Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل هناك وقت مناسب للإقلاع عن مضادات الاكتئاب؟

يبلغ موسم الاضطراب العاطفي أوجه الآن- لذلك ربما لم يكن الوقت مناسباً لتتوقف بيبي لينش عن تناول عقاقير "السعادة" التي تأخذها منذ ثماني سنوات، لكن هل من وقت مؤاتٍ لذلك فعلاً؟ هذا هو شعورها بعد مرور شهر على التوقف عن تناول الحبوب

شعرت بيبي لينش بأن مضادات الاكتئاب لم تنفعها بقدر ما نفعتها السبل الأخرى لتخطي حالتها (جيما)

ملخص

... ربما كان الحلّ في الامتناع عن مضادات الاكتئاب والتحوّل إلى ما يبعث فينا السعادة الحقيقية.

اليوم، بعدما تعاملت بلؤم وغضب مع أحد العمال، وسجّلت رسالة صوتية لصديقة أخبرها فيها كم أكره حياتي، وبعدما شعرت بكراهية فعلية تجاه حياتي وبإحساس الهلع ينمو في داخلي ويحاول الخروج من صدري، أجبرت صديقتي المقربة على الاتصال بي عبر فيديو تطبيق "فيس تايم". ما عدت قادرة على التعامل مع شعوري بفقدان السيطرة على نفسي- وكنت بحاجة أن أراها وأسمعها.

تكلمت مع هيلين، بدأت أصوّر كل شيء على أنه كارثة. عددت بسرعة قائمة الأفكار السوداوية المتداخلة التي كتبتها لكي أحدثها عنها. بعد ملاحظة "الصديق السابق" و"عدت للتشرّد" و"أتمنى أن يكون على قيد الحياة"، وصلت إلى النقطة الأخيرة في قائمة ملاحظاتي "التوقف عن تناول سيرترالين". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"هل أصبح وضعي الآن على هذا الشكل؟ هل هذه أنا عندما أتوقف عن تناول مضادات الاكتئاب؟"

"كلا. بل هي أنتِ في فترة التحرر منها. أنت في فترة الانسحاب. سوف تكونين بخير". 

كم أتمنى أن تكون على حق- لأن معاناة الإقلاع عن السيرترالين تبدو شديدة وقاسية.

تناولت آخر حبة سيرترالين منذ شهر. حوّلت اللحظة إلى مناسبة عظيمة. وضعت الحبة البيضاء الصغيرة على صحن أبيض أطرافه مذهّبة، وصببت الماء في كأس النبيذ المذهّب الأطراف ووضعت أغنية "الحب الحب الحب" لدوني هاثاواي فيما ابتلعتها. جعلت اللحظة مناسبة هامة لأنني أحسست بأنه نهار تاريخي؛ بداية فصل جديد في الحياة. وبصراحة، لو كنت أعلم درجة قسوة الأسابيع الأربعة بعد تلك اللحظة التي قضيتها مع دوني، لكنت حجزت أوركسترا كاملة واستعراضاً جوياً.

لكن دعونا لنبدأ من البداية. عانيت من العنف خلال طفولتي وكانت بداية حياتي مليئة بالصدمات. توفيت والدتي عندما بلغت الثانية والعشرين من العمر وتبعها أحبة آخرين؛ عانيت من انكسار مادي بعد ركود عام 2008 وتوفي والدي ذلك العام كذلك. لم يكن لدي شريك ولم أكن قادرة على تحمل تكاليف إنجاب طفل وحدي فبدأ قلبي يتحطم. اتخذت خطوة مدمّرة ببيع شقتي (التي كان ليقارب ثمنها الآن المليون دولار) وأصبحت "مشردة خفية" (أعيش في الغرف غير المستخدمة أو على الأرائك الاحتياطية) لعشرة أعوام.

فيما هممت بنقل "منزلي" للمرة التاسعة عشر في غضون 24 شهراً، أصبح كل ذلك الألم وانعدام الأمن والوحدة أكثر من قدرتي على التحمل. لذلك راجعت طبيب الصحة العامة منذ ثمانية أعوام وطلبت المساعدة فأعطاني وصفة لمضادات الاكتئاب. هل ساعدتني تلك العقاقير؟ نعم. لا. ربما. لم يتغير شيء فعلياً- أو ربما تغيرت الأمور من دون أن ألاحظ ذلك. لا شك أنني لاحظت عدم تناولي الحبوب- لكن لو رأيتم حلقة بانوراما الصادمة "قصة مضادات الاكتئاب" التي تتناول فعالية مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)- وصعوبة الاقلاع عنها، ستعرفون ذلك.

قررت التوقف عن تناول حبوب سيرترالين لأنني أدركت بأنني لم أكن مكتئبة. (إخلاء مسؤولية: أشدد هنا على أن هذه هي قصتي وليست قصتكم- وقد تحتاجون لمضادات الاكتئاب وقد تنفعكم). ولن يفاجئكم أنني خضعت لعلاج نفسي مكثف- ومنذ عدة أشهر، أنهيت مشاركتي في مشروع التواصل Connection Works Project في برايتون وهو في شرق ساسكس: وهو برنامج مدته سنة مصمم للأشخاص الذين عانوا من صدمة عاطفية و/أو من اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية (PTSD). 

وكانت رسالتهم- وأقول "كانت" لأنهم يفتقرون للتمويل الآن، وهذه خطيئة- "إلهام الآخرين لكي يتعافوا عن طريق علاقتهم مع أنفسهم ومع الآخر والعالم الطبيعي". وعملوا على تحقيق ذلك من خلال جلسات التثقيف والتوعية واليوغا والعلاج الانعكاسي والبحث عن الغذاء في الطبيعة وتمارين التحرر من الصدمة والعلاج بمساعدة الخيول، إلخ.

أحببت ذلك والأهم أنه ترك أثراً قوياً للغاية عليّ- فلم يغيّر الأمور بالنسبة إلي فحسب بل منحني الأدوات اللازمة لكي أعيش اللحظة وكما يقولون "كي تتمكن من الشعور بأن ماضيك لا يسيطر عليك بالقدر نفسه فتتعلم كيف تعيش حياتك وتحقق إمكانياتك بالدرجة القصوى". دعوني أشدد على نقطة: لست ممن يقولون لك أن تتنزه وتمشي قليلاً لكي تخفف من اكتئابك. أعرف إلى أي درجة هذا الكلام مهين واختزالي. لو كنت تعاني من اكتئاب، أرجوك أن تطلب المساعدة.  

في نهاية هذه الدورة، وأثناء المقابلة الختامية مع الدكتورة سوزانا بيتش، الطبيبة العامة ومسؤولة التعليم في البرنامج التي تخصصت في الصحة النفسية والصدمة النفسية، أدركت الحقيقة فجأة: "أنا أعاني بسبب الصدمة وليس الاكتئاب". يا للهول.

بعد إدراكي لهذه الحقيقة- ثم رغبتي بأن أخرج أكثر وأتعامل بشكل أكبر مع الناس وأن "أعيش الحياة" أكثر- وشعوري بالتفاؤل الذي نادراً ما شعرت به خلال ثمانية أعوام قضيتها في تناول مضادات الاكتئاب، اعترتني رغبة بإعطاء الحياة فرصة. من دون سيرترالين. وقالت لي سوزانا "لن تعودي أبداً إلى النقطة التي كنتِ فيها قبلاً- ولن يكون الأمر أبداً بنفس السوء- لأن الأدوات الآن بين يديكِ". منحتني هذه الجملة الشجاعة لكي أقلع عن الدواء.

علمت أن الطريق ليس سهلاً. فقد حاولت أن أسلكه قبل الجائحة. لكنني لم أخفف الجرعات بالبطء المطلوب ولا أغفر لنفسي أنني أخفت صديقتي جيما عندما كنت أمر بنوبة هلع قوية وأخبرتها بمدى سوء وضعي بالتفصيل. أخبرتها برغبتي في إيذاء نفسي. لحسن حظي أن أصدقائي رائعون ويصغون إليّ بانتباه وباهتمام- خلافاً لطبيبة الصحة العامة التي شاركتها أفكاري الانتحاري فردت بشكل مباشر بأنه لو كان ذلك صحيحاً فيجب إدخالي المستشفى ومعالجتي كمريض مقيم. نعم، الحلّ هو إدخالي مستشفى الأمراض النفسية عنوة. (لمعلوماتكم: لم أرغب بإيذاء نفسي أو قتل نفسي. بل هذا ما تشعرون به عند الإقلاع عن هذه الحبوب).  

هذه المرة، اختلفت طبيبتي واختلفت الخطة. خفضنا الجرعات على الشكل التالي…75 ملغ كالعادة يومياً. ثم 50/75/50/75 لمدة أسبوعين. بعدها 50 ملغ يومياً لمدة أسبوعين. ثم 25/50/25/50 لمدة أسبوعين. وهكذا دواليك…إلى أن بلغنا مرحلة 25/0/25 /0 ثم لا شيء. استغرق الموضوع دهراً. كما جربت أن أستخدم المعرفة التي اكتسبتها من Connection Works- ومنها جرعة الضوء الأزرق الصباحية لمساعدتي على تعديل مزاجي و- البحث عما ينتج داخلي السيروتونين "شعور السعادة" الطبيعي. كما حاولت التذاكي على أفكاري السوداوية التي خلقتها صدمات عايشتها: أخذت أشكر هذه الأفكار لقدومها إلي لكنني قلت لها إنني ما عدت بحاجة "لمساعدتها" (سميتها "ترومان" و"ترودي". نعم أعلم). 

في المملكة المتحدة، يتناول شخص من بين كل سبعة مضاداً للاكتئاب، وهي عقاقير تتناولها 23 في المئة من النساء فيما تضاعف عدد وصفات مضادات الاكتئاب خلال عشر سنوات وفي عام 2021، أعطيت 101.9 مليون وصفة من هذا النوع. لو حاول أي من هؤلاء الأشخاص الإقلاع عن تناول الحبوب، لا بد أن يفهم تجربتي. شعور بالوخز وأوجاع في الجسم وهبّات ساخنة وصداع "أشبه الصدمة الكهربائية" ودرجة هائلة من الغضب والانزعاج.  

بعد مرور شهر على توقف الحبوب، أصبحت الأعراض التي أشعر بها عاطفية أكثر منها جسدية. فأنا أعجز عن إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن نفسي، وقد بلغ اضطراب الوسواس القهري الذي أعاني منه درجات عظيمة تشلّ حياتي تقريباً (قصصت شعري فقضيت فترة بعد الظهر كاملة وأنا أستحم/ أغسل الثياب/ أنظف الحمام لأنني لم أرغب برؤية شعر على سريري) وطال هذا الأمر كذلك فرط التفكير (تحية لصديقتي إيما التي تتحمل يومياً تلقّي سبع رسائل صوتية مني أسألها فيها "أتعتقدين أن هذا ما كانوا يعنونه؟"). 

أما أحلامي فمجنونة وعاد الحزن العميق والمؤلم الذي لم أتعامل معه بعد للظهور. لكن من ناحية أخرى، لا يسعني التوقف عن الإبداع. فأنا أصمم برامج إذاعية ومدونات صوتية وقد تبادرت إلى ذهني فكرة الكتاب الذي سوف أؤلفه أخيراً. أنا أهتم بمنزلي وشقتي جميلة. وأشعر بسعادة لا توصف بفضل الموسيقى والفنون. أما الطعام فألذّ بكثير، وبشرتي مشرقة وشعري لامع. كما عادت إلي الرغبة الجنسية، بعدما ظننت أنها اندثرت. ظللت دهراً لا أشعر بشيء جسدياً سوى عندما أسعل وأعطس في الوقت نفسه.

لكن أهم أعراض الانسحاب التي تعتريني هي الرغبة بالبكاء كل الوقت. لكنني لا أمانع ذلك. فهذه هي الصدمة التي مررت بها. وإن لم أعش هذا الوضع ولم أحزن، فلن أتعافى ولن أتخطى الوضع. عادت مشاعري إلى حالة من النقاء والنظافة والتطهير.

وأنا أشعر بأن الإحساس عاد إلي فعلاً. المشاعر الجيدة والسيئة على حد سواء. وقد يبدو ذلك مؤلماً جداً أحياناً لكنه يُشعرني بأنني على قيد الحياة. صحيح أن مضادات الاكتئاب تنقذ حياة كثيرين لكنها خدّرتني. كنت أعيش وشبه أحيا. أدرك تي أس إليوت ذلك.

لو كنت أيضاً تقلع عن مضادات الاكتئاب، أرجو أن تتذكر بأنك "تتحرر الآن من الدواء. هذه هي حالة الانسحاب." وأرجوك أيضاً أن تتمنى لي ولأصدقائي المساكين الحظ. صمدت شهراً. فلنرَ إن كنت سأنجح في الصمود لسنة. كل يوم بيومه.

للحصول على معلومات إضافية عن تطورات وضع برنامج Connection Works تواصلوا على البريد التالي: [email protected]

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة