Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دماء جديدة في هياكل النقابات التونسية وسط مواجهة مع السلطة

تتعالى الأصوات المنادية بضرورة إلغاء المرسوم رقم 54 الذي يرى البعض أنه يستهدف تقييد الحريات

مخاوف من استهداف حرية الصحافة بعد توقيف ثلاثة صحافيين (أ ف ب)

ملخص

أيد "اتحاد الشغل" بحذر في البداية توجه الرئيس التونسي قيس سعيد إلى حل البرلمان السابق

انتخب الصحافيون في تونس مكتباً تنفيذياً جديداً لنقابتهم في وقت تسعى فيه نقابات عديدة إلى ضخ دماء جديدة في هياكلها وسط مناخ سياسي يثير عديد من الهواجس، خصوصاً المساس بحرية التعبير التي تعد مكسباً نادراً من احتجاجات يناير (كانون الثاني) 2011، وجاء مؤتمر نقابة الصحافيين الذي خطف الأنظار، لا سيما أنه انطلق بعد ساعات من توقيف صحافي ثالث في البلاد، بعد مؤتمر نقابة النقل التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، ومؤتمر جامعة (نقابة) التعليم الثانوي، والرابط المشترك بين كل هذه النقابات انتقاد السلطة.

 

حرية التعبير والحقوق

واستبق الصحافيون المؤتمر بسجالات واسعة حول أولوية نقابتهم في المرحلة المقبلة بين من يرى ضرورة إيلاء الأهمية للدفاع عن حرية التعبير، وآخر يعتقد أن الأهم التحرك للدفاع عن الصحافيين في ظل الوضع الهش الذي يواجهونه بسبب ما تشهده المؤسسات الإعلامية في تونس من معاناة مادية، فضلاً عن أن ثمة خشية من لجم حرية التعبير، خصوصاً مع الإيقافات التي طاولت عدداً من الصحافيين على غرار خليفة القاسمي، وشذى الحاج مبارك، وأخيراً ياسين الرمضاني، في وقت تتعالى فيه الأصوات المنادية بضرورة إلغاء المرسوم رقم 54 الذي ترى أوساط تونسية أنه يستهدف تقييد الحريات، وهو ما تنفيه السلطة.

وقال نقيب الصحافيين التونسيين الجديد زياد دبار إن "أولويات النقابة في المرحلة المقبلة تتمحور حول ثلاث نقاط، أولاً حقوق منظورينا، وثانياً حرية التعبير، وهما نقطتان مترابطتان، والنقطة الثالثة تتمحور حول الوضع المهني في ظل التطورات التكنولوجية الجديدة التي من بينها انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي وغيرهما، ويجب أن نعرف أين تتجه المؤسسات الإعلامية التونسية".

 

ومن غير الواضح ما إذا كانت السجالات التي تشهدها النقابات والدعوات إلى ضرورة الظهور بوجه جديد تماشياً مع الوضع الجديد في تونس، ستؤثر في مردود هذه النقابات التي دخل كثير منها في مواجهة مفتوحة مع السلطة على رغم تأييدها بشكل حذر لإجراءات 25 يوليو (تموز) 2021 التي أقرها الرئيس قيس سعيد ومهدت له الطريق للانفراد بالقرار السياسي في البلاد.

لكن دبار يشدد على أن "السجالات تشهدها نقابة الصحافيين في كل مؤتمر ليست جديدة، لكن المؤتمر الآن انتهى، هذا الجدل ليس بالسيئ عموماً لأنه يعكس تنوع الآراء والتوجهات داخل النقابة".

مسار جديد في المواجهة

وفي ظل الأزمة السياسية وتوقيف العشرات من رموز المعارضة في تونس الذين يواجهون تهماً من بينها التآمر على أمن الدولة، تزداد أهمية هذه المؤتمرات، خصوصاً أن هناك شقوقاً واضحة، لا سيما داخل الاتحاد العام التونسي للشغل بين من يؤيد النهج الذي تسير عليه السلطة وآخرين يسعون إلى إحياء المواجهة معها.

وأيد اتحاد الشغل، بحذر، في البداية توجه الرئيس التونسي إلى حل البرلمان السابق، لكن التقارب بين الطرفين سرعان ما تحول إلى عداء، وذلك بعد رفض الرئيس سعيد مبادرته لإجراء حوار وطني شامل حول الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترزح تحت وطأتها البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر المحلل السياسي التونسي وسام حمدي أن "هذه المؤتمرات، في توقيتها الراهن، قد تقود إلى رسم مسار جديد في المواجهة بين السلطة والنقابات، لا سيما في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يشكل دفعاً وضغطاً على النقابات للتحرك في مناخ صعب بخاصة مع الإيقافات السياسية، وحتى الإيقافات التي طاولت بعض النقابيين في المرحلة الماضية". وأضاف حمدي أن "الفضاء العام في تونس يتجه إلى الانغلاق أكثر، وهو ما قد يزيد من التحديات أمام المكاتب التنفيذية الجديدة لأنها قد تجد نفسها في صدام مع السلطة في أي تحرك، أعتقد أنه سيكون على هذه النقابات التي لها تاريخ زاخر بالنضالات أن تكون أكثر جرأة في المرحلة المقبلة، سواء في الدفاع على حقوق منظوريهم، أو الدفاع عن الحريات لأنه لا يمكن القبول بعد ما تحقق في ثورة يناير بالعودة إلى مربع الاستبداد".

نقابات مسيسة

وشهدت تونس بعد احتجاجات يناير (كانون الثاني) 2011 التي أطاحت نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي إضرابات واسعة واحتجاجات عشوائية، مما أثار - ولا يزال - تساؤلات حول مشروعية هذه التحركات ومدى التزام النقابات بعملها الجوهري المتمثل في الدفاع عن منظوريها والنأي بنفسها عن الانخراط في الشأن السياسي، وكان لافتاً أن الاتحاد العام التونسي للشغل بات على سبيل المثال ممثلاً في عديد من الحكومات على غرار وزير الشؤون الاجتماعية السابق محمد الطرابلسي، والوزير السابق أيضاً عبيد البريكي، والآن وزير التربية محمد علي البوغديري، وهم وزراء معروفون بنشاط نقابي في السابق.

ولفت حمدي إلى أن "مسألة انخراط النقابات في الشأن السياسي في اعتقادي زوبعة في فنجان لأن النقابات مسيسة بطبعها، لكن ما حصل بعد الثورة يمكن تفسيره بالسياقات، أولاً كانت هناك محاولات لترضية الاتحاد العام التونسي للشغل عبر تسمية عدد من كوادره في مناصب وزارية، ثم ما حدث مع البوغديري أمر له دلالات أخرى، إذ تم استنجد به لضرب الاتحاد، لأن له خلافات قوية مع المكتب التنفيذي الحالي بقيادة نور الدين الطبوبي".

وشهدت تونس في الأشهر الماضية أحداثاً لافتة، إذ طردت السلطات في 20 فبراير (شباط) الماضي زعيمة النقابات الأوروبية إستر لينش التي قدمت إلى البلاد لدعم "اتحاد الشغل"، وشاركت في احتجاجات عمالية نظمها في ولاية (محافظة) صفاقس ذات الثقل النقابي والاقتصادي القوي، وعلى أثر ذلك دعت لينش الرئيس قيس سعيد إلى "احترام الحقوق والتوقف على استهداف النقابات"، وفق تعبيرها، في اتهامات ترفضها السلطات التونسية.

المزيد من العالم العربي