Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط ليس عدواً للطاقة المتجددة

تشير التوقعات إلى ارتفاع حجم سوق الوقود النظيف إلى 2000 مليار دولار بحلول عام 2030

 يقدر حجم سوق الطاقة المتجددة العالمية بنحو 1030 مليار دولار عام 2022 (غيتي)

ملخص

 هناك ما يقارب 800 مليون شخص على مستوى العالم بلا كهرباء.

 

لا شك في أنه من أهم التطورات خلال العقد الحالي التطور الهائل في إنتاج الطاقة المتجددة وتحسين الجدوى الاقتصادية للتقنيات المستخدمة في توليد هذه الطاقة، لكن في ظل حال الهلع الكبير من تأثير الكربون الصادر من النفط والوقود الأحفوري في تغيير مناخ الأرض وما سيصاحبه من مشكلات بيئية واجتماعية، طرحت تساؤلات عدة حول تأثير الدور المتسارع للتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين في الطلب على النفط، كما تشير بعض التقارير الصادرة من وكالة الطاقة الدولية في باريس.

ويقدر حجم سوق الطاقة المتجددة العالمية بنحو 1030 مليار دولار عام 2022، وتشير التوقعات إلى توسعه لأكثر من 2000 مليار دولار بحلول عام 2030 بمعدل نمو سنوي قدره 8.6 في المئة.

حجم السوق العالمية

وقد بلغ حجم السوق العالمية لتوليد الطاقة 1.8 تريليون دولار عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 3.9 تريليون دولار عام 2032، وتشير التوقعات أيضاً إلى أن ينمو سوق توليد الطاقة العالمي بمعدل نمو سنوي قدره ثمانية في المئة خلال الفترة من 2023 وحتى 2032، إذ إنه في عام 2022 ارتفعت إمدادات الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية والمحيطات بما يقارب ثمانية في المئة، ومن المتوقع أن تستمر منشآت الطاقة الشمسية في تحطيم الأرقام القياسية لتصل الإضافات السنوية إلى أكثر من 160 غيغاواط بحلول عام 2023، ليكون ذلك أعلى بنسبة 50 في المئة تقريباً من المستوى الذي تم تحقيقه عام 2019 قبل الوباء، مما يؤكد مكانة الطاقة الشمسية باعتبارها "الملك الجديد" للطاقة.

وتراجعت كذلك أسعار توربينات الرياح بمقدار الثلث تقريباً خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة، فيما انخفضت كلفة تصنيع الألواح الشمسية 70 في المئة.

إلى ذلك تشير الدلائل إلى أن التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة في تسارع ملحوظ، إذ إن تكنولوجيا الطاقة المتجددة لم تعد خياراً بديلاً مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية، إذ إنها تطورت بسبب الدعم المادي الكبير لها من الدول الغربية الباحثة عن تأمين الطاقة بعيداً من نفط "أوبك".

ولم يعد الاستهلاك في الطاقة المتجددة اليوم هدفه إيجاد مصدر بديل للوقود الأحفوري وحسب، بل إن كثيراً من الدول تستثمر في الطاقة المتجددة لأسباب بيئية أهمها تجنب تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، فمثلاً الصين أكبر مستثمر في الطاقة المتجددة اليوم تستهدف زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة لإزالة الدخان الكثيف الذي يلوث مدنها، إضافة إلى تنويع مصادر الطاقة وتحقيق أمن الطاقة.

وبالتوازي تستثمر دول كثيرة في الطاقة المتجددة لأسباب بيئية أو لتنويع مصادر الطاقة، بما فيها دول الخليج التي لها رؤية واضحة في هذا الاتجاه، فالسعودية مثلاً لديها خطة واضحة وهي أن يكون 50 في المئة من إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة عام 2030، وكذلك تستهدف التربع على عرش إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر عالمياً، نظراً إلى ما تلتزم به دول مجلس التعاون الخليجي من معاهدات دولية بيئية في مجال الطاقة تدفعها إلى البحث عن خيارات أخرى مثل الطاقة الشمسية وإنتاج الهيدروجين لتوليد الكهرباء، وتوجيه مزيد من النفط والغاز نحو التصدير بدلاً من الاستهلاك المحلي.

دول مجلس التعاون الخليجي

وتؤمن دول مجلس التعاون الخليجي بضرورة الاستثمار في تقنيات لتحويل النفط ليكون أكثر اخضراراً، مثل احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه وتوظيف اقتصاد الكربون الدائري وتقليل تسرب الميثان وحرقه والتقاط الكربون من الهواء مباشرة، وإنتاج الهيدروجين ودمج مصادر الطاقة المتجددة في عمليات النفط والغاز واستغلال التقنيات الذكية لزيادة كفاءة الطاقة.

ويعتقد معظم مؤيدي الطاقات المتجددة أن التحليلات التي تتوقع نمواً كبيراً في مصادر الطاقة المتجددة تعد إشارة إلى هبوط النفط على المدى الطويل، ومع ذلك تكشف الدراسة الدقيقة لهذه التوقعات أن الطلب على النفط لن يتباطأ أو ينخفض خلال الأعوام الخمسة المقبلة، فمن جهة يقدم تحليل جديد لوكالة الطاقة الدولية نظرة سلبية للوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم، وكما عودتنا الوكالة فهي تاريخياً تأخذ هذا المنحنى بالنسبة إلى النفط والغاز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً لتحليل وكالة الطاقة الدولية فإن مصادر الطاقة المتجددة ستصبح أكبر مصدر لتوليد الكهرباء عالمياً بحلول أوائل عام 2025 متجاوزة الفحم، ويصعب أخذ هذا الادعاء على محمل الجد، إذ إن استخدام الفحم العالمي زاد بصورة كبيرة خلال عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو أكثر عام 2023، وهذا يعني أنه على رغم السياسات الرسمية التي تتبناها الصين والهند والولايات المتحدة وأوروبا المشجعة على تركيب مزيد من توربينات الرياح والمزارع الشمسية، فإن البلدان في جميع أنحاء العالم تواصل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يشير إلى أنهم يتجهون إلى النفط والفحم وليس طاقة الرياح والطاقة الشمسية عندما يكون الغاز الطبيعي غير متوافر أو مكلفاً للغاية، وهذا الواقع يجعل المستقبل الذي تنبأت به وكالة الطاقة الدولية في تقريرها عن مصادر الطاقة المتجددة 2022 أمراً غير محتمل الحدوث.

وفي المقابل ذكر الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص أخيراً أن متوسط الإنتاج العالمي من النفط والغاز الطبيعي وصل عام 2022 إلى 100 مليون برميل نفط يومياً، إضافة إلى 4 تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي، وأضاف أن "توقعات المنظمة تشير إلى أن الاقتصاد العالمي سيتضاعف بحلول عام 2045 وسيزيد عدد السكان، مما يعني زيادة الطلب على جميع مصادر الطاقة بنحو 23 في المئة، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي".

كما أكد أن "كثيراً من الدول المنتجة للنفط تخطو خطوات كبيرة في تبني الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة وخفض الانبعاثات الكربونية"، مشيراً إلى أهمية تنفيذ الالتزامات المالية التي تم التعهد بها على المستوى الدولي، مثل التزام الدول المتقدمة بتوفير دعم قيمته 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية بموجب اتفاق الأمم المتحدة الإطاري في شأن المناخ لتمويل العمل المناخي، إذ يؤدي هذا الالتزام دوراً مهماً في تعزيز الانتقال العالمي نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة، ولذلك لا يجب أن ننسى أن هناك ما يقارب 800 مليون شخص على مستوى العالم ليس لديهم كهرباء، وأن نحو 2.6 مليار شخص، أي ما يعادل ثلث سكان العالم، لا يحصلون على وقود الطهي النظيف، وهم مشتاقون إلى أن يكون لديهم أي نوع من أنواع الطاقة، فهم لن يمانعوا أن يستخدموا الوقود الأحفوري بكل أنواعه ليكون عندهم مصدر لأي نوع من أنواع الطاقة، وعلينا أن نحدد بدقة خطط تحويل الطاقة لديهم.

ويجب أيضاً أن تكون هنالك جهود عالمية لفهم حاجات البلدان شديدة الفقر والضعيفة وكيفية معالجتها، وفي الوقت نفسه التوجه نحو الطاقة المتجددة، وكذلك على العالم التعايش مع الوقود الأحفوري، وعلى الدول المنتجة والدول المستهلكة أن تتعاون لجعله أكثر اخضراراً وأنظف للبيئة، فالنفط ليس عدواً للبيئة، ولكن العدو هو الكربون المنبعث والذي علينا محاربته وأن ننقذ كوكبنا منه، وهذا يعني رجحان نمو الطلب على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ولكن من غير المرجح أن تحل مصادر الطاقة المتجددة محل مصادر الطاقة التقليدية أو الطلب على النفط في أي وقت قريب.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز