لقد وصف رئيس البرلمان جون بيركو على نحو صحيح قرار الحكومة بالسعي إلى تعليق البرلمان لأكثر من شهر بأنه "إهانة دستورية". وبغض النظر عما يدعيه رئيس الوزراء، إلا أن سعيه يعتبر أمراً غير طبيعي على الإطلاق. ويتمثّل ما يحاول تنفيذه في منع مجلس العموم من محاسبته مع الحكومة في هذا الوقت الحاسم للغاية بالنسبة لبلدنا ومستقبله. إن التشبث بمبدأ الرقابة البرلمانية أمر يجب أن ندعمه جميعًا، بغض النظر عن وجهات نظرنا حول بريكست.
يتخذ بوريس جونسون هذه الخطوة لأنه يعلم أن مجلس العموم لا يدعم الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، وهدفه الواضح يتجسد في عرقلة قدرة النواب على سن تشريعات لمنع هذا النوع من البريكست. وبالتالي يتعين على النواب الذين يعارضون الخروج بلا صفقة أن يتحركوا بسرعة وعزم وإجماع، عندما يستأنف المجلس أعماله الأسبوع المقبل. تلك هي فرصتهم، وإلا ضاعت إلى الأبد.
في المقابل، تكشف هذه المناورة أيضاً أن رئيس الوزراء غير واثق من حجته، ويخشى أن تُطرح عليه الكثير من الأسئلة حول ماهية خطته بالضبط. ومثلاً، هل هناك مفاوضات تفصيلية مع الاتحاد الأوروبي تجري حاليا؟ أين الترتيبات البديلة التي ذكر إنها متاحة بسهولة بشأن الحدود الايرلندية وادّعى أنها يمكن أن تحل بديلاً عن خطة "شبكة الأمان" المعروفة بالـ"باك ستوب"؟
تذكيراً، أمضت حكومة تيريزا ماي عامين ونصف العام في البحث عن تلك البدائل من دون جدوى. كيف يمكن التوصّل إلى صفقة جديدة وإنجاز التشريعات المصاحبة لها من خلال البرلمان في وقت وجيز يمتد بين اجتماع المجلس الأوروبي في 17 أكتوبر وموعد "عيد الرعب" ("هالوين") في 31 أكتوبر الذي يصادف أيضاً موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي؟ ماذا ستكون خطته بعد 31 أكتوبر إذا، لا سمح الله، استطاع إخراج البلد من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستطراداً، لا يشكّل الخروج بلا صفقة خطة سياسية طويلة الأجل، لأننا نعلم عن بعض الفوضى التي ستلي بريكست مباشرة، وذلك من خلال التقرير المسرب عن "عملية المطرقة الصفراء." إذ يشير ذلك التقرير إلى طوابير طويلة على الحدود، ونقص في بعض الأغذية، وارتفاع في الأسعار، وحالة من الغموض الهائل لدى عدد من الشركات.
وكذلك يظهر تقييم الحكومة نفسه أن الخروج بلا صفقة سيكون النتيجة الأكثر ضررًا للاقتصاد، حتى أن الوزراء تحدثوا عن دعم الشركات التي ستتأثر بشدة. لا أستطيع أن أتذكر مناسبة سابقة دعا فيها رئيس الوزراء لتطبيق سياسة من شأنها أن تلحق الضرر ببلدنا.
وفي ذلك السياق، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ ما من شك أن الاتحاد الأوروبي، قبل تفكيره في بدء محادثات بشأن الترتيبات المستقبلية، سيطلب من المملكة المتحدة سداد مستحقاتها، وتوفير شبكة أمان للحفاظ على سلامة الحدود مع إيرلندا، وضمانات قانونية لصيانة حقوق المواطنين الأوروبيين. وحتى لو افترضنا أنه يمكن إجراء صفقة تجارية جديدة، ولا يعتقد الكثيرون أنها ستتحقق بسرعة، فسوف يتعين عليها الحصول موافقة برلمانات جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. حينئذ، سيكون رفض برلمان واحد كافيا لترك الاقتصاد البريطاني في مأزق الخروج بلا صفقة. يبين ذلك ليس مجرد غياب تفويض شعبي للخروج بلا اتفاق، وإنما أيضا كون الإجراء يفتقر تماماً إلى حس المسؤولية.
وبالنتيجة، لقد اختار رئيس الوزراء تعليق البرلمان لأنه لا يريد الإجابة على تلك الأسئلة وعدد من الأسئلة الصعبة الاخرى التي سيطرحها النواب المنتخبون. ويجب ألا نسمح له بالإفلات فيما لا يتوجّب عليه سوى مواجهة مجلس العموم لمدة تقل عن أسبوعين في الأشهر الثلاثة الأولى من توليه منصبه. كما لا ينبغي أن نسمح له بفرض كارثة الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا صفقة على الشعب البريطاني.
(هيلاري بن وزير سابق ونائب برلماني عن حزب العمل من مقاطعة ليدز سنترال)
© The Independent