Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طالبان باكستان" من جماعة إرهابية إلى مجموعة متمردة

تحاول الحركة الاستفادة من حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد

توسعت حركة "طالبان الباكستانية" من خلال ضم أكثر من 40 فصيلاً متشدداً خلال الأعوام الماضية (أ ف ب)

ملخص

فشلت الدولة الباكستانية في الوفاء بوعودها للشعب في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان واستغلت "طالبان باكستان" هذه الفرصة

حشدت حركة "طالبان باكستان" في سبتمبر (أيلول) الماضي المئات من مقاتليها في إقليمي كونار ونورستان الأفغانيَين، وشنت هجوماً واسع النطاق داخل الأراضي الباكستانية، بخاصة في مدينة شيترال التابعة لإقليم خيبر بختونخوا الحدودية، وكانت هذه الهجمات أول محاولة جادة من قبل الحركة بعد سيطرة "طالبان" على الحكم في أفغانستان.
وصدت القوات الأمنية الباكستانية هذا الهجوم بعد قتال عنيف استمر ما بين أربعة إلى خمسة أيام، ولم تنجح "طالبان باكستان" في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها عادةً الجماعات الإرهابية، إذ لم تحرز أي تقدم أو سيطرة ميدانية ولم تحصل على أي دعم شعبي أيضاً.
إذاً لماذا شنت الحركة هذا الهجوم وما هي أهدافها؟ وما هي الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها حركة "طالبان باكستان" لتوسيع نفوذها على الأراضي الباكستانية؟

جماعة إرهابية بغطاء مجموعة متمردة؟

حاولت حركة "طالبان باكستان" في إطار سعيها غير المجدي لكسب تأييد شعبي ضمن السكان البشتون المحليين وتبني القومية البشتونية، التي كانت تعد دائماً حركة علمانية، حتى أنها عرضت من خلال "مجلة طالبان" الشهرية على زعيم حركة "حماية البشتون" القومية، منظور بشتين، عقد مباحثات معه في يناير (كانون الثاني) المقبل.
تأتي هذه المحاولات في إطار جهود "طالبان باكستان" التي تصنف كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والمنظمات العالمية، وتتهم بالوقوف وراء هجمات راح ضحيتها مئات المدنيين بما فيها مذبحة المدرسة العسكرية في مدينة بيشاور في عام 2014، لتغيير صورتها من جماعة إرهابية إلى مجموعة متمردة أو "جماعة إرهابية هجينة" تقوم بعمليات إرهابية واستخدام وسائل التمرد وحرب العصابات في آن واحد.
ويمكن فهم الهجمات التي شنتها الحركة على مدينة شيترال في هذا السياق، إذ تتّبع "طالبان باكستان" سياسة استهداف المواقع الاستراتيجية وشن هجمات كبيرة من أجل إحداث صخب إعلامي وصدى عالمي لإثبات وجودها حتى لو لم تحصل من وراء ذلك على التأييد الشعبي أو السيطرة الميدانية، فيما تتجنب الأهداف الناعمة والصغيرة لترسيخ صورتها على أنها جماعة متمردة لا تستهدف المدنيين.
إضافة إلى ذلك، نأت "طالبان باكستان" بنفسها عن "القاعدة" من خلال تصريحاتها إلى درجة أنها أنكرت دورها في تأسيس وتمويل وتوفير الإشراف الأيديولوجي للتنظيم في الماضي، كما أن الحركة شددت مراراً وتكراراً على أن عملياتها محدودة ضمن نطاق الأراضي الباكستانية وحاولت إقناع المجتمع الدولي أنها تحارب الدولة الباكستانية بهدف قيام "دولة شرعية" مثل التي أقامتها "طالبان" في أفغانستان، وتشير هذه التوافقات المثيرة للانتباه إلى الفطنة السياسية التي تتمتع بها الحركة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحرب الإعلامية وإعادة الهيكلة

عند النظر بشكل دقيق في استخدام حركة "طالبان" لوسائل الاتصال فإننا سنجد أن "مجموعة العمر" الإعلامية ووسائل البروباغاندا الأخرى التابعة للحركة أصبحت أكثر قوة وتأثيراً من السابق، لا سيما بعد انضمام قاري منيب جات الذي كان يشرف على إعلام تنظيم "القاعدة" ويدير الجناح التسويقي لها، إذ زادت أنشطة الحركة على قنواتها الخاصة وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كما أن جودة التحرير واللغة للمحتوى الإعلامي تحسنت أيضاً بعد تولي منيب زمام الأمور.
من الناحية الهيكلية، حولت "طالبان باكستان" هيكلها التنظيمي إلى نموذج جديد يتضمن إدارة مركزية فعالة، وقسمت عملياتها العسكرية إلى منطقتين، الشمالية والجنوبية، كما أعلنت إنشاء سبع وزارات بديلة ووحدات خاصة للاستخبارات والعمليات الانتحارية والتدريب، إضافة إلى نظام قضائي ذي ثلاثة مستويات، ومركز للفقه الإسلامي، وإدارة للإسكان، و12 ولاية إدارية. تظهر هذه القرارات التي تم الإعلان عنها في عام 2022، ويتم تنفيذها تدريجاً إلى اليوم الأثر العميق لـ"طالبان أفغانستان" على "طالبان باكستان"، فيما تستخدم الحركة ملاذاتها في الجهة الأخرى من الحدود على الأراضي الأفغانية لتوسيع وجودها في باكستان.

وفشلت الحركة في السابق في تحقيق تقدم كبير في إقليم بنجاب حتى في ذروتها بين عامي 2008 و2013، وعلى رغم من تحالفها مع مجموعة طالبان البنجابية التي كانت تمثل اندماج فصائل منشقة من الجماعات الكشميرية المسلحة والمنظمات الطائفية المناهضة للشيعة، وتركز حركة "طالبان باكستان" حالياً على إعادة الهيكلة التي تشمل توسيع عملية التجنيد إلى اقليم البنجاب إضافة إلى القيام بعمليات كبيرة بهدف التسويق.

إعادة تشكيل الهوية واستغلال شعور الحرمان

تحاول "طالبان باكستان" تبديد الانطباع بأنها على رغم خطابها المتمحور حول باكستان، جماعة مسلحة من البشتون، والجدير بالذكر هنا أن الحركة نجحت فعلاً في اختراق المناطق ذات الأغلبية البشتونية في بلوشستان ونفذت عديداً من الهجمات اللافتة في عام 2023.
توسعت "طالبان الباكستانية" من خلال ضم أكثر من 40 فصيلاً متشدداً، تعهدوا بالولاء لزعيمها المفتي نوروالي محسود، مما سمح للجماعة بتوسيع قوتها العملياتية والتنظيمية، ويبلغ عدد المسلحين في صفوفها في هذا الوقت من ثمانية إلى 10 آلاف.
إضافة إلى ذلك، فشلت الدولة الباكستانية في الوفاء بوعودها للشعب في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان واستغلت "طالبان باكستان" هذه الفرصة، وشعور السكان بالحرمان بشكل كبير، إلا أن سكان المناطق القبلية لا يتعاطفون مع الحركة.
وبصرف النظر عن عودة "طالبان" إلى الحكم في أفغانستان وتوفير الملاذات لها في أفغانستان، فإن حركة "طالبان الباكستانية" استفادت بشكل كبير من حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، إذ تقدم الحركة خططاً مثل تطبيق الشريعة كبديل للحكم الديمقراطي الفاشل في باكستان.
الجدير بالذكر هنا أيضاً أن الأجيال الجديدة من مقاتلي حركة "طالبان الباكستانية" يتلقون تعليمهم في المدارس الدينية التي تديرها حركة "طالبان" في أفغانستان، وهذه الأجيال ستكون أكثر تطرفاً من أسلافها وسيكون ولاؤها لباكستان أضعف من السابق.

نقلاً عن اندبندنت أوردو

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير