ملخص
كتب التاريخ لا تخلو من أسماء ملوك مصريين مثل أحمس وتحتمس ورعمسيس الثالث في مطلع التاريخ دخلوا غزة، وتحديداً 15 ملكاً بدءاً من عام 3235 ق.م وانتهاء بعام 664 ق.م
العلاقة بين مصر وغزة أعتى من زواج كاثوليكي حيث وحدانية وديمومة لا تنحلان إلا بموت أحد الطرفين، وهي أعمق من الأخوّة فالإخوَة حين يكبرون ينفصل كل منهم بحياته، كما أنها واحدة من تلك العلاقات التي لا يترك لأطرافها كثير من القدرة على شد الوصال أو جذب الانفصال حتى لو أراد أحدهما، فكلاهما مربوط بالآخر عبر مسافة تقل عن 100 متر، أي ما يوازي طول عمارة من 20 طابقاً.
وكلما أطبقت السياسة والصراع والتحالفات والتوازنات قبضتها على غزة بزغت أهمية ومحورية ومصيرية العلاقة بين مصر والقطاع، فغزة الشريط الضيق البالغ طوله 41 كيلومتراً بعرض 10 كيلومترات فقط لا غير والذي يقع بين مصر وإسرائيل والبحر الأبيض المتوسط والمتخم بـ 2.3 مليون فلسطيني، تختلف بعض الشيء عن غزة التي رسمها الرسام الاسكتلندي الشهير ديفيد روبرتس في لوحته "منظر لغزة" أثناء جولته المعمقة لمصر ودول الشرق الأدنى بين عامي 1796 و1864.
منظر لغزة
معلمة التاريخ في إحدى مدارس القاهرة الدولية عرضت على طلاب الصف الثاني الإعدادي اللوحة الشهيرة ثم صورة لشوارع غزة قبل حرب القطاع وثالثة للقطاع بعد أيام من القصف، وطلبت منهم أن يكتبوا خمسة أسطر عن الصور الثلاث.
كتب معظم الطلاب أن "منظر غزة" لوحة شبه خالية إلا من أطلال لآثار تاريخية مع عدد من مآذن المساجد وبضعة أشخاص ينتمون لقوات عثمانية على الأرجح، أما الصورة الثانية فتبدو كأي مدينة عربية، في حين تكاد رائحة الموت وإحساسه يطلان من الصورة الثالثة.
وعبّر كل طالب عن الصور بأسلوبه الخاص بناء على ما رآه وما يشعر به تجاه ما يجري على بعد كيلومترات قليلة من القاهرة، لكن الطلاب فوجئوا بأن علاقة مصر بغزة أكثر من مجرد علاقة جيرة أو صلة عروبة.
وأمضت المعلمة ما تبقى من وقت في تلك الحصة لتشرح جزءاً صغيراً من تاريخ غزة المختلف عليه، حيث اسم غزة تتجاذبه قواميس باعتباره اسماً فينيقياً يعني القوة تارة، وعبرياً يعني المدينة القوية تارة أخرى، وعربياً مشتقاً من غزوة وغزا حتى انتهت الحصة.
انتهت الحصة لكن المصريين باختلاف فئاتهم العمرية يتباحثون ويتناقشون ويختلفون ويتفقون حول علاقتهم التاريخية بغزة والشعبية والاجتماعية بأهلها، فمنهم من عاصر بعضاً منها ومنهم من لم تسعفه أعوام عمره الصغير في التعرف إلى هذه العلاقة التاريخية الجغرافية الشعبية الاجتماعية السياسية بالغة التشابك بين مصر وغزة، لكنه بدأ ينقب عنها.
تقارب وتباعد وتضامن
وعمليات التنقيب تسفر عن تأرجحات شديدة في هذه العلاقة الوطيدة بين تقارب شعبي وتباعد سياسي وتضامن قومي وتخوف أمني ووقوع تحت الإدارة المصرية لأعوام متقطعة، إذ تعرض القطاع لقصف وهجوم إسرائيلي متكرر منذ عام 2007، وهو عام فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، وعام سيطرة حركة "حماس" عليه. ولا تخلو كتب التاريخ من أسماء ملوك مصريين مثل أحمس وتحتمس ورعمسيس الثالث في مطلع التاريخ دخلوا غزة، وتحديداً 15 ملكاً بدءاً من عام 3235 ق.م وانتهاء بعام 664 ق.م.
وانتهاء دخول ملوك مصر القديمة غزة في غزوات مختلفة لم يعن انتهاء العلاقة بل تحولها إلى أشكال أخرى ومرورها بمراحل مختلفة، فجزء كبير من تاريخ غزة وثقه المؤرخ الفلسطيني عارف العارف (1891 - 1973)، لا سيما في كتابه الشهير "تاريخ غزة" (1943). وفيه أشار إلى أن المصريين كانوا أقدم من جاء إلى غزة، مع ذكر ما يشبه اسمها في ألواح "تل العمارنة"، إذ وردت الإشارة إلى أسماء تشبه اسمها مثل "عزاتي".
غزة ومصر و"حماس"
مرت غزة كغيرها من دول المنطقة بفترات احتلال واستغلال واستقلال، لكنها في كل تلك الفترات لم تنقطع أو تنفصل أو تبتعد بعلاقتها من مصر، بما في ذلك أعوام حكم حركة "حماس" للقطاع، على رغم أن الحركة مصنفة "إرهابية" من قبل كثير من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وقلة من المصريين ضالعة في شؤون المنظمات المصنفة سلمية والحركات الموصومة إرهابية، وبين هذه القلة من يعتبر "حماس" هي غزة وينظر إلى غزة وأهلها من جهة و"حماس" من جهة أخرى، باعتبارهما شعباً وقيادة، حتى وإن كانت الأخيرة تفتقد في نظر بعضهم إلى صفة الشرعية.
والأحداث الحالية التي فجرتها عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة "حماس" أيقظت رغبة المصريين في استعادة صلتهم ومعرفتهم بغزة، أو في الأقل إنعاش المعرفة والتنقيب في الذكريات.
ذكريات العائلات
ذكريات غالبية العائلات المصرية، وفي الأقل جيل الأجداد وأجداد الأجداد، لا تخلو من حكاية أو اثنتين من غزة وعنها، ومنها ما يصل إلى زيجة أو صداقة أو جيرة أو معرفة امتدت على مدى عمر الصراع ولم تنل منها استقطابات السياسة أو التحزبات الملونة بأطياف الدين وأمارات التدين في التاريخ الحديث.
وفي أعقاب "حرب 1948" وضعت غزة تحت الإدارة المصرية بموافقة عربية ودولية لإبقاء القطاع في حوزة مصر "لحين حل القضية الفلسطينية"، وظلت غزة تحت الإدارة المصرية حتى عام 1967، وتحديداً حرب يونيو (حزيران) من ذلك العام، وهذا البقاء لم يكن إدارياً فقط بل تحول تقارباً اجتماعياً واندماجاً إنسانياً وتبادلاً تجارياً على مدى 19 عاماً.
أحمد زوج أسماء من غزة، وسيد ابن عمها تزوج شقيقة أحمد، و"جهاز" (مفروشات ومستلزمات منزلية) السيدة نوال الثمانينية من مفارش وأكواب وفناجين وستائر وغيرها كان من غزة، والجدة آمال تحكي للأحفاد عن "تجار الشنطة" الذين كانوا يجولون البيوت لبيع منتجات غزة التي يجلبونها معهم في رحلات أسبوعية أو شهرية ويعودون لها محملين بمنتجات مصرية، وحتى السوق التي لم تعد تحوي سوى منتجات صينية ومصرية بين حي الزاوية الحمراء والوايلي (القاهرة)، لا يزال اسمها "سوق غزة".
سوق غزة تتمسك باسمها، وذكريات تجارة السلع عبر الأفراد حاضرة في أذهان ملايين المصريين الأكبر سناً ممن عايشوا القطاع وقت كان تحت الإدارة المصرية، وبعضهم يحمل الذكريات عبر مقتنيات لا تزال في بيته مصدرها غزة، أو من خلال زوج أو زوجة وعلاقة نسب وأطفال صاروا رجالاً ونساء هم نتاج زيجات مختلطة بين مصريين وفلسطينيين من سكان غزة.
موجات فلسطينية
وعلى مدى القرن الماضي شهدت مصر موجات لجوء أو قدوم فلسطينية إلى مصر لأسباب مختلفة تتراوح بين قربها الجغرافي والروابط العائلية وأسباب تجارية، وأخيراً النكبة وما تبعها من حروب وصراعات تتفجر بين حين وآخر، وتشير ورقة صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن أكبر عدد من الوافدين الفلسطينيين قدم إلى مصر عقب حربي عام 1948 ثم 1967.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن موجات القدوم الفلسطيني إلى مصر لم تقتصر على الحربين بل شهدت مصر موجة فلسطينية في ثلاثينيات القرن الـ 20 وأخرى عقب العدوان الثلاثي عام 1956، ويظل عام 1948 فارقاً في التاريخ العربي بصورة عامة وفي تاريخ النزوح الفلسطيني بخاصة، وبحسب المفوضية فإن 3 آلاف فلسطيني تقريباً وصلوا مدينتي بورسعيد والإسكندرية بالقوارب هرباً من الأحداث في فلسطين، إضافة إلى نحو 50 ألف فلسطيني سُكنوا في مصر في ذلك الوقت، كما نزح بين 10 آلاف و15 ألف فلسطيني من مواقع ومدن فلسطينية مختلفة إلى غزة وقت كانت تحت الإدارة المصرية.
وأقام الفلسطينيون الهاربون من الحرب في معسكرات موقتة بمواقع عدة مثل القنطرة شرق القريبة من قناة السويس، وكذلك في الأزاريطة في الإسكندرية، ولم يسمح لهم بمغادرة الأماكن المخصصة لإقامتهم إلا حال وجود معارف عائلية أو عبر علاقات تجارية لديهم في الداخل، لكن تفكيك هذه المخيمات جرى بعد أربعة أعوام من وصولهم.
عبدالناصر والفلسطينيون
وتشير المفوضية إلى أن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر أصدر توجيهات بأن يعامل الفلسطينيون في مصر كمواطنين من حيث الحصول على عمل والتعليم والإقامة، وفي عام 1954 صدر قانون يمسح لهم بالعمل كمعلمين، وفي 1962 صدر قانون آخر يسمح لهم بالعمل في القطاع العام.
وبحسب "الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية" فقد بلغ عدد سكان قطاع غزة مطلع عام 1948 نحو 80 ألف نسمة، وتضاعف العدد ثلاث مرات تقريباً بعد أن تدفق إلى القطاع خلال الحرب وبعدها مباشرة نحو 200 ألف لاجئ من مدن وقرى فلسطين المختلفة، توزعوا على ثمانية مخيمات.
وأصبح قطاع غزة بعد توقيع اتفاق الهدنة بين مصر وإسرائيل في الـ 24 من فبراير (شباط) عام 1949 خاضعاً لسلطة الحاكم الإداري العام المصري، وتشير وثائق يجري تشاركها إلى موافقة الحكومة المصرية عام 1953 بعد أشهر طويلة من المفاوضات مع "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا) على مشروع يقضي بتوطين نحو 12 ألف أسرة من لاجئي قطاع غزة شمال غربي سيناء، بعد تدشين مشاريع تتيح لهم فرص عمل، وهو الاتفاق الذي حظي بدعم الإدارة الأميركية آنذاك.
تنقيب عن مزيد من المعلومات
واليوم ينقب مصريون عن مزيد من المعلومات حول هذا المشروع الذي لم يتم، لعل البحث عن معلومات من الماضي يساعد في فهم مجريات الحاضر، وقليلون يتحدثون حالياً عن المشاعر المتضاربة التي تسببت فيها هذه المفاوضات لدى كثيرين، مصريين وفلسطينيين وعرباً وغيرهم، خوفاً مما قد يسفر عنه مثل هذا التوطين من نتائج سلبية على القضية الفلسطينية برمتها، وأثر توطين بهذا الحجم على مصر والمصريين، فحديث المشاعر لا يتحدث عنه إلا من عاصره، وهو الجيل الذي لا يقل عمره عن 80 عاماً اليوم، ولم يتبق منه إلا القليل.
أما الكثير فمتاح لمن يرغب من الباحثين، ويقول وليد كامل (30 سنة) إن كلمة فلسطين بالنسبة إليه تعني قضية عربية ومصرية، وكلمة غزة تعني أخوة على مرمى كيلومترات معدودة من القاهرة.
ويضيف أنه يعرف عدداً من الأصدقاء من سكان غزة أو ممن تربطهم علاقات نسب بأهلها، لكنه بدأ في البحث الوثائقي والتاريخي الحديث عن العلاقة بين غزة ومصر في ضوء الأحداث الراهنة، واكتشف أن الحديث عن تفريغ غزة من سكانها ومن نزح إليها من فلسطينيين عبر أعوام ليس وليد اليوم بل الماضي القريب.
توطين في سيناء
وما جرى في الماضي القريب دفع بعض من في مصر إلى النقاش حول ما يثار عن خطة تم إيقافها لتوطين قادمين من غزة في سيناء، ويقول المؤرخ الفلسطيني عبدالقادر ياسين في تصريحات صحافية قبل أعوام إن دوافع الرئيس الراحل عبدالناصر لذلك كانت "إنسانية بحتة"، إذ كان بحسب تحليله محكوماً بثلاث محددات رئيسة، وهي تردي حال اللاجئين الفلسطينيين وإصابة ربع سكان غزة بالسل، والعلاقة التي كانت لا تزال طيبة بين مصر وأميركا آنذاك، وانشغال عبدالناصر بأولوية إجلاء الإنجليز عن مصر.
وأضاف أنه "بعد حسم القضية الوطنية المصرية بتوقيع اتفاق الجلاء مع بريطانيا، وبعد عدوان الـ 28 من فبراير عام 1955 الإسرائيلي على وحدة مصرية في غزة، وانتفاضة مارس (آذار) التي تلت العدوان والرافضة لفكرة التوطين، أبلغ عبدالناصر الإدارة الأميركية باعتذاره من تنفيذ مشروع سيناء".
ولم يحدث من قبل أن بحث المصريون في أغوار تاريخ مخططات أو محاولات توطين سكان غزة والنازحين الفلسطينيين إليها على مر الأعوام كما يفعلون هذه الأيام، فصحيح أنه جزء من البحث عن علاقة مصر بغزة على مدار التاريخ بحكم الجغرافيا وبدافع الأخوة والإيمان بالقضية، لكن البحث يصل إلى جزئية التوطين في سيناء ويتخذ مظاهر عدة.
أهل غزة الأهم
ويعتبر بعضهم حديث التوطين مسألة هامشية غير مهمة في ظل حجم المأساة الدائرة رحاها في غزة، وبعضهم الآخر يعتبرها في القلب من المأساة ومؤشراً إلى ما سيكون عليه المستقبل القريب.
والاهتمام العارم الذي يوحد المصريين في إعادة إحياء علاقتهم بغزة لا ينفي وجود اختلافات وخلافات مصرية -مصرية على المستوى الشعبي في تقدير وتقييم حاضر مصر وغزة، وتوقع ما يحمله المستقبل في هذه العلاقة الثنائية غير القابلة للفك أو الإنهاء أو الحلحلة.
ويتضامن قطاع عريض من المصريين قلباً وقالباً مع غزة وأهلها من دون النظر إلى "حماس" وموقفها من مصر والمصريين المناهضين لجماعة "الإخوان المسلمين" إبان أحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011، وبصورة أكبر عقب أحداث يونيو (حزيران) عام 2013، فهذا القطاع يرفع راية "لا صوت يعلو على صوت ما يتعرض له سكان غزة من أهوال"، وهو الموقف الذي يختلف عن قطاع آخر من المصريين أيضاً يتفاعلون كل التفاعل ويتضامنون كل التضامن مع غزة وأهلها، لكنهم في الوقت نفسه يضعون موقف حركة "حماس" من مصر والمصريين ممن انتفضوا على حكم جماعة "الإخوان المسلمين" عام 2013 نصب أعينهم.
مصر و"الجماعة" وغزة
ولم يمض وقت كاف ليعتبر المصريون جماعة "الإخوان المسلمين" وعاماً من حكمها ومن دعمها تاريخاً سقط بالتقادم، إذ يسقط جانب من هذا التاريخ بصفة موقتة هذه الأيام تحت وطأة حرب القطاع وما يتعرض له أهل غزة من أهوال تدمي قلوب المصريين، لكن بعضهم يعتبر مهمة التذكير بما جرى أمراً مهماً منعاً للتكرار.
ويشار إلى أن العلاقات بين "حماس" ومصر شهدت عصرها الذهبي خلال عام حكم الجماعة في مصر، ولفت تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في أعقاب وفاة الرئيس المصري السابق عضو جماعة "الإخوان المسلمين" عام 2019 إلى أن "العلاقات بين ’حماس‘ ونظام الحكم في مصر بلغت أوجها مع صعود محمد مرسي لسدة الحكم، إذ جمعت الطرفين الأيديولوجية الإسلامية، ولم تمض سوى أسابيع قليلة على تولي مرسي الحكم حتى تحسنت حركة مرور المسافرين عبر معبر رفح بصورة لافتة مقارنة بالأعوام السابقة التي شهدت فترات عسيرة من الإغلاق المتواصل أو الجزئي للمعبر".
كما أشار التقرير إلى أنه "لم تمض سوى ساعات قليلة على وفاة مرسي حتى أصدرت ’حماس‘ بياناً نعته فيه واعتبرت وفاته مصاباً جللاً".
وقالت الحركة في البيان إن غزة "ستسطر مواقفه الخالدة تجاهها بالعمل على فك حصارها والتصدي بكل مسؤولية قومية للعدوان الصهيوني عليها"، على حد تعبيرها، مع الإشارة إلى أن "مرسي قضى خلال جلسة إعادة محاكمته مع 23 آخرين في قضية تخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وبينها حركة ’حماس‘".
أستاذ العلوم السياسية والكاتب عبدالمنعم سعيد كتب قبل أيام مقالة عنوانها "المنظمة والشعب والقضية" جاء فيها أن "مصر وسط هذه الساحة المعقدة لا يمكنها إلا أن تنظر في تاريخها الخاص وعلاقتها مع الشعب الفلسطيني الذي امتزجت دماؤه مع الدماء المصرية، لكنها في الوقت نفسه لا يمكنها أن تخلط ما بين الشعب وتنظيم ’حماس‘ الذي اتخذ قرار حرب يكون يومها الأول مثيراً، لكن ما بعد ذلك يبدو غامضاً، وما فيه من وضوح هو تكرار النكبة مرة أخرى".
وفي المقابل فإن آخرين لا يتطرقون إلى ذكر "حماس" من قريب أو بعيد في إطار الحديث أو التعليق عن غزة، فبعضهم إما لا يرى الحركة تحت وطأة الخراب والقتل والدمار في غزة، وبعضهم الآخر يراها ولا يذكرها، إما إعجاباً أو تجاهلاً، لأن غزة وأهلها والأهوال التي يعيشونها لم تترك متسعاً لهم غيرهم.