Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك الخرطوم تتصاعد تزامنا مع تحركات سياسية

القصف العشوائي للأحياء يسقط مزيداً من المدنيين في أم درمان

قوات الدعم السريع لدى انتشارها في ولاية وسط دارفور (صفحة الدعم السريع على منصة إكس)

ملخص

عودة إلى ارتفاع حدة القتال في العاصمة السودانية واشتباكات على جبهات عدة

تصاعدت حدة معارك الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" أمس الأربعاء 18 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي في محيط القيادة العامة وسط العاصمة، وتم استهداف سلاحي المدرعات والذخيرة في منطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم، كما جرت مواجهات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في محيط سلاح الأسلحة في الخرطوم بحري، وشن الطيران الحربي غارات متتالية على مواقع "الدعم السريع" بمنطقة الأزهري جنوب الخرطوم مخلفة سحباً داكنة من الدخان الأسود في سماء المنطقة.

انفجارات ودخان

وأوضحت مصادر عسكرية ميدانية، أن مسيرات الجيش قصفت الأربعاء مواقع وارتكازات لـ"الدعم السريع" في جنوب وشرق سلاح الذخيرة، ومنطقة اليرموك، وأحياء الكلاكلة جنوب العاصمة السودانية.

وذكر شهود أن القصف المدفعي بين الطرفين، تواصل في مناطق شمال أم درمان والخرطوم بحري، وسمع مواطنون من حي الواحة أصوات انفجارات قوية نتيجة القصف المدفعي العنيف المتبادل، تصاعدت على إثرها أعمدة الدخان في المحلات والمناطق المقابلة لشارع كبري الحلفايا بمنطقة المنارة المواجِهة لمدينة أم درمان.

وأوضحت المصادر ذاتها أن قوات العمل الخاص التابعة للجيش المدعومة بالمسيرات والطيران، تقوم بعمليات تمشيط متقدمة داخل مدينة أم درمان في شرق أم بدة، وشمال الثورات شمال غربي أم درمان، وتمكنت من عزل محيط مستشفى الصداقة.
وأكدت المصادر العسكرية أن القوات الجوية تعمل على مسح وتعقب مصادر مدفعية "الدعم السريع"، وتدمير منصاتها لوقف قصفها العشوائي وإزالة تهديدها لشمال الثورات.

وأدى القصف المدفعي المتواصل من قوات "الدعم السريع" على أحياء الثورة شمال أم درمان صباح الأربعاء إلى سقوط عدد من المدنيين والمصابين في المنطقة وفق لجان مقاومة كرري.

ضحايا القصف

واتهم بيان لجان المقاومة، قوات "الدعم السريع" بمواصلة هجومها وقصفها للأحياء السكنية بالمحلية، "إذ استيقظت المنطقة على أصوات القصف والقذائف، التي هدمت منازل وخلفت العشرات من الشهداء والمصابين".
على نحو متصل، بثت قوات "الدعم السريع" في موقعها الرسمي على منصة "إكس" بيانات مدعومة بمقاطع فيديو، تؤكد فيها سيطرة قواتها على ولاية شرق دارفور وجاهزيتها لحماية أمن وممتلكات المواطنين، مؤكدةً في بيانين منفصلين انضمام 300 من عناصر قوات الاحتياط بالقوات المسلحة، الفرقة العاشرة في منطقة أبو جبيهة، إلى جانب عدد كبير من أفراد شرطة منطقة القوز بجنوب كردفان إلى صفوف قواتها في قطاع كردفان، ولم يصدر تعقيب من الشرطة أو الجيش رداً على ذلك.

خطوات سياسية

وفي ظل الحراك المحلي والإقليمي الجاري هذه الأيام في شأن السودان، أجرى وفد من الاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" في العاصمة المصرية القاهرة، لقاءات مع قوى سياسية ومدنية سودانية بما فيها شقي قوى الحرية والتغيير، "المجلس المركزي" و"الكتلة الديمقراطية"، لبحث تطورات الأوضاع في السودان، وسبل إنهاء الحرب والوصول إلى سلام مستدام في السودان.

كما بحث الوفد الأفريقي مع مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، إمكانية وقف الحرب والطريقة التي يمكن عبرها إطلاق عملية سياسية جديدة تؤسس لسلطة انتقالية من كفاءات وطنية مستقلة، فضلاً عن تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية والانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون.

وعبر محمد ولد لبات، مدير ديوان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الناطق الرسمي باسم ملف السودان، عن مدى تفاؤله بمخرجات لقاءات الاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" بالقوى السياسية السودانية في القاهرة، وصرح لـ "اندبندنت عربية" بأن "اللقاءات كانت مثمرة وممتازة بكل المعايير"، مشيراً إلى أن "هناك سلسلة خطوات يتم ترتيبها بعد الاستماع إلى بقية الأطراف وهي كثيرة ومتشعبة".

واعتبر ولد لبات أن لقاءات القاهرة تمثل "خطوة بارزة إلى الأمام"، مشيراً إلى أن "المشوار ما زال طويلاً على رغم الضرورات القصوى في الاستعجال لوقف عملية الدمار الشامل للسودان".

مبادرة الآلية

في موازاة ذلك، تواصل "الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي"، التي تقودها العضو السابق بمجلس السيادة الانتقالي، عائشة موسى، اتصالاتها وتنتظر ردوداً على مبادرتها من قوات "الدعم السريع"، والمجلس المركزي للحرية والتغيير، وتحالف قوى التغيير الجذري، والكتلة الوطنية. 

وأوضح بيان للآلية أن ممثليها "منخرطون في لقاءات مع جهات سياسية ونقابية ومدنية وأهلية مختلفة في عدد من الولايات وكذلك في القاهرة، لبلورة موقف موحد تجاه وقف الحرب".

وكانت الآلية التقت في وقت سابق كلاً من رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ونائبه مالك عقار، ونشرت خريطة طريق مقترحة لحل الأزمة، كما وقعت إعلان مبادئ مشترك مع تحالف القوى المدنية بخصوص وقف الحرب وقيام سلطة مدنية والشروع في عملية سياسية تقود إلى ترتيبات دستورية تستعيد مسار الانتقال الديمقراطي.

بين جوبا وأديس أبابا

وبالتزامن مع اجتماعات أطراف اتفاق السلام بجوبا، التي دعت لها حكومة جنوب السودان السبت المقبل، تنطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في اليوم ذاته، الاجتماعات التشاورية التحضيرية للمؤتمر العام للجبهة المدنية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية في السودان.

وينتظر أن يشارك في الاجتماعات حوالى 60 ممثلاً عن القوى المدنية والسياسية، والمجتمع المدني، ولجان المقاومة، وتنظيمات المهنيين، وكيانات ولائية، وشخصيات قومية، فضلاً عن ممثلين عن المجتمعَين الإقليمي والدولي.

وطرح تحالف "الحرية والتغيير- المجلس المركزي"، خلال لقائه بوفد الاتحاد الأفريقي و"إيغاد"، تصوره في شأن العملية السياسية المفضية إلى إنهاء الحرب في السودان، بالتأكيد على "ضرورة تنسيق الجهود الدولية والإقليمية في منبر تفاوضي موحد"، وضرورة أن تكون "عملية سياسية شاملة لا تستثني سوى المؤتمر الوطني وواجهاته"، وأن "تخاطب الأسباب التي أدت لاندلاع الحرب وتضع حلولاً نهائية لها تجعل حرب 15 أبريل (نيسان) آخر حروب السودان، وتنصف الضحايا وتجبر الضرر وتقود لتحول مدني ديمقراطي وجيش واحد مهني وقومي يخرج عن السياسة كلياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد بيان لتحالف "قوى التغيير الجذري"، الذي يتزعمه الحزب الشيوعي مع قوى أخرى، أن "نجاح لجان المقاومة في إصدار ميثاقها ورؤيتها في ظل واقع الحرب والعنف يمثل نجاحاً في حد ذاته".
واعتبر التحالف، الرؤية خطوة أولية في مسار وقف الحرب وإعادة بناء ما تم تدميره، كما أنها تعيد الزمام إلى يد القوى الثورية المدنية الملتزمة بالتغيير الجذري.
وأكد التحالف "العمل لبناء جبهة شعبية واسعة لمواجهة مسار الحرب بهدف إعادة تشكيل الواقع السياسي"، مؤكداً أن "إصدار الرؤية السياسية يسهم في تأسيس هذه الجبهة بالطريقة الصحيحة وفي المكان الصحيح حيث الجماهير الشعبية في الأماكن الحضرية والريفية".

في الأثناء شددت الولايات المتحدة على أنه "لا يوجد حل عسكري مقبول لهذا الصراع"، مكررةً دعوة الطرفين إلى "وقف القتال فوراً والعودة إلى المحادثات والتفاوض للخروج من هذا الصراع عن طريق التفاوض".

وعبر بيان لوزارة الخارجية الأميركية عن "بالغ القلق تجاه التقارير الموثوقة التي تفيد بأن قوات "الدعم السريع" كثفت قصفها في نيالا وما حولها في جنوب دارفور وكرري في أم درمان، مما فاقم معاناة الشعب السوداني"، مطالبة قوات "الدعم السريع" "بالوقف الفوري لقصف الأحياء المدنية وحماية المدنيين في نيالا وكرري بأم درمان وجميع أنحاء السودان".

الأطفال يموتون

أما على صعيد تداعيات الحرب الإنسانية المتفاقمة، فعبرت المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، سيوبان مولالي، عن قلقها إزاء تزايد خطر تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوات والجماعات المسلحة منذ اندلاع الصراع الراهن.
ولفتت مولالي إلى أن "تدهور الوضع الإنساني وعدم إمكانية الحصول على الغذاء والخدمات يجعلان الأطفال بخاصة غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم أهدافاً سهلة للتجنيد من قبل الجماعات المسلحة في أدوار قتالية، ما يعد انتهاكا صارخاً لحقوق الإنسان، وجريمة خطيرة، وانتهاكاً للقانون الإنساني الدولي".

وأشارت المقررة الأممية، وفق مركز إعلام الأمم المتحدة، إلى "التقارير التي تفيد أيضاً باختطاف فتيات من الخرطوم إلى دارفور لأغراض الاستغلال الجنسي، بما في ذلك الاستعباد الجنسي"، مشددةً على "الحاجة إلى إجراءات عاجلة وتدابير فعالة لمنع الاتجار بالأطفال وحماية الضحايا منهم".

أخطار مميتة

وحذرت منظمتا "اليونيسف" والصحة العالمية، من أن "مزيداً من الهجمات والتعطيل لخدمات الصحة والتغذية في السودان قد يؤديان إلى فقدان حياة أكثر من 10 آلاف طفل بنهاية هذا العام"، منوهتان بأنه بعد ستة أشهر من النزاع "بات ملايين الأطفال في السودان عرضة لخطر الإصابة بالكوليرا وحمى الضنك والحصبة والملاريا وغيرها من الأمراض دون القدرة على احتوائها".
وقالت المنظمتان في بيان صحافي على موقع "يونيسف – سودان"، إنهما ظلتا مع الشركاء تقدمان الدعم لوزارات الصحة الاتحادية والولائية في السودان للحفاظ على الخدمات الحيوية في جميع أنحاء البلاد، لكن هناك تحديات متزايدة تواجههما بسبب القيود المفروضة على السلامة والأمن والوصول والموارد.
ولفت البيان إلى أن "اضطرابات النظام الصحي ستؤدي إلى زيادة كبيرة غير مقبولة في عدد الوفيات التي يمكن تفاديها بين الأطفال والضعفاء من السكان، ما يؤكد على الحاجة العاجلة لاتخاذ إجراءات عاجلة وفورية للحفاظ على النظم الصحية في السودان، بخاصة على المستوى المجتمعي والرعاية الصحية الأولية". وأضاف، "يظل العاملون الصحيون دون أجر لأشهر عدة، وحوالى 70 في المئة من المستشفيات في المناطق المتضررة خارج الخدمة، كما احتلت المرافق الصحية أو نهبت أو دمرت".

وعبرت المنظمتان عن بالغ قلقهما إزاء انتشار الكوليرا والحصبة والملاريا وحمى الضنك في جميع أنحاء البلاد، مما يشكل أخطاراً مميتة على الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات