ملخص
تكرار ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال في المغرب يفتح باب المطالبة بعودة عقوبة الإعدام في حق مغتصبي الصغار.
أعاد نشر فيديو لرئيس جمعية رياضية وهو يحضن ويقبل طفلاً في أحد شواطئ مدينة الجديدة المغربية، جدلاً واسعاً حول تكريس حماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية، إذ أثار المقطع غضباً في البلاد، مع تزايد مطالب عديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والآباء بضرورة تشديد القوانين الخاصة بحماية الأطفال.
بعض الحقوقيين أصر على ضرورة إعادة العمل بتطبيق عقوبة الإعدام، واعتمادها في حق مغتصبي الأطفال، التي أوقف المغرب تنفيذها في عام 1993، لكن مع انتشار الفيديو ألقت السلطات الأمنية القبض على المتهم والتحقيق معه.
يقول عادل، والد أحد الأطفال الذين كانوا يتدربون في الجمعية، إنه كان يتعامل مع رئيسها (م ع) في إطار تلقي طفله لتدريبات في كرة القدم بتأطير من هذا الأخير، مشيراً إلى أن تلك التدريبات كانت تتم في ظروف سيئة بسبب غياب عديد من الأدوات اللوجيستية.
وأضاف أنه قبل أشهر قليلة نظم رئيس الجمعية رحلة إلى أحد شواطئ الدار البيضاء شهدت وفاة طفل غرقاً، إثر ذلك فقد بعض الآباء الثقة فيه، وتوقفوا عن إرسال أبنائهم للمشاركة في أنشطة تلك الجمعية، إلى أن نظم ذلك الشخص رحلة قبل أيام إلى مدينة الجديدة، مدعياً أن الأطفال المشاركين سيستفيدون من فعاليات مخيم صيفي في مقابل 700 درهم (70 دولاراً) لكل مشارك.
ولفت الانتباه إلى أن الجمعية لا تملك الصفة القانونية واللوجيستية لتنظيم مخيمات، وأن رئيسها وعد آباء الأطفال المشاركين في تلك الرحلة بأن المخيم سيشهد فعاليات جيدة في جو عائلي، تضم التوجه لمسابح (يتعدى متوسط تسعيرة المسابح بالمغرب 10 دولارات)، إلا أنه اصطحبهم إلى شاطئ عمومي، واكترى شقة ضيقة تضم غرفتين فقط لكي يبيت فيها هو وكل الأطفال، موضحاً أن ذلك الشخص كان يأمر بعض الأطفال بالرقص وهم عراة ليلا، والقيام ببعض الممارسات الشاذة، على حد قوله.
رحلة الاغتصاب
يقول أحد الأطفال المشاركين في الرحلة التي نظمها رئيس الجمعية، إنه كان ومجموعة من أقرانه يتوجهون إلى الجمعية قصد الاستفادة من التدريبات في كرة القدم، قبل أن يقترح عليهم رئيسها خلال صيف السنة الماضية المشاركة في مخيم صيفي مر في ظروف طبيعية.
وأضاف الطفل أن رحلة العام الحالي، شهدت مشاركة 19 طفلاً، وشهدت اغتصاب رئيس الجمعية لأربعة أطفال من بين الأصغر سناً فيهم، مضيفاً أنه هددهم بالقتل في حال أبلغوا أحداً ما عما يحدث.
من جانبها قالت رئيسة جمعية "ماتقيش ولدي" (لا تلمس ولدي) نجاة أنور، "نعي جيداً الدور الذي تلعبه المخيمات في حياة الأطفال من حيث التربية والترفيه وتكريس الاعتماد على الذات، وأسهم برنامج العطلة للجميع (الحكومي) في استفادة عديد من الأطفال من آلية التخييم، لكونه ينحدرون من عائلات ذات الدخل المحدود، بالتالي يصعب عليهم تحمل كل تكاليف تلك الآلية".
وأوضحت أن المتهم هو رئيس جمعية محلية بمدينة الدار البيضاء خاصة بالأطفال، نظم رحلة اصطياف بشكل غير قانوني بعد تحصيل مبالغ مالية من أهالي الأطفال المنخرطين لدى جمعيته، لافتة الانتباه إلى ضرورة التدقيق في مجموعة من مراكز الاصطياف الموقتة في إطار برنامج العطلة للجميع، وذلك بخصوص شروط سلامة وأمن الأطفال، وملائمة عدد المؤطرين مع عدد الصغار المستفيدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونبهت إلى أهمية الوقوف على مدى توفر هؤلاء الكوادر على الشروط الضرورية، متسائلة عن مدى جاهزية المؤسسات المعتمدة لعملية التخييم والاصطياف، ومدى توفرها على وسائل المراقبة، وإن كانت السلطات تراقب المخيمات في الأساس.
وأشارت المدافعة عن حقوق الطفل إلى أن جمعيتها تقيم حالياً برنامج التخييم بالتعاون مع وزارتي التعليم والشباب والرياضة، بهدف العمل على إعادة الثقة للعائلات المغربية في تلك المخيمات، وبالخصوص لوضع فاصل بين المعتدين الجنسيين والأطفال، في وقت أصبح "البيدوفيل" أي المتحرش جنسياً يعتبر المخيمات مكاناً لاصطياد فرائسه.
ما خفي كان أعظم
سجل المغرب عدداً من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، يعيش غالبيتهم في مناطق فقيرة، تشكو عائلاتهم بالخصوص من الجهل بالقانون ومن الخوف من الفضيحة، وهو الأمر الذي يجعل عديداً من تلك القضايا لا تشهد متابعات قضائية، وهو ما يشجع على تنامي تلك الظاهرة.
ومن جهة أخرى يعترض عديد من المدافعين على حقوق الإنسان على بعض الأحكام القضائية في دعاوى الاعتداءات الجنسية على الأطفال، التي حددت مثلاً في سنة سجناً نافذاً.
وقال رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري إن "الاعتداءات الجنسية على الأطفال بالمغرب للأسف الشديد متكررة، وسرعة وسهولة انتشار الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي التي فضحت بعض الحالات، وجعلت منها قضايا رأي عام، وما خفي في هذا الموضوع كان أعظم".
وأضاف أن "ظاهرة السياحة الجنسية بمراكش وبعض المدن الأخرى التي فضحتها تقارير صحافية وطنية وأجنبية خير دليل على انتشار ظاهرة البيدوفيليا بشكل مروع، وذلك منذ عهد الحماية الفرنسية إلى يومنا هذا"، موضحاً أن القانون الجنائي الحالي كفيل بمواجهتها لكن الإشكال في التطبيق الحازم لمقتضياته، فهناك طرق شتى للحيلولة دون تطبيق العقوبة اللازمة في حق هؤلاء المجرمين.
وتابع "فضلاً عن ذلك يبقى الفقر المدقع وتبقى ثقافة التابوهات والخوف من العواقب سبباً مباشراً في استمرار هذه السلوكيات من دون رادع، ومن ثم تتفاقم ظاهرة الإفلات من العقاب، مما يحفز هؤلاء المجرمين على الاستمرار في جرائمهم الجنسية في حق الأطفال".
وبخصوص الحد من تلك الظاهرة، يقترح الخضري تفعيل برامج التوعية لفائدة الأطفال وأولياء أمورهم وكذلك تحيين القانون الجنائي، مع مراقبة القضايا المتعلقة بالبيدوفيليا والتحرش الجنسي، بحيث تحظى هذه القضايا باهتمام دقيق من السلطة القضائية، بدل تمريرها كرقم ضمن أرقام قضائية أخرى، مستغرباً من وجود حالات اغتصاب لأطفال، قضت في حق مقترفيها سنة أو سنتين وبعضها موقوفة التنفيذ.
ونبه إلى أنه بهذه الأحكام "تذهب كرامة الأطفال أدراج الرياح، وتتسبب تلك الندوب في كوارث نفسية هائلة وخطرة، فمنهم من يسقط في فخ المثلية، ومنهم من يصبح مجرماً بالتسلسل في شبابه".
مطلب الإعدام
طالبت هيئات من المجتمع المدني إضافة إلى مواطنين مغاربة بضرورة تطبيق عقوبة الإعدام في حق مغتصبي الأطفال، وهو مطلب يتكرر عند حدوث كل حالة من تلك الجرائم، إذ قال الأمين العام للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد نبيل وزاع إن الحكم العادل في حق مغتصبي الأطفال هو الإعدام، مضيفاً أن منظمته تعتبر ذلك الفعل الجرمي العلني داخل الفضاء العام بمثابة تهديد في أعلى مستوى من الخطورة للمجتمع.
ورأى أن تلك الجريمة تمثل استهدافاً مباشراً لقاعدته الصلبة ألا وهي الطفل، داعياً الهيئات الحقوقية والمدنية إلى المطالبة برد الاعتبار للطفل، من خلال الضغط والدفع بالمشرع نحو سن قوانين تستأصل بموجبها مثل هذا الانحراف الشاذ.