ملخص
اقتناء الكتب بالتقسيط لا يزال نادراً فما الأسباب التي تبرر ذلك بعد أن أصبحت المعرفة من "ضرورات" المهتمين؟
تنتشر ظاهرة "التقسيط" أو سداد الثمن مجزءاً على دفعات في السعودية، إذ عرفت البلاد بمنصات تقسيط ذات شروط ميسرة من دون فوائد، وسهولة التعامل معها سواء من ناحية العميل أو التاجر نفسه مما سهل انتشارها، وسبب آخر يخص ارتفاع السقف الاستهلاكي للفرد في السعودية خصوصاً الطبقة الوسطى التي وضعت ما بين الرغبة في اقتناء سلع جديدة وعدم القدرة على دفع ثمنها دفعة واحدة.
وهكذا أصبح خيار التقسيط دارجاً في غالبية منصات البيع سواء مواقع بيع الجوالات أو حتى عيادات صحية أو الأسواق التجارية، مما أوحى بالتساؤل عن غياب هذا الخيار، في حدث بحجم معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي تقدر حجم مبيعاته بعشرات الملايين.
وطرحت "اندبندنت عربية" السؤال على دور النشر وزوار المعرض، حول "ماذا لو توفرت خدمة الدفع على أقساط لشراء الكتب من داخل المعرض؟"، فاختلفت الإجابات..
الكتاب أولى من سواه
بالنسبة إلى فكرة التقسيط نفسها غالباً ما تكون من قائمة مواضيع السجال التي يتناولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي السعوديين من حين إلى آخر، وتلقى كثيراً من النقد، كونها أصبحت تستخدم بشكل مبالغ فيه وتتمحور حول شراء الكماليات بحسب وصفهم، إلا أن زوار معرض الكتاب نظروا إليها من زوايا أخرى.
ويقول نبيل، وهو أحد زوار المعرض، إن "فترة المعرض ليست كافية ليشتري الشخص كل الكتب التي دونها في قائمته، وخيار التقسيط مناسب في هذا الوضع"، فيما تشير منى أحمد إلى أن "أسعار الكتب غير عادية، فإذا اشتريت 10 كتب تكون قد دفعت قريباً من ألف ريال سعودي، أي ما يعادل 270 دولاراً أميركياً"، وهو مبلغ ليس بالقليل بالنسبة إلى الطبقة الدنيا والمتوسطة، المهمومة بمصاريف يومية والتزامات لا حصر لها.
وتكمل منى قائلة "التقسيط صار كل شيء في الحياة والكتب هي الغذاء الروحي والغذاء الفكري لماذا لا يشملها الموضوع؟".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تختلف دور النشر كثيراً عن الزوار في أهمية توفير الكتاب للراغبين فيه ممن لا يملكون ثمن كل الكتب التي يحتاجون إليها، إلا أن مندوب دار الحكمة من المغرب يعتبر أن طبيعة المعرض قد تحد من إمكانية التقسيط، فالدار تأتي لأيام معدودات ثم تغادر، وليس بالضرورة كل الدور لديها وكيل محلي لتحصيل حقوقها بعد مغادرة الرياض.
أما الكاتبة آمال الجابري، فتشير إلى أن التقسيط صار جزءاً مألوفاً في حياة المستهلك السعودي، بالتالي فإن توفيره في المعرض سيكون أمراً جيداً، لافتة إلى أن الكاتب همه الأكبر أن يصل كتابه إلى القراء، ولا شك أن التقسيط من إحدى الوسائل المعينة عليه، خصوصاً في مثل تطبيقات "تمارا" الميسرة، التي اعتاد عليها المستهلك المحلي.
محدودية أيام المعرض
يقام معرض الرياض الدولي للكتاب من 28 سبتمبر (أيلول) إلى 8 أكتوبر (تشرين الأول) لهذا العام، ويشارك فيه أكثر من 1800 دار نشر على امتداد 800 جناح، مما جعل محدودية الوقت وتوسع دائرة خيارات الكتب وبخاصة من دور النشر الأجنبية، عوامل تعزز أهمية توفير خيار التقسيط، بالنسبة إلى رواد المعرض.
لكن متسوقين آخرين يعارضون مبدأ التقسيط ويتبعون مبدأ "مد رجولك على قد لحافك" وهو مثل شعبي دارج في المنطقة، غالباً ما يستخدم عندما يرى الناس أحداً يتعدى في إنفاقه حجم قدرته المالية.
ويقول عبدالله زيد "نظراً لأهمية الكتب، فإنه لا بأس بتقسيطها مع أنني ضد الفكرة في شكلها العام، فلو كان هناك نظام تقسيط مريح يضمن إقبالاً أكثر على الكتب، فهذا ما نرغب فيه طالما أنه ينمي شغف القراءة".
وتسود بين القراء السعوديين في كل السنوات شكوى دائمة من أسعار دور النشر التي يبرر بعضها رفع أسعار كتبها بمصاريف الشحن وقلة الإقبال على شراء الكتب عربياً، مما يجعلهم يغتنمون معرض الرياض في تعويض خسائرهم، أو الحد منها في أقل الأحوال.
وشكل الإقبال على التأليف والقراءة بين السعوديين سنوات مضت، ظاهرة لافتة استوقفت عدداً من المتابعين المحليين والدوليين، على رغم هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على المشهد العام، لكن ذلك لا يخفي الظواهر الأخرى التي كانت محل نقد الزوار كذلك، مثل إقبال بعض الجمهور على كتب مشاهير لا يبدو أن محتوى أكثرها يقنع المثقفين، فيما ظلت الكتب الأكثر رصانة من دون اهتمام في بعض الأحيان.