Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضحايا حفل "سولكينغ" يفضحون "فساد الثقافة" في الجزائر وتورط مسؤولين

وفيات وإقالات مسؤولين في انتظار نتائج التحقيقات

نقل أحد مصابي حادثة التدافع خلال الحفل الموسيقي في العاصمة الجزائرية ليل الخميس 22 أغسطس (آب) (أ. ب.)

انتظر مغني "الراب" الجزائري المغترب "سولكينغ" لـ 5 سنوات، لحظة صعوده على خشبة المسرح في بلده لتأدية أشهر أغانيه التي صنعت منه نجماً عالمياً، غير أن الأقدار شاءت أن يُوسم أول لقاء بينهما بـ"الخميس الأسود"، بعدما شهد الحفل مأساة درامية، لم توقع قتلى وجرحى فحسب، بل تسببت بإقالة مسؤولين حكوميين وجرّت آخرين إلى التحقيق، كما كشفت عن "الفساد الضارب في قطاع الثقافة"، وفق نشطاء.
 

سولكينغ: لم أكن أعلم
 

بدا صاحب أغنية "لا ليبيرتي" (الحرية) مصدوماً من هول الفاجعة وتكتم الجهة المنظمة، وهي "الديوان الجزائري لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة"، عن إبلاغه بسقوط قتلى وجرحى من الجمهور قبل انطلاق الحفل، بغرض إكمال السهرة الفنية التي حضرها الآلاف، إذ اعتلى "سولكينغ" المسرح، بينما أشعلت أنباء عن وقوع ضحايا منصات مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل أثار تساؤلات.

 

وعلى إثر الانتقادات التي طالته، خرج الفنان الجزائري عن صمته بمنشور على صفحته في موقع "فيسبوك" قال فيه "تلقيت صدمة خبر وفاة 5 أشخاص أبرياء نتيجة التدافع الذي حدث قبل الساعة الثامنة مساءً (بتوقيت الجزائر) خارج الملعب، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى". وأضاف "لم أكن لا أنا ولا الفنانين الذين رافقوني على خشبة المسرح نعلم بهذه المأساة، قبل وأثناء الحفل الموسيقي، ما يفسر استمرارنا في الأداء. ما كان أحد منا سيصعد على خشبة المسرح لو علم بهذا الخبر المحزن".
وتابع "حزن كبير اجتاحنا جميعاً عند الإعلان عن هذه المأساة. ما زلنا تحت الصدمة، لكن شعورنا لا يُقارن بألم أسر وأقارب الضحايا".
 

إقالة المدير
 

ومع ارتفاع حدة الغضب الشعبي، لم تجد الحكومة الجزائرية التي يرأسها نور الدين بدوي، غير توقيع قرار إنهاء مهام مدير عام "الديوان الجزائري لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة" بن شيخ الحسين سامي مساء الجمعة، بسبب إخلاله بواجباته وسوء تنظيم الحفل الذي أودى بأرواح 5 شبان تتراوح أعمارهم بين 13 و22 سنة، يتحدر جلهم من العاصمة.
 

ويُعد بن الشيخ من الأسماء التي ظلت محتكرةً للمشهد الثقافي في الجزائر خلال حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بدليل أنه استمر طويلاً في منصبه على رأس الديوان الجزائري لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وهي مؤسسة حكومية ذات طابع صناعي وتجاري تأسست عام 1973 وتتمتع بالاستقلالية المالية وهي تحت وصاية وزارة الثقافة، مهمتها الرئيسة حماية المصالح المعنوية والمادية للمؤلفين أو ورثتهم وأصحاب الحقوق المجاورة.
ويُتهم الجهاز الذي يرأسه بن شيخ، ببيع تذاكر أكثر من طاقة استيعاب ملعب "20 أوت" الواقع في أحد أحياء العاصمة، إذ بيعت أكثر من 30 ألف تذكرة بهدف تحقيق أرباح مالية إضافية، بينما تحدثت تقارير عن الاستعانة بعناصر أمن لا علاقة لها بالتنظيم، ما تسبب بالتدافع على المداخل الرئيسية للمعلب، وعدم السيطرة على الحفل منذ انطلاقه.
 

ماذا عن الوزيرة؟
 

إلى حين كتابة هذا التقرير، لم يصدر عن وزيرة الثقافة الجزائرية مريم مرداسي، أي رد فعل على "حادثة التدافع"، في حين علت أصوات تطالب بإقالتها من منصبها نظراً إلى ارتباط القضية بقطاعها الوزاري. وتوقع الإعلامي الجزائري في التلفزيون الحكومي عبد العالي مزغيش هذا السيناريو، ودوّن في صفحته على موقع فيسبوك أن "3 أسماء مطروحة لخلافة مرداسي من بينها امرأة. المشاورات جارية وفق مصدر موثوق".
في المقابل، حمّل وزير الاتصال الجزائري السابق عبد العزيز رحابي "السلطات العامة مسؤولية مأساة حفل المغني سولكينغ التي راح ضحيتها عشرات الجرحى و5 قتلى"، لم تتعرف إدارة مستشفى "مصطفى باشا" المركزي بالعاصمة بعد على هوية أحدهم.
وكتب رحابي في منشور على صفحته الرسمية في "فيسبوك" "صُدِمت بخبر وفاة أطفال في حفل غنائي في ظروف تتحمل فيها السلطة العامة المسؤولية كاملة. أملي ألا تُعالج هذه المأساة كسابقتها مثل كارثة باب الواد التي راح ضحيتها أكثر من ألف بريء من دون متابعة أو تحديد مسؤوليات إلى يومنا هذا. لا نستوعب من دروسنا لأننا لسنا دولة قانون، بل دولة اللامبالاة والحصانات الإجرامية".
وتابع منتقداً السلطات "العنف السياسي ليس وليد البارحة وتاريخنا المعاصر شابته مراحل عنيفة حكمت كل تجارب التغيير ووصلت بنا إلى حد تبسيط الموت وهذه الظاهرة مُخيفة إلى درجة كبيرة. فكانت النتيجة، مجتمع نظّم مسيرات مليونية سلمية وآمنة أبهرت العالم وسلطة لم تفلح في تنظيم سهرة فنية".
 

الكل يترقب التحقيق
 

 ويترقب الجزائريون نتائج التحقيق في حادثة التدافع بحفل المغني "سولكينغ"، عقب أمر أصدره المدعي العام في محكمة "سيدي أمحمد" (العاصمة) الذي عاين مكان الحادثة برفقة عناصر الضبطية القضائية المختصة بـ "فتح تحقيقات معمقة بغرض معرفة ظروف وملابسات الواقعة مع تحديد المسؤوليات".
في سياق متصل، أكد رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح في رسالة تعزية إلى عائلات المتوفين والمصابين في حفل "سولكنيغ"، "ضرورة المتابعة الصارمة لحيثيات هذه الحادثة الأليمة من طرف الجهات المخولة والإسراع في كشف ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات واتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب الآجال لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً".
يُذكر أن السبب الحقيقي لوفاة الضحايا لم يُحدد بعد، في حين أعلن مدير المستشفى المركزي عبد السلام بنانة، أن ذلك "لن يكون إلا بعد تشريح الجثث".

المزيد من العالم العربي