Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستقبل صناعة النفط والغاز في ظل الذكاء الاصطناعي

شركات عالمية بدأت في أنشطة الاستكشاف والحفر عبر برامج جديدة وصولاً لمرحلة الإنتاج

تعتبر مسألة تسرب أو انسداد الأنابيب إحدى المشكلات المهمة في صناعة النفط والغاز (اندبندنت عربية)

ملخص

أظهر الذكاء الاصطناعي كفاءة كبيرة في تحليل البيانات المتعلقة بالرواسب النفطية والغازية

لم يعد مصطلح الذكاء الاصطناعي أمراً مرتبطاً بإدخال الروبوت والأتمتة في الصناعات وحسب، وإنما هو أمر أعمق وأوسع من ذلك. فعديد من الدول والشركات حول العالم تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي في خلق فرص جديدة وتحسين الخدمات إضافة إلى خفض التكاليف وزيادة الاستثمارات.

وفي العقد الأخير ازداد استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته من قبل شركات النفط والغاز خصوصاً في ما يتعلق بأنشطة الاستكشاف والحفر. فمن جمع البيانات، وتحليلها مروراً بمرحلة التنقيب والاستخراج إلى مرحلة الإنتاج والتسويق والتكرير والصيانة وغيرها من المراحل التي تشكل جزءاً مهماً من هذه الصناعة.

وقد أظهر الذكاء الاصطناعي كفاءة كبيرة في تحليل البيانات المتعلقة بالرواسب النفطية والغازية وذلك عبر تطوير خوارزميات تركز جهود فرق الاستكشاف، وتحسن من عمليات الاستخراج مع تقليل التأثيرات البيئية.

وخلال السنوات الأخيرة، تمكنت بعض شركات الطاقة مثل "BP" وبالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المتعلقة باستخراج النفط من حقولها في بحر الشمال من زيادة إنتاجها بـ15 في المئة في وقت خفضت معه التكاليف بنحو 10 في المئة.

كما نجحت شركة" شيفرون" بتحسين عمليات الحفر واستخراج النفط من خلال الذكاء الاصطناعي ما قلل من استهلاك الطاقة بمقدار 10 في المئة ورفع من كفاءة الإنتاج.

وفي مجال استخراج الغاز أسهم الذكاء الاصطناعي من خلال تقنيات التحليل الضوئي والاستشعار عن بعد بواسطة الطائرات المسيرة في تحسين عمليات الاستخراج من الآبار وزيادة كفاءة العمليات.

حلول ذكية لمشكلات كبيرة

وتعد زيادة مستويات الإنتاج مع الحفاظ على الكفاءة العالية أحد أهم التحديات التي تواجه شركات الطاقة، لذا يتم اعتماد الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات بسرعة، ودقة تزيد من ربحيتها وتساعدها في اتخاذ قرارات تشغيلية أفضل.

وتعتبر مسألة تسرب أو انسداد الأنابيب إحدى المشكلات المهمة في صناعة النفط والغاز، فهي تتسبب بأضرار كبيرة ومكلفة، ومشكلات تتعلق بالسلامة والبيئة، لذا لجأت عديد من شركات الطاقة اليوم إلى الذكاء الاصطناعي لمراقبة الأنابيب وتحديد المشكلات، والتنبؤ بموعد حدوثها أو المدة التي يستغرقها خط أنابيب معين حتى يحتاج إلى الاستبدال أو الإصلاح.

ويتم استخدام الروبوتات التي تحمل أجهزة استشعار وكاميرات حرارية وميكروفونات في عمليات التفتيش ومراقبة الضغط والصمامات وأجهزة القياس، والكشف عن الأسطح الساخنة.

وبعكس العنصر البشري يمكن لتلك الروبوتات أن تعمل في ظروف الطقس القاسية، بما في ذلك البرد القارس والحرارة والأمطار الغزيرة والرياح الشديدة ويتم العمل على تطويرها لتتخذ قرارات ذاتية في الأوضاع الصعبة.
ومع التوقعات بارتفاع الإنتاج النفطي من الحقول في أعماق البحار إلى 28 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط والغاز المكثف بحلول عام 2025، فإن دور الذكاء الاصطناعي يزداد أهمية في المناطق الخطرة، التي تتطلب الغوص لأعماق كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى خمسة آلاف قدم.

أما في ما يتعلق بالمنصات العائمة فيتم استخدام الطائرات المسيرة المزودة بالكاميرات الحرارية، والليزر للتفتيش الدقيق للأنابيب والمنصات، ما يقلل من تكاليف الصيانة وزمن التوقف عن الإنتاج.

ففي الولايات المتحدة، تمت الاستعاضة عن العمال المتخصصين بتسلق وفحص منصات النفط ومداخنها بطائرات مسيرة وروبوتات مزودة بكاميرات عالية الدقة والوضوح يمكنها التصوير الثلاثي الأبعاد ما يوفر فحصاً أدق بسرعة أكبر ومخاطر وتكلفة أقل من الجهد البشري.

وتوفر هذه التقنية قرابة أربعة ملايين دولار للشركات النفطية إضافة لاختصار العمل من ثمانية أسابيع إلى يوم واحد فقط. الأمر الذي قلل من حدوث المخاطر وخفض تكاليف التفتيش بنسبة تصل إلى 80 في المئة.

ويساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل التركيب الكيماوي لأنواع النفط الخام وكثافتها ولزوجتها لتطوير نماذج تتنبأ بكيفية تفاعل الزيوت مع بعضها، ومع المعدات أثناء عمليات التكرير ما يحقق أقصى قدر من الدقة والكفاءة ويقلص من الأثر السلبي على البيئة من خلال تقليل النفايات الناجمة عن ذلك.

وتؤثر الظروف الجوية وعوامل المناخ على كفاءة عمل البنى التحتية لنقل النفط والغاز بكفاءة لذا يتم الاستفادة أيضاً من ثورة الذكاء الاصطناعي في تحسين جداول الشحن وتوجيه الناقلات وتقليل الكلفة.

ولتقليل المخاطر وآثارها السلبية على الصحة والبيئة والاقتصاد يتم استخدام خوارزميات التعلم الآلي في تحديد المشكلات واكتشاف الاتجاهات التي قد تشير إلى خطر محتمل ومنع حدوثه قبل وقوعه ما يدعم إدارة ذكية للأزمات.

الذكاء الاصطناعي وأسواق الطاقة

وفي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن الذكاء الاصطناعي سيزيد من حجم المعروض من النفط، والغاز في الأسواق العالمية إلا أن تطوير هذه التقنيات يلعب دوراً مهماً في تحسين استدامة صناعة النفط والغاز من خلال تقليل الانبعاثات البيئية وتلبية الانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة.

ومع تطور الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته تبرز عدد من التحديات التي تقف عائقاً أمام تحقيق أقصى عائد من هذه التكنولوجيا.

فالبعض يرى فيها تهديداً لمستقبل ملايين العمال المهرة في هذه الصناعة. إلا أن الرافضين لهذا الرأي يرون أن الذكاء الاصطناعي قد خلق سوقاً جديدة وفرصاً تحتاج إلى الاستفادة منها والتدرب لاكتساب المهارات التي تحتاج إليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتختلف النظرة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة النفط والغاز بين الدول بحسب حاجتها له أو لإيراداته. فالدول المستوردة للنفط، والغاز والتي تمتلك قدرات تقنية عالية كالصين والهند تستثمر مبالغ مالية طائلة لاستكشاف مشاريع النفط والغاز البحرية.

أما أميركا الشمالية فنظراً لوجود شركات النفط والغاز العملاقة، فهي تمتلك الحصة الأكبر في الروبوتات المعنية بالرقابة والتفتيش على أي تسريب أو خلل في صناعة النفط والغاز.

"أرامكو" والذكاء الاصطناعي

أما منطقة الشرق الأوسط، فبسبب وفرة النفط في تلك المنطقة فإن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، في مجال النفط والغاز يكاد كون أقل بكثير مما هو موجود في أميركا الشمالية على سبيل المثال.

ومع ذلك فقد استخدمت شركة "أرامكو" في السعودية الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسة في برنامج التحول الرقمي مما جعلها في طليعة الشركات التي تلبي الطلب العالمي على الطاقة مع سعي واضح لخفض الانبعاثات الكربونية.

فقد أسهم تحليل البيانات المتعلقة بحرق الغاز والإطلاقات الهيدروكربونية في خفض "أرامكو" لحرق الغاز بنسبة 50 في المئة منذ عام 2010 ما ساعد على تحقيق نسبة حرق للغاز تقل عن واحد في المئة من إنتاج الغاز الخام خلال العقد الماضي.

كما دعمت الحلول الرقمية زيادة إنتاج عديد من الحقول المهمة في المملكة مثل حقل خريص الذي استخدم فيه 40 ألف جهاز استشعار لمراقبة 500 بئر نفطية، ما أدى لزيادة إنتاجه من النفط بنسبة 15 في المئة وتعزيز وقت الاستجابة للأعطال بنسبة 100 في المئة.

وتستفيد "أرامكو" من الحلول الرقمية للذكاء الاصطناعي في مراقبة سلاسل الإمداد حيث يتم تتبع جميع شحنات الشركة حول العالم منذ خروجها من المورد وصولاً إلى المستهلك، وهو ما أسهم في تقليل الأعطال وخفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن ذلك.  

السؤال المهم

لقد غير الذكاء الاصطناعي طريقة تعامل عديد من شركات الطاقة مع الأسواق العالمية، وأسهم بشكل كبير في تطوير أعمالها وتقليل تكاليفها.

ومع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة للحفاظ على البيئة، فإن شركات الطاقة، وجدت في الثورة الصناعية الرابعة المتمثلة بالتحول الرقمي غايتها في إيجاد الحلول التي تمكنها من زيادة الإنتاج من دون أن يكون هناك فجوة بين تلبية الطلب والحد من الأضرار البيئية.

فهل يستمر الذكاء الاصطناعي بتأدية هذا الدور الإيجابي أم إنه سيكون عاملاً مهدداً لمستقبل الوقود الأحفوري وتقليل الطلب العالمي عليه؟

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز