Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصادات الخاسرة في النظام العالمي الجديد

العودة عن العولمة خلف آثار سلبية في الأسواق الناشئة وحتى في دول صناعية عريقة مثل بريطانيا

(عمال مصنع شبه موصلات في دورهام بولاية نورث كارولاينا الأميركية أثناء زيارة للرئيس الأميركي جو بايدن (غيتي

ملخص

اقتصادات ذكية تتعثر على وقع السياسات الحمائية والعودة عن العولمة

قالت "وول ستريت جورنال" إن أكبر الاقتصادات في العالم توفر إعانات ضخمة في سباق شرس للفوز بصناعات المستقبل. ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن الخاسرين في هذا السباق هم البلدان التي لا تستطيع الدفع وتعجز عن الإنفاق الضخم.

وأضافت الصحيفة "تجذب الإعفاءات الضريبية الجديدة لتصنيع البطاريات ومعدات الطاقة الشمسية وغيرها من التكنولوجيا الخضراء فيضاً من رأس المال إلى الولايات المتحدة. ويحاول الاتحاد الأوروبي الاستجابة بحزمة دعم الطاقة الخضراء الخاصة به. وأعلنت اليابان عن خطط لاقتراض 150 مليار دولار لتمويل موجة من الاستثمارات في التكنولوجيا الخضراء، ذلك أن هذه الجهات كلها تعمل لأن تصبح أقل اعتماداً على الصين، القوة الرائدة إلى حد كبير في مجالات تشمل البطاريات والمعادن اللازمة لصنعها".

ووفق "وول ستريت جورنال"، تخلف هذه الجهات بعض الأطراف الفاعلة الأصغر وراءها، "وكثير منها اقتصادات ذكية كانت في صعود خلال عقود من التجارة الحرة، لكنها في وضع غير موات في عصر جديد من السياسات الصناعية العدوانية، ذلك أن دولاً صناعية مثل المملكة المتحدة وسنغافورة تفتقر إلى النطاق اللازم لمنافسة كبرى الكتل الاقتصادية في تقديم الإعانات [التقديمات الحكومية]. أما الأسواق الناشئة مثل إندونيسيا، التي كانت تأمل في استخدام مواردها الطبيعية لتسلق السلم الاقتصادي، فمهددة أيضاً بهذا التحول".

وبحسب الصحيفة، عرضت الحكومة الألمانية على "إنتل" دعماً بقيمة 11 مليار دولار لبناء مصنعين لأشباه الموصلات، في تطور وصفه رئيس الوزراء أولاف شولتز بأنه أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ ألمانيا. والتمويل الحكومي المتعهد به هو أكثر بكثير من الميزانية السنوية لوزارة التجارة والصناعة في سنغافورة، حيث قال نائب رئيس الوزراء لورانس وونغ لأنصاره في تجمع سياسي أخيراً: "دعوني أقول لكم بصراحة: لا يمكننا أن نزايد على الكبار".

وبالنسبة إلى كثير من شركات التكنولوجيا التي تجري رعايتها في المملكة المتحدة، يكمن النمو في مكان آخر، وفق الصحيفة. "لقد جمعت شركة "نيكسيون" Nexeon البريطانية الناشئة لتكنولوجيا البطاريات، التي طورت تكنولوجياتها بالقرب من أكسفورد، بمساعدة التمويل الحكومي، أكثر من 200 مليون دولار العام الماضي. وسيكون أول مصنع تجاري لها في كوريا الجنوبية، ومن المحتمل أن يتبعه مصنع في أميركا الشمالية". "لكن [هذا الاستثمار] ليس المملكة المتحدة، للأسف"، على حد قول سكوت براون، الرئيس التنفيذي للشركة التي لا ترى تغييراً كبيراً من دون مزيد من الدعم الحكومي لصناعة البطاريات.

وأفادت "إيه أم تي أي باور"، وهي واحدة من عدد قليل من شركات تصنيع البطاريات المحلية في المملكة المتحدة، بأنها قد تعيد التفكير في خطط لتحديد موقع مصنع مقترح يزيد الاستثمار فيه على 200 مليون دولار في اسكتلندا نظراً إلى ضعف المساعدات [الحكومية] المعروضة في المملكة المتحدة مقارنة بها في الولايات المتحدة وأوروبا، بحسب "وول ستريت جورنال". ولفتت "أريفال"، وهي شركة ناشئة للسيارات الكهربائية، العام الماضي إلى أنها تريد تركيز تصنيعها في الولايات المتحدة بدلاً من المملكة المتحدة، مستشهدة بالإعفاءات الضريبية الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشهد الولايات المتحدة، التي تقدم 369 مليار دولار من الحوافز والتمويل إلى الطاقة النظيفة من ضمن قانون خفض معدل التضخم، مكاسب غير متوقعة من الاستثمار الأجنبي، وفق الصحيفة. وبدأت شركة صناعة السيارات الألمانية "بي أم دبليو" للتو في وضع الحجر الأساس لمصنع بطاريات جديد في ساوث كارولينا. وأعلنت "هيونداي" و"أل جي" الكوريتان الجنوبيتان عن تأسيس مصنع بطاريات بقيمة 4.3 مليار دولار في جورجيا. وتبني "باناسونيك" اليابانية مصنعاً في كانساس.

ورأت "وول ستريت جورنال" أن سباق الدعم يمثل خطوة بعيداً من التكامل الاقتصادي الذي حطم على مدى عقود الحواجز أمام التجارة والاستثمار بين البلدان. "لقد أسهمت العولمة البلدان التي كانت فقيرة ذات يوم مثل كوريا الجنوبية وتايوان في ارتقائها إلى اقتصادات متقدمة ذات تكنولوجيات عالية، وانتشلت مئات الملايين من الناس من براثن الفقر. وحصل المستهلكون الغربيون على وفرة من السلع الاستهلاكية بأسعار معقولة ومستوى معيشة أعلى. كذلك انتقلت التطورات التكنولوجية والأفكار الإدارية الجديدة بحرية أكبر بين البلدان، إلى جانب البضائع والموارد المالية".

وبحسب الصحيفة، "كانت للنموذج أيضاً تكاليف باهظة. لقد جرى تفريغ المجتمعات التي كانت مزدهرة ذات يوم في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية مع انتقال وظائف التصنيع إلى آسيا أو دول الاتحاد السوفياتي السابق. وانتشرت المخاوف البيئية مع استهلاك الاقتصاد العالمي مزيداً من الموارد الطبيعية. وواجهت بعض الاقتصادات نوبات مزعزعة للاستقرار اشتملت على هرب رؤوس الأموال مع تدفق الأموال الأجنبية إلى البلدان ومنها".

وأضافت "وول ستريت جورنال"، "يقول اقتصاديون إن تفكيك هذا التكامل العالمي –سواء لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو التنافس الجيوسياسي أو المخاوف على سلاسل الإمداد– يأتي مع مشكلاته الخاصة. تتعرض لخطر في شكل خاص الاقتصادات النامية الأصغر حجماً التي تحتاج إلى الوصول إلى الأسواق العالمية إذا أرادت أن تحقق مزيداً من الرخاء من خلال التجارة... وقد يكون تبني الغرب لسياسات صناعية مؤلماً في شكل خاص للبلدان التي كانت تأمل في استغلال اعتماد التكنولوجيات الخضراء لتعزيز تنميتها الاقتصادية".

ووفق الصحيفة، لدى إندونيسيا، مثلاً، طموحات لاستغلال مواردها الوفيرة من النيكل في صناعة البطاريات الرائدة عالمياً، لكن القواعد الأميركية، المدرجة من ضمن قانون خفض معدل التضخم، ترفض دعم بطاريات السيارات الكهربائية التي تحتوي على كميات كبيرة من المعادن من دول ليست شريكة للولايات المتحدة في التجارة الحرة، وإندونيسيا من بينها.

وبصفتها بلاد رائدة في سباق الدعم، تشهد الولايات المتحدة طفرة استثمارية، بحسب "وول ستريت جورنال". "فقد استحوذت على نحو 22 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي العام الماضي، ما يجعلها أكبر بلد متلق في العالم، وفق بيانات الأمم المتحدة. وهذا أقل قليلاً من الـ26 في المئة التي تلقتها عام 2021 عندما انتعش الاستثمار العالمي بعد فترة هدوء أثناء الجائحة، لكنه أعلى بكثير من 13 في المئة التي حصلت عليها عام 2019. وارتفع الإنفاق على البناء المرتبط بالتصنيع بنسبة 76 في المئة في مايو (أيار) مقارنة بالعام السابق، إلى معدل سنوي معدل موسمياً قدره 194 مليار دولار، وفق بيانات مكتب الإحصاء الأميركي".

اقرأ المزيد