Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكاية "الزومبي" حين بتنا نضحك من الرعب

السينما وألعاب الفيديو والرسم والأدب تكفلت بمهمة فض محتوى هذه الأسطورة واستخرجت منها مضامين جديدة مسلية

الـ"زومبي" الكوميدي هو أول تجليات الفن الحديث في تناول هذه الشخصية الأسطورية (مواقع التواصل)

ملخص

تمكن الخيال العلمي أخيراً من تحوير هذه الشخصية ومسخرتها أحياناً

أثناء رحلة الـ"زومبي" في السينما حديثاً نقلت هوليوود لجمهورها شخصية الزومبي المرعبة من خلال فيلم "ليلة الموتى الأحياء" الذي كتبه جورج روميرو نهاية القرن الـ19، وحظي العمل بشعبية واسعة بين الأطفال والمراهقين، وعام 1983 أدى مايكل جاكسون رقصة أغنية "ثريلر" (Thriller) عبر الفيديو كليب مع مجموعة من الزومبي، وظلت الحال كذلك حتى انتقل الفن العالمي وهوليوود إلى معالجة جديدة للشخصية الشعبية، فظهر الزومبي الكوميدي في 2010 من خلال الفيلم البريطاني "Shaun of the Dead"، وخلال أعوام قليلة لاحقة ظهرت أعمال عدة عن الزومبي الرومانسي وأشهرها "أجساد دافئة" عام 2013، ومنذ تلك اللحظة تحول الزومبي إلى شخصية عادية ترمز إلى أفكار جماعات مكافحة التمييز العنصري والجنسي وكسر المحرمات.

رموز خيالية مخيفة

تعد شخصية الزومبي واحدة من الأساطير والرموز الخيالية المخيفة قديماً والتي تمكن الخيال العلمي لإنسان "هوليوود" في وقتنا الراهن من تحويرها وصولاً إلى السخرية منها أحياناً شأنها في ذلك شأن كل رموز الحضارات القديمة، خصوصاً تلك الحضارات التي ظلت معتمدة في علومها ومعارفها على السحر والخرافة لقرون من الزمن. وحدث ذلك بمساعدة الفنون المعاصرة بمختلف أقسامها، خصوصاً السينما وألعاب الفيديو والرسم المعاصر والأدب وغيرها من الأشغال الجمالية التي تكفلت بمهمة فض محتوى هذه الأسطورة واستخراج مضامين جديدة مسلية لها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعبر شخصية الزومبي التي ظهرت في صورتها البدائية زمن حروب الملك البابلي "غلغامش" في بلاد ما بين النهرين وأرض كنعان القديمة عن فكرة مرعبة وهي قيامة الأموات لالتهام الأحياء، وهي الفكرة التي أكد العلم لنا أنها كانت مجرد خدعة ساذجة يقوم بها السحرة والمشعوذون لإخافة واستغلال البسطاء من الناس، وبعدما مرت هذه الشخصية بتطورات رئيسة عدة في بعض حضارات العالم الجديد، أصبحت حديثاً تدلل على شخصية الإنسان المعاصر المضطرب والهائم على وجهه، إذ رمزت الشخصية في بعض الأعمال الفنية إلى مضامين أخرى، منها توثيق رحلة كفاح أي كائن حي همجي عاجز قليل الذكاء يسعى بجنون إلى إثبات وجوده أمام الآخرين، خصوصاً أمام الأنثى، أو الرجل شديد الطموح مع أنه مكبل العقل واليدين.

ملابسات ظهور الشخصية

قبل الميلاد بما يقرب من 3000 عام، وضع الملك غلغامش لنفسه هدفاً مستحيلاً وهو الحصول على إكسير الخلود، فقاتل بضراوة من أجل تحقيق هدفه، لكنه اقتنع بعد تجارب مريرة باستحالة تحقيق هذا الهدف من خلال أدوات ساذجة يمتلكها وهي السحر والشعوذة، وأثناء تلك الحروب الأسطورية التي خاضها الملك بوحشية برفقة صديقه المسخ أنكيدو، هام الملك على وجهه، حتى إنه طرق أبواب الغيوب وهدد الآلهة بأن يجلب إلى حربه الأموات ليأكلوا الأحياء من البشر. وظهرت أول كتابة طينية حول هذه الشخصيات المفزعة التي يستعين بها غلغامش وأمثاله من الملوك القدماء من أجل تحقيق أغراض شخصية.

 

 

بعد موت الملك البابلي وانقراض معظم الحضارات القديمة، انتقل زخم هذه الشخصية إلى مجاهل أفريقيا في فترة الاحتلال الأوروبي وتجارة الرقيق، فعانت أول تطور حداثي ملموس وأصبحت ترمز إلى الإنسان المستعبد الذي اشتغل تجار العبيد على محو مخزونه المعرفي والديني وتحويله إلى جسد من دون روح، وبعد أفريقيا وصلت الشخصية إلى هايتي واستقرت هناك حتى بزوغ هوليوود، وعبر مرحلتي أفريقيا وهايتي أصبحت شخصية الزومبي أقل رعباً، فرمزت إلى الإنسان الذي انتزعت قوة خارجية غاشمة روحه من جسده وتحكمت في تسيير كل رغباته.

في ألعاب الفيديو

أخذ الزومبي في ألعاب الفيديو طابع السرعة بعد أن نزعت عنه الفنون الإنسانية المعاصرة طابع الرعب تماماً، وظهرت ألعاب مثل "الشر المقيم" و"النبات بمواجهة الزومبي" Plants vs Zombies)) ووفق عراب هذه الشخصية حديثاً جورج روميرو فإن هواجس البشر حول الزومبي، تحديداً من خلال ألعاب الفيديو اختلفت كلياً، إذ اعتمد نجاح هذه الألعاب على عكس جانب الذكاء البشري الذي تطور كثيراً في زمن الذكاء الاصطناعي مقابل ذكاء الخصم/ الزومبي المتواضع للغاية، مما جعل هذه الألعاب سهلة البرمجة ومربحة للغاية.

 

 

أخيراً تمكنت بعض الأفلام والأعمال الفنية العربية من رصد بعض مكنونات هذه الشخصية من خلال التركيز على طابعها الوحشي أكثر من بقية الجوانب، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة المجتمع الذي تظهر فيه، وحمل فيلم "تيتو" للمخرج طارق العريان عام 2004، وهو بطولة أحمد السقا، بذور محاولة عربية لعكس تجليات هذه الشخصية في الواقع، إذ جسد البطل طاهر عبدالحي سليم رحلة طفل عربي مشرد في عوالم الخير والشر، حتى وصوله إلى لحظة القتل باستخدام عضة الزومبي الشهيرة على رقبة الخصم الذي حاول اغتصابه وهو مقيد اليدين.

أما سياسياً ومنذ حروب غلغامش وحتى وقتنا هذا، يمثل الزومبي شخصية الجندي المرتزق الذي لا يحمل عقيدة قتالية أو استراتيجية حربية وطنية والذي يخوض حروبه من أجل المال، فيخسر روحه ويقتل ملعوناً في المعركة ولا يجد من يكرم موته ويظل عالقاً في البرزخ هائماً على وجهه بحثاً عن مثواه الأخير فوق سطح الأرض.

المزيد من منوعات