وصلت اليوم الخميس إلى مدينة عدن جنوب اليمن لجنة مشتركة سعودية إماراتية للإشراف على انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي-المطالب بفصل جنوب اليمن عن شماله-من المواقع التي سيطرت عليها في المدينة خلال الأيام الماضية، بعد انهيار قوات الحماية الرئاسية المؤيدة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وحسب معلومات حصلت عليها "اندبندنت عربية" فإن الوفد السعودي ضمن اللجنة وصل يوم أمس، فيما وصل الوفد الإماراتي اليوم. وقبل وصول الوفدين بثلاثة أيام، كانت أولى انسحابات قوات المجلس الإنتقالي من مستشفى عدن.
وقالت مصادر متطابقة أن ما أشيع عن سقوط قصر المعاشيق في بداية أحداث عدن الأيام الفائتة غير صحيح، ولم يحدث، حيث تعتبره دول التحالف وعلى رأسها السعودية رمز الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن.
وأشاعت مواقع إخبارية متفرقة عن توقف الرحلات الجوية إلى العاصمة المؤقتة للشرعية وتوقف الملاحة، لكن العقيد تركي المالكي المتحدث باسم قوات التحالف قال في حديث صحافي شارك بعضه مع "اندبندنت عربية" : "قيادة القوات المشتركة للتحالف مستمره في منح طلبات التصاريح للرحلات التجارية او المنظمات الاممية والغير حكومية ، ونقدم كافة التسهيلات لاستمرار الحركة الجوية من والى (عدن) وندعم كل ما من شأنه تعزيز الاستقرار وعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي. فقد اصدر التحالف عدد (٤) تصاريح طلبات جوية متوجهه الى مطار عدن لهذا اليوم الخميس ، ٣ تصاريح منها للخطوط الجوية اليمنية بحيث شملت رحلتين جويه من القاهرة الى عدن، ورحله جويه من عمّان الى عدن ، وتصريح لاحدى طائرات المنظمات الدوليه الغير حكوميه العاملة باليمن"
وكان التحالف بقيادة الرياض قد طلب سرعة سحب مليشيات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي من المواقع التي سيطرت عليها، محذراً من عمل عسكري حال عدم تنفيذ المطالب.
وفي يوم صدور بيان التحالف بضرورة الانسحاب من مواقع الحرس الرئاسي، أصدر الانتقالي بياناً رحب فيه بدعوة الرياض للحوار، وأكد التزامه بما جاء في البيان المذكور.
ولكن، هل بالفعل سيقوم المجلس الانتقالي بسحب قواته من مواقع الحرس الرئاسي التي سيطر عليها؟
يشكك مراقبون في جدية ترحيب الانتقالي بدعوة التحالف للانسحاب، ويرون أنه يسعى لتطبيق سيناريو الحوثيين في الحديدة، وذلك بتسليم تلك المواقع لمؤيدين له في زي قوى الأمن اليمنية.
وقد كشف هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي في خطبة عيد الأضحى التي ألقاها أمام جمع من مسؤولي وأنصار الانتقالي في عدن، بعد حسم قواته الموقف هناك إنه لا يمكن "تهديدنا بالصواريخ"، وأن الانتقالي لن يذهب إلى الحوار تحت تهديد السلاح، في إشارة إلى تهديد التحالف بعمل عسكري حال لم يتم الانسحاب.
وفوق ذلك، رفض الناطق باسم الانتقالي في بريطانيا صالح النود أمس الأربعاء دعوة السعودية للانسحاب، وقال في تصريحات لوكالة رويترز إن "لتخلي عن السيطرة على عدن ليس مطروحًا على المائدة في الوقت الحالي.. نحن هناك باقون لكننا باقون لسبب إيجابي".
وأوضح أن أحد السبل الممكنة للخروج من المأزق هو تسليم مسؤولية الأمن في الثكنات، لقوات الحزام الأمني وهي الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي، أو شرطة عدن.
وذكر أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو "إخراج جميع عناصر حزب الإصلاح الإسلامي، الذي يعد من أركان حكومة هادي، من مراكز النفوذ كلها ومعها أي ساسة ينتمون للشمال".
وفي حين يتمسك الانتقالي-فيما يبدو- بالسيطرة على الأماكن التي استولى عليها في عدن، طالبت وزارة الخارجية اليمنية، بانسحاب قوات الانتقالي الجنوبي من المواقع التي سيطرت عليها في العاصمة المؤقتة قبل أي حوار.
وقال نائب وزير الخارجية محمد عبد الله الحضرمي في تصريح نشره حساب الوزارة على تويتر، إن "الحكومة ترحب بالدعوة المقدمة من المملكة العربية السعودية الشقيقة لعقد اجتماع للوقوف أمام ما ترتب عليه الانقلاب في عدن".
وأضاف: "يجب أولا أن يتم الالتزام بما ورد في بيان التحالف من ضرورة انسحاب المجلس الانتقالي من المواقع التي استولى عليها خلال الأيام الماضية قبل أي حوار".
وإذا ما عدنا إلى تصريحات ناطق الانتقالي صالح النود، فإنه يمكن أن نلمح إشارته إلى احتمال أن يعمل الانتقالي على سيناريو مشابه لما قام به الحوثيون في الحديدة عندما قالوا إنهم انسحبوا من الحديدة، بينما هم في حقيقة الأمر سلموها لمليشيات تابعة لهم، بعد أن ألبسوها الزي الرسمي، وهو عين ما يسعى إليه الانتقاليون بتسليم مواقع الشرعية التي سيطروا عليها لقوات الحزام الأمني التي تتبعهم في الأصل.
واليوم الخميس أشار مختار الرحبي مستشار وزير الإعلام اليمني في تغريدة له على تويتر إلى أن الانتقالي سيحاول خداع اللجنة المشتركة التي وصلت عدن للإشراف على انسحاب الانتقالي من مواقع الحرس الرئاسي. مضيفاً أن مليشيات الانتقالي ستنسحب على طريقة الحوثيين في الحديدة عندما سلموها لعناصرهم في المدينة.
وبين إصرار الانتقالي على التمسك بمكاسبه في عدن، وتمسك الحكومة بضرورة الانسحاب قبل أي حوار، يظل السؤال مطروحاً حول مدى قدرة اللجنة السعودية الإماراتية على حسم الخلافات وعودة الأمور لما كانت عليه قبل سيطرة المجلس الانتقالي على مواقع الحرس الرئاسي في عدن.