، فرضت خمس ولايات سودانية هي سنار والقضارف ونهر النيل والنيل الأبيض والشمالية تدابير أمنية مشددة شملت حظر تجوال ليلاً ومنع تجمعات المواطنين وإغلاق المحال التجارية والمقاهي والمتنزهات، إلى جانب منع تحرك الدراجات النارية داخل حدود الولاية.

وتأتي هذه الإجراءات تحوطاً لأي هجوم قد يحدث من قبل قوات "الدعم السريع" التي تسعى إلى التوسع في مناطق عديدة من ولايات البلاد الـ18.

زخم إعلامي

وتعليقاً على محاولات قوات "الدعم السريع" التمدد في الولايات القريبة من الخرطوم بهجومها على قرى ومدن ولاية الجزيرة، قال المتخصص في الشؤون العسكرية الرشيد المعتصم لـ"اندبندنت عربية" إن "منطقة شرق الجزيرة (البطانة) واسعة في امتداداتها ومتنوعة في جغرافيتها، وتشمل ولايات عدة منها الجزيرة وسنار والقضارف ونهر النيل حتى تخوم ولاية كسلا، وتعتبر منطقة محكمة تربط الولايات الأخرى الآمنة في البلاد بعد الخرطوم وعبرها تمتد الطرق التي تربطها بالميناء الرئيس في شرق السودان (بورتسودان)، فهي الشريان الذي عبره يتم تبادل السلع والخدمات بين أطراف البلاد المختلفة".

وتابع "كذلك فإن مساحات هذه المنطقة تمتد وتنفتح على حدود بعض دول الجوار كإثيوبيا وجنوب السودان وإريتريا، وتاريخياً تعتبر منطقة لتهريب السلع من وإلى تلك الدول وتمر عبرها قوافل تهريب البشر من منطقة شرق أفريقيا إلى ليبيا والبحر المتوسط وتستخدمها أيضاً عصابات تجارة المخدرات التقليدية ذات الأصل النباتي كالحشيش (البنقو والشاشمنى) ودخلت في السنين الأخيرة المخدرات المخلقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصل المعتصم "في مراحل مختلفة تم عبر هذه المنطقة أيضاً تهريب الأسلحة، وأثناء هذه الحرب قطعت الأجهزة الأمنية السودانية الطريق على مهربي الأسلحة واستولت على عتاد عسكري متعدد المشارب وقبل هذه الأحداث بثلاثة أسابيع نظمت حكومة السودان اجتماعاً تنسيقياً بين الولايات التي يمتد فيها سهل البطانة بتضاريسه المختلفة، مما يؤكد بوضوح أن الهم الأمني كان حاضراً وفي سلم الأولويات".

وأردف "في اعتقادي أن قوات المتمردين تسعى إلى تشتيت النشاط العسكري للقوات السودانية وترمي بهذا العمل إلى التغطية على أنشطة أخرى في مواقع غيرها، فضلاً عن أن الضغط على هذه الميليشيات والمتعاونين معها من أبناء المنطقة في الخرطوم دفعهم إلى الخروج لفضاءات أوسع تتيح لهم المناورة في مساحات أكبر والحصول على التموين اللازم لقواتها من وقود وأغذية عبر الإغارة السريعة والخروج من القرى والأسواق، وسبق أن بدأت محاولاتها بالتحرك في منطقة شرق شندي وأم شديدة شمال الخرطوم، لكنها تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد العسكري".

ومضى المتخصص في الشؤون العسكرية قائلاً "في تقديري أن هؤلاء المتمردين يحاولون المحافظة على الزخم الإعلامي حتى ولو كان على حساب القرى والأرياف الوادعة وترويع المواطنين في المدن التي نزح إليها سكان الخرطوم".

الخدمات الصحية

وفي شأن تحديات الوضع الصحي، أعلن وزير الصحة السوداني المكلف هيثم محمد إبراهيم وضع عدد من التدابير والترتيبات اللازمة لدعم ولاية الجزيرة بخاصة مدينة ود مدني، التي نزح إليها عشرات الآلاف من سكان الخرطوم لضمان استمرار الخدمات الأساسية والطوارئ بالمستشفيات بعد اشتباكات الجيش و"الدعم السريع" التي طاولت الولاية.

ونوه إبراهيم خلال اجتماع طارئ بمدينة بورتسودان بأن استمرار الانتهاكات واستهداف المدنيين والمؤسسات الصحية من قبل قوات "الدعم السريع" يعد جريمة إنسانية تقود لكارثة صحية، داعياً إلى استمرار تقديم الخدمات الصحية للمواطنين.

وأشار إلى تواصل وزارته مع المنظمات الدولية للعمل الميداني مثل الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، وفتح باب الانتداب للكوادر الصحية للعمل في المستشفيات لسد النقص، مشدداً على ضرورة العمل على سلامة الكوادر الطبية في الميدان.

ووجه وزير الصحة بتحريك الإمداد من مخازن ولاية الجزيرة لتغطية الحاجة المتوقعة في بقية المستشفيات بالولاية والولايات المجاورة، لافتاً إلى أن الاجتماعات ستتواصل يومياً لمتابعة المستجدات كافة.

توتر دبلوماسي

وعلى الصعيد الدبلوماسي، أخطرت وزارة الخارجية السودانية نظيرتها التشادية بقرار إعلان ثلاثة دبلوماسيين عاملين بسفارتها في الخرطوم أشخاصاً غير مرغوب فيهم.

وطالبت الخارجية السودانية الدبلوماسيين التشاديين بمغادرة البلاد خلال مدة أقصاها 72 ساعة، ويأتي هذا القرار استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل.

وكانت الخارجية التشادية أبلغت السبت السفير السوداني في أنجمينا بأن أربعة دبلوماسيين سودانيين باتوا أشخاصاً غير مرغوب فيهم وأن عليهم مغادرة البلاد خلال 72 ساعة، بعد ثلاثة أيام من احتجاج رسمي قدمته خارجية تشاد للسفير السوداني على تصريحات لمساعد القائد العام للجيش ياسر العطا اتهم فيها أنجمينا بتيسير نقل مساعدات عسكرية ولوجيستية إماراتية لقوات "الدعم السريع"، وهو ما نفته تشاد، وطالبت الخرطوم بتقديم اعتذار رسمي.

ورفض وزير الخارجية السوداني علي الصادق الأسبوع الماضي الاعتذار لتشاد قائلاً إن تصريحات ياسر العطا كانت مبررة، وإن أنجمينا تسلمت من الخرطوم صور أقمار اصطناعية تثبت توفيرها ممرات لوجيستية لإمداد "الدعم السريع" بالسلاح.

قلق دولي

وأبدى الاتحاد الأوروبي قلقه في شأن تطور الأحداث في السودان بخاصة في ولاية الجزيرة ومدينة ود مدني، التي تعتبر مركز الإغاثة في البلاد والملجأ لآلاف الفارين من الحرب من جميع أنحاء السودان.

وحث الاتحاد الأوروبي في بيان له ميليشيات "الدعم السريع" على الانسحاب من ولاية الجزيرة وبخاصة مدينة ود مدني على الفور.

كما أعرب المجلس النرويجي للاجئين عن قلقه العميق إزاء الصراع المتصاعد بين الجيش و"الدعم السريع" على أبواب ود مدني ذات الكثافة السكانية العالية.

ووصف المجلس في بيان له ود مدني بأنها "أكثر من مجرد مدينة أخرى تتعرض للهجوم، إنها واحدة من الملاذات القليلة المتبقية في السودان للمدنيين".

في حين، حضت السفارة الأميركية في الخرطوم قوات "الدعم السريع" على وقف تقدمها في ولاية الجزيرة على الفور والامتناع عن مهاجمة ود مدني.

وحذرت السفارة في بيان من أن التقدم المستمر لـ"الدعم السريع" يهدد بوقوع خسائر هائلة بين المدنيين وتعطيل كبير لجهود المساعدة الإنسانية، مشيرة إلى أن تقدمها تسبب بالفعل في عمليات نزوح واسعة النطاق للمدنيين من ولاية الجزيرة، وإغلاق الأسواق في ود مدني التي يعتمد عليها كثر.

كذلك أعربت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) في بيان عن قلقها البالغ إزاء تجدد الصراع في ولاية الجزيرة، حاثة الطرفين المعنيين على وقف الأعمال العدائية وحل النزاع من خلال الحوار.

المزيد من متابعات