Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استمرار المواجهات في الخرطوم و"إيغاد" تقترب من وقف الحرب

قمة جيبوتي تحصل على التزام من طرفي الصراع بالاجتماع الفوري والاتفاق على وقف القتال

تنص خريطة الحل على إجراءات تؤدي إلى وقف الحرب وإطلاق عملية سياسية تفضي لانتقال السلطة من العسكر للمدنيين (أ ف ب)

ملخص

رهن قائد "الدعم السريع" التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بالوصول والتوافق على الاتفاق السياسي النهائي الذي يعالج بشكل شامل جذور الأزمة السودانية... فهل تضع الحرب أوزارها؟

تواصلت المعارك البرية وعمليات القصف المدفعي المتبادل بكثافة وضراوة بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" على محاور عدة بجبهات القتال المختلفة بمدن العاصمة الخرطوم، في وقت حصلت قمة "إيغاد" الطارئة التي عقدت، أمس السبت، بجيبوتي لبحث أزمة السودان على التزام طرفي الصراع العسكري بالاجتماع الفوري والاتفاق على وقف الأعمال العدائية، وإنهاء الحرب المستعرة منذ منتصف أبريل (نيسان).

وبحسب مصادر عسكرية، فإن محيط القيادة العامة للجيش بوسط العاصمة ومقر سلاح المدرعات بجنوب الخرطوم شهدا، أمس، قصفاً مدفعياً متبادلاً مما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان بكثافة في سماء المنطقتين.

فيما أطلق الجيش من قاعدتي وادي سيدنا وكرري شمال أم درمان قذائف صاروخية عدة باتجاه تمركزات "الدعم السريع" بالأجزاء الغربية والجنوبية لمدينة أم درمان، ومناطق الحلفايا والدروشاب والكدرو شمال الخرطوم بحري.

كذلك أفادت المصادر بوقوع معارك برية واشتباكات عنيفة بين القوات الخاصة التابعة للجيش و"قوات الدعم السريع" عند تقاطع ود البشير بأمبدة غرب أم درمان، مشيرة إلى أن الطيران الحربي شن غارات جوية على منطقة الباقير على طريق الخرطوم مدني مستهدفاً مواقع وتجمعات "الدعم السريع"، مما أحدث خسائر في العتاد والأرواح.

كما أشارت غرفة طوارئ جنوب الحزام بالخرطوم إلى وقوع خمس إصابات متفاوتة بين الخفيفة والحرجة لمواطنين جراء انفجار قنبلة يدوية (قرنيت) في منطقة مايو جنوب الخرطوم.

في حين ذكرت وسائل إعلام محلية أن قوة من "الدعم السريع" بقيادة أبو عاقلة كيكل هاجمت منطقة أم شديدة التي تقع على الحدود بين ولايتي نهر النيل والقضارف، وقامت بنهب أسلحة وذخائر قسم شرطة المنطقة، ثم اتجهت إلى منطقة ود بشارة التي تشتهر بالتعدين الأهلي في البطانة التابعة لولاية القضارف، لكنها غادرت من دون أن يبدر منها أي سلوك عدائي تجاه مواطني المنطقة.

قمة "إيغاد"

في الأثناء، التأمت، أمس، في العاصمة جيبوتي القمة غير العادية لرؤساء وحكومات دول "إيغاد" المخصصة لبحث الأوضاع المأزومة في السودان بحضور إقليمي ودولي كبير ومشاركة مبعوثين دوليين، في سياق الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوقف القتال بين طرفي الصراع الذي خلَّف أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد.

وأقرت القمة مقترحاً بتشكيل آلية دولية موسعة لمتابعة جهود استعادة مسار التحول المدني بعد إنهاء الحرب، فضلاً عن دعمها الخريطة الأفريقية المكونة من ست نقاط مقترحة لحل الأزمة السودانية.

وتنص خريطة الحل، التي تتبنى خطة تدمج بين رؤية منبر جدة ومقترحات "إيغاد" على إجراءات تؤدي إلى وقف الحرب وإطلاق عملية سياسية تفضي لانتقال السلطة من العسكر للمدنيين.

كما تشمل الخريطة وقف إطلاق النار بشكل دائم وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح وإخراج قوات الطرفين إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومتراً، علاوة على نشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة.

وأكد سكرتير الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا "إيغاد" ورقني قبيهو في تغريدة على منصة "إكس" أن القمة حصلت بشكل فعال على التزام من الطرفين المتحاربين في السودان بالاجتماع الفوري والاتفاق على وقف الأعمال العدائية، مما يعتبر خطوة حاسمة في اتجاه تلبية تطلعات الشعب السوداني.

إرادة وطنية

فيما أشار قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إلى أن أولويات حل الأزمة تتمثل في تأكيد الالتزام بإعلان جدة للمبادئ الإنسانية ووقف إطلاق النار وإزالة معوقات تقديم المساعدات الإنسانية، على أن يعقبه إطلاق عملية سياسية شاملة تستند إلى إرادة وطنية خالصة، للتوصل لتوافق وطني حول إدارة الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات العامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال البرهان في خطابه أمام القمة، إن "توقيع إعلان جدة للمبادئ الإنسانية كان فرصة حقيقية ومبكرة لإنهاء الأزمة السودانية سلمياً، إذا التزم المتمردون بما تم التوقيع عليه، لكن ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التمرد لم تكن له أي إرادة سياسية لوقف حربه على الدولة والمواطنين".

وتابع قائد الجيش السوداني "لم نغلق باب الحلول السلمية، ورحبنا بكل جهد يؤدي لوقف إراقة الدماء وتدمير بلادنا، وقد تعاملنا بإيجابية مع كل المساعي الصادقة من جانب إيغاد ودول جوارنا، ومنبر جدة"، مشدداً على ضرورة الالتزام بحماية سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه وشعبه، كما رفض جميع التدخلات الأجنبية في شؤون بلاده الداخلية.

وأكد أن "قضية وجود جيش وطني واحد يحتكر استخدام القوة العسكرية هي مسألة لا تنازل عنها ولا تهاون فيها، لأن ذلك هو ضمانة أساسية للاستقرار والسلم ليس في السودان، وحسب إنما في كل الإقليم".

وبيَّن قائد الجيش أن "حمل السلاح وشن الحرب على الدولة لا يمكن أن يكون وسيلة للحصول على امتيازات سياسية غير مستحقة وإن الوصول إلى السلطة لا يتم إلا من طريق الانتخابات، وأن إعمال مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب على الفظائع غير المسبوقة من المتمردين هو السبيل الوحيد لعدم تكرارها وتحقيق العدالة ورتق النسيج الاجتماعي والاستقرار".

بناء الثقة

من جانبه، اقترح قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي) في كلمة أرسلها لقمة "إيغاد" اتفاقاً أولياً لوقف الأعمال القتالية مع الجيش لمدة 30 يوماً قابلة للتجديد من توقيع اتفاق جدة حتى التوصل لوقف إطلاق النار بشكل دائم.

وأشار دقلو إلى ضرورة تنفيذ تدابير بناء الثقة مع التركيز بشكل أساس على القبض على الهاربين من النظام السابق، حاضاً الاتحاد الأفريقي و"إيغاد" على بدء مفاوضات سياسية شاملة تشمل الأطراف العسكرية والسياسية، فضلاً عن تنسيق وتوحيد المبادرات الإقليمية والدولية بما يضمن وحدة العملية التفاوضية على المنبر المحدد.

ورهن قائد "الدعم السريع" التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بالوصول والتوافق على الاتفاق السياسي النهائي الذي يعالج بشكل شامل جذور الأزمة السودانية.

خطوات عملية

إلى ذلك، بعثت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، بخطابات لرؤساء دول "إيغاد" تركزت حول ضرورة أن تعمل القمة على اتخاذ خطوات عملية تحث طرفي القتال على توقيع اتفاق لوقف العدائيات، وعلى فتح المسارات الإنسانية، إضافة لكيفية تصميم عملية سياسية لا تستثني سوى المؤتمر الوطني ممثلاً في الحركة الإسلامية وواجهاتها، تنهي الحرب وتحقق السلام العادل وتؤسس لمسار تحول مدني ديمقراطي مستدام.

وأكدت التنسيقية في بيان لها أنها ستواصل اتصالاتها مع الفاعلين الإقليميين والدوليين بما يسرع من وضع حد للكارثة التي أحلت بالبلاد ومعالجة آثارها عبر الحلول السلمية السياسية التفاوضية التي تنهي هذه الحرب وتحقق السلام والحرية والعدالة في السودان.

طرد دبلوماسيين

في غضون ذلك، أشارت وسائل إعلام سودانية إلى أن الحكومة الإماراتية أبلغت رسمياً السفير السوداني بأبوظبي عبدالرحمن شرفي بأن الملحق العسكري ونائبه والملحق الثقافي التابعين للسفارة السودانية في بلادها أشخاص غير مرغوب فيهم وطالبت بمغادرتهم البلاد خلال 48 ساعة.

وتمثل هذه المطالبة، سابقة أولى في علاقات البلدين إذ لم يحدث منذ بدء العلاقات المشتركة بينهما طرد دبلوماسيين أو استدعائهم.

وتتهم الخرطوم الإمارات بدعم وتمويل "قوات الدعم السريع" في حربها مع الجيش السوداني، وهو ما جهر به في وقت سابق مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق ياسر العطا، بتوجيهه سلسلة انتقادات حادة للحكومة الإماراتية عما سماه دعم أبوظبي لـ"قوات الدعم السريع".

العمل الطوعي

إنسانياً، دعت ناشطات سودانيات إلى عقد اجتماع عاجل مع ممثلي المنظمات الأممية لمناقشة معوقات الدعم والإغاثة ومواجهتهم بحقيقة التقصير في تلبية حاجات المتأثرين بالحرب التي تدور لأكثر من ثمانية أشهر بين الجيش و"قوات الدعم السريع".

وأشارت مدير المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سورد) عائشة الكارب خلال مخاطبتها ندوة بعنوان "أرضاً سلاح، نقولها نحن النساء" إلى حزمة معوقات تواجه العمل الطوعي بالبلاد ممثلة في قمع السلطات المتزايد للمتطوعين.

واتهمت جهاز الأمن والاستخبارات العسكرية بالسيطرة الكاملة على الدعم المقدم من الجهات المانحة، مشيرة إلى وجود حالة عداء سافر يحاك ضد المبادرات النسوية وعرقلة العمل وسط النساء.

ونوهت الكارب إلى أن الأمم المتحدة متماهية مع ذلك الوضع، إضافة إلى أنها تفرض العمل من خلال السلطات الحكومية، لافتة إلى تكوين منظمات موالية للحكومة وأنصار النظام السابق إلى جانب التعاقد مع منظمة واحدة، وسيطرة مفوضية العون الإنساني وتوابعها في أجهزة الأمن والاستخبارات العسكرية على دعم المنظمات.

وقالت الكارب، إن "الحكومة تعمل على تهديد النازحين واللاجئين في معسكرات الإيواء بإخلاء المراكز بحجة فتح المدارس". كاشفة عن وجود حالات اغتصاب للنازحات داخل مراكز الإيواء والمجتمعات المستضيفة.

فيما أفادت الناشطة ويني عمر خلال الندوة بأن حالات العنف الجنسي هي جزء من عمل الميليشيات، مؤكدة أن النساء واصلن حياتهن بشكل عادي بعد تعرضهن للعنف الجنسي في الجنينة بغرب دارفور من دون تلقي العلاج والدعم الطبي، فضلاً عن الإذلال الذي تواجهه النساء، ونماذج زواج الطفلات في مناطق تمركز "قوات الدعم السريع" للأسر الموجودة في الخرطوم.

واعتبرت عمر أن الحرب خلقت هشاشة وعرضت النساء للعنف الاقتصادي، إلى جانب تأثيرها الكبير على القطاع غير المنظم، واصفة العمل المناهض للحرب بالضعيف.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات