Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المجر تضرب جدار الدعم الأوروبي لأوكرانيا

رئيس حكومتها يصف فكرة استعادة القرم بأنها "غير واقعية مطلقاً" ويدعو إلى تغيير "قيادات بروكسل"

فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على هامش منتدى "الحزام والطريق" الثالث في بكين (أ ف ب)

ملخص

قال رئيس الحكومة المجرية إن بلاده، "لا تستطيع، ولا تريد استغلال أموال دافعي الضرائب في تقديم المساعدة العسكرية إلى أوكرانيا".

عاد رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان إلى سابق عهده بإثارة الجدل بين صفوف الاتحاد الأوروبي، عاد من رفع راية العصيان ضد كثير من مقررات الاتحاد التي تقف على طرفي نقيض مع ما يراه في غير صالح المجر وشعبها، وعلى النقيض من قيمها وثوابتها ومقدراتها، وهو ما سبق أن قاله منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية. ففي حديثه إلى البرنامج الصباحي للإذاعة المجرية حول المناقشات التي دارت في قمة الاتحاد الأوروبي التي استمرت يومين في بروكسل، شدد أوربان على حاجة الاتحاد إلى خطة مغايرة بعد أن فشلت الاستراتيجية الأوروبية الحالية بهذا الصدد. ولمزيد من الإيضاح قال رئيس الحكومة المجرية إن بلاده، وعلى عكس متطلبات قيادة الاتحاد الأوروبي، "لا تستطيع، ولا تريد استغلال أموال دافعي الضرائب في تقديم المساعدة العسكرية إلى أوكرانيا".

ومع ذلك، فإن أكبر مشكلة، كما قال، تتلخص في أن "الاستراتيجية التي دخلوا بها هذه الحرب وجروا الأوروبيين إليها وراءهم" قد فشلت. فوفقاً للخطة، كان على أوكرانيا أن تشن حرباً دفاعية، وكان علينا (الاتحاد الأوروبي) أن نقدم لها المال والمساعدة العسكرية. وقبل بضعة أشهر، أعلن عن بداية الهجوم المضاد الأوكراني. وكان من الممكن في حالة واقعية هذا الهدف، وتحقيقهم الانتصارات على الخطوط الأمامية، أن يعاودوا طلب المال، لكن هذه الاستراتيجية فشلت، ولم يتحقق ما أعلنوه من أهداف".

وذكر أوربان أن هناك حاجة إلى وضع خطة بديلة وتقدير كلفتها. وقال، "بمجرد أن نعرف الكلفة يمكننا تقاسم هذا العبء في ما بيننا"، كما أشار إلى أن هناك حاجة إلى تغيير القيادة في بروكسل في الانتخابات الأوروبية العام المقبل. وقال ذلك من منطلق مواقفه القومية، التي كثيراً ما وضعته في صدام مستمر مع بروكسل خلال الأعوام الـ13 الماضية بسبب سياسات يقول معارضوه "إنها أدت إلى تآكل القيم الديمقراطية في المجر"، وهو قول في حاجة إلى مراجعة.

الحاجة إلى الخطة "ب"

وأوضح رئيس الحكومة المجرية أن المتخصصين العسكريين يدركون هذه الحقائق، لكن السياسيين لا يجرؤون بعد على التحدث عن ذلك علناً. ومن الواضح أن الأوكرانيين لن يحققوا نصراً، ولن يستطيعوا إلحاق الهزيمة بالروس على جبهة القتال، وليس هناك شك في أن الرئيس الروسي لن يمنى بالفشل. وأضاف أنه "في مثل هذه الحال من الضروري التوقف، نحن في حاجة إلى الخطة (ب) لأوكرانيا". وكانت الحكومة الأوكرانية سبق أن قالت مراراً وتكراراً إن النهج المتبع لتسوية النزاع الأوكراني يجب أن يستند إلى وقف فوري لإطلاق النار ومفاوضات سلام، كما أعلن أوربان معارضته لخطة دعم الاتحاد الأوروبي بقيمة 50 مليار يورو (52.89 مليار دولار) لأوكرانيا، على المدى الطويل، والتي يعتزم الاتحاد الأوروبي الموافقة عليها قبل نهاية العام. وتدرج "مسودة" خطة الاتحاد الأوروبي مبلغاً قيمته 33 مليار يورو (34.91 مليار دولار) على شكل قروض منخفضة الفائدة، و17 مليار يورو (17.98 مليار دولار) على شكل منح غير قابلة للسداد، وهي جزء من مراجعة أوسع بقيمة 100 مليار يورو (105.79 مليار دولار) للموازنة المشتركة طويلة الأجل. ومن المعروف أن أية تغييرات في الموازنة تتطلب موافقة جماعية من جانب كل الدول الأعضاء الـ27، وهو ما من شأنه أن يسمح لدولة واحدة بوقف العملية في حال اعتراضها عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان أوربان قد أعرب عن معارضته لذلك في ما سبق، وكشف عنه خلال لقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين في بكين في وقت سابق من الشهر الجاري، وهو ما كان متوقعاً على نطاق واسع نظراً إلى تصريحاته السابقة منذ أن اقترحت المفوضية الأوروبية هذه الخطة لأوكرانيا في يونيو (حزيران) الماضي.

وقد جاء ذلك في وقت أعرب رئيس الحكومة السلوفاكية الجديد روبرت فيتسو عن مخاوفه في شأن تفشي الفساد بين منظومة الانساق العليا للسلطة في أوكرانيا. وتقول الأرقام الرسمية إن الفساد تفشى في المجتمع الأوكراني حتى أعلى أنساق السلطة، بما بلغت معه أوكرانيا المرتبة 116 من أصل 180 في مؤشر الفساد بموجب منظمة الشفافية الدولية، والتي سبق أن طرحت تعزيز مكافحة الفساد واحداً من سبعة شروط حددتها المفوضية لتعزيز مساعي كييف لعضوية الاتحاد الأوروبي، كما أعلن فيتسو عن مطالبه في شأن ضمانات إضافية يمكن أن تحول دون "عدم اختلاس أموال الاتحاد الأوروبي". وكتب على "فيسبوك" أن "أوكرانيا واحدة من أكثر الدول فساداً في العالم، كما أن دعمها المالي مشروط بضمانات عدم اختلاس الأموال الأوروبية، بما في ذلك الأموال السلوفاكية".

مع ذلك، فإن تحفظات رئيس الحكومة السلوفاكية لم تفسر على أنها "لا" قاطعة، وتركت الباب مفتوحاً أمام احتمال الموافقة على خطة بقيمة 50 مليار يورو (52.89 مليار دولار) بشرط تطبيق الضمانات، بحسب ما قال عديد من الدبلوماسيين لـ"يورونيوز". وكان روبرت فيتسو أعلن أن بلاده لن تقدم بعد الآن مساعدات عسكرية لأوكرانيا على أساس ثنائي، وهو ما سبق وقاله خلال حملته الانتخابية، حيث أشار إلى أن "الحرب في أوكرانيا ليست حربنا، وليست لنا أية علاقة بها"، كما أكد أن "الوقف الفوري للعمليات العسكرية هو الحل الأفضل لأوكرانيا. وينبغي للاتحاد الأوروبي أن ينتقل من كونه مورداً للأسلحة إلى صانع للسلام". وأشار فيتسو إلى أن حكومته الائتلافية لن تعطي الضوء الأخضر إلا لتقديم "مساعدات إنسانية ومدنية" للسلطات الأوكرانية.

ماذا لو انتصرت روسيا؟

لقيت تصريحات فيكتور أوربان وروبرت فيتسو رئيس الحكومة السلوفاكية الجديد، المناهضة لدعم أوكرانيا مادياً وعسكرياً، معارضة شديدة الوطأة من قبل نظرائهما في بلدان شرق أوروبا، ولا سيما من جانب كايا كالاس رئيسة وزراء أستونيا، إذ أعلنت كالاس في اجتماع قمة رؤساء بلدان الاتحاد الأوروبي دعوتها إلى كل من أوربان وفيتسو لإعادة النظر في موقفهما من تأييد ودعم أوكرانيا. ونقلت صحيفة "البرافدا" الأوروبية عنها قولها بضرورة التفكير في ما يمكن أن ينجم عن مواقفهما من نتائج. وقالت كالاس رداً على سؤال حول كيفية تنسيق السياسات والمواقف خلال المحادثات وراء الأبواب المغلقة مع كل من أوربان وفيتسو، "لقد طرح كل منهما موقفه، وسئلا بطبيعة الحال عن البديل في حال عدم مساعدة أوكرانيا. وعما يمكن أن يكون في حال أحرزت روسيا النصر. فماذا بعد؟ ماذا أنتم فاعلون؟ هل سنكون في مأمن إذا لم ندعم أوكرانيا الآن؟ ولم نجد منهما أية إجابة عن هذه الأسئلة". وأكدت رئيسة الحكومة الأستونية على ضرورة مواصلة الحديث حول دعم أوكرانيا.

ولم تقتصر الجبهة المعارضة على كالاس وحدها، حيث انضم إليها كثيرون ومنهم رئيسة وزراء لاتفيا إيفيكا سيلينا التي قالت، "يجب أن نظهر تحملنا في دعم أوكرانيا. أوفينا بالوعود التي قطعناها من قبل". غير أن قرارات بعيدة المدى حول الدعم العسكري والاقتصادي طويل المدى غير متوقعة، نظراً إلى أن بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل المجر وسلوفاكيا، مترددة حتى الآن في إعطاء التزامات تمويل جديدة لكييف.

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، "إن إقناع جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بالموافقة حتى نهاية العام على ما يصل إلى 70 مليار يورو (74.05 مليار دولار) من المساعدات الجديدة من الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا سيكون بمثابة "تدريب على الذكاء الجماعي". ومن المعروف أن زعماء الاتحاد الأوروبي يبحثون أيضاً الإصلاح المثير للجدل لقواعد الديون والعجز لدى دول الاتحاد الأوروبي التي تستخدم اليورو كعملة مشتركة.

وكان بالاز أوربان، وهو أحد مستشاري فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية وقرينه في الاسم، قال إن السلطات المجرية طرحت اقتراحاً مفاده أن يضع الاتحاد الأوروبي استراتيجية جديدة لأوكرانيا، وعندها فقط يمكن تحديد حجم المساعدة المالية التي تحتاج إليها كييف، كما سبق وأعلن فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية أن "تصور الغرب لأوكرانيا على أن لديها اليد العليا في الصراع (كذبة)، ومن المستحيل هزيمة روسيا". وفي هذا الصدد تذكر المراقبون ما سبق وقاله أوربان في حديثه إلى الصحافي الأميركي تاكر كارلسون حول أن "الأوكرانيين غير قادرين على المنافسة من دون مساعدة الغرب، والولايات المتحدة تحمل مفاتيح السلام في المنطقة"، كما استعادوا تعليقه حول الرأي السائد في الولايات المتحدة بأن أوكرانيا ستنتصر، حيث قال "إنها كذبة، هذا مستحيل. كل شخص في السياسة يفهم المنطق والأرقام والبيانات، لا توجد فرصة". وأضاف "سينفد جنودهم قبل روسيا".

ووفقاً لكارلسون، فإن عدد الأوكرانيين الذين قتلوا يصل إلى مئات الألوف. وأضاف أوربان أن بينهم أيضاً جنوداً ينتمون إلى العرق المجري، واستطرد "إن أية محاولة من جانب أية دولة غربية لإرسال جنودها إلى أوكرانيا يمكن أن تعني حرباً مباشرة بين الغرب وروسيا. وسنجد أنفسنا على الفور في حرب عالمية ثالثة، لذا فهذه لحظة خطرة للغاية".

وكان أوربان سبق أن قال إن الشعب الروسي لن يتخلى عن زعيمه، وسيحافظ على البلاد من التفكك، وسيعمل على حمايتها، ويستثمر أموالاً أكثر وينتج أسلحة أكثر من خصومه. لذا "لا تسيئوا فهم الروس". وعما يمكن أن يفعله في حال كان على رأس حلف الـ(ناتو) أو في مكان جو بايدن على سبيل المثال، قال "السلام الفوري". وأضاف، "إذا أرادت الولايات المتحدة استعادة السلام بحلول صباح الغد فيمكنها أن تفعل ذلك. الأوكرانيون غير قادرين على المنافسة في هذه الحرب. وإذا لم يكن هناك أموال وأسلحة من الغرب، وبخاصة من الولايات المتحدة، فإن الحرب تكون قد انتهت. القرار في يدك". وتابع، "بالطبع، الأمر يتعلق بالأوكرانيين، ولا يمكن تجاهلهم، ويجب إشراكهم، لكن العامل الرئيس ليس أوكرانيا". ووصف أوربان فكرة استعادة شبه جزيرة القرم من روسيا بأنها "غير واقعية على الإطلاق، وأمر غير وارد"، كما سبق أن قال إن وجود أوكرانيا واستمرار عمل قواتها يعتمدان فقط على الأموال والدعم الغربي، مؤكداً أن ذلك أفقد كييف سيادتها.

المزيد من متابعات