ملخص
محللون يرجحون عدم الارتفاع مع استثناء "السولار" من الزيادات الجديدة
على رغم التضخم المرتفع بالفعل وقيام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة، كشفت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بصورة ربع سنوية في مصر، عن أن رفع أسعار البنزين بمختلف أنواعه عدا السولار، يأتي في إطار التغيرات السعرية التي تطرأ بصورة مستمرة على الأسعار العالمية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل التضخم السنوي في مصر ارتفع خلال شهر أغسطس (آب) الماضي بأعلى من المتوقع إلى مستوى غير مسبوق بلغ 37.4 في المئة، مقابل 36.5 في المئة خلال شهر يوليو (تموز) 2023، وهو ما جاء مدفوعاً بالزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء التي بلغت 71.4 في المئة على أساس سنوي بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
وسبق أن سجل التضخم مستويات غير مسبوقة أيضاً خلال الشهرين السابقين، إذ وصل إلى 36.5 في المئة في يوليو الماضي و35.7 في المئة في يونيو (حزيران)2023، ودفع النمو الكبير في المعروض النقدي على مدى العامين الماضيين إلى قفزات سريعة للأسعار وخفض قيمة العملة ثلاث مرات منذ مارس (آذار) 2022.
وقال البنك المركزي المصري إن التضخم الأساس الذي يستثني سلعاً أسعارها متقلبة مثل الغذاء والوقود تراجع قليلاً إلى 40.4 في المئة من 40.7 في المئة في يوليو و41 في المئة في يونيو2023.
أزمة الدولار وارتفاع فاتورة الواردات
يرى محلل الاقتصاد الكلي عماد كمال أن الأهم في المحروقات بالنسبة لأسعار جميع السلع هو "السولار"، وما دام ثبت سعره فلن تتأثر السوق أو تشهد ارتفاعات جديدة في أسعار السلع.
ولفت في حديثه إلى أن الأزمة في خفض إمدادات الغاز للمصانع، وبالفعل هناك مصانع بدأت تتأثر وبعضها أعلن توقفه عن العمل.
وفي تعليقه، رصد المتخصص في الشأن الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، أسباب قرار رفع أسعار البنزين بجميع أنواعه من قبل لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، موضحاً أن هناك عدداً من العوامل والأسباب أولها ارتفاع أسعار النفط عالمياً باستمرار، وكان آخرها زيادة بنسبة ثلاثة في المئة بعد قرار الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الأخير بتثبيت سعر الفائدة، إضافة إلى استمرار الحرب على غزة، وقبلها الحرب الروسية - الأوكرانية، لافتاً إلى أن التغيرات الجيوسياسية التي تحدث في العالم تتسبب في رفع أسعار النفط، والذي يتزامن مع نقص الإمدادات البترولية، خصوصاً بعد قرار "أوبك" تخفيض إنتاج النفط الفترة الماضية والمستمر خلال 2024.
أوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن مصر تعتمد في سد حاجاتها من استهلاك المواد البترولية من الإنتاج المحلي ثم استيراد العجز من الخارج، وذلك لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، ووفقاً للإحصاءات الرسمية فقد تراجعت واردات مصر من البترول الخام خلال شهر أغسطس الماضي بنسبة 42.6 في المئة لتسجل 392.2 مليون دولار، مقابل 683.5 مليون دولار خلال الشهر نفسه عام 2022.
وأشار إلى أن تراجع واردات مصر جاء تزامناً مع وجود نقص في العملة الصعبة من الدولار، إضافة إلى تراجع صادرات مصر من الغاز الطبيعي خلال الفترة الماضية، والذي كان يوفر للدولة العملة الصعبة، إضافة لنقص تحويلات العاملين المصريين بالخارج.
وأشار غراب إلى أن قرار لجنة تسعير المواد البترولية تضمن البنزين بأنواعه المختلفة واستبعد السولار بعد رفض الرئيس السيسي طلب الحكومة بزيادة سعر السولار، حرصاً على محدودي الدخل، مشيراً إلى أن الحكومة قامت خلال اجتماعها السابق في مايو (أيار) الماضي بتثبيت سعر البنزين وقامت برفع سعر السولار، موضحاً أن اللجنة تعتمد في قرارها برفع أسعار البنزين والسولار على شقين الأول يعتمد على سعر وسوق البترول عالمياً، والذي يتأثر بالأحداث الجيوسياسية والتوترات، والثاني يعتمد على مدى قدرة المواطن على تحمل أية أعباء زائدة. وقال إن اللجنة لم تقم في اجتماعها برفع سعر السولار، نظراً إلى البعد الاجتماعي والظروف الاقتصادية للمواطن لأن شاحنات وسيارات النقل تعتمد على السولار في شحن ونقل البضائع والسلع والمنتجات، من ثم فسعر السولار لم يرتفع، لذلك لن ترتفع أسعار السلع بالأسواق، بينما البنزين لن يؤثر ارتفاع سعره في أسعار البضائع والسلع والمنتجات أو الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل، لكن قد يؤثر في الطبقات التي تملك السيارات الخاصة، وكل من يملك سيارة خاصة لديه القدرة على نفقاتها، موضحاً أن السعر المتداول حالياً للوقود ليس سعره الحقيقي، ولكنه مدعم من الحكومة، لأن الدولة تتحمل فارق الكلفة بين سعره الحقيقي والسعر الذي يباع به في الأسواق العالمية، مما يضغط على الموازنة العامة للدولة، بخاصة مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً.
كم تبلغ أسعار المحروقات بعد الزيادة؟
في بيانها قالت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية إنها ناقشت المتغيرات العالمية والإقليمية من الأحداث السياسية والمؤشرات الاقتصادية التي كان لها تأثير مباشر وغير مباشر في زيادة الأسعار العالمية للمنتجات البترولية وأسعار خام برنت التي تخطت 90 دولاراً للبرميل. وأوضحت أن قرارها جاء انطلاقاً من التزامها بما أعلن عنه منذ يوليو 2019 بتطبيق آلية التسعير التلقائي على بعض المنتجات البترولية، إذ تستهدف الآلية تعديل أسعار بيع المنتجات في السوق المحلية ارتفاعاً أو خفضاً كل ربع سنة وفقاً للتطور الذي يحدث لأهم عاملين مؤثرين في كلفة إتاحة وبيع هذه المنتجات في السوق المحلية، وهما السعر العالمي لبرميل خام برنت وتغير سعر الدولار أمام الجنيه بخلاف الأعباء وكلف الأخرى الثابتة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت الصحيفة الرسمية قد نشرت قرار وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا بتحديد أسعار البنزين بأنواعه اعتباراً من صباح أمس الجمعة.
وبحسب المنشور حدد سعر بيع الليتر من البنزين (80 أوكتين) تسليماً للمستهلك بنحو 10 جنيهات (0.32 دولار)، ارتفاعاً من 8.75 جنيه (0.28 دولار)، بزيادة قدرها 1.25 جنيه (0.04 دولار). كما تم تحديد سعر بيع الليتر من البنزين (92 أوكتين) تسليماً للمستهلك بسعر 11.5 جنيه (0.37 دولار) شاملاً الضريبة على القيمة المضافة، ارتفاعاً من 10.25 جنيه (0.33 دولار)، بزيادة 1.25 جنيه (0.04 دولار)، كما تقرر تحديد سعر بيع الليتر من البنزين (95 أوكتين) تسليماً للمستهلك بسعر 12.5 جنيه (0.40 دولار) شاملاً الضريبة على القيمة المضافة، ارتفاعاً من 11.5 جنيه (0.37 دولار)، بزيادة قيمتها جنيه (0.03 دولار).
البنك المركزي يقرر تثبيت أسعار الفائدة
يأتي ذلك في ظل استقرار التضخم عند مستويات مرتفعة، وعلى رغم ذلك قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي عند مستوى 19.25 في المئة و20.25 في المئة و19.75 في المئة على الترتيب، كما أبقي على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 19.75 في المئة.
جاء قرار تثبيت أسعار الفائدة مخالفاً لتوقعات المحللين وشركات وبنوك الاستثمار، إذ كانت التوقعات تشير إلى زيادتها بنحو واحد إلى اثنين في المئة، لكن لجنة السياسة النقدية، أكدت أن التطورات الاقتصادية العالمية، شهدت استمرار توقعات الأسعار العالمية للسلع، وبخاصة أسعار الطاقة في الارتفاع مقارنة بالتوقعات التي عرضت على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعها السابق، وجاء ذلك نتيجة ارتفاع التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
ومع ذلك، انخفضت الضغوط التضخمية العالمية أخيراً نتيجة سياسات التقييد النقدي التي اتبعت في عديد من الاقتصادات الرئيسة، إضافة إلى الأثر الإيجابي لسنة الأساس، من ثم تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الدول على رغم استمرارها عند مستويات تفوق المعدلات المستهدفة.
وقد أسهمت سياسات التقييد النقدي، إضافة إلى ارتفاع درجة عدم اليقين نتيجة التوترات الجيوسياسية أخيراً في خفض توقعات النمو الاقتصادي العالمي مقارنة بما عرض على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق.
على الصعيد المحلي، ظل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي دون تغيير مسجلاً 3.9 في المئة خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالربع الرابع من عام 2022.
وتشير البيانات التفصيلية للربع الأول من عام 2023 إلى أن النشاط الاقتصادي جاء مدفوعاً بالمساهمة الموجبة للاستهلاك وصافي الصادرات.