Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهادات مؤلمة لأطباء مصريين عالجوا جرحى غزة

استخدام أسلحة محرمة دولياً وإثبات الإصابات بالفيديوهات للتحرك ضد إسرائيل

مسعفون مصريون ينقلون طفلا فلسطينيا مصابا بعد خروجه من قطاع غزة للعلاج بشمال سيناء (أ ف ب)

ملخص

مئات الأطباء المصريين بادروا بالتطوع لعلاج مصابي قطاع غزة في جميع التخصصات ويلجأون إلى التصوير بالفيديو لإثبات استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً.

شد عدد من الأطباء المصريين الرحال إلى شمال سيناء عبر قوافل إغاثية لعلاج المصابين الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة، بعد أن حركت مشاهد قتل النساء والأطفال دوافع قوية أيقظت ضميرهم ودفعتهم لاتخاذ قرار التطوع من دون أي تردد.

الطبيب المصري محمد بيومي العدوي، استشاري جراحة العظام والكسور في مستشفى النيل للتأمين الصحي بالقاهرة، يروي في حديثه لـ"اندبندنت عربية" رحلة انتقاله من العاصمة إلى شمال سيناء، "توجهت إلى لجنة الإغاثة في نقابة الأطباء المصرية طالباً التطوع لعلاج الجرحى والمصابين، وبالفعل أدرجوا اسمي في كشوف الراغبين في التطوع، وبمجرد علمي بفتح المعبر والبدء في استقبال المصابين من غزة، ذهبت إلى مستشفى العريش العام من دون انتظار قرار التكليف والموافقة من النقابة".

أمضى العدوي قرابة أسبوعين في مستشفى العريش العام بمحافظة شمال سيناء متنقلاً بين أسرة المصابين والجرحى الفلسطينيين، لإجراء الإسعافات اللازمة لإنقاذهم.

ويكمل الطبيب السبعيني حديثه "شاركت عديد من الأطباء المتطوعين من شرائح عمرية متنوعة وفي مختلف التخصصات الطبية في عمليات جراحية دقيقة"، مشيراً إلى أن جميع المتطوعين قدموا جهوداً هائلة لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين الفلسطينيين... الجميع كان يعمل على قلب رجل واحد من أجل إنقاذ هؤلاء الأبرياء".

وعن حالة المصابين والجرحى، يقول الطبيب المصري في شهادته، إن تشخيص المصابين والجرحى أظهر أنهم يعانون كسوراً في أجزاء متفرقة من الجسم وحروقاً جسيمة للغاية، كما تلاحظ فقدان الغالبية منهم لحاسة الشم، ما يدلل إلى إمكانية استخدام الجيش الإسرائيلي "أسلحة بيولوجية غير تقليدية تسببت في إحداث تلك الإصابات مجتمعة".

وطالب الطبيب المصري بضرورة وجود لجنة من الطب الشرعي والسموم وخبراء العلوم العسكرية لمعاينة المصابين بأنفسهم، مردفاً "شاركت في أحداث طوارئ عديدة ولكن ما رأيته من إصابات في جرحي غزة كان مفزعاً ولم أره من قبل، فالمصاب الواحد يحتاج إلى فريق طبي كامل من مختلف التخصصات لعلاجه".

وكانت وزارة الصحة المصرية أعلنت مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، استقبال 81 جريحاً فلسطينياً من غزة لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة لهم، وتوزيع الجرحى والمرضى الفلسطينيين على المستشفيات الحكومية بمدن القناة والعاصمة القاهرة.

وبحسب تصريحات متلفزة سابقة لوزير الصحة المصري الدكتور خالد عبدالغفار، فإنه يجرى استقبال من 40 إلى 50 حالة من المصابين والمرضي من غزة يومياً، مضيفاً أن هذا النوع من العمليات العسكرية تنتج منه إصابات بالغة وهناك حروق تصل إلى 70 في المئة، ومعظم الإصابات أطفال وشباب ونساء يعانون بتراً في القدمين أو الذراع أو شظايا دمرت جزءاً من الرئة أو تهتك في الكبد أو الكلى.

حروق جسيمة

شهادة أخرى يرويها أستاذ جراحة العظام بمستشفى قصر العيني في القاهرة وأحد الأطباء المتطوعين لعلاج مصابي وجرحى غزة، الطبيب أحمد عبدالعزيز (73 سنة)، إذ يقول "ما فعلته واجب على كل شخص لديه قلب ينبض وهناك طوابير من الأطباء تنتظر التطوع من أجل المشاركة في هذا الموقف الإنساني النبيل".

لم يخف عبدالعزيز خلال حديثه حالة الصدمة التي انتابته، حينما شاهد حجم الإصابات الموجودة في الجرحى الفلسطينيين، موضحاً أنه أمضى 5 أيام يتابع الحالة الصحية للمصابين ولاحظ أن نصف من فحصهم من النساء والأطفال، وغالبية الإصابات تتنوع ما بين كسور متفرقة في مختلف أنحاء الجسم، بخلاف حروق جسيمة، وأطراف مبتورة من الجسد، موضحاً أن اللحظة الصادمة حينما جرى إخباره من معظم المصابين أنهم فقدوا عائلاتهم بالكامل في الحرب.

وأجرى أستاذ جراحة العظام المصري رفقه فريقه الطبي المعاون له والذي يضم تخصصات طبية مختلفة بمستشفى العريش العام في محافظة شمال سيناء، 21 عملية جراحية دقيقة لـ21 مريضاً في غضون 3 أيام على أقصى تقدير، تنوعت تلك العمليات ما بين جراحات ميكروسكوبية لتفادي بتر الأعضاء وجراحات لتثبيت الأطراف والعظام، والتعامل مع كسور الجمجمة والعمود الفقري وزرع أنسجة، وغيرها من العمليات الجراحية الدقيقة.

إبادة عائلات بأكملها

التجارب السابقة لم تكن منفردة بذاتها، فهناك أيضاً الطبيب المصري محمد عبدالواحد، أستاذ مساعد بمستشفى قصر العيني تخصص "جراحات ميكروسكوبية وإعادة بناء أطراف"، الذي تطوع أخيراً، إذ يقول إنه كان يشرف على الحالة الصحية لـ80 مصاباً وجريحاً، مشيراً إلى أنه أجرى 15 عملية جراحية بينها 4 عمليات كبرى، استغرقت العملية الواحدة ما يتراوح بين 12 إلى 18 ساعة، لزرع أنسجة وترقيع جلد وتثبيت كسور وإصلاح مفاصل مفتتة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يروي الطبيب المصري في شهادته، أن تشخيص الحالات أظهر أن معظم الإصابات تتنوع ما بين كسور وحروق في الجسم، ما يبرز استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة تسبب "حرقاً عن بعد".

ويحكي عن أبرز المشاهد التي أثرت فيه إنسانياً، قائلاً "رأيت سيدة مسنة تبلغ من العمر 80 سنة تعاني من مرض ألزهايمر أصبحت وحيدة بعد وفاة كافة أفراد عائلتها واضطررت لعمل بتر جزئي لأطراف من أصابعها، كما شاهدت طفلاً صغيراً حدثت إبادة كاملة لعائلته واضطررت لأخذ موافقة على عمليته من أحد المصابين المجاورين له في المستشفى".

ضغط دولي

من جهته، قال نقيب الأطباء المصريين الدكتور أسامة عبدالحي إن عدد الأطباء المصريين الراغبين في التطوع لعلاج المصابين والجرحى القادمين من غزة يتخطى 1800 طبيب ويتم فرزهم بحسب التخصصات الطبية، مشيراً إلى أن هناك 300 طبيب تلقوا دورات تدريبية في الهلال الأحمر على العمل في مناطق الصراعات والحروب المسلحة والتعامل مع الأوضاع الطارئة واتباع إجراءات الأمن والسلامة.

وفي شأن إمكانية دخول هؤلاء الأطباء إلى غزة، قال نقيب الأطباء المصريين، إن هذا الأمر لا بد أن يتم بالتنسيق مع الهلال الأحمر في مصر وفلسطين وتحت إشراف الصليب الأحمر الدولي، وهذا الأمر يتطلب ضغطاً دولياً من أجل وقف إطلاق النار، لكن حتى اللحظة الحالية يتعذر على الأطباء دخول غزة، وإذا سمح بذلك فالجميع على استعداد للذهاب لنجدة أبناء الشعب الفلسطيني سواء في المستشفيات المصرية أو داخل قطاع غزة.

يعود نقيب الأطباء ليؤكد أن الفرق الطبية المتطوعة جاهزة ومستعدة لإنقاذ أرواح الجرحى والمصابين سواء داخل المستشفيات المصرية أو داخل قطاع غزة، موضحاً أن نقابة الأطباء فتحت باب التسجيل للأطباء الراغبين في علاج جرحى أهالي غزة منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي.

طوابير في الانتظار

يعضد القول السابق، حديث مقرر لجنة مصر العطاء بالنقابة العامة للأطباء المصرية الدكتور خالد أمين، مشيراً إلى أن النقابة فتحت باب التطوع بعد إتاحة استمارات تملأ عبر الإنترنت، ويجرى التنسيق مع وزارة الصحة المصرية في منح الموافقات للراغبين في التطوع، مردفاً "أطباء مصر بأكملهم يرغبون في التطوع وهناك طوابير في الانتظار لمساعدة الأشقاء الفلسطينيين".

وأضاف أمين أن التخصصات الطبية المطلوبة تشمل جراحات العظام والجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية والطوارئ والتخدير والنفسية والعصبية وجراحة المخ والأعصاب والرعاية المركزة وجراحات القلب والصدر والتجميل.

انتهاكات وجرائم حرب

مبادرات الأطباء أو ما يسمون بـ"الجيش الأبيض"، لم تقف عند حد التطوع لعلاج الجرحى والمصابين القادمين من غزة، إنما برزت في أشكال أخرى، من بينها ما أطلقته أخيراً نقيبة أطباء القاهرة الأمينة العامة لاتحاد الأطباء الشرعيين العرب الدكتورة شيرين غالب، لتوثيق ورصد "انتهاكات" الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين.

ويشارك في تلك المبادرة، كل من نقابة الأطباء بالقاهرة وأساتذة الطب الشرعي بقصر العيني واتحاد الأطباء الشرعيين العرب، وتستهدف تجميع كل الصور والفيديوهات التي توثق تلك الانتهاكات وتثبت تعرض الفلسطينيين لجرائم حرب من خلال استخدام أسلحة محرمة ومجرمة دولياً، بجانب فحص "فوارغ الأسلحة والمقذوفات النارية" لبيان نوعية الأسلحة والقنابل المستخدمة في الحرب.

تقول غالب إن كافة الصور والفيديوهات الواردة من الحرب الدائرة في غزة، تشير إلى استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة محرمة دولياً هدفها التعذيب الجسدي والنفسي في المقام الأول، مثل استخدام قنابل الفوسفور الأبيض وغاز الأعصاب والقنابل العنقودية والفراغية والقنابل بتقنية النانو التي تستهدف قتل الأطفال الفلسطينيين، على حد قولها.

وتضيف أن الجيش الإسرائيلي استخدم خلال الحرب الفوسفور الأبيض، ويظهر ذلك جلياً من خلال كمية الدخان الأبيض الكثيف التي تظهر في مختلف الصور والفيديوهات، ويتسبب في مشكلات صحية لاحقاً أبرزها الفشل الكلوي، كذلك استخدم الجيش الإسرائيلي غاز الأعصاب الذي يحدث حال استنشاقه تشنجات وشلل وقتي.

وفقاً لغالب فإنها تواصلت مع الهلال الأحمر المصري من أجل إمدادهم بمستلزمات طبية تتمثل في دروع واقية للأوجه وأدوية مضادة لغاز الأعصاب والسموم، نظراً لوجود نقص شديد في المستلزمات الطبية وما حل بالمستشفيات الفلسطينية في ظل ما تتعرض له من قصف واستهداف مباشر.

كانت وزيرة الصحة الفلسطينية الدكتورة مي الكيلة، قالت في تصريحات صحافية أخيراً، إن القوات الإسرائيلية "تنفذ جريمة مركبة بحق المستشفيات والطواقم الطبية، بدأت بمنع إدخال الوقود والمستهلكات الطبية إليها، واستهداف المستشفيات بالنار والقصف بشكل مباشر".

تعود غالب لتؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بعمل بصمة جينية للفلسطينيين لتسهيل عملية الاستعراف وتحديد هوية المتوفين من خلال فحص عينات الـDNA، كما ناشدت الطواقم الطبية باستخدام تقنيات الفيديو والتصوير الدقيق لمواضع الجروح التي يتركها القصف في جسد الجرحى والضحايا، لما لها من دلالات في غاية الأهمية.

وأضافت أن تقارير الطب الشرعي قادرة على تمكين أسر الشهداء والجرحى من ملاحقة المتورطين في حرب الإبادة الجماعية جنائياً ومطالبة إسرائيل بتعويضات مقابل ذلك التدمير والتخريب.

وتتماشى التصريحات السابقة مع ما أعلنه وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبدالغفار في تصريحات متلفزة سابقة، وجه خلالها بتشكيل لجنة من الطب الشرعي لمعرفة نوعية الأسلحة والذخيرة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في حرب غزة وأحدثت إصابات مؤثرة ومدمرة بأجسام المصابين الفلسطينيين القادمين من غزة، مؤكداً أن هذه الإصابات قد تنتج من استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً.

المزيد من متابعات