Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"النيران الصديقة" مشكلة أكبر جيوش العالم

بسبب التكنولوجيا الجديدة وستؤدي عدم قدرة الإنسان على السيطرة عليها بشكل كاف إلى شيوعها بشكل أكبر

10 في المئة من جنود الجيش الإسرائيلي الذين قتلوا في قطاع غزة قضوا بنيران صديقة (أ ب)

ملخص

10 في المئة من جنود الجيش الإسرائيلي الذين قتلوا في قطاع غزة قضوا بنيران صديقة، بينما قضى آخرون في حوادث.

قال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 10 في المئة من جنوده الذين قتلوا في قطاع غزة قضوا بنيران صديقة، بينما قضى آخرون في حوادث. وأوضح متحدث عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية، "حتى الآن، سقط 105 قتلى منذ العمليات البرية، 20 منهم في حوادث"، مضيفاً أن 13 قتلوا نتيجة نيران صديقة، بينما قضى آخرون في حوادث تخللها استخدام أسلحة أو آلات أو دهس أو "خلل في إطلاق النار".

النيران الصديقة

لطالما أطلق جندي النار على أقرانه من الجنود، فيسقطون قتلى وجرحى فتسمى هذه الحادثة بـ"النيران الصديقة"، وهذه الحوادث وقعت في الحروب الدائرة حالياً في أوكرانيا وفي غزة، إذ سقط جنود روس بنيران صديقة كثيفة في أحد الانسحابات الفوضوية، وفي حرب غزة سقط جنود إسرائيليون بنيران أقرانهم ظناً منهم أنهم من مقاتلي "حماس" الذين يرتدون ملابس عسكرية شبيهة ببزات جنود الجش الإسرائيلي.

يقال في المصطلحات العسكرية أن النيران الصديقة أو قتل الأشقاء هو هجوم من القوات المسلحة على قوات صديقة أثناء محاولتها مهاجمة أهداف معادية، وقد يكون سببها في معظم الحالات الخطأ في تحديد الهدف والتأكد من أنه عدائي، أو إطلاق نار متبادل أثناء الاشتباك مع العدو.

في موسوعة "ويكبيديا" الإنجليزية بدأ استخدام مصطلح "صديقة" خلال الحرب العالمية الأولى، على رغم أنه في الأشكال الكلاسيكية للحرب كان الموت من "نيران صديقة" نادراً، ولكن ارتفع  أعداد القتلى في مثل هذه الحوادث مع تطور الأسلحة العسكرية.

ويقول المحلل العسكري والمحرر في "ويكيبيديا" الإنجليزية حول النيران الصديقة بأنه "لا ينبغي الخلط بين النيران الصديقة والتشويش أي القتل المتعمد لجنود من زملائهم الذين يخدمون في الجانب نفسه".

 

 

ويرد في موسوعة "أكسفورد" للتاريخ العسكري الأميركي أن نسبة الجنود الأميركيين الذين قتلوا بالنيران الصديقة بلغت بين 2 و2.5 في المئة في حروب الولايات المتحدة، وأكثر هذه الحوادث وقعت في حربي أفغانستان والعراق التي انطلقت في عامي 2001 و2003.

في المقابل يصف جون كراكور في مقالته "حيث يفوز الرجال بالمجد" في مجلة "بلومزبري" النيويوركية حوادث النيران الصديقة بأنها تعبير واضح عن التهور وعدم الكفاءة في المجموعة العسكرية التي أطلقت النار. وينتقد كراكور مفهوم "ضباب الحرب" الذي جعله الجيش الأميركي غطاء لإخفاء الأخطاء، وبرأيه يمكن استخدام هذا الشعار كذريعة لسوء التخطيط والقيادة غير الكفؤة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت حوادث النيران الصديقة شائعة خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، لأن القوات العسكرية قاتلت في معارك متلاحمة، وكان الاستهداف غير دقيق نسبياً ومع تحسن دقة الأسلحة أصبح هذه الحوادث أقل شيوعاً ولكنها لا تزال تقع.

وتكثر مثل هذه الحوادث في المعارك التي تشارك فيها قوات مشتركة من دول كما يتضح من الحوادث التي وقعت في حرب الخليج عام 1991، ومن حادثة إسقاط طائرة بريطانية بصواريخ باتريوت أميركية خلال غزو العراق عام 2003، وفي حادثة مزرعة تارناك، إذ قتل أربعة جنود كنديين وأصيب ثمانية آخرون عندما أسقط رائد في الحرس الوطني الجوي الأميركي قنبلة تزن 230 كيلوغراماً من طائر F-16 على فوج المشاة الكندي الذي كان يجري تمريناً ليلياً لإطلاق النار قرب قندهار.

في الحرب العالمية الثانية، رسمت "خطوط الغزو" والشعارات الواضحة على طائرات الحلفاء لتحديد هوية الطائرة استعداداً لغزو نورماندي، وفي وقت متأخر من الحرب تم طلاء "سرب الحماية" الألماني بألوان زاهية لتمييزه عن طائرات الحلفاء.

أسباب حوادث النيران الصديقة

تعتبر التضاريس الصعبة والرؤية من العوامل الرئيسة التي قد تسبب وقوع حوادث النيران الصديقة، وقد يصاب الجنود الذين يقاتلون على أرض غير مألوفة أو غير واضحة المعالم بالارتباك.

قد لا يكون من السهل تحديد الاتجاه الذي تأتي منه نيران العدو، وقد تضيف الظروف الجوية السيئة والإجهاد القتالي إلى الارتباك خصوصاً عند تبادل النيران. في وقتنا الحالي تقوم جيوش منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) باستخدام الراية الزرقاء كعلامة لهم، في السابق كانت علامة جيوش حلف وارسو تعتمد الراية الحمراء، وهذا كان لون الدول التي تمثل قوات حلف وارسو من خلال الرايات الحمراء وكان لونها يشير إلى الثورة فجاءت الراية الزرقاء لحلف الناتو كتعبير عن السلام، فيما تستخدم قوات الأمم المتحدة اللونين الأزق والأبيض كعلامة لها.

 

 

في حرب الخليج عام 1991، كان معظم الجنود الأميركيين الذين قتلوا على يد زملائهم من طواقم المركبات المدرعة التي أصيبت بقذائف مضادة للدبابات. ووقعت آلاف من حوادث النيران الصديقة في التاريخ العسكري المسجل. وظل معدل النيران الصديقة مستقراً بشكل ملحوظ ولم يتحسن على مدار 200 سنة ماضية.

من الأمثلة على حوادث النيران القديمة، "حروب الوردتين" عام 1471، وفي الحرب الأهلية الإنجليزية في 1642، وفي الحرب الفرنسية الهندية في 1755 التي تسببت بها كثاقة الغابات والارتباك الناجم عن نيران البنادق الفرنسية. وفي الحرب الثورية الأميركية في معركة جيرمانتاون عام 1777، أدى مزيج من الوصول المتأخر وسوء الملاحة والمطاردة إلى اصطدام رجال اللواء آدم ستيفن بقوات الجنرال أنتوني واين، ففتح اللواءان النار على بعضهما بعضاً وسقط عدد كبير من القتلى.

وفي الحرب النمسوية - التركية عام 1788 التي شاركت فيها قوات الجيش الإمبراطوري النمسوي، أدت الفوضى في أرض المعركة إلى وقوع 150 قتيلاً و1200 جريحاً، وفي الحروب النابليونية عام 1796 في معركة ڤومبيو وفي ليلة من القتال المرتبك بسبب تعثر الوحدات النمساوية في تحديد موقع الجيش الفرنسي.

في القرن الـ20 بدأت حوادث النيران الصديقة مع حرب الاستقلال اللاتفية في السادس من مارس (آذار) 1919، ومن ثم تكررت الحوادث في 1937 خلال الحرب الأهلية الإسبانية حين أطلقت الكتائب الإسبانية النار على اللواء القومي المتحالف معها، وأسفرت المعركة التي استمرت ساعة عن مقتل 11 مسلحاً من الطرفين.

الحرب العالمية الثانية

في الحرب العالمية الثانية عام 1939 بعد أيام فقط من بدء الحرب، أسقطت ثلاث طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي، ومن ثم عادت المدفعية البريطانية المضادة للطائرات لإسقاط طائرات تابعة للسلاح الجوي البريطاني أثناء عودتها لقواعدها.

كتب الرائد المتقاعد تشارلز ف. هوكينز في موقع us naval institute  بحثاً بعنوان "نيران صديقة: حقائق وأساطير وتصورات خاطئة"، وشارك في حرب "عاصة السحراء في عام 1991، "أن الموت والإصابة بأيدينا في القتال البري يحدث بشكل متكرر أكثر بكثير مما هو معترف به رسمياً، وستظل الجهود الحالية للحد من حوادث قتل الأشقاء في ساحات القتال المستقبلية غير كافية لعلاج هذه المشكلة البارزة في جيشنا".

ووجد أن معدل الإصابات الرسمي بالنيران الصديقة مثبت بنسبة 17 في المئة لمعركة عاصفة الصحراء عام 1991 إذ سجلت 613 ضحية قتلوا بنيران صديقة في المعركة و146 قتيلاً أو ماتوا متأثرين بجراحهم، وخلفت هذه الحوادث 467 جريحاً أيضاً وهو أمر محبط.

ويقول الرائد المتقاعد أن تعريف إصابات النيران الصديقة من قيادة التدريب والعقيدة بالجيش الأميركي هو استخدام الأسلحة والذخائر الصديقة بقصد قتل العدو أو تدمير معداته أو منشآته، مما يؤدي إلى وفاة أو إصابة غير متوقعة وغير مقصودة للجنود الحلفاء ولجنود الجيش نفسه.

في مقالة نشرتها مجلة "ميليتاري ريفيو" في يوليو (تموز) 1992، بعنوان "تجنب نيران صديقة" استشهد المؤلفان دوايت ب. ديكسون جونيور وإلرين إل هوندلي بأرقام الإحصاءات التي ينشرها الجيش الأميركي لعدد الجنود الذي قتلوا بسبب نيران صديقة، وخلصوا أن "قتل الأشقاء سيكون مشكلة أكبر في ساحات القتال المستقبلية بسبب التكنولوجيا الجديدة، وستؤدي عدم قدرة الإنسان على السيطرة عليها بشكل كاف إلى شيوعها بشكل أكبر".

في الحرب الأوكرانية قتل ما لا يقل عن 27 جندياً روسيا في دونيتسك أثناء محاولتهم الانسحاب من مواقعهم بنيران صديقة من رفاقهم، وكان السبب بحسب المحللين العسكريين الفوضى الكبيرة في انسحاب الجيش الروسي إلى مواقع جديدة.

وفي الحرب العراقية عام 1991 تعرضت وحدتين من الجيش الأميركي إلى معركة دموية قتل فيها 10 من جنود مشاة البحرية الأميركية في غارات جوية أميركية أمر بها مراقب جوي من مشاة البحرية ظناً منه أن المدرعات تابعة للجيش العراقي.

وفي العام ذاته قتل تسعة جنود بريطانيين عندما أطلقت طائرتان هجوميتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية النار على ناقلات الجنود المدرعة جنوب العراق ظناً منها أنها هدف عراقي، وقتل 35 أميركياً وتسعة جنود بريطانيين بنيران صديقة في حرب الخليج. ويمثل عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا بنيران صديقة ما يقرب من ربع قتلى الحرب من الجنود.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير