Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا اختار "اتحاد الشغل" الصمت إزاء الوضع في تونس؟

تباينت الآراء تجاه موقفه وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد

ساهم الاتحاد العام التونسي للشغل في عدد من المحطات السياسية بتحريك قواعده النقابية (اندبندنت عربية)

ملخص

تغريدة: قاد الاتحاد العام التونسي للشغل حواراً وطنياً في عام  2014 أفضى إلى اتفاق سياسي جنب البلاد الفوضى

دأب الاتحاد العام التونسي للشغل منذ انبعاثه في تونس، في أربعينيات القرن الماضي، على المشاركة في الشأن العام سواء كان سياسياً أو اقتصادياً واجتماعاً، ولم يفوت الاتحاد طيلة تاريخه أي أزمة مرت بها تونس إلا وتفاعل معها بالضغط على السلطة القائمة أو باقتراح الحلول الممكنة، ويلاحظ المتابعون للشأن العام في تونس خلال الفترة الأخيرة، انكفاء الاتحاد على نفسه، ولم يكن حضوره لافتاً في المحطات السياسية الكبرى التي تلت لحظة 25 يوليو (تموز) 2021.

ولئن أبدى اتحاد الشغل موقفاً إيجابياً في البداية من المسار الجديد الذي بدأه رئيس الجمهورية قيس سعيد، بعد أن احتدت الأزمة السياسية في البلاد، واقترح مبادرة للحوار الوطني، رفضها سعيد، فإنه اختار مراقبة الوضع والتحذير من تبعات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس، محملاً المسؤولية لرئيس الجمهورية من دون المرور بأدوات الضغط التي يملكها، وهي القاعدة العمالية النقابية التي تضم نحو مليون نقابي في القطاعين العام والخاص، والتي سبق أن استخدمها في محطات سابقة.

فلماذا اختار الاتحاد الصمت في هذا الظرف السياسي والاقتصادي الذي تمر به تونس، وهل يتخوف فعلاً من السلطة؟

تاريخ من مواجهة السلطة

قاد الاتحاد العام التونسي للشغل حواراً وطنياً سنة 2014، بمعية المنظمات الوطنية الكبرى (الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، وعمادة المحامين) أفضى إلى اتفاق سياسي جنب البلاد الانزلاق في الفوضى، ونالت المنظمات الراعية للحوار الوطني وقتها جائزة "نوبل" للسلام، كما يسجل تاريخ تونس أحداث يناير (كانون الثاني) 1978 عندما تصادم الاتحاد بقيادة الحبيب عاشور بالسلطة (الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية)، وأدى ما عرف وقتها بـ"الخميس الأسود" إلى مواجهات بين الوحدات العسكرية والأمنية ومناضلي الاتحاد والنقابيين إلى مقتل المئات.

كما اصطدم الاتحاد مع السلطة، في بداية ثمانينيات القرن الماضي، في ما يعرف بـ"أحداث الخبز" (يناير 1984)، التي أسفرت فيها المواجهات عن مقتل وإصابة عدد من المتظاهرين الرافضين رفع الدعم والزيادات المجحفة في المواد المدعمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت السلطة تقرأ ألف حساب للمنظمة الشغيلة إلا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قلص من دور الاتحاد في الشأن العام ورفض التواصل مع قياداته في مختلف الأزمات التي عاشتها البلاد عندما تلاشت الطبقة الوسطى وتراجعت المقدرة الشرائية للتونسيين بسبب الغلاء الفاحش للأسعار والنقص الفادح في المواد الأساسية، وتباينت آراء المتابعين بين من يرى أن الاتحاد يمر بوضع صعب ويواجه انقسامات في صفوفه بخاصة بعد مؤتمره الأخير، فبراير (شباط) 2022، وما صاحبه من جدل حول تنقيح الفصل 20 الذي كان يمنع التمديد لأعضاء المكتب التنفيذي ويقتصر على دورتين متتاليتين لا غير، وبين من يرى أن الاتحاد لا يرغب في الدخول في مواجهة مع سعيد.

غياب التواصل مع رئاسة الجمهورية

وأكد الناشط السياسي ورئيس حزب "الائتلاف من أجل تونس" سرحان الناصري أن "اتحاد الشغل منظمة وطنية عتيدة، ودورها مهم في الشأن الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، كما أن لها امتدادات في مناصرة القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية، إلا أنه خير الصمت في الفترة الأخيرة، وغابت قياداته عن المشهد العام، بسبب غياب التواصل مع رئاسة الجمهورية"، ورجح الناصري أن يكون "الاتحاد اختار أن يكون على مسافة من السلطة السياسية، ومن الخوض في الشأن العام، وذلك على أثر رفض مبادرته لإجراء حوار وطني من قبل رئاسة الجمهورية"، وذكر الناشط السياسي أن "التونسيين لم يتعودوا على تخوف الاتحاد من السلطة، بل قد يكون خياراً استراتيجياً من المنظمة الشغيلة في ظل قناعة قياداتها بجفاء العلاقة مع رئيس الجمهورية"، لافتاً إلى "المشكلات الداخلية التي يعرفها اتحاد الشغل الناتجة من تنقيح القانون الأساسي الذي سمح لنور الدين الطبوبي بالترشح لولاية جديدة".

ترتيب البيت الداخلي للاتحاد

من جهته رأى الكاتب الصحافي والنائب السابق في البرلمان هشام الحاجي أن "الساحة السياسية والجمعياتية في تونس اليوم تطرح عدداً من الأسئلة حول تراجع الاتحاد العام التونسي للشغل عن المشاركة بكثافة في النقاش العمومي بخاصة أن المركزية النقابية كانت حاضرة في الفضاء العام منذ عام 2011، وتعتبر من القوى التي أسهمت بإسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي". وأشار الحاجي إلى "الفتور في علاقة الاتحاد برئيس الجمهورية قيس سعيد"، مشيراً إلى أن "صمت الاتحاد العام التونسي للشغل إزاء الوضع العام في تونس يبرره تجنب المواجهة الفعلية مع رئيس الجمهورية، وتوجه الاتحاد إلى ترتيب البيت الداخلي، وتضميد جراح تداعيات المؤتمر الاستثنائي الذي خلف تصدعاً في الجسم النقابي".

"الصمت نضال"

في المقابل، اعتبرت قيادة الاتحاد الصمت "نوعاً من النضال". وقال الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي، في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الـ18 للجامعة العامة للنقل، "تركنا لكم المنابر الإعلامية لتعبروا كما تريدون، والسكوت في بعض الأحيان نضال"، من دون أن يوضح الجهة المقصودة بخطابه، إلا أن المتابعين للشأن العام يرون أنه يلمح إلى منتقدي المنظمة الشغيلة في الفترة الأخيرة، إزاء ما اعتبروه "صمت الاتحاد" إزاء التطورات السياسية في البلاد، ومن بينها إيقاف عدد من وجوه المعارضة، وانتقد الطبوبي "أطرافاً سياسية" (من دون أن يسميها) قال إنها تريد "إعطاء دروس لاتحاد الشغل"، مضيفاً "تكلموا في شؤونكم الخاصة، فليست لكم أي علاقة باتحاد الشغل حتى تتكلموا عنه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي