Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستجيب إريتريا لرغبة تيغراي في الحوار؟

محللون يعتبرون أن الدعوة بمثابة "خطاب علاقات عامة" لإلهاء الرأي العام محلياً وعالمياً عن تظاهرات الإقليم

قال رئيس الحكومة الموقتة لإقليم تيغراي جيتاشوا ردا إن "الحروب أنهكت البلاد" (الصفحة الرسمية للرئيس على "فيسبوك")

ملخص

تعد هذه الدعوة الأولى التي تصدر عن أعلى هرم في سلطة الإقليم الذي تناصب قيادته الحكومة الإريترية العداء منذ عام 1998

كشف رئيس الحكومة الموقتة لإقليم تيغراي الإثيوبي جيتاشوا ردا عن استعداده للتحاور مع إريتريا، مؤكداً عبر خطاب جماهيري خلال زيارته منطقة آيروب أن حل الخلافات القائمة مع من وصفهم بأنهم "احتلوا أراضينا وقتلوا أبناءنا، لن يكون إلا بالحوار والعمل السلمي"، ومشدداً على "أن عهد الحروب قد ولّى ولن نعود لها كوسيلة لحل خلافاتنا".

وأضاف ردا أن "الحروب أنهكت الإقليم والبلاد، وحتى مطالباتنا باستعادة بعض الأراضي المحتلة لن تتم إلا بالحوار"، معرباً عن استعداد حكومته للتحاور مع جميع الأطراف من أجل ضمان مستقبل مستقر للأجيال المقبلة.

وتعد هذه الدعوة الأولى التي تصدر عن أعلى هرم في سلطة الإقليم الذي تناصب قيادته الحكومة الإريترية العداء منذ عام 1998، على خلفية الحرب الحدودية التي اندلعت بسبب التنازع على ملكية "مثلث بادمي". 

وعلى رغم تحويل الملف بعد عامين من الحرب (1998- 2000) وفقاً لـ "اتفاق الجزائر للسلام" إلى محكمة دولية أصدرت حكماً عام 2004 لمصلحة إريتريا، فإن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي كانت تحكم إثيوبيا، رفضت الانسحاب من المناطق المعنية حتى بداية الحرب الأخيرة عام 2020، إذ تمكن الجيش الإريتري من استعادتها بالقوة العسكرية في إطار تحالفه مع الجيش النظامي الإثيوبي، فيما لا تزال علاقات النظام الحاكم في إريتريا وقيادة إقليم تيغراي تشهد حالاً من العداء.

خطاب علاقات عامة

بدوره، يرى المتخصص في شؤون القرن الأفريقي عبدالرحمن سيد أن "خطاب رئيس تيغراي يبدو جزءاً من حملة علاقات عامة، وقد يستخدم لإلهاء الرأي العام المحلي والعالمي، بخاصة مع جملة من التطورات السالبة التي يعيشها الإقليم كجزء من تداعيات الحرب الأخيرة، ومن بينها التظاهرات التي تقودها عناصر قوات الدفاع التيغراوية ضد حكومته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبرر سيد عدم جدية الخطاب باعتباره "يتنافى مع حملات جبهة تيغراي الداعية إلى استعادة السيطرة على بعض الأراضي الإريترية التي ظلت تحتلها على رغم صدور قرار التحكيم عن المحكمة الدولية بخصوص ’مثلث بادمي‘ الحدودي، فضلاً عن أنها تتهم بدعمها أنشطة تسعى إلى زعزعة الوحدة الوطنية الإريترية من خلال إثارة النعرات الدينية والإقليمية بين مكوناتها".

ويضيف المحلل الإريتري أن "ثمة سبباً آخر يتعلق بكون جيتاشوا رئيساً موقتاً لإقليم إثيوبي وبالتالي فهو محدود الصلاحية، والمفاوضات بين الدول من صلاحيات الحكومات المركزية وليس حكومة الإقليم".

ويقلل من أهمية الخطاب بالقول إن "تصريحات حاكم الإقليم الموقت تعد جزءاً من سياسة الجبهة التي ظلت تقدم نفسها ككيان خارج إطار الدولة الإثيوبية، بما في ذلك تصور أن من حقها امتلاك قرارات تتعلق ببناء علاقات مع الدول المجاورة والتفاوض مع حكومات أجنبية". 

أسمرة لن تهتم 

وحول الرد المتوقع من أسمرة يقول، "لا أعتقد أن النظام في إريتريا سيهتم بالرد على خطاب جيتاشوا لأكثر من سبب، فمن الناحية البروتوكولية لا يليق بحكومة دولة مستقلة التعامل مع حكومة إقليم في دولة أخرى، ولذا فقد ينحصر تواصل النظام الإريتري مع حكومة الدولة الإثيوبية من الناحية الرسمية والدبلوماسية، مع إبقاء بعض التواصل غير الرسمي وغير المعلن مع أحزاب ومجموعات إثيوبية، لأسباب أمنية وللاحتفاظ بأوراق ضغط على الحكومة الإثيوبية كما يفعل مع أحزاب وقوى سياسية سودانية". 

ويضيف، "لكن علاقته بجبهة تيغراي في اعتقادي غير قابلة للترميم والتحسن، وفي الأقل خلال المدى القريب المنظور، لأن الطرفين منهمكان في لعبة صفرية يريد كل طرف فيها التخلص من الآخر بكل الوسائل المتوافرة". 

من جهته رأى المتخصص التيغراوي في الشؤون الإثيوبية محاري سلمون أن "الحديث عن الحوار مع إريتريا لا يعني بالضرورة بناء علاقات متقدمة بين قيادة إقليم تيغراي وحكومة أسمرة، فهناك عدد من القضايا التي تحتاج إلى قيام حوار بين الطرفين، وجبهة تحرير تيغراي لم تمد في أية لحظة جسور التفاوض مع إريتريا، وحتى رفض تسليم ’مثلث بادمي‘ بعد صدور قرار التحكيم الدولي كان لاشتراطها بدء حوار مع أسمرة حول الترتيبات الفنية والأمنية، مما يعني أن الجبهة ظلت تطالب بالحوار منذ وقت طويل في حين ترفض أسمرة".

وأشار سلمون إلى أن "قبول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد فور وصوله للسلطة بقرار المحكمة الدولية وإعلان رغبته في تنفيذه اصطدم بهذا الشرط، إذ كانت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تسيطر على المنطقة وتطالب بضرورة بدء مفاوضات مع أسمرة حول الترتيبات الفنية والأمنية"، مؤكداً أن "الظرف الآن أكثر صعوبة من ذي قبل، لا سيما بعد تورط القوات الإريترية في الحرب الأخيرة بإقليم تيغراي، إذ يصعب على التيغراويين تقبل إجراء مفاوضات وبناء علاقات ودية مع أسمرة خلال فترة قريبة". 

مقاربة مزدوجة 

أضاف "ينبغي مقاربة المسألة من مدخلين أساسين، الأول أن هذا الموقف لا يعبر عن تحول كبير في رؤية الجبهة قياساً إلى مواقفها قبل الحرب، والثاني فهو صعوبة تقبله على المستوى الشعبي بعد الاتهامات المتكررة بارتكاب الجيش الإريتري انتهاكات جسيمة بحق التيغراويين"، وتابع سلمون "جيتاشوا يدرك جيداً أن الرئيس الإريتري لن يقبل إجراء أي حوار مع الجبهة أو الحكومة الموقتة في تيغراي، وبالتالي فهو يربح الجولة على المستوى الدولي من دون أية خسارة منظورة محلياً"، مضيفاً "لعل التطورات الأخيرة في إقليمي أمهرة وأروميا لفتت أنظار القوى الدولية إلى الوضع الناتج من تداعيات الحرب في تيغراي، وبالتالي فهو يريد لفت أنظار القوى الدولية والإقليمية إلى انفتاحه على الحوار حتى مع النظام الذي تورط في الحرب".

وختم سلمون أن "الحوار يتطلب توافر إرادة سياسية من الطرفين، ولا أعتقد أن حكومة الرئيس أفورقي مهتمة بالتواصل مع جهة لا تزال تعتبرها معادية"، وذهب إلى أكثر من ذلك قائلاً إن "أسمرة غير مرحبة بـ ’اتفاق بريتوريا للسلام‘ لأن إريتريا ظلت تسعى إلى القضاء على جبهة تيغراي وبناء واقع سياسي جديد في الإقليم، مؤكداً أن "أحد أسباب فتور العلاقات بين أسمرة وأديس أبابا يتعلق بقبول الأخيرة اتفاق السلام وعودة الجبهة لسدة الحكم في الإقليم".

المزيد من تقارير