بشكل مفاجئ، ظهرت في شوارع المناطق الرئيسة في بغداد، لافتات كبيرة، خُطّ عليها باللون الأحمر "الموت لأميركا وإسرائيل"، وذلك بالتزامن مع تصاعد الاتهامات لهذه الأخيرة باستهداف خمسة من مقرات الحشد الشعبي في العراق.
رسائل الحشد
وتألف العاصمة العراقية حرب اللافتات، والرسائل الحادة التي تتضمنها، كلّما تعلّق الأمر بالحشد الشعبي، إذ سبق لشوارع بغداد أن امتلأت بلافتات التهديد للّذين يطالبون بحل هذه القوة، وربط مدونون عراقيون ووسائل إعلام محلية بين ظهور اللافتات الأخيرة والتصعيد الكبير ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
وعلى الرغم من أن الجهة التي تقف خلف نشر هذه اللافتات الكبيرة، مجهولة كالعادة، إلاّ أنّ المهتمين قالوا إنها رسائل من الحشد الشعبي.
ولا يمكن للافتات بهذا العدد والكلفة، إلّا أن تكون عملاً منظماً، إذ يُقدر سعر الواحدة منها، بحوالى 400 دولار أميركي، وفق مختصين في مجال الدعاية، بينما تصل كلفة التركيب مع المعدات إلى حوالى 1000 دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
النجيفي وعجز الحكومة
السياسي السني أثيل النجيفي، الذي شغل سابقاً منصب محافظ نينوى، قبل اتهامه بالتخابر مع جهات أجنبية وإقالته، قال "اللوحات التي وُضعت في شوارع بغداد، وكُتب عليها الموت لأميركا وإسرائيل تشير إلى عدم قدرة الحكومة العراقية على ضبط الجهات الموالية لإيران"، مشيراً إلى أن "تلك الجهات تريد جرّ الشعب العراقي إلى صراع دولي لصالح إيران".
وأضاف "رفع لوحات في شوارع بغداد توالي إيران وتتمنى الموت لأميركا، إضافةً الى التصريحات الإعلامية المعادية لواشنطن، أمر يضعف موقف الحكومة العراقية أمام المجتمع الدولي"، مشدّداً على أنّ "الحكومة يجب أن تقف على الحياد في هذا الصراع". وتابع "هذه الجهات تسعى إلى جرّ العراق ليكون ساحة المعركة الخارجية لإيران، وهذا مدخل خطير جداً على مستقبل العراق وأمنه".
وكانت الولايات المتحدة أنشأت في بغداد بعد عام 2003 إحدى أكبر سفاراتها في العالم، إذ تتسع لثلاثة آلاف موظف، لكن عدد موظفيها تقلّص قبل أشهر بسبب تهديد ميليشيات عراقية موالية لإيران باستهدافها.
إسرائيل إلى الواجهة
وقفزت إسرائيل إلى واجهة الأحداث في العراق، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعد سلسلة تفجيرات طالت مقرات للحشد الشعبي، اتُّهمت تل أبيب بالوقوف خلفها. الحكومة العراقية من جهتها، تجنّبت اتهام جهة محددة، ما وضعها في خانة التشكيك من قبل بعض أبرز قيادات الحشد الشعبي، في وقت أصرّ نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس على أن إسرائيل هي من نفّذ هذه الهجمات، بمساعدة الولايات المتحدة، ما فجّر أزمة سياسية كبيرة، ووضع الحكومة العراقية في حرج بالغ.
وأطلقت الحكومة تحقيقاً موسّعاً لمعرفة أسباب التفجيرات في مقرات الحشد الشعبي، لكنها لم تعلن النتائج رسمياً.
هل فجّر الحشد مخازنه؟
وخلال الساعات القليلة الماضية، تداولت مصادر مقربة من الحكومة العراقية معلومات عرضها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على وزرائه تشير إلى أن "عمليات داخلية" هي التي تسبّبت في الانفجارات. وتفيد المعلومات، التي لم تعلّق عليها الحكومة العراقية حتى الساعة، بأن مجموعة منظمة داخل الحشد الشعبي، رتّبت عمليات لتفجير مخازن أسلحة هذه القوة، ومن ثم اتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بالمسؤولية عنها.
وقال باسل حسين، وهو محلل سياسي عراقي بارز، إنه تلقّى معلومات من مصادر مطلعة تفيد بأنّ واحداً على الأقل من المقرات الخمسة التي شهدت التفجيرات، لم يتعرض إلى أي هجوم خارجي. واستخدم الحشد الشعبي، اتهامه لإسرائيل بالهجوم على مقراته، في حملة دعائية واسعة ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق، مطالباً الحكومة بطرد قوات الولايات المتحدة، والتوجه نحو روسيا لشراء منظومة دفاع جوي متطورة.
ومحاولات القوى السياسية القريبة من الحشد الشعبي وإيران لإخراج القوات الأميركية من العراق ليست جديدة، إذ سبق لها أن ضغطت على البرلمان لتشريع قانون ملزم لهذا الغرض، لكن جهودها باءت بالفشل. ويقول مراقبون إن هذه المرحلة التي تشهد جدلاً شعبياً بشأن دور إسرائيل في مهاجمة مقرات الحشد الشعبي، تبدو مثالية لإعادة التذكير بجهود إخراج القوات الأميركية من العراق، ما يسبّب ضغطاً إضافياً على الحكومة.