Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على بايدن أن يلزم نتنياهو التخلي عن ضم الضفة الغربية

إذا اختار نتانياهو مشروع سموتريتش، وقدمه على السلام، فالخاسر الأكبر، في هذه الحال، هو إسرائيل

تظاهرة فلسطينية في الضفة الغربية في سبتمبر 2023 (رويترز)

ملخص

إصرار بايدن ومحمد بن سلمان على الإجراءات الإقليمية في الضفة الغربية من شأنه يحمل نتنياهو على الاختيار بين تراث صانع سلام مع العالمين العربي والإسلامي ومستقبل يجر إسرائيل إلى صراعات داخلية ودولية

*نشرت مجلة فورين أفيرز هذا المقال في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) قبل اندلاع الحرب الأخيرة في السابع منه. وتنشر "اندبندنت عربية" ترجمته اليوم لأهمية تسليطه الضوء على سياق الأحداث.

ربما ينشغل الإسرائيليون بالمعركة القاسية التي تدور على الإصلاحات القضائية التي تقترحها حكومة بنيامين نتنياهو. إلا أن موضوعاً آخر جذرياً يطرح من غير أن يستقطب الاهتمام. فأعضاء حكومة اليمين المتطرف التي يرأسها نتنياهو يحاولون ضم الضفة الغربية عملاً وفعلاً، ولا يرضون بأقل من الضم. فإذا حصلوا على مبتغاهم، أثر الأمر تأثيراً بالغاً في طبيعة إسرائيل الديمقراطية وفي استقرار الشرق الأوسط.

وعندما عين نتنياهو وزراء من حزبين قوميين متطرفين، الحزب الصهيوني الديني وحزب البيت اليهودي، في الائتلاف الحاكم، أوكل فعلاً السيطرة على حكومته إلى وزيرين أيديولوجيين: إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، وتسلئيل سموتريتش، وزير المالية إلى توليه دوراً خاصاً في وزارة الدفاع. ويرى الوزيران أن تقييد استقلال النظام القضائي الإسرائيلي ليس إلا وسيلة، مهمة من غير شك، إلى تنفيذ برنامجهما الفعلي، وهو إنشاء دولة يهودية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، بواسطة استعمار شطر كبير من الضفة، وخنق تطلعات الفلسطينيين الوطنية و"تشجيعهم"، على قول سموتريتش، على الاستيطان في بلدان عربية أخرى، والأردن القريب منها.

والأرجح أن يرفض معظم الناس العقلانيين هذه الفكرة، من غير إمعان تفكير، وأن يصفوها بالوهمية والعبثية: فثمة 3.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية، و40 في المئة من أراضيها تحت حكم السلطة الفلسطينية. ويترتب على تدمير السلطة وإجبار فلسطينيي الضفة الغربية على النزوح انفجار احتجاج دولي وأزمة عميقة في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية. ويؤدي دمج الفلسطينيين في الدولة اليهودية إلى جعل اليهود أقلية تحكم غالبية من غير المواطنين أو مواطنين درجة ثانية، ويغذي التنديد بإسرائيل ووصفها بـ"دولة تمييز عنصري".

والحق أن سموتريتش، زعيم الحزب الصهيوني الديني، يحول سريعاً هذا الهوام المظلم إلى حقيقة. ومنح نتنياهو سموتريتش لقباً خاصاً هو لقب وزير في وزارة الدفاع، في عهدة وزير الدفاع الحالي، يوآف غالانت، إلى صلاحيات كثيرة يحتاج إليها في إنجاز ضم الضفة الغربية. وفي وسع سموتريتش، وهو من ناحية أخرى وزير المالية، تمويل طموحاته، والحيلولة دون حصول السلطة الفلسطينية على أموالها.

وثمة، لحسن الحظ، وسيلة إلى إبطال هذه الخطة الخطرة. فالرئيس الأميركي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهما يتفاوضان اليوم على تطبيع علاقات كامل محتمل، بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ويشرطان على ما ينبغي، أي اتفاق باستبعاد مطامع سموتريتش في الضفة الغربية. وقد يتحقق الاستبعاد هذا من طريق مبادلة العلاقات الرسمية السعودية بنقل إسرائيل نسبة راجحة من الأراضي التي لا تزال تسيطر عليها في الضفة الغربية (وهي أراضي المنطقة ج) إلى السلطة الفلسطينية، وبتجميد توسع المستعمرات وشرعنة طلائع المستعمرات غير المشروعة. وتقيد مثل هذه الالتزامات القاطعة والرسمية نزعات التوسع المتطرفة إلى الضم. وإذا فاوضت الولايات المتحدة على اتفاق بين إسرائيل والعربية السعودية لا يلجم سموتريتش فإنها تتحمل المسؤولية، وإن لم ترد ذلك، عن السماح للخطة المتطرفة بالتحقق.

من النهر إلى البحر

يتحدر سموتريتش من حركة مستوطنين يحلمون، منذ زمن بعيد، بضم الضفة الغربية. وهو ولد في 1980، في حاسبين، وهي مستوطنة دينية من مستوطنات هضبة الجولان. وشب في مستعمرة بيت إيل، في الضفة الغربية. ودرس في جامعة مركازها راف التلمودية التي ولدت منها غوش إمونيم، الجماعة القومية المتطرفة التي دعت، قبل غيرها، إلى استيطان الضفة الغربية، غداة احتلالها في 1967. وبرز سموتريتش في 2005، في أثناء تظاهرات نددت بإخلاء مستوطنتي غزة في إطار خطة الإخلاء التي نظمها رئيس الحكومة أرييل شارون. واعتقلت السلطات سموتريتش بتهمة الإعداد لتفجير طريق أيالون السريعة، وهي شريان المواصلات في إسرائيل. وسجن أسابيع من غير إدانة صريحة.

وسموتريتش داعية رهاب المثلية على نحو معلن. وهو يتفوه غالباً، من غير تحفظ، بأقوال عنصرية تتناول الفلسطينيين. ويتمتع بمهارة المناورة السياسية على أكمل وجه. وانتخب إلى الكنيست، في 2015، وزيراً للنقل. وذاع صيته وزيراً فعالاً وهو يشق الطرق ويبني الأبنية التحتية لمستوطني الضفة الغربية.

ونشر سموتريتش، في 2017، وهو نائب في الكنيست، مقالة طويلة وسمها بعنوان "خطة إسرائيل الحاسمة" في "هاشيلوواش"، الصحيفة اليمينية. والمقالة مخيفة لأن سموتريتش لا يتستر على دعوته إلى تمزيق الهوية الفلسطينية وقتلها. وهو يقترح إمساك إسرائيل بالضفة الغربية كلها من طريق مزيج من توسع المستوطنات السريع. ومن ضم الأرض الإقليمية الفلسطينية، و"إعلان طموحنا القومي إلى دولة يهودية من النهر إلى البحر، وتحقيقه على صورة واقعة ناجزة". وغاية هذه الإجراءات، على ما كتب، هي "إفهام العرب والعالم أن لا سبيل إلى ولادة دولة عربية على هذه الأرض في يوم من الأيام".

لا يسعى وزراء اليمين المتطرف الإسرائيليون في أقل من ضم الضفة الغربية

ويرحب بالفلسطينيين الذين يختارون التخلي عن تطلعاتهم القومية، ويرضون العيش "تحت جناح الدولة اليهودية" أفراداً لا جماعة أو قوماً. وفي هذه الحال، يتمتعون بالحكم الذاتي، ويحق لهم الاقتراع في الانتخابات المحلية، وبحقوق خاصة، ومن غير مساواة، طالما لم يشك في ولائهم الفردي للدولة اليهودية، وقد يمنحون تابعية المواطنة الإسرائيلي والحق الكامل في الاقتراع على شرط أن يقسموا الولاء، وأن يبرهنوا على ولائهم والخدمة في قوات الدفاع الإسرائيلية. ويقر سموتريتش بأن هذا المسار "يطعن في الديمقراطية"، إلا أنه ثمن لا يتردد في تسديده.

وإذا رفض الفلسطينيون محلهم الثانوي هذا في النظام الذي يريده سموتريتش، وبقوا متمسكين بحلم فلسطين مستقلة، جواب سموتريتش بسيط: عليهم المغادرة، وتبذل إسرائيل جهدها في "تشجيعهم" على "الانتقال المنظم" للعيش في البلدان العربية المجاورة. فهدف سموتريتش لا غموض فيه، وهو تهجير الشعب الفلسطيني تهجيراً كاملاً، ويرقى هذا إلى جريمة حرب.

وهذه "الهجرة المستدرجة" قد تهدد تهديداً خطراً أمن الأردن الوطني القريب. وعلى رغم استقبال المملكة الهاشمية طوال سنوات مئات آلاف اللاجئين الهاربين من حروب المنطقة، وبينهم فلسطينيون كثر، لم تقبل المملكة يوماً حسبان إسرائيل أن مشكلتها السكانية ينبغي حلها بترحيل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن قسراً. والأرجح أن يقاوم الأردن هذه الفكرة مقاومة شرسة تهدد معاهدة السلام التي وقعها الأردن وإسرائيل في 1994.

وإذا غامر الفلسطينيون وقاوموا هذا المصير بالسلاح، يقول سموتريتش إنهم، في هذه الحال، يصدق وصفهم بإرهابيين، ويتولى الجيش الإسرائيلي قتلهم. والذين لا يحملون السلاح، ولا ينوون الهجرة ولا إعلان الولاء للدولة اليهودية، هؤلاء بحسب الخطة، لن يظلموا أو يصادروا، ولكن عليهم التخلي عن الأمل بالحصول على المساواة في الحقوق، ولكن الحال لا تشبه التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، من غير توضيح. ولا شك في أن ما يترتب على خطته من سيطرة جماعة على جماعة أخرى وقهرها يدل على سمتين من السمات الثلاث التي تعرف بحسب الأمم المتحدة، قانونياً، التمييز العنصري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنص خطة سموتريتش نصاً تصريحاً على إلغاء الهوية الفلسطينية نفسها، واستئصال كل أمل في قيام دولة فلسطينية، وقسر الفلسطينيين على العيش تحت السيطرة الإسرائيلية ومن غير مساواة في الحقوق. والطريقة التي قد تنفذ الخطة بها تقرب الخطة من مطابقة المادة الثانية من شرعة الإبادة في 1948: "إخضاع الجماعة (الوطنية) عمداً لظروف حياة تؤدي إلى تحطيمها المادي كله أو بعضه". وبعبارة مختصرة، "خطة حسم" سموتريتش وثيقة بالغة الخطورة، اليوم على الخصوص بينما يتولى صاحبها عدداً كبيراً من الصلاحيات التي يحتاج إليها في إنفاذ الخطة.

تحقيق تخيل أسود

حال توليه مهامه، باشر سموتريتش إنفاذ خطته. وإجراؤه الأول في وزارة الدفاع كان تكليفه الوزارات المعنية الإعداد لبلوغ مستوطني الضفة الغربية 500 ألف مستوطن، أي لزيادة السكان اليهود ضعفين. ومذاك رخصت حكومة نتنياهو بناء 13 ألف وحدة سكنية في المستوطنات، ويفوق عدد الوحدات، في ستة أشهر، مثيله في سنة تامة. و80 في المئة من الوحدات هذه ستبنى في مستوطنات تقع في عمق الضفة الغربية. وهذا القرار تعمد، عن سابق تصور، للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية متصلة الأرض.

وفي فبراير (شباط)، أعطت الحكومة الأمنية، المولجة بشؤون الضفة الغربية، تسع مستوطنات غير مرخصة في الضفة الغربية وضعاً قانونياً، وبني معظمها على أراض تعود ملكيتها إلى فلسطينيين، ومهدت الطريق إلى شرعنة 80 مستوطنة غير مرخصة، قائمة منذ سنوات كثيرة، وغير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي (وعلى خلاف المستوطنات الرسمية، وهي غير قانونية بموجب القانون الدولي، إلا أنها مجازة ويسبق إنشاءها تخطيط محكم، المستوطنات غير المرخصة صغيرة، من غير تخطيط ولا إجازة رسمية، جماعات من المستوطنين الشبان، وفي معظم الأحيان على أراض فلسطينية وفي عمق الضفة الغربية). وفي أغسطس (آب)، أبدت حكومة نتنياهو عن نيتها توسيع المستوطنتين غير المرخصتين الأوليين، اللتين رخصتا من بعد، وتحويلهما مستوطنتين عاديتين.

وألغى الكنيست، دعماً لطموحات سموتريتش وخططه للضفة الغربية كلها، في مارس (آذار)، قانون الانسحاب الذي أقر في 2005 وأبطل الاستيطان في شمال الضفة الغربية وأجاز عودة المستوطنين إلى مستوطنتين أخليتا. وينتهك الإجراءان التزامات خطية التزمتها حكومة شارون تجاه الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش في 2004.

حلفاء نتنياهو المتطرفون يريدون خنق التطلعات الوطنية الفلسطينية

في يوليو (تموز) أبلغ سموتريتش لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست بعزمه على تدمير المباني الفلسطينية التي يرى أنها "تهدد الأمن القومي" في الـ40 في المئة من أراضي الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في انتهاك لاتفاقات أوسلو. ولم يتردد في إعلان أن إسرائيل تحمل بعض إجراءات السلطة، مثل بناء أبنية تحتية أساسية في بعض أنحاء الضفة الغربية، على مجمل "نشاط سياسي معاد". وتخول هذه التسمية وزير المالية مصادرة أموال السلطة، على رغم قرار حكومة نتنياهو الحيلولة دون انهيار السلطة الفلسطينية.

وأوضح سموتريتش ما يعنيه فعلاً حين دعا إلى "تحفيز" الفلسطينيين على الرحيل. ففي مارس، صرح، في أعقاب هياج ميليشيات المستوطنين ومشاركة حزبه، وعيثهما الفوضى في مدينة الحوارة الفلسطينية، أنه ينبغي "تدمير" المدينة و"محوها".

ويتوج سموتريتش هذه الإجراءات ببذل جهد دؤوب في سبيل إرساء مراقبة مدنية على الإسرائيليين المقيمين في الضفة الغربية، تمهيداً للشروع في ضمها ضماً قانونياً. وإلى اليوم، تولت القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية وحدها إدارة هذه الأراضي، بما فيها شؤون المستوطنين، وحافظت على تمييز قانوني بين إسرائيل ومستوطناتها في الضفة الغربية، لكن سموتريتش ألحق حاكم الضفة الغربية بسلطته، وعين نائباً مدنياً للحاكم العسكري ولاه المسؤولية عن المستوطنين. وأنشأ، في وقت سابق من هذه السنة، هيئة سماها إدارة المستوطنات، وألحقها بوزارة الدفاع، وأوكل إليها توفير الوسائل الكفيلة بتوسيع السيطرة المدنية على الضفة الغربية.

وهذا البرنامج هو السبب في سعي سموتريتش المستميت في سبيل تقييد صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية. فهذه المحكمة أبطلت، في الماضي، شرعنة المستوطنات الإسرائيلية المشيدة على أراض فلسطينية خاصة. وفي مستطاع سموتريتش، إذا حيد المحكمة العليا، تحقيق رؤياه إلى إسرائيل بين النهر والبحر من غير تضييق عليه.

الرياض هي المنقذ؟

لا يبدو أن في وسع نتنياهو أو بايدن لجم هذه العزيمة المصممة على الضم الفعلي والقانوني للضفة الغربية. ويزعم نتنياهو أن يديه على المقود، ولكنه، شأنه في موضوع برنامج الإصلاح القضائي، أوكل القيادة إلى شركائه المتطرفين. ولكنه، في الوقت نفسه لا يجابه معارضة معلنة جراء انصراف الإسرائيليين، منذ وقت، عما يحصل في الضفة الغربية.

وبايدن شهد المعركة العقيمة التي خاضتها إدارة أوباما مع نتنياهو على أعمال الاستيطان، وفشل تجميد توسع المستوطنات، في 2009، في بعث مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية، وهو لا يرغب في تجديد المحاولة. وعلى هذا، تقتصر تصريحات وزارة الخارجية على عبارات الخيبة المريرة من الأفعال الإسرائيلية وانتهاكها اتفاقات أميركية - إسرائيلية رسمية.

والحق أن في مقدور بايدن، اليوم، عكس العملية الجارية، وصد طموحات سموتريتش الثأرية. فالرئيس الأميركي وولي العهد السعودي يفاوضان نتنياهو على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية تطبيعاً كاملاً. وفي مستطاع بايدن ومحمد بن سلمان شرط الاتفاق بتصويب سياسة الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية، بدءاً من وقف توسع المستوطنات وشرعنة المستوطنات غير القانونية، إلى إلزامها النزول عن 60 في المئة من الضفة الغربية، المحتلة اليوم، إلى السلطة الفلسطينية التي تسيطر شكلياً على الـ40 في المئة الباقية. ونقل السيطرة هذا نصت عليه اتفاقات أوسلو في 1993 التي التزم نتنياهو التقيد بها بالأمس القريب. وإذا نقل شطر وازن من المنطقة ج إلى السلطة، وسع المدن الفلسطينية النمو من غير تأثير في المستوطنات الإسرائيلية.

وسبق لنتنياهو أن برهن، في الماضي، عن مهارة في إعلان هذه الوعود ثم في الإيفاء بها. لذا، ينبغي ألا يتأخر النقل الفعلي للأراضي في إطار اتفاق سلام إسرائيلي - سعودي، ويقدم هذا دليلاً ملموساً على التزام إسرائيل طريقاً غير مسدودة إلى حل الدولتين، وإبقائها مفتوحة. ويمنح هذا العربية السعودية إنجازاً مباشراً باسم الفلسطينيين، ودليلاً يسوغ اتفاقها مع إسرائيل في العالمين العربي والإسلامي. وقد ينفخ مثل هذا الاتفاق حياة جديدة في المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية المحتضرة. ويتوج السلام مع السعودية مسيرة نتنياهو في وقت يحاصره المتظاهرون ويلاحقه المدعون القضائيون.

على اتفاق إسرائيلي - سعودي اشتراط تصويب سياسة إسرائيل في الضفة الغربية

ويفوق ما تقدم أهمية أن في وسع اتفاق شامل يشتمل على عنصر إقليمي (أرضي) فلسطيني، تجميد خطة سموتريتش، وربما انهيار الائتلاف الحاكم. وحاول سموتريتش استباق الفكرة، والالتفاف عليها، فقال إن اتفاقاً مع السعودية "لا شأن له بيهودا والسامرة (الضفة الغربية)". وجزم بأن الحكومة "لن تنزل للفلسطينيين عن شيء، وهذا مجرد توهم"، تأكيداً لموقفه ومنعاً لأي التباس.

ولكن لماذا يجدر بنتنياهو المغامرة بحكومته في سبيل اتفاق مع المملكة العربية السعودية؟ فهو ظن، إلى اليوم، أن في وسعه تفادي هذا الاختيار من طريق التهوين من شأن التنازلات للفلسطينيين، ولكن إصرار بايدن ومحمد بن سلمان على الإجراءات الإقليمية في الضفة الغربية من شأنه قسر نتنياهو على الاختيار بين تراث صانع سلام مع العالمين العربي والإسلامي ومستقبل يجر إسرائيل إلى صراعات داخلية ودولية متعاظمة جراء سياسة قومية مفرطة وشركاء حكم يغالون في تدينهم.

وأما إذا ضعف بايدن، ولم ينجح في إلزام نتنياهو بهذه التنازلات، حمل سموتريتش هذا الضعف على معنى ضوء أخضر يبيح له تسريع إنفاذه خطته. ويحول العنف والفوضى المترتبان على ذلك في الضفة الغربية دون تنفيذ الاتفاق الإسرائيلي - السعودي، على نحو ما حال العنف في الضفة الغربية والقدس دون عقد لقاءات المتابعة التي نصت عليها اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وبعض الدول العربية.

وينوي بايدن ومحمد بن سلمان استعمال اتفاق السلام مع إسرائيل في حصول أحدهما من الآخر على التزامات ملموسة ومهمة مثل اتفاقية دفاع أميركية - سعودية، وتقليص ارتباط السعودية بالصين، وتطبيع كامل مع إسرائيل. وعلى نتنياهو تسديد ثمن مناسب. فإذا اختار التطبيع الكامل مع السعودية - وقدم التنازلات الضرورية في مسألة السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية - ورجحه على اتفاقه المستنكر مع سموتريتش، عاد ذلك بالربح والمنفعة على المنطقة كلها، على رغم خسارة المتطرفين الإسرائيليين. أما إذا اختار سموتريتش، وقدمه على السلام، فالخاسر الأكبر، في هذه الحال، هو إسرائيل.

* مارتن أنديك هو عضو شرف في مجلس العلاقات الخارجية، وسفير الولايات المتحدة سابقاً في إسرائيل، ومبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية.

** زيد رعد الحسين هو رئيس معهد السلام الدولي. وكان سفير الأردن في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وشغل منصب مفوض الأمم المتحدة الأعلى في حقوق الإنسان بين 2014 و2018.

مترجم من فورين أفيرز، 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2023

المزيد من آراء