Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد عامين من الحرب أميركا تسأل عن جدوى دعم أوكرانيا

البيت الأبيض يحذر الكونغرس من نفاد الوقت والمال والجمهوريون يعارضون مواصلة الإنفاق على معركة بلا نهاية

إلى جانب تزايد الحذر في شأن "حرب أبدية" فإن الأميركيين المتشككين لا يرون في معركة أوكرانيا تهديداً مباشراً لبلادهم (أ ف ب)

ملخص

القلق في شأن دعم أكبر مساهم بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا في الـ "ناتو" تردد صداه في تصريحات المسؤولين والقادة

على رغم تصريحات تؤكد مواصلة دعم أوكرانيا خلال اجتماعات وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي انعقدت في بروكسل الأسبوع الماضي، إلا أن هناك تضخيماً في الخطاب يتعلق بتوفير المساعدات المالية والعسكرية بينما الوضع يختلف وراء الكواليس، لا سيما داخل الولايات المتحدة التي تشهد توتراً في شأن تخصيص مزيد من الأموال لكييف.

وخلال اجتماعات وزراء خارجية الـ "ناتو" بدت الدول الأعضاء تحاول حث الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها تجاه كييف في ظل استحواذ حرب غزة على اهتمام واشنطن، وتوسع تيار بالداخل الأميركي يعارض استمرار ضخ الأموال في حرب لا تلوح لها نهاية في الأفق.

وفي حين تعد الولايات المتحدة أكبر مزود لكييف بالمساعدات العسكرية، إذ خصصت عشرات المليارات من الدولارات منذ بداية الهجوم الروسي في فبراير (شباط) 2022، فإن هذا الأمر بات محل شك بالنظر إلى رفض مجموعة من النواب الجمهوريين اليمينيين في الكونغرس مواصلة الإنفاق على الحرب في أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذر البيت الأبيض الكونغرس أخيراً من نفاد الوقت والمال لدى الولايات المتحدة لمساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا، وهي تطورات تترافق مع احتدام حوار داخلي في واشنطن يشدد فيه الجمهوريين على ربط أية مساعدات جديدة لأوكرانيا بتقديم تنازلات من قبل الديمقراطيين في ملفات تتعلق بأمن الحدود والهجرة غير الشرعية.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري وافق مجلس النواب الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون على حزمة مساعدات بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل، بينما رفض مساعدات لأوكرانيا إذ تعثر اقتراح البيت الأبيض بإرسال نحو 61.4 مليار دولار للأوكرانيين كمساعدات طارئة إضافية، من أصل خطة إجمالية بقيمة 105 مليارات دولار تشمل كييف وتل أبيب وأولويات أميركية رئيسة أخرى، مما يترك الحكومة الأميركية بأقل من 5 مليارات دولار متاحة للمساهمة في الحرب.

لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نبهت المشرعين الأميركيين الآن إلى أن الوقت يمر بسرعة، مؤكدة أن "الأموال تنفد والأسلحة والذخيرة الأميركية المتدفقة إلى أوكرانيا منذ قرابة العامين قد تتوقف عن الوصول إلى وجهتها بحلول نهاية العام الحالي ما لم تتم إجازة حزمة مساعدات جديدة لكييف تم تقديمها سابقاً بأكثر من 60 مليار دولار"، وشرحت بصورة تفصيلية إنفاقها 111 مليار دولار كمساعدات عسكرية وإنسانية لأوكرانيا.

كذلك حذر البيت الأبيض وبلغة صارمة من أن عدم الحصول على مزيد من الأموال في الكونغرس لأوكرانيا سيشل القدرات العسكرية لكييف، وسيعرض مكاسبها الميدانية للخطر، وقد يزيد احتمالات تحقيق روسيا انتصارات عسكرية جديدة.

تململ أميركي

وبلغ إجمال المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا منذ فبراير (شباط) 2022 نحو 45 مليار دولار على شكل أسلحة ومعدات، لكن وفق تعبير النائب الجمهوري ديف كولبيبر فإن الولايات المتحدة تنفق الأموال في حرب وهي مثقلة بالديون وليس لديها هدف واضح لإنهاء الصراع.

وأضاف، "حقيقة أن الأمر استمر طوال هذه المدة تخبرني أن هناك مزيداً مما يحدث هنا، ونحن دافعو الضرائب ندفع فاتورة ذلك ويبدو لي أن الهدف الوحيد هو إنفاق المال".

وبدأ كولبيبر، مثل كثيرين في حزبه، يرى أن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى طريق مسدود، فبينما تقترب من ختام عامها الثاني يكافح أنصار كييف في الكونغرس من أجل المضي قدماً في تمرير طلب بايدن لتخصيص أكثر من 60 مليار دولار لتوفير مزيد من الدعم والأسلحة لأوكرانيا، في حين يبدو المزاج السياسي الأوسع متوتراً في الوقت الحالي على الأقل في شأن الحرب، بحسب مراقبين غربيين.

وعلى رغم وجود دعم من الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" في مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون لتقديم المساعدة إلى كل من أوكرانيا وإسرائيل، فإن طلب بايدن يواجه مشكلات عميقة في مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون.

واقترح رئيس مجلس النواب الجديد مايك جونسون التركيز على إسرائيل وحدها، على رغم ما أبداه من تعليقات أكثر إيجابية خلال تصريحات يوم الإثنين الماضي قائلاً إن "أوكرانيا هي أولوية أخرى. بالطبع، لا يمكننا أن نسمح لفلاديمير بوتين بالمسير عبر أوروبا. ونحن نتفهم ضرورة المساعدة".

قلق بين الحلفاء

وانعكس القلق في شأن دعم أكبر مساهم بالمساعدات العسكرية في الـ "ناتو" عبر تصريحات الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الأسبوع الماضي، كما تردد صداه أيضاً في تعليقات وزراء خارجية الدول الحليفة، إذ حذر الأمين العام من أنه سيكون من الخطر تقليص الدعم للحرب، مؤكداً على أن أوكرانيا ستظل أولوية قصوى.

وتوقع ستولتنبرغ أن تستمر المساعدة الأميركية، ليس فقط لحماية المصالح الأمنية الأميركية، ولكن أيضاً لأنه "ما اتفقنا عليه".

وقال للصحافيين في بروكسل في بداية اجتماعات التحالف العسكري التي استمرت يومين إنه "من واجبنا ضمان تزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاج إليها لأنها ستكون مأساة للأوكرانيين إذا فاز الرئيس بوتين، وسيكون الأمر خطراً بالنسبة إلينا أيضاً".

ودعا عدد من الدبلوماسيين خلال اجتماعات الأسبوع الماضي إلى تحديد التزامات أمنية طويلة الأجل، وقالت وزيرة خارجية بلغاريا ماريا غابرييل إن الـ "ناتو" يجب أن "يحدد ما هي الخطوات التالية حتى لا يتم خلق توقعات لن نتمكن من تحقيقها".

وأعربت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي عن قلق مماثل، وقالت إنه "في حين أن ما يحدث في الشرق الأوسط يستحوذ على كثير من اهتمامنا فإننا بحاجة إلى التأكد من أننا نركز دائماً على أوكرانيا". مضيفة، "أوكرانيا لديها كثير لكنها تحتاج مزيداً، ولقد كان هناك كثير من الكلمات ونحن بحاجة إلى مزيد من العمل، لهذا السبب سنتحدث عن تنفيذ التزاماتنا".

إرسال الذخيرة لإسرائيل

ووفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن فإنه "للمساعدة في إعادة تزويد الجيش الإسرائيلي بالإمدادات قالت الـ "بنتاغون" إن الذخيرة التي سحبتها من المخزون الاحتياط في إسرائيل لتجديد مخزونها في أوروبا والذي تضاءل بسبب المساعدة لأوكرانيا، أعيد توجيهها مرة أخرى لاستخدامها من قبل الجيش الإسرائيلي".

وتفيد تقارير في الصحافة الأميركية بأن مخزونات الذخيرة والأسلحة الأخرى في أوكرانيا تتضاءل في الوقت الذي تحاول الأخيرة حماية شبكات الطاقة لديها، لا سيما مع قدوم فصل الشتاء والتقدم في هجوم يواجه صعوبات في تحقيق مكاسب جنوب وشرق البلاد، ومن ثم فإن تأكيدات حلف شمال الأطلسي في شأن دعم أوكرانيا تكتسب أهمية خاصة.

ومع ذلك ففي تصريحات خاصة إلى "اندبندنت عربية"، قلل مسؤول عسكري رفيع المستوى في حلف شمال الأطلسي من القلق في شأن تراجع المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، مشيراً إلى أن "هناك زيادة في عملية إنتاج الأسلحة والذخيرة، والولايات المتحدة تؤكد بوضوح التزامها بدعم كييف".

وفي ما يدرك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذه المخاوف فإنه سعى خلال مشاركته في اجتماعات بروكسل إلى تهدئة القلق في شأن تضاؤل الدعم الأميركي، وقال خلال مؤتمر صحافي في ختام الاجتماعات الأربعاء الماضي إن أعضاء الحلف "لا يشعرون بالكلل" عندما يتعلق الأمر بدعم أوكرانيا، مضيفاً "سنعيد التأكيد بقوة على دعمنا لأوكرانيا في الوقت الذي تتواصل مواجهة الحرب العدوانية الروسية".

الانتخابات تزيد القلق

ويقر قادة "ناتو" ومسؤولو حكومات الدول الأعضاء أن المؤشرات جميعها تشير إلى أن الصراع من المرجح أن يستمر لفترة أطول، ففي مقابلة مع "اندبندنت عربية" قال نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية خافيير كولومينا إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يبدي رغبة كافية في الحل الدبلوماسي في الوقت الحالي، وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن الحفاظ على دعم الغرب له أهمية خاصة بالنظر إلى أن الرئيس الروسي لا يظهر أية علامات على التراجع.

وأكثر ما يقلق قادة الحلف مع احتمال تغير الإدارة الأميركية في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 هو جمود الموقف، ووفق مسؤول في إدارة بايدن فإن بوتين ينتظر نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومن غير المرجح أن يفكر في إمكان التوصل إلى تسوية سلمية ذات معنى قبل ذلك الوقت.

واشتبك المرشحون الرئاسيون الجمهوريون خلال مناظرة سابقة حول كيفية التعامل مع أوكرانيا، إذ يعارض رجل الأعمال فيفيك راماسوامي بشدة دعم أوكرانيا، ويطالب حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس بدور أكبر لأوروبا، بينما تدعم سفيرة الأمم المتحدة السابقة نيكي هيلي وحاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي كييف بقوة.

ويقف الرئيس السابق دونالد ترمب في مسافة وسط، إذ تحدث من قبل بتشكك عن المساعدات الأميركية لكييف، لكنه في الوقت ذاته تعهد بإنهاء الحرب.

وتظهر استطلاعات الرأي انقساماً بين الأميركيين في شأن أوكرانيا، ففي حين يطالب معظم الديمقراطيين بمزيد من المساعدات الأمنية إلا أن الجمهوريين يفضلون في كثير من الأحيان التركيز على المشكلات في الداخل مثل تأمين الحدود.

كما تسلط حرب أوكرانيا الضوء على انقسام أكبر داخل الحزب الجمهوري بين أولئك الذين يتوقون إلى تأكيد قوة الولايات المتحدة على الساحة العالمية على غرار أسلوب الرئيس الراحل دونالد ريغان، وبين الجناح الانعزالي المتنامي الذي يحمل شعار "أميركا أولاً"، وفق الزميلة لدى مجلس شيكاغو للشؤون العامة الدولية دينا سميلتز.

وإلى جانب تزايد الحذر في شأن حرب أبدية أخرى فإن الأميركيين المتشككين لا يرون أن حرب أوكرانيا تشكل تهديداً مباشراً، حتى وإن كان حلفاء أوكرانيا في كلا الحزبين يدافعون عن ضمان إرغام بوتين على وقف عدوانه العالمي ونزعته التوسعية.

لكن سميلتز أشارت إلى أنه مع اقتراب موسم الانتخابات "يظل الاقتصاد دائماً في مقدمة أولوياتنا"، وأصبحت أوكرانيا وسيلة أخرى للجمهوريين لتوجيه انتقاداتهم لأولويات الرئيس جو بايدن الاقتصادية، وقالت سميلتز "لذا من السهل الإشارة إلى الأرقام المتعلقة بأوكرانيا لأنها تمثل مبلغاً ضخماً من المال، فما الذي سنحصل عليه جراء ذلك؟ وهل من المسؤولية أن نستمر في ضخ الأموال بعد عامين من الحرب؟ أعتقد أنها أسئلة منطقية يجب طرحها".

المزيد من تقارير