Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"منظف" فساد عائلة بوتفليقة في السجن… مفارقات وتركة ثقيلة

اتهم وزير العدل السابق الطيب لوح بإساءة استغلال الوظيفة وإعاقة السير الحسن للعدالة

وزير العدل السابق الطيب لوح (أ.ف.ب)

بعد بضعة أسابيع من وضعه تحت التحقيق القضائي، اكتمل المشهد في سجن الحراش بالضاحية الشرقية للعاصمة، إثر لحاق وزير العدل السابق الطيب لوح ببقية السجناء من كبار المسؤولين ورجال الأعمال. ووجه المستشار المحقق للمحكمة العليا أربع تهم ضد لوح تتمثل في "إساءة استغلال الوظيفة وإعاقة السير الحسن للعدالة والتحريض على التحيز والتحريض على التزوير".

زغماتي ولوح

في صيف 2013، طلب لوح من المجلس الأعلى للقضاء، الذي يرأسه بصفته الوزارية، أن يحرك مجلس التأديب ضد القاضي السابق بلقاسم زغماتي. وفعلاً مثل الرجل أمام لجنة التأديب وتمت إحالته على المحكمة العليا في منصب مستشار غير مكلف، بسبب ما نسب إليه من "أخطاء" حينما انفرد بالتحقيق ضد وزير الطاقة السابق شكيب خليل، أحد المقربين جداً من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

ويشاء القدر أن يحال لوح على السجن وزغماتي اليوم وزيراً للعدل. ففي اللحظة التي كان يُنقل فيها لوح من مقر المحكمة العليا ببن عكنون في العاصمة، نحو سجن الحراش، كان زغماتي يرافع في محافظة قسنطينة عما سماه "الضرب بيد من حديد ضد القضاة الفاسدين". كأنه يلمح إلى مصير الطيب لوح، الذي بدأ حياته قاضياً ثم نقيباً للقضاة، قبل أن يكتشف بوتفليقة خدماته لأسباب "جهوية" محضة. 

تحقيق استثنائي مع رجل القانون

لأنه رجل قانون وقاض سابق، ما كان أمام القضاة المحققين إلا مواجهته بالأدلة الدامغة لتبرير حبسه على ذمة التحقيق. ويقول نقيب القضاة السابق، محمد رأس العين، إن إحالة لوح على التحقيق على مستوى الديوان المركزي لمكافحة الفساد "أوحى من البداية بالتحري والتحقيق الدقيق من المصدر نفسه، وذلك دل على أن الديوان المركزي يحوز ملفات فساد تخص الوزير بصفة شخصية أو فيها مسؤولية قريبة أو بعيدة بملفات فساد أخرى".

ويشرح رأس العين أن الديوان المركزي لمكافحة الفساد، الذي يضم ضباط وأعوان الشرطة القضائية التابعين لوزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية، وأعواناً عموميين ذوي كفاءات في مجال مكافحة الفساد، أحال في الآونة الماضية العديد من الملفات على العدالة وإثرها فتح تحقيقات قضائية وحبس المتورطين فيها على غرار ملفَي المدير العام السابق للمؤسسة العامة للاستثمارات الفندقية حميد ملزي ونجل رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي، حيث يتمتع الديوان المركزي بمهمة رقابية بصلاحيات واسعة، على غرار الضبطية القضائية في مجال التحقيق والتفتيش.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي أن هذه الهيئة الحكومية (ديوان مكافحة الفساد) تملك صلاحية التحقيق والإخطار وحتى تقديم الشكاوى والتقارير، لكن "كل المصالح التي كانت معنية بمكافحة الفساد تم تقييد عملها أو فرض نوع من الهيمنة عليها، حتى أن كثيراً من الملفات بقي حبيس الأدراج، بإيعاز من لوح نفسه خلال زمن هيمنته على قطاع القضاء".

ويصف رجل القانون عامر رخيلة حبس لوح بأنه "من مفارقات الجزائر هذه السنة. فرأس الجهاز المكلف بمحاربة بالفساد يلاحق في ملف فساد، بعدما ثبت في التحقيق الابتدائي ارتكابه تجاوزات خاضعة لقانون العقوبات، ولأنه وزير سابق. والإجراءات التي اتبعت معه هي نفسها التي أتبعت مع الوزراء الآخرين، وهي عادية أمام المحكمة العليا. والأخيرة هي التي تعيّن مستشاراً مقرراً له الكلمة الفاصلة في الحبس من عدمه".

تركة ثقيلة

لا يختلف اثنان في الجزائر على توصيف قطاع العدالة بـ "المريض"، بعدما فقد استقلاليته تدريجاً بمرور سنوات حكم بوتفليقة. وكان واضحاً حجم الضغوط التي اعترضت القضاة بعدما تحدثوا عنها علناً في بدايات الحراك الشعبي، حينما شاركوا في المسيرات الشعبية بوقفات تضامنية أمام بوابات المحاكم.

وينظر إلى التركة التي ورثها زغماتي على أنها ثقيلة جداً قياساً بالإصلاحات "الوهمية" المروج لها على الورق في زمن وزراء العدل السابقين، وآخرهم لوح الذي تقلد مناصب عدة في سلك القضاء.

وتحمّل جهات سياسية وأمنية وقوى من الحراك الشعبي المستمر منذ الـ 22 من فبراير (شباط) الماضي، وزير العدل السابق مسؤولية الفساد الذي عرفته البلاد خلال الولاية الرئاسية الرابعة، التي فاز بها بوتفليقة عام 2014 وهو على كرسي متحرك.

وبالنظر إلى الملفات المدرجة في قضية المتابعة ضد لوح، تبرز تهمة تعطيل مسار قضايا. وربما في ذلك إشارة إلى وفاة الصحافي والمدون محمد تمالت، قبل ثلاث سنوات في سجن الحراش. ومن باب المفارقة، ظل شقيق الصحافي الراحل جالساً قبالة المحكمة العليا حتى إعلان حبس لوح.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي