Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التوسع بضم أعضاء جدد والعملة المشتركة في أجندة "بريكس"

التعامل بالنقد المحلي بات أولوية على جدول أعمال القمة في جنوب أفريقيا

تشكل دول "بريكس" ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويصل حجم اقتصاداتها مجتمعة 30 تريليون دولار ( اندبندنت عربية)

ملخص

تسعى الصين لأن تحسم القمة توسيع العضوية كي تصبح مجموعة "بريكس" كتلة اقتصادية منافسة لمجموعة الدول السبع الغنية.

قبل ساعات من انطلاق القمة 15 لمجموعة "بريكس" في جنوب أفريقيا تراجعت التوقعات بأن تبحث القمة مسألة إطلاق عملة موحدة تحدد قيمتها استناداً إلى الذهب كإجراء يستهدف تحدي هيمنة الدولار الأميركي على التعاملات الدولية في التجارة والمدفوعات والتمويل، إذ بات من شبه المؤكد أن موضوع العملة الموحدة ليس على جدول الأعمال، من دون أن يعني ذلك أن بعض المشاركين لن يبحثوا الموضوع بشكل أو بآخر، سواء في لقاءات ثنائية أو شبه جماعية.

البند الأهم على قمة المجموعة التي تضم الصين والبرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا هو توسيع عضوية المجموعة، وهو ما نوقش في قمة العام الماضي من دون الاتفاق على معايير انضمام أعضاء جدد، وعلى الأرجح سيتم ذلك في قمة هذا الأسبوع.

فبحسب الدولة المضيفة، جنوب أفريقيا، هناك 23 دولة أبدت رغبتها في الانضمام للتكتل الاقتصادي، في الوقت نفسه تسعى الصين لأن تحسم القمة توسيع العضوية كي تصبح مجموعة "بريكس" كتلة اقتصادية منافسة لمجموعة الدول السبع الغنية.

وهناك شبه اتفاق بين أعضاء "بريكس" على هذا البند، أكثر من الاتفاق على موضوع العملة الموحدة، أما مسألة التنافس في سياق الدفع نحو عالم متعدد الأقطاب كما تريد الصين وروسيا فربما ليس مستحسناً تماماً من قبل الهند والبرازيل.

فالبلدان لديهما علاقات جيدة مع الولايات المتحددة والغرب ولا يريدان أن تصبح مجموعة بريكس "رأس حربة" للصين وروسيا في الصرع مع الغرب.

ولعل ما أفشل تضمين بند طرح عملة موحدة للمجموعة على جدول أعمال قمة هذا الأسبوع هي الهند التي رفضت بوضوح أي احتمال للتخلي عن عملتها الوطنية، الروبل، مقابل ما وصفته "التجريب النقدي" بعملة مدعومة بالذهب.

ولعل خشية الهند الأساسية ترجع إلى أن ذلك سيعني تسليم الصين قيادة المجموعة، إذ إن اقتصادها وهو ثاني أكبر اقتصاد في العالم يساوي أضعاف اقتصادات بقية دول "بريكس" مجتمعة.

عملة موحدة أم ابتعاد عن الدولار

لم تتوقف جهود دول "بريكس" للابتعاد عن الدولار الأميركي منذ تكوين المجموعة في نهاية العقد الأول من القرن الحالي، ففي عام 2010 أطلقت المجموعة "آلية التعاون بين البنوك لدول بريكس" بهدف تسهيل المدفوعات بين بلدان المجموعة بالعملات المحلية.

وبدأت دول "بريكس" في تطوير نظام "بريكس باي"، وهو نظام مدفوعات بين دول المجموعة تتم المعاملات من خلاله من دون تحويل العملات المحلية للدولار ويتم حسم سعر الصرف مباشرة بحسب قيمة العملة الوطنية لكل بلد في المجموعة.

إلى ذلك، انتشر الحديث حول إطلاق "بريكس" عملة موحدة، حتى إن البعض سماها بالفعل (بريك)، بعد العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية على روسيا وتجميد الأصول الروسية الدولارية بالخارج ومنع موسكو من الوصول لنظام المراسلات المالية العالمي (سويفت).

وبدأت دول كثيرة تتحسب لاحتمال تعرضها لإجراء أميركي مماثل، فأخذت تقلل اعتمادها على الدولار باتفاقات تعامل بالعملات المحلية مع شركائها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مقابلة مع مجلة "فورشين" مطلع أغسطس (آب) الجاري، قال المدير السابق لصندوق الاستثمار "فيديليتي فند" كريس غاليزيو، إنه "سيسجل اليوم الذي استولت فيه الولايات المتحدة على أصول الاحتياطات الروسية في التاريخ على أنه يوم مماثل لما حدث عام 1944 (بريتون وودز) وما حدث عام 1971 (حين ألغى ريتشارد نيكسون قاعدة الذهب)".

وأضاف أنه "تحول في مسيرة العملة، فقد أظهر ذلك اليوم لكل بلد حول العالم أن احتياطاتها التي تحتفظ بها بالدولار الأميركي يمكن أن تتم مصادرتها في أي لحظة بحسب رغبة الحكومة الأميركية".

إلا أن الحديث خفت في شأن إطلاق عملة موحدة على غرار عملة الاتحاد الأوروبي، اليورو، لأسباب منها ما هو تقني ومنها ما هو جيوسياسي.

والأخير يتعلق بأن الهند، التي لا تتسم علاقاتها مع الصين بالود الشديد، لن تقبل أن تشارك في عملة مشتركة تهيمن عليها الصين كما كانت ألمانيا في بداية إطلاق اليورو باعتبارها أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، حتى روسيا والبرازيل، الأكثر حماسة للعملة الموحدة ربما يفضلان أيضاً التبادل بالعملات المحلية وتفادي الدولار عن تسليم مقود سياستهما النقدية لبكين.

أما تقنياً، فإن ربط العملة بالذهب سيكون أمراً في غاية الصعوبة بعد تخلي النظام المالي والنقدي العالمي عن قاعدة الذهب في سبعينيات القرن الماضي.

ومن غير المؤكد جدوى العودة إلى تلك القاعدة مجدداً، بخاصة مع محدودية الذهب المتاح عالمياً حجماً والحاجة الدائمة للتوسع في توفير السيولة للتمويل، أي زيادة حجم النقد المتداول، هذا فضلاً عن عقبات أخرى تتعلق بالنظام المالي والنقدي لكل بلد من بلدان المجموعة.

كتلة اقتصادية أم قطب عالمي

من المرجح أن تركز قمة هذا الأسبوع على زيادة التبادل بين دول المجموعة بالعملات المحلية والابتعاد عن حسم المعاملات بينها بالدولار الأميركي، لكن في النهاية، سيظل سعر صرف تلك العملات الوطنية مقوماً بالدولار والعملات الكبرى الأخرى مثل اليورو. وربما تطرح مبادرات جديدة في هذا السياق، إضافة إلى تعزيز الآليات الموجودة بالفعل وبنك التنمية للمجموعة أيضاً.

تشكل دول مجموعة "بريكس" الخمس ما يصل إلى ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويصل حجم اقتصاداتها مجتمعة ما يقارب 30 تريليون دولار، ويمثل الاقتصاد الصيني نحو ثلثي حجم اقتصاد مجموعة "بريكس" كلها، ذلك في الوقت الذي تراجع فيه نصيب مجموعة الدول السبع إلى أقل من ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي (وصل بنهاية الربع الأول من هذا العام إلى نسبة 30 في المئة).

وذلك ما جعل الصين تدفع باتجاه تحول مجموعة الـ"بريكس" إلى قطب عالمي في عالم متعدد الأقطاب، وتكون منافساً لمجموعة السبع، وذلك ما سيهمن على مناقشات قمة جنوب أفريقيا هذا الأسبوع، خصوصاً أن كثيراً من الدول المتقدمة للانضمام تبدو ذات موقف يميل إلى بكين في معارضة لأميركا والغرب، فعلى سبيل المثال إيران وفنزويلا وسوريا هي من بين الدول المرشحة للانضمام.

بالطبع لن تقبل بقية دول المجموعة، ربما غير الصين وروسيا، أن يبدو توسيع المجموعة وكأنه تكوين لقطب عالمي في وجه أميركا والغرب، حتى وإن كان الجميع يتفقون تقريباً على أهمية توسيع العضوية لتقوية مكانة "بريكس" ككتلة اقتصادية.

في عام 2014 أطلقت دول المجموعة "بنك التنمية الجديد" الذي تنص اتفاقية تأسيسه على توفير التمويل بالعملات المحلية للدول الأعضاء. ويضم البنك حالياً 8 أعضاء، بعدما التحقت بالدول الخمس المكونة لمجموعة "بريكس" كلاً من مصر والإمارات وبنغلاديش، وتنضم السعودية أيضاً للبنك ليصبح عدد الأعضاء 9، إذ بدأت المباحثات بين البنك ومقره بشنغهاي في الصين مع الرياض في مايو (أيار) الماضي.

ولعل الانضمام للبنك سيعد أحد أهم المعايير لتوسيع المجموعة بانضمام دول أخرى، وهذا ما يجعل احتمال انضمام السعودية الأكبر بين المرشحين، ذلك إضافة للدول الثلاث من خارج "بريكس" المشاركة في البنك.

من شأن توسيع المجموعة بانضمام دول أخرى غير الدول الخمس أيضاً أن يعيد إحياء مبادرات سابقة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتنمية إلى جانب تعزيز الخطوات على صعيد البعد عن الدولار، إذ سبق وأطلقت مجموعة "بريكس" مبادرة لتأسيس مؤسسة تصنيف ائتماني بعيدة من المؤسسات الغربية الثلاث الكبرى، لكن تلك المبادرة لم يكتب لها النجاح حتى الآن.

مثلها في ذلك مثل مبادرة إنشاء كابل بحري للاتصالات خاص بـ"بريكس" والتي لم تتحقق حتى الآن. وسيؤدي توسيع المجموعة إلى توفير فرصة أفضل لتنفيذ تلك المبادرات وغيرها.

اقرأ المزيد