Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف سيؤثر رحيل اللاجئين الأفغان في الاقتصاد الباكستاني؟

يرى رجال أعمال أن السوق الباكستانية لن تتأثر كثيراً بغيابهم على رغم امتلاكهم حصصاً كبيرة من مختلف الأعمال التجارية في بيشاور

مواطنون أفغان يتم نقلهم إلى الحافلات من قبل السلطات الباكستانية لترحيلهم إلى بلادهم (أ ف ب)

ملخص

يرتبط المهاجرون الأفغان بأعمال تجارية صغيرة منذ 4 عقود في باكستان وخصوصاً في بيشاور حتى إن سوق "بورد بازار" في المدينة أصبحت تسمى "الكابول الصغير"

دخل شير أفغان (اسم مستعار) عبر الحدود الباكستانية من مدينة شمن بطريقة غير قانونية خوفاً من "طالبان" بعد سيطرتهم على أفغانستان وبدأ عمله الخاص لتصفيف الشعر في مدينة بيشاور. خلال العامين الماضيين التي قضاها شير أفغان في باكستان، اتسعت تجارته ووظف خمسة أشخاص في محله لكن إعلان الحكومة الباكستانية الأخير عن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين أجبر شير على إقفال محله للعناية بالشعر والعودة إلى أفغانستان. ويقول شير أفغان "نحن ننتمي لعائلة موسيقية ودخلنا إلى باكستان خوفاً من طالبان، لكننا قررنا الآن العودة إلى أفغانستان لأنه ليس أمامنا إلا أن يتم اعتقالنا ويتم ترحيلنا أو أن نغادر بإرادتنا، لذا قررنا أن نعود بأنفسنا لكن الخوف من طالبان لا يزال حاضراً في قلوبنا".
على نحو مماثل، قرر خان غل الذي يدير مطعمه الصغير منذ 20 عاماً في سوق محلية في مدينة بيشاور إغلاق متجره المعروف والعودة إلى أفغانستان لأنه لا يمتلك أوراقاً قانونية للقيام بذلك في باكستان. أخبر خان صحيفة "اندبندنت أوردو" أنه أوقف العمل في محله تقريباً ويخطط للعودة إلى أفغانستان.
وهناك المئات من المواطنين الأفغان مثل شير أفغان وخان غل يقيمون في بيشاور ويديرون أعمالاً صغيرة أو كبيرة لكنهم مضطرون للعودة إلى أفغانستان بسبب عدم امتلاكهم أوراقاً قانونية بعد انتهاء المهلة لعودة الأفغان المقيمين غير الشرعيين من قبل الحكومة الباكستانية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

أعداد المهاجرين غير الشرعيين

وهناك أكثر من 10.3 مليون لاجئ أفغاني مسجل في باكستان وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يقيم العدد الأكبر منهم في مدينة بيشاور (سبعة ملايين) ويأتي إقليم بلوشستان (ثلاثة ملايين) في المركز الثاني، بينما تقول وزارة الداخلية الباكستانية أنه يعيش نحو 1.7 مليون أفغاني بشكل غير قانوني في مناطق مختلفة من باكستان من دون أي وثائق سفر أو إقامة، علاوة على عدد المقيمين بطريقة قانونية.
وعقب إعلان الحكومة الباكستانية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، تدفقت أعداد كبيرة من المقيمين الأفغان إلى الحدود الباكستانية-الأفغانية للعودة إلى بلادهم. ووفقاً لأرقام وزارة الداخلية في إقليم "خيبر بختونخوا" عاد أكثر من 130 ألف لاجئ أفغاني غير شرعي من نقطتي طورخام وأنغورأدا الحدوديتين في وزيرستان في الفترة الممتدة من السادس من أكتوبر الماضي إلى الأول نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
ويرتبط المهاجرون الأفغان بأعمال تجارية صغيرة منذ أربعة عقود في باكستان وخصوصاً في مدنية بيشاور حتى إن سوق "بورد بازار" في مدينة بيشاور أصبح يسمى "الكابول الصغير" لأن معظم الأعمال التجارية هناك مملوكة للاجئين الأفغان.
وتحدثت "اندبندنت أوردو" إلى عدد من الخبراء وأجرت دراسة على عدد من المقالات حول ما إذا كانت عودة اللاجئين الأفغان إلى بلادهم ستؤثر في الاقتصاد الباكستاني وهل سيكون ذلك الأثر إيجاباً أم سلبياً؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


حصة اللاجئين الأفغان من التجارة

ونشرت مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية والإدارية ورقة بحثية في عام 2021 حول تأثير اللاجئين الأفغان على اقتصاد بيشاور، إذ تم مسح المراكز التجارية الكبيرة في المدينة لمعرفة عدد متاجر اللاجئين الأفغان في كل سوق تجارية. ووفقاً لنتيجة البحث التي نشرت في المجلة فإن 60 في المئة من اللاجئين الأفغان الذين قدموا إلى باكستان بعد عودة "طالبان" إلى السلطة في أفغانستان كانوا من العمال، و20 في المئة منهم كانوا رجال أعمال، فيما كانت نسبة المحترفين خمسة في المئة، بينما يمتهن 15 في المئة أعمالاً أخرى كما جلب اللاجئون الذين وصلوا إلى باكستان نحو 2.5 مليون رأس من الماشية لأغراض تجارية.
وبدأ القادمون الأفغان بعد أن استقروا في مختلف مناطق باكستان بالبحث عن سبل العيش والشروع في أعمال تجارية مختلفة من بينها تجارة السلع المستوردة المهربة حتى أصبحت مدينة بيشاور مركزاً رئيساً لهذه التجارة، وبهذه الطريقة بدأ اللاجئون تدريجاً بإثبات أنفسهم في أعمال تجارية أخرى أيضاً. وأصبح معظمهم مستقلاً من الناحية المادية بدل الاعتماد على المعونات الخارجية.
وأظهرت الاستطلاعات المنشورة في الورقة البحثية التي أجريت في عدد من الأسواق الكبيرة في مدينة بيشاور، أن 91 في المئة من تجار السجاد في أكبر أسواق بيشاور هم من اللاجئين الأفغان، بينما تبلغ نسبتهم 33 في المئة في تجارة الجلد والأحذية، كما أن عدداً كبيراً من المطاعم والفنادق ومحلات الأقمشة مملوكة لمواطنين أفغان أيضاً.
على نحو مماثل، أظهرت الاستطلاعات أن اثنين فقط من بين 105 متاجر في منطقة "أفغان كالوني" مملوكة لباكستانيين بينما يمتلك لاجئون أفغان بقية المتاجر. وعلى رغم خفض عددهم في بعض مناطق المدينة فإنهم يمتلكون حصصاً كبيرة من الأعمال التجارية المختلفة هناك، مثل تجارة السلع النادرة والحرف اليدوية وتجارة السجاد والأقمشة.


كيف سيتأثر الاقتصاد؟

ويقول نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية في "خيبر بختونخوا"، العضو السابق في المجلس الفيدرالي لشؤون التجارة بين باكستان وأفغانستان، شاهد حسين في حديث مع "اندبندنت أوردو"، أن "عودة اللاجئين الأفغان إلى بلادهم ستؤثر حتماً في التجارة المحلية لأنهم كانوا يدفعون الضرائب وكان لهم دور في الاقتصاد المحلي إلا أن هذا الأثر سيكون موقتاً وسيزول بعد فترة قصيرة". وأضاف أن "الأفغان بنوا أنفسهم من خلال الانخراط في الأعمال التجارية البسيطة في أسواق باكستان وسيضطرون إلى البدء من جديد بعد عودتهم إلى أفغانستان". في المقابل، يرى حسين أن "الفراغ الذي سيتركه الأفغان سيملؤه التجار الباكستانيون من مختلف المدن في وقت قصير ولن تتأثر السوق بشكل كبير بغياب التجار الأفغان".
ونبه حسين إلى نقطة أخرى وهي أن "عدداً كبيراً من التجار الأفغان كانوا يعملون في تجارة الاستيراد والتصدير بين البلدين، إذ كانوا يأتون بالسلع من أفغانستان ويبيعونها في باكستان، وهؤلاء سيستمرون في العمل رغم عودتهم إلى أفغانستان".
من جانبه، قال المتخصص في شأن الاقتصاد في المعهد الباكستاني لتنمية الاقتصاد الدكتور ناصر إقبال، إنه "يجب النظر إلى المسألة من خلال سؤالين: هل ستستكمل عملية ترحيل اللاجئين الأفغان فعلاً، وهل سيكون ذهابهم إلى بلادهم مسألة موقتة أم سيرجعون إلى باكستان مرة أخرى؟". وأضاف "سيكون من الصعب للغاية إعادة جميع اللاجئين لأنهم اندمجوا مع المجتمع منذ وقت طويل في مختلف مدن باكستان من بيشاور إلى كراتشي. كثير من اللاجئين لم يكن لديهم عمل دائم هنا ويتم ترحيلهم الآن، لكن أعتقد أن اللاجئين الذين يمتلكون أعمالاً تجارية لن يعودوا إلى بلدهم بسهولة. يجب النظر إلى القضية الترحيل برمتها من كل الزوايا وليس هناك شك في أنها ستخلق بعض الفراغ في الاقتصاد وخصوصاً في بيشاور، ولكن الأثر الحقيقي لا يمكن التنبؤ به إلا بعد أن يكتمل عملية الإجلاء، عندها ستتبين الآثار الحقيقية لهذه الخطوة". وأضاف "يتم ترحيل المهاجرين غير الشرعيين في جميع أنحاء العالم، ويدرك هؤلاء في أي بلد أنه يمكن القبض عليهم وإعادتهم في أي وقت ولا تؤثر عودتهم على الاقتصاد العام للدولة وهذا ما يحدث في باكستان حالياً. هذه الخطوة سيكون لها أثر كبير بتأكيد حياة اللاجئين الأفغان الاقتصادية، كما ستخلق فراغاً في السوق المحلية على المدى القصير. أما على المدى الطويل فيمكن أن تتأثر السوق في حال ترك الوظائف والأعمال فارغة وعدم استبدالها بالسكان المحليين".

نقلاً عن اندبندنت أوردو

المزيد من تقارير